أما قبل …………………………. العدد الواحد والعشرون

بسم الله الرحمن الرحيم

أما قبل

لقد شهد الواقع العربي تطورات عديدة في العقود الثلاثة الأخيرة بفعل المتغيرات الثقافية والفكرية والسياسية والعسكرية والاجتماعية وغيرها , وأصبح الإنسان العربي بعامة والمثقف بخاصة يقف عند مفترق طرق . لايعرف أيه وجهة يشق طريقه فيها . في هذا الخضم من المتغيرات العاتية تقف الثقافة العربية حائرة أمام ما هو كائن وما يجب آن يكون , ومجلة الجسرة واحدة من المجلات الثقافية العربية الجادة التي تحاول رصد هذه المتغيرات دون أن تخل بثوابتها الوطنية والفكرية والثقافية ودون أن تذوب هويتها في الآخر . لأنها جاءت صدي للمراحل التي مر بها العالم العربي في المراحل الأخيرة من خلال دراساتها النوعية والإبداعية المختلفة التي تعبر عن الوعي الثقافي العربي . فقد صدر العدد الأول منها بعنوان التنوير في ديسمبر 1998 . وبداية من العدد الثاني تحول اسمها الي الجسرة الثقافية ليكون لها الخصوصية المكانية والزمانية التي انطلقت منها , ولتحمل اسم نادي نادي الجسرة الثقافي ذلك النادي الذي نعده واحدا من أهم النوادي الثقافية العربية فقد تأسس عام 1960 وظلت أنشطته وأهدافه وفعالياته تصب في خدمة القضايا العربية من ذلك التاريخ وحتي الآن . وكما ذكرنا فانه فعالياته وأنشطته تأتي انعكاسا للواقع العربي المتغير فقد مر النادي ببعض المراحل التي كان فيها قويا بقوة الثقافة العربية واستضاف عددا من رموز الثقافة العربية والعالمية علي مدي مراحله المختلفة في المجالات الثقافية والسياسية والدينية والفكرية والعسكرية وغيرها , كما مر بمراحل تعثر أيضا نتيجة لهذه المتغيرات لكنها لم تدم طويلا , لان هذه المؤسسة الثقافية تعرف أهدافها وأسسها ومبادئها وتحرص عليها اشد الحرص . وجاءت مجلة الجسرة الثقافية انعكاسا لهذه المتغيرات فقد شهدت مراحل نمو وازدهار كما شهدت مراحل تعثر أيضا . لكنها الآن وبمناسبة اليوبيل الفضي ومرور خمسين عاما علي إنشاء النادي تعاود الجسرة الثقافية استئناف مسيرتها الثقافية والفكرية والحضارية بخطي ثابتة , محافظة علي عراقتها ومبادئها , وجاءت موادها الثقافية امتدادا لمرحلة القوة والازدهار التي شهدتها منذ نهايات التسعينيات من القرن الماضي وحتي نهايات النصف الأول من العقد الأول للقرن الحادي والعشرين . فقد حوي هذا العدد الحادي والعشرين دراسات وإبداعات نوعية في مجالات مختلفة أدبية ونقدية وثقافية وفنية ومعرفية وغيرها . وكلها تجسد مسيرة الواقع الثقافي العربي في مراحله الأخيرة , فضلا عن كونها تجسد التنوع الثقافي العربي والعالمي من خلال المادة الثقافية المختلفة التي عبرت عن كتاب من أقطار عربية وأوربية يجمعهم الفكر الإنساني المستنير الذي يتبني القضايا الإنسانية النبيلة في أدق معانيها بعيدا عن العنصرية والتطرف . ولذلك جاءت مشاركات إبداعية ومعرفية مختلفة من عدد من الأقطار العربية والأوربية . لقد حرصت أسرة التحرير علي استئناف الجسرة الثقافية لتواكب المتغيرات الحياتية عربيا وعالميا علي مستوي الفكر والإبداع الإنساني . معبرة عن الرسالة الإنسانية السامية التي يتبناها نادي الجسرة الثقافي منذ تأسيسه وحتي الآن . وإننا لنتطلع لان يكون استئناف صدور الجسرة الثقافية معبرا عن مرحلة جديدة من مراحل تطور الثقافة العربية في بدايات العقد الثاني من هذا القرن وذلك لا يتأتي إلا بالوعي العربي البناء وهضم ثقافة الآخرين هضما جيدا يعتمد علي الاداك والوعي من ناحية وعلي الخصوصية الفكرية من ناحية ثانية , فالفكر الإنساني لايرقي إلا بتكامل الفكر الإنساني البناء . أسرة التحرير