الغرغرينيا ………………………….. محمد الكاظم

الغرغرينيا
محمد الكاظم
ماحدث في البدايه :
دخل رجل إلى بيته وهو متعب وينضح عرقا.
وعلى يديه آثار خدوش داميه . وكان يحمل قطا أسود في ذيله نقطة بيضاء .. توجه بصمت إلى المطبخ ووضع لبقط على الأرضية …… وبعد ساعة خرج مسرعا لينادي روجته ..
انظري ماذا فعل هذا العفريت الصغير ماان وضعته على أرضية المطبخ حتى فتح عينيه ورفع شابيه وأمسك بالفار الثاني وقتله ثم امسك بالفار الثالث وقتله !, رفعت المرأة حاجبيها غير مصدقة وخرجت .. ماحدث بعد      ذلك : ذهبت المرأة لجاريها وقالت لها : اسمعي ولاتقولي لاحد لقد علي زوجي بقط اسود في ذيله نقطة بيضاء ، وما ان وضعه على الارضية حتى فتح عينيه ورفع شاربيه وامسك بالفار الأول وقتله ثم أمسك بالفأر الثاني وقتله ثم امسك بالفار الثالث وقتله امسك بالفأر الرابع وقتله ثم امسك بالفأر الخامس وقتله ! رفعت الجارة حاجبيها غير مصدقة ، وخرجت ..عند باب البيت قابلت الجارة زوجها وهو معروق الوجه محمر العينين أخذت منه البطيخة التي يحملها وقالت له : هل تعلم أن جارنا قد دخل على زوجته بقط أسود في ذيله نقطة بيضاء ، ماأن وضعه على الارضية حتى فتح عينيه ورفع شاربيه واسك بالفأر الأول وقتلة ثم امسك بالفأر الثاني وقتله ثم أمسك نالفأر الثالث وقتله ثم امسل بالفأر الرابع وقتله ثم أمسك بالفأر الخامس وقتله ! فتح الزوج فمه ورفع حاجبيه غير مصدق ، وخرج ، توجه الجار فورا إلى المقهى التي كانت تزحم بالدخان والثرثرة العقيمة ، انتح بأصدقائه جانبا بعد أن قطع عليهم مباراة الدومينو وقال لهم بصوت هامس : هل تعلمون أن جاري قد دخل على زوجته بقط أسود في ذيله نقطة بيضاء، وما أن وضعه على الأرضية حتى فتح عينيه ورفع شاربيه وأمسك بالفأر الأول وقتله ثم أمسك بالفأر الثاني وقتله ثم أمسك بالفأر الثالث وقتله ثم أمسك بالفأ ر الرابع وقتله ثم أمسك بالفأر الخامس وقتله ! رفع الرجال حواجبهم غير مصدقين وخرجوا ، وعاد كل منهم إلى بيته بقط أسود في ذيله نقطة بيضاء . وفي أثناء ذلك سمع أحد المخبرين بالقصة من وراء جريدته التقليدية فرفع تقريرا سريا للغاية لعمدة المدينة وخرج ثم عاد إلى بيته بقط اسود في ذيله نقطة بيضاء ، وما ان وصل التقرير إلى العمدة حتى صرف كل مرافقيه وحراسه واخذ يقرؤه بروية ويضع خطا بالقلم الأحمر تحت العبارات الحساسة ، ثم باشر بكتابة مذكرة بالحادثة إلى المحافط قال فيها : سري وعاجل للعاية …
لقد وردنا على طريق أحد رجالنا الموهوبين أن رجلا دخل على زوجته بقط أسود في ذيله نقطة بيضاء وما ان وضعه على الارضية حتى فتح عينيه ورفع شاربيه ثم أمسك بالفأر الاول وقتله ثم أمسك بالفأرر الثاني ثم أمسك بالفأر الثالث وقتله ثم أمسك بالفأر الرابع وقتله ثم أمسك بالفأر الخامس وقتله ! وهكذا أصبح الطلب متزايدا على القطط السوداء ذات النقطة البيضاء في الذيل ، رغم أن أعداد الفئران مازالت تتزايد ونحن بانتظار أوامركم …  العمدة ..
وضع العمدة المذكرة في مظروف رسمي ثم خرج رافعا حاجبيه بعد أن أوصى الفراش بشراء قط أسود بنقطة بيضاء الذيل . إثر ذلك أخذت القطط السوداء تتناقص وصارت تباع في الاسواق السوداء بأسعار خيالية لتزايد الطلب عليها ، وصارلها دلالون ومحتكرون ومقاولون / ثم صارت الأسواق مملوءة بقطط سوداء مزورة ، إذأن معامل غير مجازة لاتتوفر فيها الشروط الصحية صارت تقوم بوضع نقطة بيضاء في ذيول القطط بعد صباغتها . ثم تفاقمت المشكلة بأن دخلت نسخ مقلدة من القطط المنقطة الذيول جاءت من دول شرق اسياتحمل ماركات متنوعة . و. ان بعضها لايحمل أية علامة تجارية . في اثناء ذلك كانت الاستعدادات جارية لعقد مؤتمر اقليمي عام يحضره المحافظون جميعا والوزراء ورئيس الدولة واعضاء من المجلس النيابي وممثلون عن أحزاب المعارضة ومندوبون عن الصحف ووكالات الانباء وفي جلسة المؤتمر الاولى نهض المحافظ بعد ان أستأذن الرئيس في الكلام وقال : أيها السادة المحترمون : هل تعلمون أن رجلا في المحافظة التى أتولى إدارتها دخل على زوجته بقط أسود في ذيلة نقطة بيضاء ، وماأن وضعه على الارضية حتي فتح عينيه ورفع شاربيه ثم أمسك بالفأر الأول وقتله ثم أمسك بالفأر الثاني وقتله ثم أمسك بالفار الثالث وقتله ثم امسك بالفار الرابع وقتله ثم امسك بالفأر الخامس وقتله !!
رفع الحاضرون حواجبهم غير مصدقين ، واخرجوا بعد توقيعهم على مشروع قرار يقضي بجعل القط الاسود رمزاقويا بوضع صورة القط على العلم .. بعد ذلك صارت تحدث أمورغريبة من قبيل :
خرجت تظاهرة شعبية واسعة وطالبت بالغلق التام لمطعم للاكلات الشعبية اطلق عليه مطعم القط الأسود . لأن مايقدمه من اكلات سيئة المذاق لايتوافق مع قدسية القطط باعتبارها رمرا من رموز الدولة ..
كتب أحد الروائيين رواية في ثلاثة أجزاء عن مغامرات قط أسود بنقطة بيضاء في الذيل ، وعالج الروائي المغامرات معالجة ملحمية جعلت من بطل الرواية – القط – شخصية ذات سمات اسطورية .
طالب أحد الأحزاب اليسارية وبشدة بمنح الحريات الكاملة للقطط وبضمنها حرية المواء وحرية التبول وحرية المعاشرة الجنسية واستثناء القطط من قانون جراثم الآداب .
اعتمدت الدولة أكاديميين متخصصين وباحثين متمرسين لمعرفة تأثيرات الأغاني الريفية علي سيكولوجية الحركة عند القطط .
نشر كاتب رومانسي جداً كتاباً عن الفرق بين الحب العذري عند القطط السوداء المنقطة الذيول وبين القطط المزورة .
حكمت المحكمة العليا علي أحد الصحفيين بالنفي لأنه قال في أحد البارات أن الفئران أخذت تتزايد في الفترة الأخيرة رغم وجود القطط السوداء كما تم سحب هويته الصحفية الصادرة عن مؤسسة قططنا الصحفية .
طالبت إحدي الجماعات المتطرفة عبر أحد كتابها الأكثر عنصرية بالقصاص من الكلاب أخذا بالثأر التاريخي للقطط .
لجأت مديرية المرور لتغيير أو غلق بعض الطرق التي تخترق أحياء الأثرياء لأن تلك المناطق تشكل كثافة عالية في أعداد القطط السواء وحفاظاً علي سلامتها تم تحويل تلك المسارات إلي أحياء الفقراء .
صرح الرئيس المنتخب الجديد الذي فاز بأغلبية ساحقة علي بقية المرشحين لأنه كان معروفاً برعايته لمصالح القطط بأن فترته الرئاسية ستكون مخصصة لرفع المستوي المعيشي للمواطنين وقد تعهد تعهداً اعتبره مناوئوه تعهداً خيالياً حين قال سوف أجعل في كل بيت قطا أسود في ذيله نقطة بيضاء .
إزدادات مبيعات سجائر ” كريفن ” لأنها تحمل صورة قط أسود حتي بين غير المدخنين الذي يحملون العلبة كتعويذة .
صار المواطنون يسمعون عن مهرجانات غريبة مثل مهرجان السنور الداكن للشعر الحديث ، وملتقي الهر لأغنية الشباب ومنتدي مسرح القطط ، وقد فازت مطربة شابة بلقب أحسن مغنية لأنها صورت أغنيتها برفقة ثلاثة قطط سوداء وعرضتها قنوات التلفاز وهي تحتضن القط الأسود وتناديه بلفظة ” حبيبي ” وحققت بذلك شعبية واسعة .
منعت لجنة الرقابة السينمائية فلما بعنوان الهر المكافح لأن الفلم يتحدث عن كفاح قط أسود ، وعن بحثه المتواصل في براميل القمامة ليوزع غنائمه بعدها علي الآخرين ، وقد اعتبرت الرقابة هذا الفلم دعوة تحريضية لما فيه من أفكار شيوعية .
واستمرت الأمور تسير علي هذا المنوال حتي دفع الحماس الرئيس المنتخب الجديد لطلب عقد جلسة استثنائية لهيئة الأمم المتحدة لطرح مشروع قرار يقضي بإعداد ميثاق دولي لحقوق القطط !!
وفي المكان المحدد لعقد هذه القمة الدولية حضر آلاف الصحفيين من مختلف أنحاء العالم وركبت الكاميرات التلفيزيونية ، وحضر مندوب عن منظمة العفو الدولية ومنظمة حماية البيئة والانتربول واليونسكو ومنظمكة الأغذية العالمية ومندوبون عن وكالات الـ CIA KGB , CNN , BMW, WC  ومنظمات تمشيط الفقمة وإخصاء القنافد …
كما حضر جميع رؤساء الدول المنطوية تحت لواء هيئة الأمم المتحدة وقد أصر المندوبون الدائمون في البيئة الدولية علي ارتداء أربطة عنق حمل صور قطط سوداء ، أما النساء فقد وضعت كل منهن شالاً من جلد القطط علي أكتافهن رغم حرارة الجو وحين أعلن المذيع الداخلي بداية الجلسة أضيئت أنوار القاعة الرئيسية وأخذ رئيس كل دولة مكانه خلف علم دولته واسمها المكتوب بالإنكليزية وخلف دورق الماء الميكرفون المتصل بغرفة الترجمة الفورية .
وبعد أن هدأت عاصفة فلاشات التصوير بدأ الأمين العام لهيئة الأمم المتحدة يرحب بالوفود المشاركة ثم ألقي كلمة شرح فيها الهدف من هذه الجلسة الاستثنائية ولمح إلي أهمية التوقيع علي ميثاق دولي لحقوق القطط الذي اصبح ضرورة في ضوء المتغيرات الجديدة ، ثم جلس بعد أن أنهي كلمته التي أشار فيها إلي محاور الجلسة التي من أهمها :
مشكلة الخلاف بين دولة أوروبية وواحدة من دول شرقي آسيا حول شحنة قطط مزورة حيث أن الدولة الأوروبية تطالب بالغاء الصفقة وإعادة مستحقاتها .
تعميم أمر إلقاء القبض علي أحد المتهمين بقتل تسع قطط في مجزرة لا مثيل لها واستثناء هذا الأمر من جميع الاتفاقيات الخاصة بتسليم المجرمين.
مطالبة بعض المنظمات بالغاء التمييز العنصري بين القطط السوداء والقطط الملونة .
مناقشة تقرير منظمة الأغذية الخاص بتناقص الغذاء البشري والقططي والتشديد علي تكثير الفئران كحل لمشكلة تناقص غذاء القطط .
وبعد الاتفاق علي صيغ تلائم هذه الأطروحات تم تكريم وفد تلك الدولة الصغيرة التي اكتشفت هذا الفتح الإنساني الجديد وتم الاستماع إلي القصة الأصلية من فم الرئيس المتحمس لأن نوكالات الأنباء قد ضخمت الحدث .
قال الرئيس بفخر : أيها السادة .. في البداية دخل رجل علي زوجته بقط أسود في ذيله نقطة بيضاء وما أن وضعه علي الأرضية حتي فتح عينيه ورفع شاربيه ثم أمسك بالفأر الأول وقتله ثم أمسك بالفار الثاني وقتله ثم أمسك بالفأر الثالث وقتله ثم أمسك بالفار الرابع وقتله ثم أمسك بالفأر الخامس وقتله .. ههنا علا التصفيق بشدة وانفجرت عاصفة فلاشات التصوير ثم تم تسليم الرئيس جائزة القط الأسود للسلام بعد أن تم تغيير اسم تلك الدولة من جمهورية (س) إلي كات ستان وثبت الاسم في السجلات الرسمية .
الحقيقة :
بعد مدة اكتشفت وكالات المخابرات ذات الخبرة الطويلة في هذه المجالات أن الرجل عاد إلي بيته وهو متعب وينضح عرقاً ويحمل قطاً أسود في ذيله نقطة بيضاء دخل المطبخ وهو يشعر بالغبطة وما أن وضعه علي الأرضية حتي فتح عينيه ورفع شاربيه ثم .. نام .
وتبين أن الرجل قد وعد زوجته بالقضاء علي جميع فئران البيت وعندما رأي أن القط لم يفعل شيئاً غير النوم ، ويدافع من الخجل من زوجته حمل المقشة وبقي ينتظر أمام جحر الفئران ، وهكذا أمسك بالفأر الأول وقتله ثم أمسك الفأر الثاني وقتله ثم أمسك الفأر الخامس وقتله !