شُعراء من أرض عبقر …………… د . طه وادي

شُعراء من أرض عبقر

ــــــــــ

د . طه وادي (*)

هذه قراءة نقدية فى الشعر العربي الحديث فى المملكة العربية السعودية ، وأودَ أن أشير إلى أن العنوان مستمد من كتاب الصديق العزيز . . الناقد الشاعر د . محمد العبد الخطراوى ، لأنه يشكل المثير الأول لهذه القراءة ، حيث كان النيةُ فى البداية ـ على أن تدور الدراسة فى إطاره ، بيد انى عاودت التفكير بعد القراءة ، ورأيت ضرورة أن تتسع الدائرة أملاً فى مزيد من الفائدة . . ورغبة فى طرح بعض الرؤى الخاصة ، لذلك رأيتنى أردد ـ فيما بينى وبين نفسى ـ قول أمير الشعراء :

قدرت أشياء وقدر غيرها

حظ ، يخط مصائر الإنسان

بناء على ذلك رأيت أن تدور هذه الدراسة حول ثلاث نقاط متصلة ومنفصلة فى آن واحد ، هى :

1-  الجزيرة الشاعرة . . محاولة لرسم الإطار الشعرى .

2-  شعراء من أرض عبقر . . قراء نقدية للكتاب .

3- صوت من مدينة النور . . محمد هاشم رشيد ، باعتباره واحداً من الشعراء الذين يمثلون التجديد فى أرض عبقر، وفى الوقت نفسه يعد من أهم شعراء المدينة المنورة . . مدينة الرسول الكريم ـ صلى الله عليه وسلم .

*  *

1-              الجزيرة الشاعرة

الجزيرة العربية . . مهد الشعر الخالد ، ومهبط الوحى المقدس ، وذلك الشعر الخالد نبت فى هذه الأرض الطيبة ، ونضج واستوى على عوده منذ العصر الجاهلى ، لدرجة أن أحداً من شعراء المعلقات ظن أن الشعراء من ذلك الزمان البعيد لم يتركوا شيئاً لمن يأتى بعدهم ، هذا ما صرح به عنترة بن شداد العبسى فى مطلع معلقته ، حيث قال :

هل غادر الشعراء من متردم

أم هل عرفت الدار بعد توهم ؟

يادار عبلة بالجواء تكلمى

وعمى صباحاً دار عبلة واسلمى

وقد استمرت مسيرة الشعر ، الذى يعد ” ديوان العرب ” من ذلك الزمان البعيد حتى اليوم ، ومنذ فجر العصر الحديث بدأت نهضة سياسية واجتماعية فى الجزيرة ، ساعدت على أن يبعث الشعر من جديد ، متخذا من النماذج الفنية فى العصور الذهبية مثالاً يحتذى ، ونموذجاً يقتدى ؛ ومن ثم دخل الشعر مرحلة جديدة فى إطار مسيرته الطويلة ، لأن الأدب العبرى يعد أطول الآداب الإنسانية قاطبة ، وحين ظهرت (مرحلة الإحياء) . . فى كل الأقطار العربية ، أخذ الشعراء يتطلمون إلى تراثهم الخالد ، يحيون تقاليده ، ويبعثون مثله ومبادئه . ذلك ما عبر عنه بوضوح رائد إحياء الشعر فى أرض الجزيرة العربية محمد بن عبد الله بن عثيمين حين قال :

جعلت سميرى حين عزمسامرى

دفاتر أملتها القرون السوالف

فطوراً أناجى كل حبر موفق

إذا ما دعا لبت دعاه المعارف

وطوراً كأنى مع زهير وجرول

وطوراً ينا جينى ملوك عطارف

وهذا الشاعر _ كما يقول عنه الخطراوى : “أعاد للشعر جزالته وقوته ورصانته بعد أن مرت به عصور طويلة من الضعف والتدهور والجمود . وقد كان ذلك الجمود الشعرى جزءاً من الجمود العام ، الذى أصاب المنطقة كلها بسبب تفتت الوحدة ، وفقدان الأمن ، وانتشار الجهالة ، وتفرق الكلمة ، وتزعزع الكيان العام ” (1) .

وابن عثيمين باعتباره من رواد مرحلة الإحياء فى الشعر السعودى الحديث .. يدرك جيداً أنه يستمد مبادئه الفنية من ” دفاتر أملتها القرون السوالف” من عصر زهير بن أبى سلمى ، وجرول الذى لقب ” بالحطيئة لقصره ودمامته ” كما يذكر أستاذنا شوقى ضيف(2) .

وعن هذا المنظور الإحبائى نفسه ـ يصرح محمود سامى البارودى .. وهو يصف شعر صديقه الشاعر شكيب أرسلان بقوله :

أحيا رميم الشعر بعد هموده

وأعاد للايام عصر الأصمعى

كلم لها فى السمع أطيب نغمة

وبحجرة الأسرار أعذب موقع

إن دور شعراء مرحلة الإحياء ـ فى كل الأقطار العربية ـ دور جليل وخطير ، لأنه وضع (الأساس) الصحيح لبدء أية مسيرة أدبية أو نهضة شعرية .

وإذا كانت مرحلة الإحياء فى أقطار عربية أخرى ـ مثل مصر أو بعض بلاد الشام أو العراق ـ قد شهدت بداية ظهور أنواع أدبية أخرى مثل : الرواية والقصة والمسرحية ، فإن مرحلة الإحياء فى الأدب السعودى الحديث تكاد تكون (مخلصة للشعر) .. ولاشىء سواه ؛ معنى هذا أن أرض الجزيرة مابرحت ـ ولاتزال _ وفيه لفنها الأول والأوحد ـ وهو الشعر وحين تقراً نتاج كثير من شعراء الإحياء المحافظين ، تحس أنه ينقلك إلى دوحة الشعر القديم : قلباً وقالباً . مضموناً وشكلاً ، رؤية وأداء ، وهذا مطلع قصيدة للشاعر حسن مصطفى الصير فى نرى أنه يستلهم فيها نونية ابن زبدون ..أو نونبة شوقى ـ على الأقل ـ وهى قصيدة لعنوان “ياعيد” : (3)

ياعيد عدت فهل عادت ليالينا

وهل ترنم فى الصحراء حادينا

وهل تبسم ثغر الدهر وانفرجت

تلك الأسارير عن طيبها حينا

عن عهد طه ، وعن عهد الخلافة ، عن

بنى أمية وعن بنى العباس أنبينا

بل عن تراث نسينا أن قيمته

دم الجد ود نفضنا منه أيدينا

أعد حديثك عن بدر وعن أحد

وعن حنين ويرموك وحطينا

وعن أناس تفانوا فى عقيدتهم

قد جرعوا الكفر بالإيمان غسلينا

كانوا إذا انصرفوا يوماً لغايتهم

لا يرجعون بغير المجد آتينا

*** * *

وإذا نظرنا إلى قطرين كبيرين مثل : مصر والمملكة السعودية ، فسوف نجد أن مرحلة الإحياء والمحاكاة لنماذح الشعر القديم والحرص على استلهام تقاليد عمود الشعر ـ قد طالت زمنياً بدرجة لافته . . فقد طال عمرها فى مصر أكثر من قرن (1805 إلى 1914 تقريباً) . . وفى المملكة استمرت منذ منتصف القرن الثالث عشر إلى قبيل نهاية القرن الرابع عشر الهجرى . السر فى طول هذه المرحلة يرجع إلى أن رواد النهضة هنا وهناك كانوا مشدودين ـ بقوة ـ إلى تراثهم القديم .

نتيجة لهذا فقد طالت مرحلة الإحياء والمحافظة ،وكثر ـ بشكل لافت ـ عدد الشعراء الذين يمثلون هذه المرحلة . . وأرى أن هذه المدرسة لايزال لها أنصار كثيرون حتى اليوم ، وبالتالى فإن شعراء الإحياء فى المملكة كثير ما هم . . ويصعب أن نحصى عددهم ودواوين شعرهم .

وقد حرض معظم شعراء مدرسة الإحياء على أن يمتاح نتاجهم من معين التراث ، لذلك كثر عندهم (شعر المعارضة) ، لدرجة أنه يمثل (ظاهرة) فنية عن البارودى وشوقى وابن عثيمين ومحمد بن بلهيد على سبيل المثال (4).

وقد أفضت كثرة الإلحاح على (النموذج التراثى) من حيث وحدة القصيدة وتشكل عناصر بنائها إلى أن شعراء الإحياء أنفسهم بدأوا يتمللون من ذلك ، وينادون بضرورة التجديد ، واستلها بعض النماذج الأوربية ، من أجل إثراء مسيرة النهضة الشعرية ، هذا هوما حدا بشاعر إحيائى كبير مثل حافظ إبراهيم إلى أن يقول :

آن يا شعران تفك قيدواً

قيدتنا بها دعاة المحال

فارفعوا هذه الكمائم عنا

ودعونا نشم ربح الشمال

وبعد أن انتهت مرحلة الإحياء المحافظة ـ وتلتها مرحلة التجديد الرومانسى ، ثم مرحلة شعر التفعيلة أو الشعر الواقعى ـ لم تهتز قدماً الشعر ، وإنما ظل (سيد الموقف) ـ بلا منازع .

وبقى الشعر أهم نوع فتي على خارطة الأدب السعودى المعاصر على مستوى الكم والكيف ، ومهما قيل عن تطور القصة والرواية . . أو ظهور بعض محاولات مسرحية . . فإن ذلك لايصمد للموازنة ـ إذا ماقورن بحصاد الشعر وعدد الشعراء. وشعراء المملكة : من أبناء الجنوب والشمال ، والشرق والغرب ،ومن الأسرة الحاكمة ومن عامة الشعب . ومن الرجال والنساء ، ومن الحضر والقرى والبدو، ومن الشيوخ والشباب ، ينشدون الشعر : فصيحاً أو شعبياً (الشعر النبطى) . كما أن بعض هذا الشعر قد تخطى الإطار الإقليمى الضيق إلى رحابة أفق الأمة الممتد، مثال ذلك هذه القصيدة من شعر الأمير عبدالله الفيصل ـ التى يتغني بها المطرب المصرى عبد الحليم حافظ منذ حوالى عشرين سنة :

سمراء يا حلم الطفوله

يامنية النفس العليله

كيف الوصول إلى حماك

وليس لى فى الأمر حيله

إن كان فى ذلى رضاك

فهذه روحى ذليله

وسيلتى قلب به

مثواك إن عزت وسيله

فلترحمى خفقا نه

لك واسمعى فيه عويله

قلب رعاك وما ارتضى

فى حبه أبداً بديله

أسعدته زمناً وروى

وصلك الشافى غليله

مابال قلبك ضل فما

اهتدى يوماً سبيله

وسبيلك الذكرى إذا

ماداعبتك روى جميله

فى ليلة نسج الغرام

طيوفها بيد نحيله

وأطال فيها سهد كل

متيم يشكو خليله

سمراء يا أمل الفؤاد

وحلمه منذ الطفوله (5)

وشعر الأميرعبد الله لم يتغن به عبد الحليم حافظ فحسب ، وإنما هناك أكثر من أغنية له شدت بها ـ أيضاً ـ كوكب الشرق السيدة أم كلثوم مثل : “ثورة الشك” (1958) . . و” من أجل عينيك عشقت الهوى” .

كما أن بعض شعراء التجديد فى المملكة . . قد تجاوزوا الإطار الإقليمى المحلى إلى الإطار العربي القومى مثل : طاهر زمخشرى ـ حمزة شحاته ـ أحمد عبد الغفور عطار ـ حسن عبد الله القرشىـ غازى القصيبى ـ عبدالله الفيصل ـ محمد حسن عواد ـ محمد حسن فقى ـ محمد هاشم رشيد ـ حسين عرب ـ محمد العيد الخطراوى ـ سعد البواردى ـ محمد بن على السنوسى ـ عبدالله الصيخان ـ محمد الحربى ـ على الدومينى ـ محمد الثبتى .

ننتهى ـ من كل ماسبق ـ إلى أن أرض عبقر . . لاتزال وفيه للنوع الأدبى الذى نما بين ربوعها ، وازدهر خلال مراحل تاريخها منذ العصر الجاهلى حتى اليوم . ونحن لانتعدى الصواب حين نقول : ” الجزيرة الشاعرة” ، لأن الشعر ـ فى تقديرى ـ سيظل أهم فنون القول ، التى تتشكل فوق هذه الأرض الطيبة المباركة ..!!

*  *   *

2- شعراء . . من أرض عبقر

منذ ما يربو على عشرين عاماً أصدر الخطراوى كتابه “شعراء من أرض عبقر” فى جزءين سنة 1398هـ (=1978) . والكتاب ليس دراسة مؤلفة ، وإنما هو تجميع لبعض الأحاديث الإذاعية التى قدمها تحت هذا العنوان سنة 1395. وهذه الأحاديث تدخل فى إطار ما يسمى بالنقد (التأثرى) ، أو (الانطباعى) ، ليس لأن كاتبها شاعر قبل أن يكون ناقداً ، وإنما لانها عبارة عن أحاديث إذاعية ، تقدم للمثقف العام والمستمع العادى .

وهذا ـ بالطبع ـ لايقلل من أهمية ، ولايغمط من قيمة المؤلف ، لأنه يقدم معلومات أدبية طبية ، ورؤى نقدية معتدلة عن مجموعة من شعراء المملكة فى العصر الحديث .

وبستطيع قارى الكتاب أن يتعرف على كثير من الشعراء الذين بقدمهم المؤلف بأسلوب ، يمكن أن نطلق عليه “السهل الممتنع ” ،لذلك فإن الكتاب يعد مرجعاً ، لا غنى عنه للقارىالعام . . والدارس المتخصص .

وهذا الكتاب يعد ـ فى تقديرنا ـ واحداً من المراجع الأدبية المهمة فى دراسة الشعر السعودى الحديث . . بالإضافة إلى المراجع التالية (مرتبة بحسب الترتيب الألف بانى) :

1-إبراهيم الفوزان : الأدب الحجازى الحديث بين التقليد والتجديد . (3أجزاء) .

2-إبراهيم أبوبكر عوض : الأدب الحجازى فى النهضة الحديثة .

3- أحمد كمل زكى : شعراء السعودية المعاصرون .

4- بكرى شيخ أمين : الحركة الأدبية فى المملكة العربية السعودية .

5- حسن الشنقيطى : النهضة الأدبية فى نجد .

6- حسن بن فهد الهويمل : اتجاهات الشعر المعاصر فى نجد .

7- الشفاء عبد الله زينى عقيل : الرومانسية عند بعض الشعراء السعوديين .

8- عبد الرحيم أبوبكر : الشعر الحديث فى الحجاز .

9- عبد السلام طاهر الساسى : شعراء الحجاز فى العصر الحديث .

10- عبد الفتاح حلو :شعراء هجر .

11- عبد الكريم حمد الحقيل : شعراء العصرالحديث فى جزيرة العرب .

12- عبدالله بن إدريس : شعراء نجد المعاصرون .

13- عبد الله آل مبارك : الشعر فى شرق الجزيرة .

14- عبد الله بن رداس : شاعرات من البادية .

15- عبدالله عبد الجبار : التيارات الأدبية الحديثة فى قلب الجزيرة العربية .

16- عبد الله الحامد : الشعر الحديث فى المملكة العربية السعودية .

17- عمر الطيب الساسى : الموجز فى تاريخ الأدب العربي السعودى .

18- على خضران القرنى : من أدباء الطائف المعاصرين .

19- محمد بن سعيد بن حسين : الأدب الحديث فى نجد .

20- نادى المدينة الأدبى : موسوعة الأدباء والكتاب السعوديين خلال ستين عاماً (3جـ) (6).

والذى لا ريب فيه أن هذه الدراسات التى تؤرخ للشعر السعودى الحديث تدل على ماسبق أن أشرنا إليه من قبل ، وهو كثرة عدد الشعراء من ناحية ، وخصوبة الحصاد الشعرى من ناحية أخرى .

*   *    *

قراء وصفية :

كتاب ” شعراء من أرض عبقر ” يدرس بالإضافة إلى المقدمة حوالى ثلاثة وعشرين شاعراً . ولكن المؤلف ـ مثل كيثر من مؤرخى الشعر الحديث فى المملكة ـ لم يشغل نفسه بمحاولة (تصنيف الشعراء) ، الذين عنى بتقديمهم من حيث المذاهب الأدبية ، التى ينبغى أن يندرجوا تحت واحد منها بالضرورة .

إن تصنيف الشعراء بحسب الرؤى الأدبية التى يصدرون عنها بوعى أو بغير وعى ـ عملية أساسية ـ ، بله أن تكون أولية فى التأريخ للشعر والشعراء .

ومن المعروف أن الشعراء ـ فى أي قطر عربى فى العصر الحديث ـ يندرجون تحت راية مدرسة ـ أو مذهب ـ من المدارس الثلاثة الكبرى التالية . . . وهى :

(1)             مدرسة الإحياء أو البعث . . أو الكلاسيكية الحديثة ، أوتيار التقليد والاتباع .

(2)             المدرسة الرومانسية . . أو الاتجاه الوجدانى ، أوتيار التحديد والابتداع.

(3)     المدرسة الواقعية . . أو المعاصرة . . أو الشعر حر ، أو شعر التفعيلة. وتصنف الشعراء ـ لايعنى تحديداً لقيمة أى منهم ، ولا تفضيلاً لتراث واحد على غيره، بل إنه مجرد تحديد لنوعية (الرؤية الفنية) التى تصدر عنها مخيلته الإبداعية . فأحمد شوقى ـ على سبيل المثال ـ شاعر إحيائى / تقليدى ، غير أنه غطى على كل من عاصر من شعراء التجديد / الرومانسى مثل شكرى والعقاد والمازنى . . وغيرهم ، بل إن ” جماعة أبوللو ” الرومانسية عندما فكر أصحايها فى تكوينها (1932) لم يجدوا سوى شوقى ، ليكون أول أمين للجماعة ورئيس شرف لأعضائها .

ومع أن الخطراوى لم يحدد الهوية الفنية لمن درسهم من الشعراء ، فإن ما كتبه يمكن أن يشى ـ يشكل غير مباشر . . . فى الغالب ـ إلى أنهم ينقسمون إلى المدارس الثلاثة السابقة .

على هذا يمكن القول بأن الشعراء الثلاثة والعشرين . . يقسمون إلى :

أولاً : أحد عشر شاعراً من شعراء الإحياء والتقليد ، وهم بحسب ترتيب ورودهم فى الكتاب :

محمد بن عبد الله بن عثيمين ـ محمد بن عبدالله بن بلهيد ـ فؤاد شاكر ـ عبد الحق نقشبندى ـ إبراهيم محمد الدامغ ـ عثمان بن سيار ـ محمد حسن فقى ـ محمد على السنوسى ـ سعد بن إبراهيم أبو معطى ـ حسن مصطفى الصيرفى ـ عبد الله بن إدريس .

ثانياً : أحد عشر شاعراً من شعراء التحديد الرومانسى ، وهم : وهم : محمد هاشم رشيد ـ حمد الحجى ـ ماجد الحسينى ـ محمد فهد العيسى ـ طاهر زمخشرى ـ عبدالله الفيصل ـ محمد حسن عواد ـ حمزة شحاتة ـ حسن عبد الله القرشر ـ أحمد قنديل ـ عبد السلام هاشم حافظ ـ محمد سليمان الشبل .

ثالثاً : شاعر واحد من شعراء التيار الواقعى المعاصر . . وهو : سعد البواردى ـ الذى يقول عنه : ” ولم يقتصر التجديد عند البواردى على المضمون وحده ، بل تعده أيضاً إلى الشكل .

فهو يعتمد فى عامة أشعاره على شعر التفعيلة ، ولهذا يصح أن نعده من الشعراء المجد دين بحق . وإن كنت لا أود له المبالغة فى التمرد على الشكل ، فشكل قصيدتنا العربية من أجمل الأشكال النغمية فى العالم ، وإن استدعى كثيراً من الجهد والعناد ، فذلك شأن كل أمر عظيم .

أقول هذا وأنا ممن يكتب شعر التفعيلة ، ويؤمن به كإطار للتجديد ، وكوسيلة لتطوير موسيقانا الشعرية ” (7) .

رؤية نقدية :

هذا هو الإطار التاريخى للشعر السعودى المعاصر كما قدمه المؤلف ، ولنا على هذا الكتاب عدة ملاحظات نقدية نجملها فيمايلى :

الأولى : الحياد الموضوعى فى التأريخ : حيث إن المؤلف لم يتعصب لاتجاه شعرى دون غيره ،فقد اختار من تيار الإحياء والتقليد أحد عشر شاعراً ، ومن شعراء التجديد الرومانسى عدداً مساوياً ، ومن شعراء التفعيلة شاعراً واحداً .

وقد يرجع ذلك إلى أن الكتاب قد أعد منذ مايزيد عن عشرين سنة .

كذلك نلاحظ أن المؤلف لم يتعصب لشعراء منطقة دون أخرى . . فبعض مؤرخى الشعراء يقصرون كتاباتهم على شعراء الحجاز ، وفريق آخر يعنون بشعراء نجد . لكن المؤلف كان محايداً وموضوعياً بدرجة كبيرة ، لأن الشاعرية كانت المعيار الأول ، الذى أسس عليه اختيار الشعراء الذين كتب عنهم . . من ذلك ما برر به سر اختيار الشاعر إبراهيم الدامغ : ” عنيزة ـ أو باريس نجد كما يسميها الأديب الراحل أمين البستانى ـ أمدت روضة الأدب فى العصر الحديث بمجموعة رائعة من بلابل الشعر وعناديله ، طروبة اللحن ، شجية النعم ، بديعة الترديد ، تغنت هذه المجموعة بشعرها فى وقت مبكر نسبياً من هذه الحقبة التى عادت فيها الحياة قوية إلى هذه الديار ، فكان شعرها بذلك لساناً معبراً عن هذه الوثبة ، وحداء لقافلة البعث والإحياء ، ولحناً شروداً فى أذن الليل .

ومن تلك المجموعة الشاعرة كان الشاعر محمد إبراهيم الدامغ . ففى سنة 1357هـ نعمت عنيزة باستقباله وليداً ، وودعته بعد ذلك إلى الرياض شاعراً ، ليواصل دراسته الجامعية ، حيث ظل ينشر أشعاره فى صحيفة اليمامة وغيرها ، ويواكب النضال العربى والإسلامى فى جميع أقطار العروبة وديار الإسلام ، ويتخذ من مشاكل عصره وقضايا الإنسانية مواضيع لشعره ، ويصور العاطفة الإنسانية مواضيع لشعره ، ويصور العاطفة الإنسانية أجمل تصوير ، ويغنى لليطولة الوطنية أجمل غناء . . . (8).

الثانية : أفضت موضوعية اختيار الشعراء إلى قدر من (الحياد) فى الحكم على شعرهم: وهذا الموقف الحيادى صدر عن حرص المؤلف الدائم على ربط الرأى النقدى بالنص الشعرى .. أي أن الحكم كان مقترناً بالدليل ومشفوعاً بالبرهان . من ذلك قوله عن الشاعر المجدد محمد حسن عواد : ” نزوع العواد إلي التجديد يعد ظاهرة في كافة أشعاره وكأنما أراد أن يعطي من نفسه النموذج لمعاصريه ولمن يأتي بعده من شباب هذه البلاد بحيث لم يكتف بالتخلص من رتابة القافية .. بل نراه أيضاً ينظم شعر التفعيلة محافظاً علي مستواه الفني . ومن ذلك قصيدته ( المثل الأعلي ) التي قدم لها بقوله : ” لكل إنسان مثله الأعلي في الحياة يراه في صفة أو مجموعة صفات سامية ممتازة ، أو في فكرة أو خطة عمل ، واختص المثل الأعلي للشاعر بالتجسيم ، فخاطبه كشخص فقال :

” يا حبيبي

أبدأ في كل ظرف يتحور

في ضجيج الصبح في همس الحياة الهادئ .

في غمار الجد ، في سعي الحياة الهازئ

أنت في الغيم وفي القلب مصور

غير منسي ..

أفتدري ؟

والدرايات كثيراً تتبلور ..

أنني ألقاك في طيف خيالي الطارئ

وعلي أشباح فكري إذ أفكر

وبنفس ..

فاقترب مني .. يا نجوي فؤادي كل لحظة

واسكب القدرة في الروح ولا تنقصه حظه

وتقدمني بأضوائط في مجري الوجود

وانصب الراية للحائر في ذلك الصعيد (9) .

الثالثـة :

ترتب علي كون المؤلف شاعراً أن دراسته أقرب إلي ما يسمي التأثري : ورغم أن هذا اقرب إلي ما يسمي التأثري : ورغم أن هذا النوع من الدراسة الأدبية يضيق بمبادئ النقد المدرسي ، ويبتعد عن قواعد النقد المنهجي ، فإنه يعكس حساسية عالية إزاء النص المدروس ، من هنا فإن العمل الذي قدمه يعد أقرب إلي النقد التفسيري ، الذي يقوم علي التذوق والتفاعل المباشر مع النص .. بناء علي أنه :

لا يعرف الشوق إلا من يكابده

ولا الصبابة إلا من يعانيها

معني هذا أن أولي الناس بفهم الشعر هم الشعراء .. أو من أولي الناس بفهم الشعر هم الشعراء .. أو من أوتي نفساً شاعرة .. تشعر بما في الشعر من مشاعر ومعاني ورؤي . إن التفاتات الخحطراوي النقدية في هذا الكتاب تدون في إطار العناية بمدي ملاءمة الكلمة للسياق – انطلاقاً من المفهوم القديم للبلاغة من أنها ” مناسبة الكلام لمقتضي الحال ” . وأحياناً يشير إلي مدي ملاءمة الكلمة في موضعها علي مستوي الصرف أو العروض .. وما عدا ذلك فإنه يقوم علي النقد التأثيري ، الذي يعاني بتفسير النص من زاوية الدارس عبر رؤيته الذاتية الخاصة .

من ذلك قولاه عن شعر رشيد : ” إنك في شعر محمد رشيد تنتقل من صورة جميلة إلي صورة أجمل ، تملك عليك مشاعرك ، وتغرق حواسك كلها في جو صوفي ممتع لذيذ ، وتجد نفسك أمام أشرطة من التعبير المتدفق القائم علي مناجاة الطبيعةن وعرض مشاهدها الفأعمة بالعطر والطيوب ، حيث تبعث فيها ريشته الفذة الحياة والحركة ، فتؤدي وظائفها التي يسددها هو لها ، لا التي أسندها إليها الواقع ، فضفاف العقق متهللة تضمك لتغوصث في سر الحياة ، وللقرون أمواج ، وللظنون لجج ، والعباب واع وقور ، يرسل الحكمة ، وينطف بما يعيد إيمانه ، ويدفع عه ظنونه ، ويعطيه الثقة في نفسه لمواصلة المسير ، ولتقف قليلاً عند قوله :

وأعود أصغي للعباب

فإذا العقيق

يروي علي سمع الصخور

أمجادنا عبر العصور

فيضمني طوفان نور

ورؤي غد عذب طهور

فهنا تنتفي حيرة الشاعر ، وينتهي ضياعه ، ويرتبط بماضيه العربي المجيد ، ويتعلق بمستقبله الباسم الطهور (10) .

خلاصة القول : إن كتاب شعراء من أرض عبقر ” يكاد يقدم سيرة أدبية صادقة لمن كتب عنهم من شعراء المملكة ، وإذا كان لنا من كلما نقولها في نهاية هذا العرض الموجز ، فهي كلمة رجاء للصديق الشاعر الناقد بأن يعود إلي ما بدأ حتي يكمل رسم الخريطة الأدبية للشعر السعودي الاحديث والمعاصر ، خاصة وهو من أقدر الكتاب علي ذلك .

*******

3- صوت .. من مدينة النور :

محمد هاشم رشيد (11) … شاعر من أرض عبقر ، وهو واحد من الذين يعتزون بانتمائهم إلي المدينة المنورة التي أنجبت كثيراً من الأدباء عبر العصور ، وهو شاعر رومانسي مجدد . بل إنه يعد في طليعة رواد التجديد – كما يدل علي ذلك ديوانه الأول ” وراء السراب ” ( 1373- 1953 ) ، وعنوان الديوان يذكرني بالديوان الأول لإبراهيم ناجي ” وراء الغمام ” (1934 ) ، حيث إن الشاعرين ينتميان إلي مدرسة أدبية واحدة … ومن نافلاة القول أن تذكر أن رشيد وغيره من شعراء التجديد في المملكة .. متأثرون بشعراء الرومانية في مصر والمهجر الشمالي ، أمثال : عباس محمود العقاد ، وإبراهيم ناجي ، وعلي محمود طه وإيليا أبو ماضي ، وميخائيل نعيمة ، ومحمود حسن إسماعيل .. وغيرهم .

وهاشم رشيد يخلص إخلاصاً نبيلاً لقضية الشعر ، فقد مارس أنواعاً عدة من الكتابة .. لكنه ظل عاكفاً علي قيثارة الشعر ، وعازفاً لكثير من المحاور الرومانسية من حيث توظيف الشعر – بالدرجة الأولي – ليكون تعبيراً صادقاً عن الذات الشاعرة ، ألماً وأملاً ، بكاء وغناء ، اغتراباً وصفاءً ، لذلك يفتتح ديوانه الأول بمقطوعة عنوانها ” أنا” .. (12) يقول فيها :

أنا في لجة الحياة شعاع

مشرق النور رائع اللمحات

عمي الناس عن سنأه فأمسي

ضائعاً في مسارح الظلمات

أنا نبع ترف حول حوافيه

وتزهو نواعس الزهرات

جهل الروض سره فتلاشي

وثوي بين أضلع الفلوات

أنا في الكون بلبل يتغني

مستهاماً بأعذب الصدحات

أذكر الحسن لحنه فتواري

في مطاوي الشجون والحسرات

أنا ساقي الغرام أسقي الندامي

من كؤوس الخيال والصبوات

لم أجد شارباً فعدت وحيداً

أحتسيها وعشت في سبحاتي

وقضايا  الحب .. وخفقتا القلب ، تشكل محوراً مهماً في مرحلة البداية في ديوانه وبقدر ما كان الشاعر حريصاً علي أن يعبر عن ذاته هذا التعبير الوجداني ، فإنه كان حفياً أيضاً أن يجدد في قضايا التشكيل وأساليب التركيب ، وهذا يتسق مع مقولة نقدية صادقة ، تذهب إلي أن المجدد .. يجدد في المضمون والشكل في آن واحد. وهذه الظاهرة الفنية اللافتة تبدو – بوضوح – منذ ديوانه الأول . وأهمية العمل الأول – في مسيرة أي أديب أو فنان – تتمثل في أنه ينبئ ويبشر بما يمكن أن نتوقعه منه في أعماله التالية . وهذا جزء من قصيدة بعنوان ” إغضاء ” يقول فيه : (13)

لماذا يرفرف في مقلتيك

ذهول المني

ويحنو السني

فيغمر أهدابك الساجية

ويوقظ فيها الرؤي الغافية

وأنت – كما أنت – يا شادية

بعينيك سر بعيد القرار

وشوق ولكنه في إسار

وأمنية من لهيب ونار

تثور وتصخب في جانحيك

فما لك أغضيت من ناظريك ؟

*******

وعانق – في حدب – وجنيك

جناح الشفق

وقلبي خفق

حنيناً إلي السفح والرابية

وللمرج والزهر والدالية

وذكري غرامك يا شادية

وأنت تصباك ماضي العهود

وجلل خديك نفح الورود ولكن حبك رهن القيود

فها نحن بين ظلال وأيك

فمالك أغضيت من ناظريك ؟

ويبدو أن شاعرنا كان حريصاً علي أن يمضي في طريق التجديد إلي منتهاه ، لذلك نراه يقدم بعض التجارب من الشعر المرسل .. وهو شعر موزون ، لكنه يستغني عن القافية وأول من قدم هذه المحاولة في الشعر العربي الحديث هو عبدالرحمن شكري، و الدعوة إلي الشعر المرسل كانت إحدي الصيحات التي نادي بها نقاد الرومانسية وشعراؤها من أجل تجديد الشعر علي أساس أن القافية قد تحد من قدرة الشاعر علي الإنطلاق والتحرر . من ذلك – علي سبيل المثال – قصيدة بعنوان “الشعاع المتواري ” ، تقدم منها هذا الجزء : (14)

شفاه الأسي رقرقت في فمي

عصير الألم

وكف الهوي سكبت في دمي

رحيق العدم

وفي الأفق ، في الأفق الأبعد

هنالك في الأبد السر مدي

يلوح خلال الضباب

وخلف غواشي الدجي المد لهم

وطي هدير الخضم الرهيب

وفي الغاب حيث تغني الأفاعي

وترقص أشباحها الراعبة

ويمشي الزمان سريع الخطي

علي نضرة الفل والياسمين

فتنفضها رعشات الغصون

علي الجدول الراكد المكتئب

وتمضي الرياح بأشلائها

لتحضنها أضلع الهاوية

ويبتسم الشوك تحت الظلال

كما يبتسم القبر للميتين

لقد طوف رشيد – من حيث المضمون – في كثير من القضايا التي ألح عليها معظم شعراء الرومانسية العرب من حيث التعبير عن العاطفة ، ووصف الطبيعة – باعتبارها آلام الرؤوم ، التي يتلمس عندها الرومانسي الأمان والحنان اللذين فقدهما في عالم البشر ، لذلك يصور ( عالماً موازياً ) للعالم الذي ضاق به ، وحطم أحمه – بالإضافة إلي محور آخر مهم .. وهو التأمل في الحياة والكون ، لأن الرومانسي حين يفقد حلمه في الواقع يحاول أن يعزي نفسه بأن يكون راضياً بما قسم الله ، لأن كل جمال في هذه الحياة إلي زوال .. وكل بقاء إلي فناء .. وأن عشق الجسد فإن ، لكن عشق الروح هو الذي يطهر مشاعر الفرد ، ويجعل منه إنساناً مؤمناً ، يرضي بالقضاء والقدر خيره وشره .. !!

********

وهنا نود أن نسجل ملاحظة تلفت النظر في ديوان الشاعر ، وهي أن كثيراً من الرومانسيين تسلمهم الأحزان والآلام العاطفية إلي نوع  من الاغتراب
والاكتئاب والإحساس بالضياع ، هذا ما نجده عند إبراهيم ناجي – علي سبيل المثال حيث يقول :(15)

نزل الستار ففيهم تنتظر ؟

خلت الحياة وأقفر العمر

لم يبق إلا مقفر تعس

تعوي الذئاب به وتعتمر

هو مسرح وانفض ملعبه

لم يبق لا عين ولا أثر

ورواية رويت وموجزها

صحب مضوا ، وأحبه هجروا

ومرة أخري يعبر ناجي عن إحساسه

بالحزن والضياع قائلاً :

انظر إلي شتي معاني الجمال

منبثة في الأرض أو في السماء

ألا تري في كل هذا الجلال

غير نذير طالع بالفناء ؟

وثمة قصائد كثيرة من الديوان يعبر فيها رشيد عن معاني الغربة ويصف آلامها، من ذلك قوله في قصيدة بعنوان ” عودة الغريب ” : (16)

عاد الغريب إلي الديار كما مضي             ربــاه إنــك أهـلّ

من قبل يبحث عن أخ وشبيـه          لكل فضـل وجــود

الغربة الكبري تغلف قلبـــه              فكن دليل الحيـــاري

وتقوده للدرب أو تثنيــــه                إلي رحاب الخلــــود

والكـأس في كفيه مترعة بما

ويستمر إلي أن يقول :

والغربة الكبري إذا ما خامرت

قلبا فكل الأرض لا تؤويه

الظاهرة التي تبدو جلية من خلال ديوان الشاعر هي أن ( معاني الاغتراب ) وآثارها النفسية القاسية لا تستمر ألحانها متواصلة في قصيدة ، لأنه يحاول أن يعتصم منها بالقيم الدينية ، والمعاني الإسلامية ، التي تشع علي القلب برداً وسلاماً ، وإيماناً وأماناً من ذلك قوله في مقطوعة بعنوان ” ترنيمة ” يناجي فيها ربه الكريم ، ليهدي الحياري إلي رحاب الخلود (17) :

ربــــاه … إنك ربــي

وربَّ كل الوجـــــــــودِ

بك السمـــاوات قامــت

وأذعنت للسجــــــــــودِ

والأرض أضحــت بساطاً

منضــرات بالورود

فيـــــه الطيـــور تغني

بغيـــر ناي وعود

لأنعم سابغـــــــــات

ملء الربــي والنجـود

تمـــد منهــا البرايـــا

طرّا بغيــــر حــدود

عــاد الغريب إلي الديار كما مضي

ربــــاه إنك أهـــــلّ

لكــــل فضــــل وجــود

فكــن دليل الحيــــاري

إلي رحاب الخلــــــود

ليس ما يروع في ديوان الشاعر هو القضايا الإنسانية التي يصوغ فيها شعره فحسب ، حيث إن تلك القضايا تشكل المحاور الأساسية لكثير من شعراء الاتجاه الوجداني ، وإن لم نعدم عنده أحياناً بعض شعر المدح والمناسبات مثل معظم شعراء الإحياء ، لكن الذي يعجب المتذوق لشعره – بالدرجة الأولي  – هو حرصه علي أن
( يجود أدواته التعبيرية ) ، حيث سهولة المفردات ، وجدة الصور الفنية وطرافتها وإشراق العبارات ، وثراء الإيقاع الموسيقي ، وعدم اللجوء إلي الضرورات الشعرية ، كما أنه حاول أن يبتعد عن طريقة كتابة القصيدة كلها بقافية واحدة ، كما حاول أن يفيد من أشكال شعرية أخري غير شكل القصيدة التقليدي مثل : الموشح .. والرباعيات .. والقصيدة ذات المقاطع ، واستخدام طريقة السطر الشعري ، ليسهم في مجال شعر التفعيلة . هذا كله بالإضافة إلي حرصه علي أن تكون القصيدة وحدة فنية متكاملة ، ولا ريب أن جوهر عملية التجديد يتبدي في الشكل مثلما يظهر في المضمون علي قدر متكافئ من المساواة في آن واحد … !!

يتضح من خلال ما تقدم أن رشيد كان حريصاً علي أن يكون في زمرة المجددين لمسيرة الشعر في المملكة ، وكما بدأت بآراء الخطراوي نختم بما ختم به دراسته : ” إن هاشم رشيد شاعر تعتز به دوحة الشعر والأدب في هذه البلاد وتفاخر به . ولو أتيح لشعره أن يصل إلي القطار العربية الشقيقة لدوت شهرته في الآفاق ..(18)

أهم المصادر والمراجع :

1-   حسن مصطفي الصيرفي : ديوان دموع وكبرياء ، ط نادي المدينة المنورة الأدبي .

2-   شوقي مضيف : العصر الإسلامي ، ط دار المعارف ، القاهرة ، 1981 .

3-  طه وادي : شعر شرقي الغنائي والمسرحي ، ط دار المعارف ، القاهرة 1994. شعر شوقي الغنائي والمسرحي ، ط دار المعارف – القاهرة ، 1994.

4-  محمد العبد الخطراوي : شعراء من أرض عبقر ( جزءان ) ط نادي المدينة المنورة الأدبي ، 1411 .

5-   محمد مندور : في الميزان الجديد ، ط نهضة مصر ،  القاهرة ، 1973م .

الهوامـش :

1-  محمد العبد الخطراوي : شعراء من أرض عبقر ، ط نادي المدينة المنورة الأدبي ، 1398 ، جـ1 ، ص 26

2-   شوقي ضيف : العصر الإسلامي ، ط دار المعارف – القاهرة 1981 ، ص95.

3-                         حسن مصطفي الصيرفي : ديوان دموع وكبرياء ، ط نادي المدينة المنورة ، ص 14 .

4-      راجع دراسة مطولة عن المعارضة في شعر شوقي .. في : طه وادي : شعر شوقي الغنائي والمسرحي ، ط دار الامعارف ، القاهرة 1994 ، ص 34 .

5-      هناك مجموعة أخري من الموسوعات المحلية التي أصدرتها النوادي الأدبية الكثيرة في المملكة .. بالإضافة إلي الكتب التي تدرس شاعراً واحداً والتي استثيناها من هذه القائمة .

6-               شعراء من أرض عبقر ، ص 147 .

7-               شعراء من أرض عبقر ، ج1 ، ص 153 .

8-               شعراء من أرض عبقر ، ج2 ، ص 76 .

9-               شعراء من أرض عبقر ، ج1 ،  ص 134 .

10-     من مواليد المدينة المنورة سنة 1349 هـ ( 1930 ) … وهو مثقف عصامي ، عمل في الصحافة والإذاعة ، وشغل بعض الوظائف التعليمية والإعلامية ، وشارك في تأسيس بعض النوادي وأسهم في نشاطها ، خاصة نادي المدينة المنورة الأدبي .

من أهم أعماله الشعرية :

1-               وراء السراب 1367 ( 1953 ) .

2-               علي دروب الشمس ( 1397 ) .

3-               في ظلال الماء ( 1398) .

4-               في ضفاف العقيق (1399 ) .

5-               الجناحان الخافقان 1400 .

6-               علي أطلال إرم ( ملحمة شعرية ) 1400 .

7-               بقايا إطلال إرم ( ملحمة شعرية ) 1400 .

8-               بقايا عبير 1404 .

9-               الفجر الملتهب .

10-           ليالي العتيق .

11-           تسابيح وتباريح .

وأهم من كتبوا عنه :

–      محمد الخطراوي : شعراء من أرض عبقر .

–      عمر الساسي : موجز تاريخ الأدب السعودي .

–      نادي المدينة الأدبي : موسوعة الأدباء والكتاب السعوديين .

–           عبدالرحمن الوصيفي : الرؤية الإبداعية في شعر هاشم رشيد .

–           رزق محمد داود : هاشم رشيد – شعره وشاعريته .

12-    الأعمال الكاملة للشاعر ، ج1 ، ص 16 .

13-    الأعمال الكاملة للشاعر ، ج1 ، ص 17 .

14-    الأعمال الكاملة للشاعر ، ج1 ، ص 70 .

15-  راجع : طه وادي : شعر ناجي الموقف والأداة ، ط دار المعارف ، القاهرة ، الرابعة ، 1994 ، ص 58 .

16-    الاعمال الكاملة للشاعر ، ج1 ، ص 309 .

17-    المصدر السابق ، ص 273 .

18-    شعراء من أرض عبقر ، ج1 ، ص 151 .

المرأة في  شعر المتنبي