يناير 25 2010
الموت مرتين …………………………. كلثم جبر
الموت مرتين
كلثم جبر
في سماء فينيسيا .. الحالمة .. حيث الليل والموج وبقايا صراخ امرأة نشوي ترصدت وجهك المكتحل بلون الرمل القائظ في بلادي حيث يستحيل التراب قمحي اللون سنابك تنبئ بقدوم مواسم الحصاد ..
وودت الموت مرتين ..
كانت موسيقي المقاهي المجاورة لرصيف الميناء في ساحة ” سان ماركو ” لم تزل بعد تعزف انغاماً متبادلة فبينما يصمت عزف هذا المقهي يصدح المجاور بأنغامه هكذا في ترنيمة منتظمة تعانق موج البحر كان الراقصون يتبادلون أرتشاف الحلم في إغفاءة المساء ويتبادلون توسد أذرع أحبتهم وصدورهم ..ويتبادلون الإيقاع الراقص أمام كل مقهي .
وكنت وحدي أحلم بتشردك
لفظت مختلف المدن وجوه أناسها الهاربة من جزع واقع مطحون إلي قيلولة ممطرة بتلك الساحة العريضة ” سان ماركو ” حيث تحبط بها بيوت “فينيسيا ” .. صغيرة هادئة مدافئة متلاصقة والمطر ينهمر رذاذاً ناعماً يغري السياح بالالتصاقف مستمتعين بالدفء والموج في حين شرعت المقاهي تتدل أغطيتها فوق روس روادها الذين اغتسلوا برذاذ المطر ، وهم يجاورون الجوقة الموسيقية العازفة أنغامها في كل مقهي فتنزلق القطرات جذلي برائحة الصيف المشبع بثقل الزهور المتدلية من نوافذ تلك المدينة الصغيرة .. وهي تغط دونما صخب في الماء كان المساء خرافي البهجة ..
وكنت أعلن البحث عن قامتك الفارعة حينما استدار وجه أخي مبتسماً وهو يهم بمغادرة المكان معلناً انتهاء الجلسة ودقات ساعة الساحة تعلن الثانية عشرة ليلاً.
وكنت لم أزل أعلن البحث عنك .
لم أكن محاطة بالجمع كما تصورت رغم وجود أمي وأبي ووجه أخي المبتسم دائماً ، وأطفالنا قررت الانتشاء بالصمت والسفر في لجة غيابك علني أجدك .
ورغم الدهشة ومداهمة الوحدة لي وجدتك كنت تبحث عن ذوائبي وجديلتي الراقصة فوق ظهري وعن ألفة ضجيجي ونزقي الطفولي ومللي كما قلت أنت .
وكنت أبحث عن رعشة هدوئك وانصهارك في الفزع المترقب دونما نهاية وعن لون جلدك البني المصهور بالشمس وعن حزننا المتلون بالقهر معاً ، في صدرينا من تضاد الأشياء .. كما قلت أنا .
كنت أتراقب هطولك .
وكنت تتتبع سفري إلي أي المدن سأحط الرجال .. هرباً من قيظ مدينتي اللاهب .. من وجد كلينا .. لا نعلم لكننا اتحدنا في اللحظة ذاتها .. بعد أن عبرت طرقات “فينسيا ” المتفرعة المصقولة وكقطة أليفة توسدت كتفك وأنت تداعب جديلتي السوداء الملقاة فوق ظهري وتبتسم :
– أين عباءتك ؟
ابتسمت وأنا انهمر ضحكاً في عينيك :
– وانت اين غترتك وعقالك وثوبك الأبيض ؟
وانهمرت ضحكاً .. في عيني :
– وهل يعقل أن اكون في مدينة كهذه .. هل يرتدي والدك ذلك ؟
– وهل يعقل أن يكون أبي شرقياً في مدينة كهذه .. لذلك فأنا أيضاً : لا .
وعاودت الضحك أنت هامساً :
– نحن رجال .
وعاودت الغضب الضاحك أنا هامسة :
– وانا امرأة
وسرنا نختنق بالضحك معاً
كانت المحاكمة جائرة .
القاضي صامت والقاعة واسعة ولكن المدعي العام متوثب كنمر احمق يوشك أن ينشب أظافره في لحم البراءة ليدميها قبل أن تثبت إدانة المتهمين وهو لم يزل يلتهم الحضور بنظرات مترقبة شرسة .
الدفاع ضعيف ..
أجفله توثب المدعي العام .. فتراجع مخذولاً ، والشهود فقط كنت أنا ، والنظرات تلاحقني وخلف القضبان أنتصبت أنت مسكوناً بالدهشة والجزع أذهلتك المفاجأة القدرية بتواجدي في مثل هذه القاعة مستنكراً تمردي وانفصامي عن واقعي كامرأة يجب أن تضطجع في الخدور بدلاً من أن تستقيم في مثل هذه الأماكن كالرجال ، حيث سقطت نظراتك المرعدة كالريح القاضمة جسدي الملتف بالعباءة السوداء .. تراجعت لحظة كالبرق عيناك واستقرت فوق وجهي العاري الذي رفعت عنه انسدالة الغطاء الأسود ، لكي أجهر بشهادتي أمام القاضي لتبرئتك .
كنت مشحوناً بلحظة الانفجار
ولم يكن اليوم عادياً
كانت الريح تلطم الأبواب وزجاج السيارات وأجذع النخيل بالخارج .. وتقذف بحبيباتها سيلاً ترابياً بدمي العيون وسد الضوء معتماً الرؤية أمام مقاود العربات الفارهة .
في الداخل كنت تصرخ في صمت
تزأر في صمت وتعوي في صمت وتهذي في صمت .
كنت مريض وكنت طبيبتك وكانت شهادتي الوحيدة التي سوف تنقذ جسدك من أن يجثم عدة سنوات خلف القضبان .
لكنك رفضتني كطبيبة ولفظتني كحبيبة خوفاً من انحدارالسيف فوق رقبتي لكي أظل أنا .. دوما أنا .. لذا حاولت الصراخ ..
حاولت مد يديك لكي تعبد انسدال الغطاء الأسود فوق وجهي ..
حاولت وتصدعت وقاومت وتشرخت وقاومت .. هويت مغشياً عليك ..
وكنت لا أزال ممدة علي السرير ..
عارية القدمين والكتفين سحبت الرداء ببطء أغطي بقية جسدي وجزءاً من ذوائبي الثكلي هذا كل ما فعلته وعاودت الحلم .
– لايمكن عودتك للعمل .
– …
– صدقيني لا أستطيع
– …
( يسكني وجهك المطل من خلف القضبان في انتظار المحاكمة )
– أعلم أنك من أكفأ الأطباء لدي وأكثرهم حضوراً ويقظة لكن هناك أمراً باعفائك من العمل سببه أبوك ..
– ..
( يرهقني الحلم ، وسماء فينيسيا الحالمة ، وامتداد الجرح وأغنية الجندول ، وتلاصق وجهينا في ذلك المساء المضرج بحمرة غروية ، حيث تناثرت النجوم في إطلالة فضية في انتظار القمر ومغني الجندول يهزج بأغنية فيتماوج ضوء الشموع بصدي صوته السابح فوق الماء )) .
– هو خطؤك كيف لطبيبة قديرة مثلك عريقة مثلك شامخة مثلك أبنة فلان مثلك تتعاطق مع مريض ابن فلان سيئ السمعة مثله ؟
– …
( كنت وحدك من استطاع احتوائي بعد أن طاردتني مختلف الوجوه كنت طبيبك أمامهم وكنت طسي أمامي ) .
– كما أن شهادتك في لمحكمة لن تقبل بناء علي ما سوف نشهد به ضد هذا المرض
– ….
( آه .. يا وجعي .. كيف استطاعوا مقاضاتي بهذه السرعة وكيف استطاعوا هزيمتي بهذه الحدة ، وأنا ذات الشهادات وذات المنصب وذات الكفاءة وذات النجاحات المتوالية ؟) .
سقطت بعض الأشياء في لحظة معتمة بالحزن ، خلعت رداء الطبيبة الأبيض وأحكمت العباءة فوق جسدي ، وأسدلت الغطاء علي وجهي وأنا أغادر أروقة المستشفي بحثاً عن تلك العربة الفارهة التي تنتظرني في الخارج .
لقد سقطت كل الأشياء .. حينما تناولت الخادمة الفلبينية حقيبة يدي وفتح لي السائق الهندي باب العربة وهو يناولها بعضاً من أوراقي واسورتي الماسية التي التقطها قبل أن تهبط علي الأرض تحت قدمي ..
ولم تكتمل الحكاية ..
في الرابع والعشرين من الشهر .
صرخ القاضي بالإدانة ..
لم أكن أستطيع تبرئتك لم تقبل شهادتي كانت ضعيفة ، كنت طبيبة سابقة وامرأة وكان القاضي رجلاً ..
وكان أبي رجلاً ..
وأمي أصبحت رجلاً ..
إخوتي رجال …
وكان الجيران حتي الإناث منهم رجالاً
ولم تكتمل الحكاية بعد ..
كنت في سجنك الرابع
وكنت حبلي في شهري الرابع
بعد أن أمتلك جسدي رجل آخر
كنت امرأته .
وكان رجلي .ز
وكنت قد تحولت إلي ربة بيت بعد أن كنت طبيبة
وكان زوجي لم يزل يعمل قاضياً : وكان جلادك وكنت سجينة .
وبهذه اكتملت الحكاية وارهاصة الحلم في “فينيسيا ” تمطرني كل مساء فأود الموت مرتين .
يناير 25 2010
خادمة السيدة …………………………. كاترين مسفيلد
خادمة السيدة
كاترين مسفيلد
ترجمة الدكتو : سامي حنا
الساعة الحادية عشرة .. هناك من يطرق الباب ..
أرجو ألا أكون أزعجتك ياسيدتي . إنك لم تكوني نائمة . هل كنت نائمة ؟ ولكني قدمت الشاي لسيدتي ، وكان هناك ذلك الفنجان ظننت ربما أن ..
عفواً يامدام ! إني أضع فنجان الشاي كآخر شيء .فهي تشربه في السرير بعد الصلاة لكي يدفئها. لقد كنت أعد إبريق الشاي عندما تركع وأقول له ” والآن أنت تحتاج أن تكون مسرعاً لكي تتلو صلاتك ” . ولكنه كان يغلي دائماً قبل أن تكون سيدتي في منتصف صلاتها .ألا ترين ياسيدتي أننا نعرف هذا العدد الكبير من الناس ولابد أن نصلي لهم جميعاً ، لكل واحد منهم . إن سيدتي تحتفظ بقائمة بالأسماء في كتاب أحمر صغير . ياالله !
كلما جاء شخص جديد قالت سيدتي : فيما بعد . يا ايلين .. اعطني كتابي الأحمر الصغير .
إني أشعر بالغضب ، نعم ” ها هو الآخر ” أنا أعتقد أن الذي يجعلهاتترك فراشها في جميع الاجواء ، إنها لا تريد وسادة ، بل تركع على السجادة المصلية مما يثير عصبيتي وهذا شيء كريه أن أراها هكذا .
فأنا أعرفها تمام المعرفة ، لقد حاولت أن احتال عليها . ففرشت اللحاف ولكن عندما فعلت ذلك للمرة الأولى – أوه – نظرت إلي نظرة – كانت رهيبة ، سيدتي ! ” هل كان لرب البيت لحاف يا ايلين ؟ قالت : ولكني في ذلك الوقت كنت صغير .
– وشعرت بأني أميل إلى القول : كلا ولكن رب الأسرة لم يكن في سنك ، وإنه لم يعرف ما الذي حل به وهو قطانك ” ( ألم عصبي غير القطن – أسفل الظهر ) أليس كذلك ؟ ولكنها طيبة جداً ، أتعرف السيدة ، وعندما غطيتها الآن ورت- وهي مستلقية على ظهرها – يدها خارج الغطاء ورأسها على الوسادة – جميلة جداً – لم أجد مفراً من التفكير ” والآن وأنت تشبهين أمك العزيزة تماماً عندما وضعتها في السرير ” .
نعم .. سيدتي ، كان كل شيء متروكاً لى .
أوه ، لقد بدت جميلة ولفت شعرها ، الناعم ، حول جبهتها في لفات أنيقة ومن جانب واحد من رقبتها ووضعت حزمة من زهور الثالوت البنفسجية وهذه الزهور البنفسجية صنعت منها صورة ، سيدتي ! انا لن أنساها ، وفكرت الليله عندما نظرت إلى سيدتي ” والآن لو أن هذه الزهو وحدها كانت هناك لما استطاع أحد أن يعرف الفرق ” .
العام الماضي فقط سيدتي بعد أن أصبحت – حسناً – ضعيفة كما قد تقول . طبعاً لم تكن خطرة بل كانت أعذب سيدة عجوزة ، ولكن كيف سيطر عليها الضعف ، لقد ظنت أنها فقد ت شيئاً . إنها لاتستطيع أن تبقى ساكنة أو بلا حركة . إنها لاتستطيع الاستقرار . فهي تصعد وتهبط طوال اليوم ويمكنك أن تلتقي بها في كل مكان ، على الدرج ، في الشرفة ، تجهز للمطبخ ،. وقد تنظر إليك وتقول مثل الطفل تماماً : ” لقد فقدتها . لقد فقدتها ” فأقول أنا : “هيَا ، هيَا فسوف أقتل صبرك لك ” ولكنها تمسكني من يدي ، وكنت المفضلة عندها وتهمس ” استرديها لى ، يا إيلين استرديها لي يا إيلين ” شيء محزن ، أليس كذلك ؟
كلا ، سيدتي .. لا أستطيع القول إني لاحظتها . ربما بعض البنات .ولكن كما ترين ، إنها تشبه هذا . فليس لي أحد سوى سيدتي ، لقد ماتت أمي عندما كنت في الرابعة من عمري ، وعشت مع جدي الذي كان يمسلك صالون حلاقة ، وكنت أقضي كل وقتي في الصالون تحت منضدة ألبس عروستي شعرها مقلدة المساعدين ، أظن ذلك ! كانوا في غاية العطف عليَ ، وكانوا يصنعون لي لمما – أي شعر مستعاراً – صغير ف يجميع الألوان وآخر مودات وهناك كنت أجلس طوال اليوم هادئة كالهدوء نفسه والزبائن لم يعرفوا لكني كنت أختلس نظرة من تحت مفرش المنضدة من آن لآخر .
ذات يوم تمكنت من الحصول علي مقص ، وهل تصدقين ياسيدتي ؟ وقصصت كل شعري ، قطعته كله إلي قطع صغيرة ، كنت مثل الفرد الصغير ، وتميز جدي غيظاً ! فأمسك بالملقطة – سوف لن أنسي ذلك – وجذبني من يدي وأغلقها علي أصابعي وقال : ” هذا سيعلمك ” لقد كان حرفاً مخيفاً وما زالت علامته علي حتي اليوم .
حسناً أترين يا سيدتي لقد كان فخوراً بشعري ، فكان يجلسني علي الطاولة قبل وصول الزبائن ويصفف شعري في شكل جميل كبير ولفائف ناعمة ومموجة علي قمة الرأس .. وأذكر المساعدين واقفين حولي ، وأنا لم أكن بهذه الرزانة كما كنت عندما أمسك بالفلس الذي أعطاني جدي إياه اثناء تصفيف شعري .. ولكن كان يسترد الفلس دائماً بعد ذلك .. يا لجدي المسكين كان يغضب بسرعة لقد خلقت الرعب لنفسي .
ولكنه أرعبني في ذلك الوقت هل تعرفين ماذا فعلت يا سيدتي ؟ لقد قررت نعم ، وهربت حول أركان المباني في الداخل والخارج ولست أدري مقدار المسافة التي جريتها .. أوه . لابد أني كنت منظراً بيدي مضمومة إلي أعلي وفيها فلس وشعري منكوش ، لابد أن الناس ضحكوا عندما رأوني .
كلا سيدتي لم يتغلب جدي علي ذلك إنه لم يحتمل منظري فيما بعد حتي عشاؤه لم يستطع أكله حتي إذا كنت هناك ولذلك أخذتني خالتي ، كانت مشلولة (مقعدة) ومنجدة للأثاث كانت بالغة الصغر ! وكان لابد لها أن تقف علي الأرائك كلما أرادت قطع ظهورها ، وكان ذلك يساعدها لقد التقيت بسيدي .
كنت قد بلغت الثالثة عشر من عمري ، ولا أذكر ابداً أني شعرت بطفولتي – كما تري – ها هي – مريلتي وشئ آخر وآخر ، وألبستني سيدتي CCOLARS والـ CUFFS من البداية أوه – نعم – مرة فعلت شيئاً – كان ذلك مضحكاً – كان مثل .. كان لها بنتان صغيرتان لأختها تعيشان معها – وكنا في مدينة شيلدون في ذاك الوقت – وكان هناك مهرجان .
” والآن يا إيلين ” قالت سيدتي : ” أريد أن تأخذي الفتاتين لتركيا الحمير ” فذهبتا كانتا حيوتين صغيرتين وأمسكت بيد كل منهما ولكن عندما وصلتا إلي الحمير خجلتا من ركوبها فوقفنا بدلاً من ذلك للتفرج ، كانت الحمير جميلة ، لأول مرة أراها بمفردها بدون العربة التي تجرها – كانت متعة حسب ما نقول – وكانت ذات لون رمادي فضي جميل وعليها سروج صغيرة حمراء والجمة زرقاء ،وأجراس علي أذنها ترن ، وكان يركبها بنات كبيرات – أكبر مني وكن فرحات وليس امراً عادياً لا اقصد يا سيدتي كن يستمتعن بالحمير ، ولست أدري ما الذي جري إلا أن الطريقة التي تحركت بها أقدام الحمير الصغيرة جداً وعيونها في غاية الرقة والأذن اللينة جعلتني أرغب في ركوب حمار أكثر من أي شئ آخر في الدنيا.
.. طبعاً لم أستطع فقد كان معي الفتيات الصغيرات وكيف يمكن تصور منظري وأنا علي الحمار بمريلتي ؟ وبقية اليوم بقيت الحمير في مخي . شعرت سأنفجر غيظاً إن لم أخبر أحداً ومن كان هناك لأخبره ، لكني عندما ذهبت لأنام – كنت أنام في غرفة السيدة جيمس – التي كانت طباختنا في ذلك الوقت – وما أن أطفئت الأنوار حتي بدأت صور الحمير مرتين أجراسها واقدامها الصغيرة وأعينها الحزينة … حسناً يا سيدتي – هل تصدقين – لقد انتظرت طويلاً وتناومت وفجأة جلست وناديت بأعلي صوت ممكن ” أريد أن أركب حماراً .. أريد ركوب حمار ” ألا تري كان لابد من أن اقولها وظننت أنهم لن يضحكوا متي إذا عرف وأني كنت أحلم ماكرة أليس كذلك ؟ مجرد ما تظنه طفلة سخيفة .
كلا يا سيدتي لن يكون الآن طبعاً لم أفكر في ذلك الوقت مرة واحدة ، ولكن لم يكن لها أن تحدث ، كان له دكان زهور صغيرة علي الطريق وأمام مسكنه – مضحك – أليس : ذلك ؟ وأنا واحدة من عشاق الزهور ، كان عندنا عدد كبير من الضيوف في ذلك الوقت ، وكنت أدخل وأخرج من الدكان كثيراً ، وكان هاري كان أسمه هاري وأنا نتشاجر حول ترتيب الأشياء ، وهذه كانت البداية الزهور !
إنك لن تصدقي ذلك سيدتي الزهور التي كان يقدمها لي كانت زهرة زنابق الوادي LIL LIES التي قدمها لي أكثر من مرة وأنا لا ابالغ حسناً طبعاً كنا ننوي الزواج ونعيش علي الدكان وكانت الأمور تؤكد ذلك وكان علي ترتيب شباك عرض الزهور .. أوه كيف رتبت مثل هذا الشباك يوم ؟ كلا طبعاً يا سيدتي كنت أحلم كما تظنين لقد رتبتها للكريسماس في أوراقي الهولي وكل شئ – ووضعت نجمة رائعة وسط الدافادولز وعلقت هذا يكفي .
جاء اليوم الذي كان عليه أن يأتي لي لنختار الأثاث هل أنسي ذلك ؟ كان يوم الثلاثاء وكانت سيدتي في اسوأ أحوالها ذلك اليوم لا لأنها قالت شيئاً طبعاً لا تفعل ذلك ولكني عرفت من الطريقة التي كانت تلف بها نفسها وتسألني إن كان الجو بارداً – وكان أنفها الصغير يعاني من البرد القارس ، لم أفكر في تركها لأني أعلم سأكون قلقة عليها ، وأخيراً سألتها إن كان بالأحري تأجيل خروجي أوه كلا يا إيلين قالت يجب ألا تقلقي علي ويجب ألا تخيبي ظن رجلك الشاب ، وهكذا في غاية الابتهاج كانت سيدتي .. لا تفكر في نفسها ابداً .. مما جعلني أشعر بالضيق أكثر وبدأت تعجب ثم سقط منها منديلها وبدأت تنحني لالتقاطه بنفسها ، أمر لم تفعله من قبل فصرخت وقلت لها : ” ما هذا الذي تفعلينه ؟ ” في محاولة لمنعها – فقالت بابتسامة : ” حسناً علي أن أبدأ بالتمرين علي ذلك ” أوه هذا كل ما فعلته لكي لا أنفجر من البكاء ، ذهبت إلي منضدة اللبس وتظاهرت بتلميع الفضيات ولكني لم أستطع البقاء في المنزل وسألتها إن كانت تفضل ألا أتزوج :
” كلا يا إيلين ” قالت وكان ذلك صوتها ياسيدي مثل ما تسمعينه مني ” كلا يا إيلين ” لا للعالم كله ” ولكن اثناء قولها هذا – سيدتي – كنت أنظر إليها في نظارتها ، طبعاً لم تعرف أني استطيع رؤيتها فوضعت يدها الصغيرة علي قلبها كما كانت أمها العزيزة تفعل ورفعت عينها .. آه سيدتي ” .
وعندما حضر هاري كنت قد أعددت جميع خطاباته ، والخاتم والبروش الصغير الذي أعطاني إياه – كان علي شكل طائر فضي بسلسلة في منقاره – وفي آخر السلسلة قلب به خنجر – شئ رائع فتحت له الباب ولم أعطه فرصة للنطق بكلمة واحدة وقلت له : ” ها أنت خذ كل هذا لقد انتهي كل شئ ، لن أتزوجك ، أنا لا أستطيع ترك سيدتي ” فأبيض وجه كوجه امرأة وكان لابد أن أغلق الباب بعنف وهكذا وقفت أرتعش إلي أن تأكدت أنه قد ذهب ، ولما فتحت الباب – صدقي أو لا تصدقي يا سيدتي – وجدت أن ذاك الرجل قد ذهب !! فجريت في الطريق كما ظننت بمريلتي وحذاء منزلي وهناك جلست في وسط الطريق .. أجحظ عيني .. لابد أن الناس ضحكوا علي إن رأوني ..
سبحان الله ! ما هذا ؟ إنها الساعة تدق ! وها أنذا أبقيتك مستيقظة آه ، يا سيدتي كان يجب عليك أن تمنعيني هل تسمحي لي بتغطية قدميك ؟ لقد غطيت قدمي سيدتي دائماً كل ليلة وكانت تقول ” تصبحين علي خير يا غيلين .. نامي نوماً عميقاً واستيقظي مبكراً ” لا أدري ماذا كنت سأفعل إن لم تقل ذلك الآن يا إلهي إني أفكر أحياناً .. ماذا يجب أن أفعل أن حدث .. لكن التفكير ليس في صالح أحد ، هل هكذا يا سيدتي ؟ التفكير لن يساعد في شئ .. لا لأني أفعل ذلك أحياناً . لكن وإن فعلت فإني أوبخ نفسي .
والآن يا إيلين ها أنت تعبدين الكرة – أيتها الفتاة السخيفة – عندما لا تستطيعين العثور علي شئ تفعلينه أفضل من أن تبدئي التفكير .. ! ”
بواسطة admin • 04-نصوص قصصية • 0 • الوسوم : العدد الاول, كاترين مسفيلد