يوليو 1 2012
حسن رشيد
أكتوبر 17 2011
نظريات ما بعد البنيوية ……………….. حسن رشيد
نظريات ما بعد البنيوية
حسن رشيد
اذا كانت البنوبة قد تاسست مثل غيرها من النظريات اللاحقة على مبدا او نظرية عالم اللغة السويسرى دى سوسير ، المتمثل فى اللغة ، من حيث هى نظام او نسق علامات ، يجب ان تدرس ضمن مستوى زمانى واحد 0 واعتبار المظهر التا ريخى للغة ايا كانت طريقة تطورة وتغيرة مع الزمان ، ذا اهمية ثانوية 0 ففى التفكير البنيوى المتاخر ، تغدو الصفة الزمنية مرة اخرى اساسية 0 بل ويرى بعض المعلقين ان (ما بعد البنوية ) كانت بمثابة تطور لجوانب متضمنة من البنوية ، ليست سوى ثمرة لهذة الجوانب ولكن هذا الراى لا يمكن الاخذ بة ، خاصة وان نزعة البنوية فى السيطرة على عالم العلمات التى يصنعها الانسان 0 وما بعد البنوية تسخر من هذة النزعة 0 ومعظم الدراسات التى ظهرت تؤكد ان الدولا التميز فى النظرية الادبية الادبية ، للبنوية التاخر للفيلسوف الفرنسى “جاك دريدا” بالاضافة الى دور المخلل النفسى ” جاك لا كان والنظرى”مشيل فوكو ” هؤلاء مع غيرهم قد ساهموا بشكل واضح ومؤثر فى نشأة ما بعد البنوية 0لقد اكتشف فكر ما بعد البنوية الطبعية التى هى فى ساسها غير ثابتة للدلالة ، فالعلاقة ليست وحدة ثابتة ذات جانين كأنها –لاصق – يلصق ، طبقتين متحركتين ، لقد ادرك سوسير من قبل ، ان الدال والمد لول نيقان منفصلان 0 ولكن عجز عن ان يدرك الى اى حد يمكن ان تصبح وحدات المعنى غير ثابتة عندما يتلاقى هذان النسقان 0 متضمنة من البنوية نفسها 0 وان ما بعد البنوية ، ليست سوى نسق كلى مستقل عن الواقع المادى ن حاول ان يبقى على الاحساس بتلاحم العامة الى قسمين : (دال ومدلول ) ومع ان الدراسات اللغوية قد منحت سوسير فضل الريادة فى هذا المجال 0 الا ان المنظرين والفلاسفة الذين خرجوا من تحت عباءة سوسير ، سرعان ما اخذوا منحى اخر 0 ولعل ابرزهم كوكبة من المنظرين نبدا بأولهم واعنى رولان بارت :
(1) رولان بارت : –
يعتبر اكبر المنظرين جراة على جذب الانتباة 0 فقد حدد الادب بوصفة “رسالة عن دلالة الاشياء وليسى عن معناها ،وكان يقصد بالدلالة ، تلك العملية التى تتيح المعنى بوجه عام ، وليس هذا المعنى او ذلك 0 وهذا تحديد يرددصدى تعريف جاكسون الذى حدد (الشعرى ) بوصفة تركزا على الرسالة 0لان اسوا خطيئة يمكن ان يفرقها الكاتب من وجهة نظرا “بارت ” هى ادعاء ان اللغة وسيط طبيعى شفاف 0 يستطيع القارىء من خلالة ادراك حقيقة او واقع صلب متحد 0 اما الكاتب المبدع ، فيعى ان كل كتاباتة انما هى عمل مصنوع 0 وهنا قد تخلى “بارت ” فى هذة المرحلة 0 ومعمى مرخلة ما بعد النبوية عن ما كان ينادى بة فى مرخلتة النبوية 0 وافضل ما يمثل لدية ، هو مقالة عن “موت المؤلف ” حيث رفض النظرة التقلدية التى ترى اصل النص ومصدر معناه ، والسلطة الوحيدة لتفيسرة 0 ان هذا الراى تاكيد للمعتقد النالوف للنقد الجديد 0 ان لبمؤلف عندة يتحول الى مجرد ساحة تلتقى وتعيد الالتقاء فيها اللغة التى هى مخزن لا نهائى ، من حتلات التكرار للاصداء والاقتباسات والاشارات وللقرىء الحق فى ان يدخل النص فى اى اتجاة يشاء ويؤكد على هذا من خلال كتابة (لذة النص ) حيث يبدا بالتميز بين معنيين للذة
– للذة بالمعنى العام ، والمتعة ، واللذة بالمعنى الخاص 0
– فداخل اللذة بمعناها العام توجد المتعة ويوجد شكلها الخفيف وهو اللذة بمعناها الخاص اللذة العامة للنص ، هى كل ما يتجاوز المعنى المفرد الشفاف 0 كما وضح بارت فى كتابة فى مرحلة ما بعد البنوية من دارسى القصة الذين يحاولون حصر كل قصص العالم فى بنية واحدة 0 لانة كما يرى ان محاولة الكشف من هذة البنية الوحدة (انما هى محاولة عميقة 0 هذا الاختلاف ) (1) ليس من قيل التفرد 0 وانما نتيجة الخاصية النصية نفسها فكل نص يرجعنا يطريقة مختلفة الى بحر لا نهائى 0 هو المكتوب من قبل 0
(2) جاك لاكان :-
طرحت كتابات (لاكان ) فى التخليل النفسى مظرية جديدة عن الذات 0 وبعد ان كان النقاد الماركسيون والشكليون والبنيويون يرفضون النقد الذاتى، بوصفة نقدا رومانسيا رجيعا 0 قدم (لاكان) تحليلا ماديا عن الذات المتكامة فان “انا وهو وهى ” وغيرها مجرد مواضع للذات تعلنها 0 اللغة فعندما انكام (انا) فانى اشير الى نفسى بوصفى (أ) والى الشخص الذى اخاطبة بوصفة (انت) ولكن عندما تجيب )انت)فان الوضع ينقلب فيصبح انا (انت) و00 وانت (انا) ومن ثم فان الذات تستخدم لفظ (انا) ليست هى نفسها هو ال (انا) 0
والواقع ان تمييز لاكان بين الخيالى والرمزى وهما مصطلحان يستخدمهما جاك لاكا نفى تاكييد نظريته الاساسية عن مرحلة المرآة فالخيالى عنده حالة لا تنطوى على تمييز واضح بين الذات والموضوع ولا توجد فيها انا مركزية تفصل الموضوع عن الذات ولكن لا الخيالى ولا الرمزى يمكنها ادراك الواقع ادراكا كاملا اذا يظل هذا الواقع فى مكان ما بالخارج بعيدا عن مطالهما
من هنا يعيد لاكان صياغة نظريات فرويد بلغة دى سوسير فيوحد بين عمليات اللاشعور والدال المتقلب كما انه يعيد تفسير النظرية الفرويدية للاحلام بوصفها نظرية نصية فاللاشعور يخفى المعنى فى صور رمزية تحتاج الى حل شفرتها وصور الاحلام تخضع الى عملية تكثيف وعملية احلال ويطلق لاكان على العملية الاولى مصطلح الاستعارة بينما يطلق على الثانية مصطلح الكتابة . ان لاكان يرى ان العمل الكامنوالملغز للحلم يتبع قوانين الدال وفى الوقت نفسه ينظر الى اليات الدفاع عند فرويد بوصفها مجازات . ولقد شجعت النزعة الفرويدية النقد الحديث على التخلى عن الايمان بقدرة اللغة على الاشارة الى الاشياء والتعبير عن الافكار اوالمشاعر فكثيرا ما يكون ادب الحداثة مشابها للاحلام فى تجنبه القول بوجود مركز مسيطر تحتله عملية القص وفى تلاعبه الحر بالمعنى .
(3) جاك دريدا :
يرى معظم المهتمين بالنقد الادبى ان البحث الذى دريدا تحت عنوان البنية والعلامة واللعب فى خطاب العلوم الانسانية فى جامعة جون هوبكنز عام 1966 شكل حركة نقدية جديدة فى امريكا فقد ذهب دريدا الى فكرة ان البنية كانت تفترض دائما مركزا من نوع ما للمعنى حتى فى البنوية هذا المركز يحكم البنية ولكنه هو نفسه ليس موضوعاً للتحليل البنيوي ويري دريدا إلي أن البشر يرغبون في مركز لأن المركز لأن المركز يضمن لهم الوجود من حيث هو حضور .
ويقول دريدا في حياتنا العقلية والمادية على أنها مرتكزة أنا وهذه الأنا هي مبدأ الوجود التي تقوم عليه بنية كل كما يدور في فضائها ويري دريدا أن التفصيل للكلام على الكتابة أو نزعه مركزية الصوت هو سمة أصلية مميزة لمركزية الكلمة وإن نزعة مركزية الصوت تنظر إلي الكتابة على أنها شكل غير صاف من الكلام فالكلام أقرب الفكر الخالص ومن ثم فإن دريدا يغزو إلي الكلام أنه عندما نستمع اليه حضوراً يكون مفتقداً في الكتابة وضرب مثلاً إلي كلام الممثل أو الخطيب السياسي على أنه كلام يمتلك الحضور ويجسد روح المتكلم أما الكتابة فتبدو أقل صفاء من الكلام وتبرز نفسها الخاص فى علامات مادية ذات استمرار نسبي والكتابة قابلة للتكرار وهذا يشجع على التفسير هذا الازدواج بين الكتابة مثال على مايسميه ( ديدرا ) التراتب القهري فللكلام مرتبة الحضور الكامل في مقابل المرتبة الثانية التي تحتلها الكتابة التي تهدد ماديتها بتعكر نقاء الكلام ومن هنا يحدد ( ديدا ) أن إداك أن كلاً من الكتابة والكلام يشتركان فى ملامح كتابية فهما معاً عمليتان دالتان تفتقران إلي الحضور ويكتمل نقص هذا التراتب عندما يضيف أن الكلام نوع من أنواع الكتابة هذا الكتابة هذا النقص هو المرحلة الأولي من التفكيك عند دريدا ويحدد دريدا في نظريته أو في منهجه أو في بحثه خصائص الكتابية بثلاث نقاط ( الإشارة – الحدث – السياق ) يوضح الأمر .
أولا : إن العلامة المكتوبة تقبل الأبعاد فهي تنفصل عن غيرها من العلامات في سلسلة بعينها وهي تنفصل عن الإشارة الحاضرة .
كان هذا البحث الذي قدمه دريدا في أميركا حول البنية والعلامة أثره في الأوساط الفكرية في أميركا حيث انجذب إليها النقاد الأميركيون خاصة وأنهم قد حاولوا التخلص من النزعة الشكلية للنقاد الجدد وأدي هذا إلي ازدهار كل من ( نقد الأسطورة عند نورثرب فراي – والماركسية الهميجلية عند لوكاش – والبييوية – الفرنسية ) وكان أثره الأهم في النقاد الرومانسيون هناك .
(4) ميشيل فوكو :
لا يختلف ميشيل فوكو عن غيره من حيث كونه الطريقة التي تتشكل بها الجمل مكونة نظاماً متتابعاً تسهم به في نسق كلي متغاير ومتحد الخواص وعلى نحو يمكن معه أن تتألف الجمل في خطاب بعينه لتشكل نصاً مفرداً أو تتألف النصوص في نظام متتابع لتشكل خطاياً أوسع ينطوي على أكثر من نص مفرد وقد يوصف الخطاب بأنه مجموعة دالة من أشكال الأداء اللفظي تنتجها مجموعة دالة من أشكال الأداء اللفظي تنتجها مجموعة من العلامات أو يوصف بأنه مساق أو نظام من العلامات المعنية التي تستخدم لتحقيق أغراض معينة ولقد كان لتعميق مفهوم الخطاب نقطة التحول عن البنيوية ومن هذا تتخذ الخطاب معني متميزاً في كتابات فوكو فيغدو مجموعة من المنطوقات التي تنتهي إلي تشكل واحد .
يتكرر على نحو دال في التاريخ بل على نحو يغدو معه الخطاب جزءاً من التاريخ جزء بمثابة وحدة انقطاع في التاريخ نفسه من هنا فإن مصطلح الخطاب عن فوكو يوصف بأنه نشاط إنساني مركزي ولكنه ليس عاماً أو مجموعة من الدلالة فهو يهتم بالبعد التاريخي في التغير الخطابي وهذا عائد لأن ما يمكن قوله يتغير من حقبة إلي أخري .
ولقد وجد فوكو في عمله المبكر عن الجنون أنه من الصعب إيحاد أمثلة لخطاب الجنون فلقد وجد فوكو أن الثقافة الأوروبية قد اعتبرت الجنون انحرافاً فأقصت المريض في مجتمعها ورفضت بالتالي على ذاتها في تلك الصورة المرضية ولكن في رأي فوك وان الجنون ليس كياناً مستقلاً بل العلاقة موجودة في صميم الواقع الاجتماعي وليس العقل والجنون واقعين مستقلتين بل هما منطقتان حددهما المجتمع نفسه من هنا فهو يقول إن الجنون منقوش فى قلب الموجود البشري قبل كل تفرقة بين العقل والعتة ”
ولقد سعي فوكو إلي دراسة لغة وأرشيف كل عصر مثل عالم الآثار ليكشف عن بنيته الكامنة بتحول اللغة من ماذا عندك ؟ إلي ” أين تشعر بالألم “ولأن أشكالاً متباينة من المعرفة قد حصده الإنسان عبر التاريخه عن الجنس والجريمة والعلاج النفسي والدواء ولأن هذه المعرفة قد ظهرت ثم حلت أشكالاً أخري محلها .
من هنا فإنه يركز على التحولات الأساسية التي حدثت فيما بين الحقب .
ولكنه لا يقدم تصميمات بشأن التقسيم إلي حقب بل يتتبع السلاسل المتداخلة فى المجالات غير المتصلة فالتاريخ هو هذا الامتداد المنقطع من الممارسات الخطابية وكل ممارسة هي مجموعة من القواعد والإجراءات التي تحكم الكتابة والفكر فى مجال بعينه هذه القواعد تسود عن طريق الاستبعاد والتنظيم وتشكل المجالات أرشيف االثقافة أولا وعيها الموجب الإنسانية من وجهة نظر فوكو ليس علوماً بل ضرباً من المعرفة تولد بفضل إنشاء الثقافة الأوروبية في القرن التاسع عشر – لموجود أطلقت عليها اسم الإنسان إن الإنسان الذي توزعت معرفته علوم الأحياء والفيزياء وعلم النفس والاجتماع قد فقد هويته بحيث صار في وسعنا اليوم ” أن نعلن موت الإنسان الذي هو تجريدا تفة حقول من العلم والمعرفة أما الإنسان العيني فقد ولي غير رجعة والحقيقة أن النظريات أو المناهج النقدية فبما بعد البنيوية أكثر من أن تعد أو تحصي ومع أن معظم هذه الدراسات والمقالات والنظريات والمناهج قد خرجت من تحت الدراسات اللسانية وان دور دى سوسير والشكلانيين وحلقتي براغ وجنيف ونشاطات ونظريات ليفي شتراوس وغيره كانت اللبنات الأساسية وإذا كان رولان بارت وجان لا كان جاك دريداً – ميشيل فوكو وغيرهم قد أحدثوا انقلاباً فى المفاهيم البنيوية إلا أن هناك بعض المدارس النقدية قد أطلت برأسها من خلال جهود هؤلاء وغيرهم ولعل أبرز هذه المدارس النقدية .
ما نطلق عليه الأسلوبية ولا بد من المرور ولو بشكل سريع على خلاصة ما طرحته هذه المدرسة .
( 5 ) الأسلوبية :
يقول الدكتور أحمد محمد المعتوق ” مصطلح الأسلوب من المصطلحات البلاغية التي ارتبطت بالأدب كما ارتبطت بالعديد من الموضوعات اللغوية في الدراسات الحديثة .وقد تعددت تعريفات هذا المصطلح واختلفت الآراء في تحديد مفهومه حتي أصبح معناه نتيجة لذلك هلاميا غامضا هل الأسلوب كلمة مطاطة إذا ؟ وهل تحمل الكثير من المعاني والدلالات ؟ الواقع أن هذه الكلمة تحمل العديد من الصياغات اللفظية اللغوي بل إننا لا نذهب بعيداً إذا قلنا ان استخدامات هذه الكلمة تعطي انطباعاً خاصاً لأسلوب كاتب محدد او متحدث ما ذلك بأننا نقول فلان أسلوبه متميز وفلان سلس العبارة ويكون شخص آخر ذات أساليب متعددة في فن الكتابة أو التعبير .
ولكن هل الأسلوب فقط مرتبط بالأدب ؟ خاصة وأن الدراسات الحديثة قد طرحت هذا الموضوع على بساط البحث فنجد الدراسات التي تتحدث عن أسلوب الكاتب والأسلوب والشخصية وأنواع الأساليب ولكن مع هذا فإن فكرة ربط الأسلوب بالصياغة اللفظية كانت هاجس النقاد العرب القدامى والمدثين على حد سواء كما كان ان العديد من النقاد الغربيين قد وجدوا أن الأسلوب يتمثل في طريقة اختيار الكلمات والعبارات المناسبة لأداء المعاني وارتبط هذا الأمر بخاصة بالشعر وصارت بها أداة هامة من أدوات النقد وتحليل النصوص ودراسة الخطاب وتصنيفه وتداخلت بما أمدتها به النظرية العامة للسانيات منهجاً وميداناً ومع هذا فقد ارتبطت الأسلوبية باللسانيات بل وأصبحت فرعاً أخر مثل علم الدلالة وعلم الإشارة وعلم الأصوات وهنا ما أكدة ” ميشيل اريفة ” حيث يقول أن الأسلوبية وصف للنص الأدبي حسب طرائق مستقاه من اللسانيات يؤكد على هذا الرأي احد كبار الأسلوبيين ألا وهو ( دولاس ) بالقول ” إن الأسلوبية تعرف بانها منهج لساني من هنا فإن أصدق تعريف للسانيات .
إنها هي العلم الذي يدرس مجموعة القوانين المكونة للظاهرة اللغوية والمولدة لها والاسلوبية من ثم علم يدرس اللغة ضمن نظام الخطاب . ولكنها ايضا علم يدرس الخطاب موزعا على مبدأ هوية الاجناس ولذا كان موضوع هذا العلم متعدد المستويات مختلف المشارب والاهتمامات متنوع الاهداف والاتجاهات وما دامت اللغة ليست حكرا على ميدان تعبيرى واحد ولكن ما يميز الاسلوبيةانه علم يرقى بموضوعه ويحيله الى درس علمى من هنا تعددت مدارسه ومذاهبه حقيقة ان الاسلوبية هى صلة اللسانيات بالادب ونقده وبها تنتقل من دراسة الجملة – لغة – الى دراسة – اللغة – نصا فخطابا فاجناسا ولذا فان الاسلوبية جسر اللسانيات الى ترايخ الادب وكما افرزت الشكليين منظريها والبنيوية والمعبرين والمدافعين عنها فان ما بعد البنيوية قدمت فلاسفتها واخيرا فان للاسلوبية رائدها ومعلمها
(6) شارل بالى:
لا نريد ان نغو صفى مجاهل التاريخ ونطرح اسماء من اهتموا بدراسة الاسلوب والاسلوبية على حد سواء منذ ارسطو مرورا بالشكليين ورثة الثقافة الاغريقية مثل الكسندر بوب وريتشارد هيرد واناتول فرانس كما اننا لا نريد ان نزج باسماء الفلاسفة والادباء الرعب فى هذا المضمار مثل الباقلانى والجاحظ وفخر الدين الرازى والقيروانى وغيرهم لان ما يهمنا هنا الايجاز والاختصار قدر المستطاع من هنا فننا نقول ان معظم المراجع المترجمة تطرح اسم شارل بالى كمؤسس لعلم الاسلوبية فى العصر الحديث وكل الدراسات التى جاءت بعده قد أخذت عنه او استفادت منه سواء من خلال المنهج او الموضوع واهميةبالى انه وللمرة الاولى في تاريخ الثقافة الغربية نقل درس الأسلوب فى تاريخ الثقافة الغربية نقل درس الأسلوب من الدرس البلاغى بتاثير اللسانيات عليه منهجا وتفكيرا الى ميدان مستقل وصار يعرف بميدان الدرس الاسلوبى او الاسلوبية وموضوع الدرس الاسلوبى بالنسبة لبالى يحدده أمران :
1- يتكلم فيه عن علاقة اللغة بالتفكير
2- يضع بالى الاسلوبية خارج دائرة الدرس اللساني للنص الادبى
ويحدد الامر ان موضوع الاسلوبيات يكمن فى التعبير المنطوق وليس في حدث التفكير وان ما تلاحظه الاسلوبية يتجلى فى البحث عن معنى العبارة وعن سماتها الوجدانية وعن مكانها ضمن النسق التعبيرى وفى الطرق التى تعطى لهذه العبارة صورتها .
ويذهب شارل بالى من التعددية الى الوحدة ضمن الشرط الاجتماعى للتحليل الاسلوبى فيجعل من اللغة اليومية النفعية المباشرة موضوع الاسلوبية الوحيد . فيحدد بهذا ميدانيا ويعزل عنه لغة الادب . ولذا كان يقول عن الادب انه ” ان يصنع من اللغة استعمالا اداريا وواعيا ” وانه يستعمل اللغة استعمالا جماليا مقصودا . انه يريد ان يريد ان يصنع الجمال بالكلمات مثل الرسام بالالوان ، والموسيقى بالاصوات . ولعل من اهم هذه الوظائف هى تلك التى تجعل التركيز على الرسالة لصالح الرسالة الخاصة . وفيه يتحدد النص من كل رقابة . وبها يصبح ذات نفسه بغض النظر عن كونه لغة يومية او غير ذلك والنظر الى النص بهذا المعنى اى من خلال ادائه الايصالى يحيل النص الى نظام اشارى يقوم على متغيرات شكلية عديدة تحددها متغيرات وظيفية لا حصر لها لذا فان اللسانيات فى درسها له لا تميز بين الشكل والمضمون وانما تجعل المضمون موضوعا له شكل تقوله لغته ويرده نظام الخطاب الى جنسه الادبى .
الخلاصة :
والخلاصة وباختصار شديد ان هناك الكثير من التيارات النقدية والنظريات والمناهج وحى المدارس كما يطلقه البعض على بعض الظواهر النقدية هذه التيارات التى ظهرت واتخذت منحنى اخر وبعد تلاشى تاثير البنيوية وكان لهذه التيارات المختلفة المؤيدون والمريدون والمدافعون وايضا الخصوم ولكن ما دور الناقد العربى فى خضم هذه التيارات ؟ وما مدى علاقته بكل التيارات النقدية الحديثة ؟ هل يرتبط بعلاقة وثيقة ام هشة ؟ هل هناك تجاوب وفهم لابعاد اللعبة النقدية الحديثة اذا جاز لنا التعبير هل الناقد والباحث والمفكر والمتابع والمهتم بالادب والنقد على علاقة وطيدة بكل ما هو جديد ام هو غائب او مغيب ؟ بداية لابد من الاعتراف ان هناك علاقة هشة بين الناقد العربى والتيارات الوافدة لا من حيث جمود فكر ورؤى الناقد القارئ المتابع المهتم المثقف العربى .
ولكن لسبب رئيسى واساسى فبعد ان كان الاهتمام بالترجمات المختلفة ورصد كل الحركات الفكرية تحول حول الاهتمام الى مواضيع اخرى وهكذا تاخرت الترجمات العربية لمعظم النظريات الحديثة ومن المؤسف اننا نجد بعض الترجمات لبعض النظريات وبخاصة فى مجال الادب والنقد لا يصل الى القارئ والمهتم الا بعد تلاشى وخفوت تلك الاراء والنظريات فهناك العديد من الدراسات الجادة التىتنشر تبعا فى بعض الدوريات المتخصصة ونصيب المتابع العربى اقل من القليل وهذه الدراسات تطرح النظريات والمناهج النقدية لما بعد البنيوية مثل علم العلامات مفهوم الادب النظام والذات المتكملة مشكلة التفسير تعارض التفاسير كسر الدائرة هذا بالاضافة الى بعض النظريات النقدية التى انطلقت من نظريات قديمة او تعدل من مسار النظريات المختلفة مثل النقد القائم على التحليل النفسى (نورمان هولاند) ، هرولد بلوم ، شوشان فلمان / نظرية التلقى والنقد القائم على استجابة القارئ – هانز روبرت جوس ، ولفنانغ ايزر فس / الماركسية ما بعد الالتوسترية – ريموند وليمز ، تيرى انفنلتورى ، جون الس فردريك جمسون / النقد النسائى – جوزفين دونوفان ، الين شوالتر ،اليزابيث ميس. كما اننا نجد ان الاهتمام بتفسير هذه النظريات وتعريف القارئ بها شبه مفقود والدراسات البنيوية او الاسلوبية تطبق فقط فى مجال الشعر وعلى استيحاء بعض النماذج الروائية لعميد الرواية العربية . نجيب محفوظ .
ومع ان هناك بعض الاهتمام من قبل البعض وبخاصة فى المغرب العربى فان هذا الاهتمام محصور بما تفرزه الثقافةا لفرنسية والفكر الفرنسى وهذا ما نجده لدى البعض فى بلاد الشام وبخاصة فى لبنان وسوريا والماساة كما ذكرت ان بعض الدراسات والترجمات العربية لبعض النظريات والمدارس النقدية تظهر بعد خفوت هذه المدارس وتحولها الى اثر للماضى الذى ولى . لان حركة الادب والفكر لا تعرف الجمود والتوقف لذا فان التيارات تتعاقب تيارا أثر تيار تطرح افكارا جديدة وتفند الاراء السابقة ومع هذا فاننا كعرب مع الاسف اكثر شعوب الارض بعدا عن متابعةهذه التيارات وملاحقتها واذا كنا هنا لا نرصد التحولات ولا تاريخ الترجمات فاننى قد وجدت الاختلاف الواضح فى التفاسير المختلفة وايضا فىا لترجمات المختلفة فى فهم واستيعاب المدارس المختلفة والقارئ يجد نفسه محصورا بين غموض المنظر الاصلى والمترجم الذى لم يستطع ان يوصل الفكرة بامانة هذا بالاضافة الى تاخير الترجمات ما ذكرت فاولكتاب فى الاسلوبية قد نشر فى دمشق على سبيل المثال تحت عنوان مقالات فى الاسلوبية عام 1990 م بقلم الدكتور منذر عياشىوهذا ينطبق على ترجمة الدكتور عبد السلام المسدى عند تقديمه لترجمة الاسلوبية
ان الباحث الرعبى حقيقة يصدم عندما يجد ان الترجمات العربية لمعظم مدارس النقد الادبى لا تتواكي مع ظهور هذه المدارس فالدراسات التى نشرت عن الشكلية الروسية ومدرسة النقد اللمانى ومدرسة جنيف ومدرسة التحليل النفسى وعلم الاجتماع قد وجدت فوق ارفف المكتبات بعد انتهاء دور هذه المدارس وظهور مدارس اخرى ظهرت واحتلت مكانها على الساحة الادبية والفكرية وهناك ملاحظة جديرة بالاهتمام ان الترجمات المختلفة للكتابالواحد وبخاصة فى تفسير وشرح بعض اتلمدارس النقدية الحديثة تتعرض للتشويش من جراء عدم الفهم اولا واللجوء الى الترجمة الحرفية وقد نضيف ايضا عدم الترجمة من الاصل فبعض المترجمين لا يقومون بالترجمة من النص الاصلى ولكن يقومون من خلال لغة اخرى اى لغة وسيط كان يقوم باحث ما بالترجمة من اللغة الانجليزية الى العربية لمدرسة نقدية تتبع المدرسة الفرنسية او الالمانية فى الادب والفكر وهنا نجد ان هذه الترجمات لا تمنح القارئ فهما لابعاد المدرسة النقدية او تقدم له الصورة الكاملة للاراء المقدمة من خلال واضع النظرية او المنهج .
يحاول الباحث العربى ان يواكب العالم من خلال اهتمامه الجدى واالامحدود بما تطرحه المطابع ودور النشر فى اوربا وامريكا خاصة وان بعض النقاد العرب اصبحت لارائهم صدى طيبا فى الاوساط العليمة والفكرية ونخص بالذكر البروفسور ادوارد سعيد كما ان الشاعر العربى ادونيس ينظر اليه الفرنسيون باعجاب وتقدير ولكن مع هذا فاننا نحاول ان نصل من خلال اهتمامنا اللامحدود بالفكر الانسانى الىخلاصة تجارب الاخريين فى مجال الابداع الانسانى وبعد فانه اذا كانت البنيوية وما بعدها قد اخذت دورها الهام والمؤثر فى تطوير نظريات الادب ومناهجه فى اوربا واميركا فاننا بصدد اشكالية تطوير عالمنا العربى واحتياجنا اللازم الى اعادة النظرؤ فى كل تراثنا الادبى والفكرى ان نقتدى بهؤلاء ونحاول عن طريق العلم تاصيل تلك التيارات علنا نكشف او نكتشف لنا نهجا جديدا نعيد الهوية الى الادب والفكر والفن والابداع العربى عموما .
الهوامش
1 ) علامات في النقد – الجزء الثالث والعشرين – المجلة السادسة – مارس 1977 السعودية مقال بقلم ( عبد الوهاب الحكمي ص 324 وأيضا مجلة التوباد العدد السادس عشر أغسطس 1994 السعودية مقال بقلم الدكتور منذر عياشي رولان بارت ص 98 .
2 )البنيوية وما بعدها – عالم المعرفة العدد 206 الكويت فبراير 1996 مقال مالكولم بوي ص 974 .
3 ) النقد الأدبي في القون العشرين ( مثال في ) جريدة الوطم القطرية الأدبي العدد 458 ديسمبر 1996 ص 7 والمقال تلخيص الكتاب جان ايف تادبيه – ترجمة منذر العياشي .
4 ) ابراهيم زكريا مشكلة البنيه مكتبة مصر القاهرة 1990 ص 111 .
5 )المصدر السابق – ص 121 .
6 ) المصدر السابق – ص 20.
7 )أحمد محمد المفتوق مفهوم الاسلوب مجلة التوباء العدد 15 1993 المملكة العربية السعودية ص 4 .
8) المسدي عبد السلام الأسلوب والأسلوبية دار الكتاب بيروت 1992 ص 48 .
9 ) عياشي منذر مقالات في الأسلوب اتحاد كتاب العرب دمشق 1991 ص 1 .
10 ) المسدي عبد السلام – مرجع سابق ص 108 .
المراجع : أولاً الكتب :
1 – نيوتن .ك . م . نظرية الأدب في القرن العشرين ترجمه د. عيسي على العاكوب عين للدراسات البحوث الإنسانية والاجتماعية القاهرة 1995 .
2 – سلدن رامان النظرية الأدبية المعاصرة ترجمة د . جابر عصفور دار الفكر للدراسات والنشر والتوزيع – القاهرة 1990 .
3- بروكر بيتر الحداثة وما بعد الحداثة ترجمة عبد الوهاب علوب المجتمع الثقافي أبو ظبي الإمارات 1995 .
4 – خفاجي محمد عبد المنعم مدراس النقد الحديث الدار المصرية اللبنانية القاهرة 1995 .
5 – فراي نورثرب تشريح النقد ترجمة محمد عصفور منشورات الجامعة الأردنية عمادة البحث العلمي الأردن 1991 .
6 – زكي أحمد عبقرية الإخراج المسرحي – المدارس والمناهج – الهيئة العامة للكتاب القاهرة 7 – غولدن لوسيان يون باسكادي جاك لينهارت جاك دوبوا جان دوفينو و آخرون البنيوية التكوينية والنقد الأدبي ترجمة محمد سبيلا مؤسسة الأبحاث العربية بيوت 1986 .
بواسطة admin • 09-متابعات ثقافية • 0 • الوسوم : العدد التاسع, حسن رشيد
يناير 25 2010
الغــربة ……………………….. حسن رشيد
الغــربة
حسن رشيد
كان البهو مكتظاً بأبناء المنطقة – ولا يمكن تحديد الكلمات المتناثرة من جميع الأفواه .. والمناقشات تدور حول مواضيع شتي .. ورائحة الدخان تختلط برائحة الأجساد .. والحر في الخارج لا يطاق اما هنا فالأمر مختلف .. الوجوه ملامحها تحمل اليك دلائل المعرفة .. والأصوات تعلو .. ” هابو فلان ” كنت أتطلع بعد لزيارة الوالد في المستشفي ، كما أنني أبحث عن شخص يرافقني في محنة الزيارة … فجأة دخل من الباب – كتلة من اللحم .. عذراً لا أتذكر ملامحه جيداً ولكن ما أتذكره جيداً كتلة من اللحم المكتنز .. تأملته .. وجدته يتأمل الجالسين .. يلقي ببصره ذات اليمين وذات الشمال .. قلت في سري لو بقي فترة في هذا المكان فستحدث كارثة – أنه في حاجة إلي كمية مضاعفة من الهواء النقي نعم فهذه الكتلة من اللحم والشحم والمسمي تجاوزاً بالإنسان صورة من المسخ الخرافي ، تأملته مرة أخري بشكل خاطف .. فوجدته واقفاً في مكانه … يتطلع هنا وهناك .. ينظر في وجوه الجالسين والقادمين والخارجين أشاح البعض بوجهه بعيداً عنه تطلع إليه البعض الآخر بفضول ولكن الجميع واصلوا حوارهم المعتاد ..
كان عامل الفندق يتحرك بالدلة وفناجين القهوة العربية والأصوات أيضاً كالعادة تتناثر وتختلط بجمل مبتورة لا يمكن التكهن بمضمونها .
– هل اشتريت دهن العود ؟
– حتي الآن لم أكمل بناء المسجد .
– الرشوة في كل مكان !!
– لا أعتقد أن هناك فقراً أكثر من هذا ؟
– لا يصدقون في مواعيدهم .
– زوجتي أوصتني بثياب نشل .
– الزري مضروب
كان القادم الخرافي قد تربع في ركن من أركان البهو تأملته ، قلت في سري ” الوجه مهب غريب ” هذا الوجه سبق وأن التقيت به شاهدته .. ولكن أين ؟
لا أدري .. أصبح شاغلي الوحيد … من هو ؟
تطلع إلي .. ثم رفع عقيرته ” يا ولد ” انطلق إليه الموظف تحادثاً قليلاً كنت أتمني من باب الفضول أن أسمع حديثهما .. آه .. تذكرته الآن … تذكرته جيداً .. أشحت بوجهي عنه .
تحرك من مكانه .. أصبح يقترب مني ، ولكن البهو مكتظ بأهل المنطقة ولا مكان وله وسط هذا الجمع – كرنفال خليجي رائع .. كرنفال من الملابس والأزياء .. عجوز قد قارب علي النهاية يرتدي قميصاً مزركشاً والسواد يغطي بقايا فورية عجوز آخر يرتدي حذاء رياضياً وبنطالاً من الجينز البعض الآخر كان أكثر حرية فستخلص من الملابس وارتدي الأوزار وتربع في البهو يرتشف فناجين القهوة العربية ويتحلي بالثمر .. هل هؤلاء أبناء المنطقة ؟ البعض قد قد ارتدي الثياب العربية وخلع العقال والغترة .. كان يشق طريقه بصعوبة .. وكنت أحس أن الجميع لا يريدون أن يفسحوا له مجالاً للحركة .. وأنا لم أكن أرغب في الحديث معه .. ولم أكن متأكداً من وصوله إلي مكاني – انطلق أحدهم بجلابيته .. وجلس معي .. أحسست أن الأمر مقصود – مازح العامل بكلمة أجنبية فرد عليه العامل بجملة من الكلمات التي نحفظها ” أشلونج ، واجد زين ، منتاز ، الله يغطيك قوة ” .
وكلمات أخري مبهمة – وضحك وتركنا – كان القادة يشق طريقه بصعوبة نحوي ، هكذا تخيلت للمرة الألف .. كان العمال يتطلعون إلي بعضهم البعض ويرسمون علي شفاهم ابتسامات السخرية ها هم الآن يصفون حساباتهم في وجود هذا الكائن المسمي تجاوزاً بالكئن البشري ، الآن وجد بغيته ، تربع علي أول مقعد تطلعت إليه نظر إلي رفع يده بالتحية ترددت قليلاً في الرد .. ثم ابتسمت لكزني الجالس بقري بكوعه ..
– ماذا تريد منه ؟
– لا شئ ..
– إذا لما تسلم عليه ؟
– الواجب أن أرد عليه .
– دعك منه أنت غشيم
– لم ؟
صمت مرة أخري تساءلت في صمت وفي حيرة في آن واحد .. لماذا انشغلت بوجوه الرواد في البهو .. ولم أعط الموضوع أهمية ولم أطرح السؤال الأهم من هو هذا الكائن ؟ لم يجد استجابة من أحد .. مازح أحد العمال ، وأنا أرقبه من بعيد فهرب العامل تحرك بشكل مفاجئ لا استطيع أن أصف حركته .. زلا كيف كان يمشي يميل ذات اليمين وذات الشمال تخيلته مركباً في عرض البحر .. لا .. إنه أقرب إلي بندول الساعة وقف عند عامل الاستقبال .. أخذ مفتاح غرفته وتحرك .. استبد بي الفضول .. قلت دون أن أتطلع إلي عيني صاحبي ، هل تعرفه” ؟
– لا .. ونعم
– هل هذا لغز ؟
– لم تريد أن تعرف ؟
– من باب الفضول ؟؟
– أنه مأساة .. يأتي في كل عام أكثر من مرة .. ليؤكد أننا الأسوأ .. يترك مع الأسف انطباعاً سيئاً لدي هلاء القوم ..
– لماذا ؟
– قصته قصة طويلة ..
– ما أكثر القصص التي تروي عن النصاب
– يا سيدي دع الخلق للخالق
– ولكن الكل يعرفه .. هذا ما شعرت به
– يحضر في كل عام كما أخبرتك أكثر من مرة .. ولا يرضي بغير هذا الفندق بديلاً
– هل هو من أبناء المنطقة ؟
– نعم ” وصمت ” .
استبد بي الفضول أكثر .. التفت إلي جليسي وبادرته بقرار .. لابد وأن أتعرف عليه ، من هو ؟ وماذا يفعل ؟ أزداد صمته فقلت مسترسلاً ” قرأت في عيون البعض نظرة الاشمئزاز منه ” قال بشكل مبتور .. وستقرأ في عيون البعض الىخر نظرة الشفقة واللامبالاة في آن واحد .. تشجعت وأردفت قائلاً ؟
– ما قصته ؟
– دع الخلق للخالق ، ولكن قل ما روايته بالأحري .
– سيان
– ألا تلاحظ .. أنه رجل غريب الاطوار .. دعنا منه
– لا … أريد أن أعرف عنه شيئاً
– وماذا ستعرف سوي أنه لا يخرج من هنا في كل موسم إلا بفضيحة .
– يا سيدي هذه الكلمة كلمة فضفاضة هل هو نصاب ؟ هل هو حرامي ؟
– لا .. بل هو رجل ثري .. تصور يأتي في كل موسم يحاول أن يمارس فحولته يرتبط بالفقيرات . وأمام عجزه يخترع في كل موسم قصة جديدة في الموسم الماضي وقد كنت حاضراً شهدت إحدي قصصه ، أراد أن يسترجع ما دفعه فاتهم أحد أفراد الأسرة الفقيرة بأنه قد أستولي علي بعض نقوده ..
– تقول ثري .. وملابسه رثه !!
– الثراء شئ يا سيدي والبخل شئ آخر ..
– لم تكمل القصة .. قصة ارتباطه بالأسرة الفقيرة .
كنت شاهداً عل يالواقعة وكان الحل بيد أهل الخير الذين جمعوا بعض التبرعات وأعطوه فحصلت الفتاة علي حريتها .
– حتي الآن أنت تدور في حلقة مفرغة .. لماذا بحاول الجميع هنا أنيتجنبه .. ؟ هذا هو السؤال فهو حر في بخله .. وفي ارتباطه .. أنا منذ أن حضرت .. أري علامات الاشمئزاز ترتسم فوق الوجوه .. لماذا ؟ هذا ما أريد أن أعرفه ..
” ولم ” قالها صديقي الجالس .. حسناً كان أول تعارف بسيط بيني وبينه عندما أحضرت والدي للعلاج احتوتني الغربة وآلام والدي التقيته في بهو الفندق بعد بعض المقدمات المتعارف عليها .. دعاني إلي غرفته وكالغريق تشبثت به .. تجاذبنا أطراف الحديث طلب مني البقاء معه .. ولكني استنكرت الامر .. فأنا لم آت هنا لشم الهواء ولكني مرافق لوالدي وجدت فيه مارابني .. انطلقت إلي البهو .. تطلع إلي الجميع .ز قرأت في بعض العيون علامات الاستنكار لم أعط الموضوع أهمية إزداد اللغط اكتشفت وبالسوء ما اكتشفت بعد حين أنني قد خلقت بتلك الزيارة العابرة لغرفته صورة قاتمة عن كينونتي !! نسيت أن أقول ، كان قد طلب مني البقاء معه في غرفته وترك والدي في المستشفي ولكن لا أدري لماذا رفضت ؟ وكلما أصر علي هذا أزددت رفضاًً .
في الصالة اقترب مني كنت أقرأ كما قلت لك في عيون العمال وابناء المنطقة تلك الابتسامة الغربية واكتشفت السر بل قد توصلت إلي حقيقته المرة كرهت التطلع إليه وقررت إنقاذ الآخرين من براثنه . فهو يلاحق الزوار ويعرض خدماته وكلما حاولت أنت أو غيرك الهرب منه .. اقترب أكثر وأكثر .. بلا شك هو مريض .. وفي حاجة إلي العلاج .. صمت صاحبي طويلاً .. هل تعرف لماذا احتقره .. أنا لا أكرهه .. ولكني احتقره .. انشغلت بعلاج والدي في المستشفي . كنت أغيب لفترات طويلة عن الفندق وانقطعت صلتي بعلاج والدي ليلة وكنت مرهقاً لم أصح إلا علي صوت صراخ قمت فزعاً فتحت باب غرفتي وجدت الأجسام تتلاطم كان المسخ يقف عارياً في الممر كان السكر قد لعب به فانطلق من غرفته ونسي المفتاح أصبح يدق الأبواب .. تهرب منه الجميع .. خجلنا جميعاً وقف بلا مبالاة .. وكأن الأمر لا يعنيه .. مدير الفندق حاول قدر المستطاع أن يلملم شتات الموضوع .. والعامل الصغير كان يرتعد في بهو الفندق .
بواسطة admin • 04-نصوص قصصية • 0 • الوسوم : العدد الاول, حسن رشيد
أغسطس 26 2014
الروائي عبده خال ولقاء الجسرة …………………. حسن رشيد
الروائي 0000 عبده خال ولقاء الجسرة عرض الدكتور حسن رشيدناقد وكاتب قطري كان اللقاء في الصالون الثقافي في نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي ذا طابع خاص , ذلك أن الحضور قد تمثل في عشاق الابداع السعودي متمثلا في الروائي عبده خال الذي حصد جائزة البوكر عبر روايته ( ترمي بشرر ) وكنت المنوط الي تقديم هذا الروئي في جلسة ضمت ايضا الناقد الدكتور / سحمي ماجد الهاجري وبحضور وكيل وزارة الثقافة والاعلامي السعودي / ابو بكر باقادر وسعادة السفير السعودي الاستاذ / أحمد القحطاني وجمع من عشاق الادب من ابناء هذا الوطن والاشقاء من المملكة العربية السعودية مشاركة من الاشقاء في اكتمال عقد الحضور العربي في الاحتفاء بالدوحة كعاصمة للثقافة العربية . بدأت هذه الندوة عبر الكلمات المختصرة لمقدم اللقاء دكتور حسن رشيد حيث قال نجتاز هنا في دول المنطفة الكثير من الصعاب لتقديم الزاد للاخر ذلك أن الاعتقاد السائد لدي الاخر ان الخليج لا يحفل بالمبدع ,انه يعتقد اعتقادا راسخا ان الخليج فقط نفطا وغازا وهذا الظن او الاعتقاد يخلق فجوة بيننا وبين الاخر ولكن في هذه الامسية يسعدنا في نادي الجسرة ان نقدم مرجعا من هنا من الخليج حصد اكبر جائزة عاليمة ونعني جائزة ( البوكر ) أنه عبده خال هذا المبدع الخليجي المهموم بقضايا الانسان والمجتمع وهو يسعي لاستمرار ان يقدم معاناة الانسان داخل واقعنا الخليجي من هنا فأن هذه الجائزة وسام علي صدورنا جميعا 0 الروائي الكبير عبده خال رغم أن ( ترمي بشرر ) قد اثارت الكثير من اللغط والنقاش ولكن اعتقد ان هذا الامر سيحفزك نحو المزيد من الابداع ذلك ان الواجب يحتم عليك ان تقدم لمجتمعك ثمرة فكرك وان تترك خلف ظهرك كل المفردات التي تخلق فجوة بين ابدعاتك وواقع مجتمعنا الخليجي العربي ولا تنسي ياصديقي انك امام فوهة المدفع وانا علي ثقة من قدرتك علي اجتياز كل الصعاب واذا كنت الان تمثل المرحلة المتوجهة من الابداع السعودي في مجال القص والرواية فأن ابناء المملكة العربية السعودية ممن سبقوه قد حملوا مشعلا موثرا في هذا الاطار فالرعيل الاول المتمثل في ( حمزة شحاته ، عبد القدوس الانصاري ، عبد الفتاح ابو مدين ، عزيز ضياء ، محمد حسن عواد وغيرهم ) قد كانوا جسرا لظهوركم بدءا من (غازي القصيبي ، محمد حسن علوان ، غالب حمزة ، تركي الحمد ، ابراهيم الحميدان ، محمد عبد الله المزيني ، وعبده خال وغيرهم ) ولا يقتصر الامر علي الرجال فقط , فقد كان لتاء التأنيث دورا هاما مثل ( سميرة خاشقجي ، رجاء عالم ، ليلي الجهني ، زينب حفني ، قماشة العليان ، ساره العليوات ، رجاء الصانع ، بدرية البشر ) وعشرات الاسماء سواء الاسماء الحقيقية او المستعارة مثل صبي الحرز ، وطفي الحلاج 0 ولقد تحمل عبء البحث وتقديم جل هؤلاء المبدعين نقاد حملوا مشعل الانارة لافكارهم واهم هؤلاء الدكاترة ( سحمي ماجد الهجري ، معجب الزهراني ، عبدالله الغدامي ، سعد البازعي ، عبد العزيز السبيل ، حسن النعمي وغيرهم ) بعد هذا الاستهلال من قبل دكتور حسن رشيد رئيس اللقاء تحدث عبده خال وقال ساعود بالذاكرة الي قريتي التي اثرت تاثيرا حقيقا في مثيرتي وجعلتني باحثا عن الكتابة انا ابن لامرأة تهيئ الجنائز لابنائها مع كل موسم مطر او مع كل جائحة مرض تعبر قريتنا تلك القرية التي كتبت عنها ومنها ( الموت يمر من هنا , منسية استقرت في جوف الوادي وفي الظلمة المعرفية بقيت تلك القرية هناك ، محاصرة بالامراض والامطار واهازيج الزراع ، وما بين الحصد والحصد ثمة لحظات انتظار طويلة ينتظر فيها الناس ماذا تلد لهم الارض في لحظات الاسترخاء لم تكن من نافذة علي الحياة سوي الحكاية : والحكاية بمفهومها الاسطوري لا الحياتي ، يبدو أن التعب اذا تغلغل في جسد المزارعين ليس من وسيلة لاخراجه سوي الحلم : والحلم من خلال الحكاية ذكرتني امي حينما كبرت ان اباها كان يردد ” يا كديد يا مكد يا مكدكد يا كتير النكد : لا شايبك يشيب ولا نايبك ينيب فين ( اين ) عبده فين أمنة فين حسينة ، وهؤلاء كانوا ابناؤه الذين رحلوا في يوم واحد عبروا طريق واحد الي المقابر بسبب الجدري الذي حصدهم دفعة واحدة هذه الام ودعت ايضا ستة من ابنائهم احدهم مات ضاحكا واخر مات بالحمي وهكذا حتي اذا جاء عبده كان له اخ اكبر اوصي أمه بأن تسميه عبد الرحيم ، وكانت تردد دائما يا عبد الرحيم يا صابر أن الله مع الصابرين : شخصية عبد الرحيم هي لسيد تقول الاسطورة ان قبره يتحرك في كل سنة بمقدار شبر حتي اذا قطع الفيافي وصل قبر الرسول صلي الله عليه وسلم قامت القيامة واراد أخي الاكبر الذي بقي هاربا من الموت ان تكون هذه الثمرة في بطن امه اسمها عبد الرحيم عندما نزلت الي هذا الوجود كان اخي الاكبر قد مضي ايضا واستقبلتني امي كشخصية ميتة سوف تلحق بباقي الاخوة عاجلا او اجلا ثم توالت الامراض تباعا علي عبد الرحيم ، ولكي ينجو من الموت ثمة طقوس وثنية كانت تمارس في القرية ، فقيل لها غيري اسمه لعله ينجو من الموت عبد الرحيم اصبح اسمه عبد اسود ، كنت داكن البشرة بين اخواني فكان يقال الاسود وحذف المقطع الثاني ليصبح الاسم عبد اسود ، ويبدو انني متخف من الموت بهذا السواد ، في تلك الطفولة كانت الوالدة تحلم بان يغدو هذا الذي بقي من ذكورها مقرئا في المسجد ، وكانت تصر علي ذلك عندما تردد أهزوجة /: وابني سرح يقرأ سرح بعبده قبلو ، ويا معلم علم ابني وهجو ( علمه التهجئة ) وان غوي ابني في امحر ( الحر ) لا تضرب ابني اضرب عبده : عبده المقصود في هذه الاهزوجة هو مرافق للمعلم وليس انا اوكلتني لسيدة لتعليمي القرأن قضيت ستة اشهر لم استطع تجاوز البسمله وكانت معلمتي تضربني ضربا مبرحا وتقول هذا لن يصبح الا حمارا ، ستة اشهر وانا اتهجئ البسمله ولم افلح ، وحين ايقنت معلمتي انني ساغدوا حمارا اوصت امي بأن تهتم بعلفي كي استطيع تحمل صلافة الحياة في تلك الطفولة الاولي يتحول الليل الي نافذة مفتوحة للحكاية ينسي الناس تعبهم ويجلسون بقرب نافذة الحكايات ثم تتفتح هذه الحكاية من خلال امراة ترويها وكل ليلة ثمة حلم جديد وعبور من خلال الحكاية من الجنيه التي ترق الي حال البطل وتنقله من حال الي حال الي خاتم سليمان الي البساط السحري ما اذكره ان تلك المراة حين كانت تحكي كانت تفرض صمتا عميقا علي الحضور الحكاية هي سيدة السلطة واستشعر ان عندما تحكي علي الاخرين ان يصمتوا وكان الصمت مقدسا لا يستطيع احد ان يخترق الحكاية واي شخص يتحدث اثناء الحكاية يبعد عن المكان لانه تجرئ علي سلطة الحكي تقوض حلم الوالدة ان اصبح مقرئا للقرأن ثم قست الارض كثيرا وهجرة السماء للارض طويلة تسببت بموت كثيرا من الاراضي والحقول فكان لابد من الرحيل لامرأة تحمل علي عاتقها ان الرجل والمراة في أن ، انتقلت الي جدة فاذا بحلمها يتحول الي أن يصبح عبده نجارا اوكلت مهمة تعلم النجارة الي النجارين في الحي واذكر المنشار الذي اكرمه وكنت كلما اريد خشبة اتجرا علي جزء من جسدي ثم عملت لحاما وحدادا 0 ويبدو انها عادة لدي اهل الحجاز في اعطاء الفرصة للبنين ليتعلموا كل شئ وكانت الاجازات في جدة مجالا ليرسل الاهالي اولادهم ليتعلموا منها في الحجاز مفصل أخر هو الحكواتي الذي كان في المقاهي ولاحظت ايضا تلك السلطة التي يمتلكها حين يفتح كتابه ليروي سيرة عنترة او الزير سالم او راس الغول فيتحول المجلس الي اصغاء تام ولا يستطيع احد ان يعارض وجوده 0 انها سلطة الحكاية مرة أخري 0كانت اول تجربة لي للامساك بهذه السلطة حين جمعت اطفالا اصغر مني سنا وبدأت انشئ لهم مسرحا أنا الكاتب والمخرج والممثل 0 ومن هنا بدأت استشعر أن الحكاية هي كيف تستطيع ان تقنع الاخر حين تكون باثا لها 0 في تلك السن تعرفت الي سوبرمان وبدأت احلامه تراودني ليس علي مستوي ان تكون خارقا بجسدك وقوتك بل من خلال اقتراح حكاية تمنحك تميزا ما 0 وايضا مردها الي الطرف البيئي الاجتماعي في الحجاز 0 وخاصة ان ابناء الطبقات الفقيرة لا يستطيعون شراء اعداد مجلة سوبرمان فيتبادلونها فيما بينهم 0 ايضا ممكن ان تتحول الي مستثمر حين يكون لديك كمية كبيرة من هذه الاعداد وتؤجرها يوميا 0 اكتشفت الكتب الضخمة عند الوراق وبدأت اتجرأ علي اخذ غير سوبرمان ووجدتني اقرأ اول كتاب وهو ( تلبيس ابليس ) وفيه الاسطورة التي راودتني منذ الطفولة كتاب كنت اقرأه في اوقات كثيرة واتخيل ذلك العالم السحري الذي خرج منه حاملا اسطورة دينية وبالتالي كان المجمتع المتدين يبارك ان تقرا في هذا الجانب والاسطورة التي يتوافر عليها ( تلبيس ابليس ) من القوة بحيث تؤسس تلك الذاكرة المنطلقة لطفل يبحث عن سوبرمان الذي استطاع ان يحكي الحكاية واذ بي من خلال هذا الكتاب اتسلل الي ” بين مدينتين ” ” والبؤساء ” و ” بائعة الخبز ” و ” الجريمة والعقاب ” لم اقرأ رواية عربية قبلا 00 اصبحت لغتي هي ما اتميز به بين اقراني واصبحت كاتبا في الحارة لشعارات الفريق 0 وتجرأ احدهم وطلب مني ان اكتب لحبيبته لكن كانت اخطائي الاملائية كبيرة جدا وبالتالي فهمت الحبيبة فقط نصف الرسالة 0 واذكر الي الان انني كتبت شعارا لفريق الحارة ويبدوا انهم ارادوا ان يحتفظوا بخطئ شنيع ارتكبته ومازال موجودا في احد الازقة وهو ” يعيش الكافح ” بدل ” يعيش الكفاح ” الرواية العربية قرأتها في الاول وجاءتني هدية من اخي لأمي احضرها من القاهرة وتعرفت الي محمد عبد الحليم عبد الله , والسحار, وتوفيق الحكيم ، ونجيب محفوظ ، وطه حسين ، والعقاد 0 كوني ذكرا في اسرة مكونة من فتاتين وام جعلتني مسؤولا عن احضار كل مستلزماتهن الحياتية 00 كان يدفع بي في تلك السن المبكرة ان اذهب الي السوق لشراء السمك وغيره كان كل يوم يعني ان اتعامل مع بائع او عابر سبيل في هذا المشوار الطويل 00 وكل يوم لابد ينطوي علي حكاية مع اناس تعترك معهم وتكتشف شخصيات تنبع من الشارع 00 وكانت مدينة جدة تتحول الي كرنفال في ايام الحج حينما يسيح الحجاج في شوراعها 0 فتلتقي ثقافات واجناس مختلفة 00 هذا عالم مؤثر 00 وكنت اقطن في شارع الميناء وهو قريب جدا من مدينة الحجاج 00 وكنا نقوم بالتواصل معهم لتقديم الماء والبيع والشراء 0 هذا الطفل الذي تنبأت المعلمة انه سيصبح حمارا وببركة المداومة في المدرسة اذ بي انجح في الثانوية وادخل الجامعة 0 والدتي كانت لا تنسي ان ثمة من كسر حملها في ذلك الطفل واذكر انها جهزتني حتي اعود الي القرية وهي المرة الاولي التي اعود اليها بعد ان غادرتها اشترت هدية واصرت ان اذهب الي معلمتي وان ابلغها تسلم عليك عايشة وتقول لك الحمار دخل الجامعة الان اكتشف ان الحمار هو لقب علي الانسان ان يحمله اذا كان جلدا صبورا والرواية تجعل منا حميرا ” الموت يمر من هنا ” ( الرواية الاولي ) لو لم اكن امتلك صبرا وجلد الحمار لما كنت كتبتها ، اذا قضيت 11 عاما حتي انجزتها 0 في سن مبكرة كتبت اول قصة قصيرة كان عمري 17 عام وكنت اريد ان اجرب الي اي مدي استطاعت ان امتلك سلطة الحكي فوجئت انها تنشر باحتفاء وتمثل في الاذاعة السعودية بوصفها نموذجا من الادب السعودي لكن هذه الفرحة الغامرة لم تستوطن الفؤاد لانني كتبتها باسم انثي نيفين عبده ويبدوا ان اسم الانثي هو الذي مكنها من ان تحتل ثلاثة ارباع الصفحة ويحتفي بها في الاذارعة . اتصلت بالاستاذ السباعي عثمان وقلت له انا نيفين عبده صخب الرجل وقال انك هكذا ضللت النقاد ويبدوا انني ضللت السباعي عثمان رحمه الله ارسلت له فيما بعد قصة باسم عبده خال وكنت اظن انني اكتب قصة جديدة كان البطل قطا يرقب الحارة ويروي ما يحدث في كل بيت ، انتظرت عشرة اسابيع وجدت ردا في اسفل صفحة الادب في جريدة المدينة يقول عبده خال ارجوا المحاولة مرة اخري فانت لا تعرف لغة الحيوان والقصة مهلهلة وعليك ان تراجع كتاباتك 0 عندما اردت ان افرح مع اقراني بالقصة التي نشرت باسم نيفين عبده واذا بي اتحول الي مسخرة اتجهت فيما بعد الي كتابة الشعر وكان مكسرا وسخيفا واستمررت في الشعر والخواطر وفي جريدة الشرق الاوسط كنت ارسل الي بريد القراء في كل اسبوع قصيدة وجدت ان معدتهم لم تحتمل هذا الضغط الشعري فلجأت الي مجلات وجرائد اخري حتي اذا التقيت السباعي عثمان في جريدة عكاظ التي انتقل اليها مديرا للتحرير قال لي اذا ارادت ان يكون لك شأن اكتب القصة ودع الشعر لاهله ومن ثم قدم الدكتور حسن رشيد المعقب الدكتور سمحي ماجد الهاجري الذي قدم العديد من الدراسات والبحوث الجادة بجانب دوره الاكاديمي ويعتبر احد ابرز مؤسسي اعضاء حلقة ( حوار ) والباحث الدكتور الاكاديمي اثري المكتبة النقدية بالعديد من الكتب الهامة منها علي سبيل المثال لا الحصر 1 . سجال الخطابات ( قراءة مختارة في الادب السعودي 2 . القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية 3 . جدلية المتن والتشكيل ( الطفرة الروائية في السعودية وبدأ بعدها الدكتور سحمي التعقيب علي اعمال الكاتب الروائي عبده خالبسم الله الرحمن الرحيم طاب مساؤكم بكل خير ومرحبا بهذا الحضور المبهج في نادي الجسرة الادبي الثقافي هذا النادي الذي يمثل جسرا بين المبدعين والمثقفين في دولة قطر العزيزة وجسرا بينهم وبين الابداع والثقافة سواء في محيطهم الاقليمي او فيما هو ابعد من ذلك وبما ان هناك العديد من الدراسات عن الرواية السعودية فسوف اكتفي هنا بالتركيز علي روايات الاستاذ عبده خال الفائز بجائزة البوكر الدولية للرواية العربية هذا العام ومن محاسن الصدف وجميل الموافقات ان يتزامن هذا الفوز مع الاحتفال بدوحة العرب عاصمة للثقافة العربية وهو امر لن ينساه عبده بالتاكيد سوف احاول في لمحات سريعة ان ندخل معا الي عوالم رويات عبده خال حسب تسلسلها الزمني فأنا تربطني بعبده خال علاقة طويلة ولمن لا يعرفون ذلك في ورشة النادي الادبي بجدة ثم في نادي القصة وبعد ذلك اسسنا معا جماعة حوار جدة عام 2003 مع الدكتور حسن النعمي والاستاذ علي الشدوي عبده خال كائن سارد كائن يخترق الحكايات والمواقف ويعيد كتبابتها برؤية جديدة ويجيد نسجها وتوظيفها بدأ باصدار مجموعات قصصية متميزة منذ نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات ثم اصدر روايته الاولي الموت يمر من هنا عام 1994م وكانت هذه الرواية اضافة الي رواية غازي القصيبي ( شقة الحرية ) اذا انا في بداية عصر جديد في مسيرة الرواية السعودية المعاصرة اذن عبده خال حضر منذ بداية الطفرة الروائية السعودية وكان احد مدشنيها وبعد ذلك كون لنفسه معتمدا روائيا لعله الاقوي بين جميع الروائين والروائيات السعوديين من خلال اصداره لسبع روايات اصبحت معروفة او متداولة علي المستوي العربي والعالمي خاصة بعد فوزه بالجائزة وهذه الرويات هي الموت يمر من هنا عام 1995م , مدن تأكل العشب عام 1998م , الايام لا تخيئ احدا عام 2002 م الطين عام 2002 م , نباح 2003م , فسوق 2005م , ترمي بشرر 2009م ومما يميز عبده خال انه موهوب ومتمكن من ادواته السردية وواع بشروط الكتابة الروائية وفضاءاتها الواسعة والامر الثاني انه شخص دؤوب لا يكل ولا يمل من الكتابة , الامر الثالث أنه متطور في امتلاك الاداة والرؤية للموقف واتضح وعي عبده خال بشروط الكتابة الروائية منذ روايته الاولي لتعدد اصواتها وحواديتها مع سياقاتها التاريخية والثقافية والاجتماعية وكم الخطابات والنصوص المتخللة ” بحسب عبارة باحثين التي يدمجها في نسيج النص الروائي ويوظفها لاثراء المحكي الاساسي للرواية في هذا العمل داب عبده خال علي استعادة جزور المتغيرات من اقصي تلافيف الذاكرة الشعبية والحكايات الشعبية في منطقة جازان بجنوب المملكة وما تمثله من عمق انساني لتعود جزءا من الذاكرة الجماعية علي مستوي الوطن وما تمثله من اتساع كان البطل يقوم بدور المراقب عندما يطمر جسده في الارض ولا يظهر الا رأسه ليراقب والي القلعة وشيخ القبة ويرصد افعالهم المناقضة لاقوالهم وتحويل نتيحة المراقبة الي مدونة تواجه مدونة السلطة وكتابة تخص اصحابها في مواجهة كتابة السلطة يقول ( موتان ) لأمه لماذا السوادي يمتلك كل شئ والقرية لا تملك شئا ؟فترد عليه الذي يمسك بالقلم لا يكتب نفسه في زمرة الاشقياء فيقول من يومها قررت ان اتعلم وتمثل شخصية ( شيرين ) في الرواية ذاتها نوعا من استنباط ضرب من الوعي لمقابلة الظلم الاجتماعي من خلال تجريد شخصية وظيفية تكون بمثابة بقعة ضوء وسط الظلاموفي رواية ( مدن تأكل العشب ) نجد قصة الفرد المهمش المسحوق الذي يسكن الاحياء القزرة ويعمل في الوظائف الحقيرة انها شخصية تعيش في المدينة فتزيد ضخامة المدينة ضالة الفرد وسحق احساسية ومشاعره وتطلعاته ولهذا يشن الراوي هجوما مفزعا علي المجتمع وفي هذه الرواية تبدو مخاتلة الواقع الاجتماعي من خلال المقاطع التفصيلية الطويلة يقول السارد ” احترم كل تجربة انسانية وامنحها حسن الظن ومع هذا الايمان فان ما كتبه المؤلف المجهول من الفاظ لا اقبله وارفضه جملة وتفصيلا وانبه القارئ العزيز ان ما كتبه المؤلف المجهول في هذا العمل لا يمثل رايي البته لذلك فانا اتنصل من كل تلك المقولات التي جاءت علي لسان الراوي المجهول ” وفي رواية ” الايام لا تخبي احد ” ترصد جل القرية والمدينة وتحكي قصة الذات الفردية القادمة من القرية الي المدينة وهي تحاول الانتماء الي المدنية ولكن وهم الانتماء يتحول الي مجرد اختباء حين تكشف الايام هشاشة وضعها تقول الذات الساردة سنون طويلة قضيتها هنا دخلت الحي غريبا وعندما ارتوت جزوري بهوائة وناسه ازهرت الحياة في اوردتي وخلعت اوراق الخريف وبدأت انمو كنخلة اطمأنت لموقعها فارسلت جزورها الخضراء وعندما نظرت الي اعلي لم تجد عصافير تشقشق فرحا باستطالتها فلم تيأس وانتظرت مجئ المواسم القادمة وتمر الايام وتعبر المواسم كانت المواسم تقبل وتدبر غير مكترثة بانتظاري فاكتشفت ان الربيع لا يتوقف من اجل نبته تتعلم النمو والاخضرار اما رواية ” الطين ” فقد اخذت مسارا مختلفا وركزت علي الجوانب النفسية والفلسفية والبنية التركيبية في تقسيم الرواية الي قسمين كبيرين ينتهي القسم الاول حين يقول الدكتور حسين ” بطل الرواية ” من اراد متابعة حكاية هذا المريض فساعلمه بدم بارد انها انتهت ومن اراد اكتشاف الدمار الذي اورثني اياه مريضي فسجده في الصفحات المتبقية وهذا يفسر تقديم الرواية في مجملها داخل اطار عام يشبه الريبورتاج الصحفي من استفتاء اشخاص حقيقيين او مفترضين وادماجهم في متن الرواية باشخاصهم الحقيقية مع نبذة عن مؤهلاتهم العلمية والعملية وكسر الحاجز بين الرواية والربيورتاج الصحفي نقل الصيغة بمجملها الي افق اخر وعمق بنيتها الاساسية القائمة علي طريقة التشعب ولهذا فهي من النصوص التي تتفرع وتتشعب كالغابة لكنها تتيح لكل منا ان يجد ممراته الخاصة حسب عبارة امبرتوايكو 0 فراوية الطين تقدم مجموعة من الممرات الخاصة منها النفسي ومنها الفكري ومنها الفلسفي بداية من الوحي ونهاية بالعلم وتبدوا كأنها تقدم تفسيرا وتصورا خاصا بالذات والكون والعالم خاصة وان الفترة التي ظهرت فيها الرواية شهدت اقبالا علي مؤتمرات الاعجاز العلمي فصارت مقولتها الاسايسة في الزمن فهي تعيد تفسير الظواهر الغامضة تفسيرا زمنيا بطريقة ترتكز علي البعد الفلسفي للزمن ومقولات انكماش الزمن في ظل معايير القياس الجديدة وتتقاطع مع ما ذكره الدكتور احمد زويل في كتابه عصر العلم فعند الدكتوررحسبن ليست السرعة مجرد عكس للبطئ والتمهل بل هي طريقة للعيش والسكن في هذا الكون انها تحدد وجودنا من عدمه وهي التي تفسر لحظة النشوة حين نذوب ونتلاشي كي يصبح زمننا صفراء وهي التي تجعلنا نتصور حيوات متعددة بسرعات وترددات مختلفة فبسبب السرعة نحن نعيش في دوائر زمنية في امكنة ذات ترددات مختلفة وفي دائرة واحدة هي الحياة وفي رواية ” نباح” تعرض عبده خال الي حرب الخليج الثانية ونزوح اليمنيين من المملكة وملاحقة البطل لحبيبته التي نزحت مع النازحين ولكنه وجدها قد امتهنت البغاء وحملت سفاحا فطلبت منه طلبا اخيرا باسم الحب السابق ان يسجل نجلها باسمه فوافق وكانه يقول ان نجل حرب الخلج الثانية سجل باسمنا جميعا اما اباؤه فانهم جميعا اوغاد العالم الذين اهدتهم الرواية لعنة كبيرة وفي رواية ” فسوق ” يعود عبده خال الي الاشتباك مع الواقع المحلي مرة اخري مع قاعدة سد الزرائع ومع ثنائية المفاضلة ( اما ابيض اما اسود ) ولا مكان للوسطية او للنسبية كما طبيعة الامور يقول السارد في الرواية لم تعد مناكب الارض كما خلقها الله غدا كل فعل محرم وكل حركة مكروهة وكل نفحة غير مستحبة وفي الرواية فضح للضلالات المعرفية فاللغة مثلا التي هي في الاصل للايضاح تحولها الدعابة الحزبية الي الة للاسهام والتعمية وبالتالي فان علي السرد ان يبدأ ويستمر حتي يكشف الحقيقة التي سبق ان طمستها اللغة .يقول ” فواز ” اللغة تثبت الكذب علي كافة موجات المجتمع والكتابة تثبته مما يعني الحاجة الي كتابة مضادة يقول السارد الاول في الرواية ” جلست كمصور غمر قلمه الماء واخذ ينتظر انقشاع غبش الصورة كانت ملاحمها تتراقص تحت الماء الاقاويل شيئا فشيئا “0 وكان السرد هنا ضد اللغة واذا اخذنا شخصية البطل السارد في الرواية ( طارق فاضل ) مثالا فأن كثيرا من الاعمال السابقة كان السرد فيها يأتي من وجهة نظر الضحية او حتي من وجهة نظر الجلاد اما ( طارق فاضل )فهو جلاد وضحية فالوقت ذاته ولهذا يعتمد علي اللفظة لكشف ذاته ومجمتعه بصدق وليس بصراحة فقط لان تعريته الذات بهذه الصورة المقززة اقصي درجات الصدق هذه الاعترافات توصفها الناقدة اللبنانية رفيف صيداوي بأنها تشبه الاعترافات في الثقافة المسيحية التي ينزع الشخص فيها الي التخلص من عذابات النفس والضمير فاعترفات ( طارق فاضل ) تجاوزت بعض الروايات الخليجية والعربية التي تكشف المسكوت عنه وتسرد الخطايا القابعة في زوايا المجتمعات العربية لتنسج خطابا قائما علي بوح وتعر خالصين لجلاد تجاوز الخمسين واستفاق باحثا عن الانسان فيه بعد ان نحاه جانبا سنوات طويلة0 ومن خلال البوح الذاتي تكشف الرواية بعض عيوب المجتمعات العربية كافة عبر اطلالة نقدية راقية تستند الي ادوات السرد الفني بقدر استنادها الي ادوات التحليل الاجتماعي من تشخيص للوحدة المكانية وتحليل مكامن الخلل فيها وكل ابعادها الفيزيقية والتاريخية والاجتماعية وصولا الي رسم مصائر الشخصيات المحددة بالمستوي النفسي والاجتماعي اما رواية : ترمي بشرر فهي خير مثال علي ان التراكم الكمي يؤدي بالضرورة الي تطور نوعي فقد حضرت فيها جميع انواع السرود كما يريد النقاد واتضحت فيها مفاعيل هذه الخبرة الكبيرة في ممارسة كتابة الرواية وبقدر ما فرح به النقاد فلابد من الاشارة انها ربما تكون متعبة للقارئ العادي بل وصادمة ايضا ولذلك فقراءتها تحتاج الي صبر وتدقيق وتفهم لواقع الحياة ومن ان الطابع العام للرواية هو الطابع الميلودرامي ولكن يمكن ان ينظر لهذا الامر من جهتين اولا : ان طابع الواقع العربي طابع ميلودرامي اساسا وبالتالي فلا غرابة ان تفوز هذه الرواية الواقعية بالجائزة بعد ان ذهبت الجائزة في الدورة الاولي والثانية الي رواتين تاريختين ( 1- الغروب ) لبهاء طاهر و ( عزازيل ) ليوسف زيدان الامر الثاني أن حرفية الكاتب اخرجت الرواية من مأزق الرويات الميلودرامية الفجة التي تعتمد علي الصدق والمأسي والمفاجات غير المعقولة لأن الرواية مشغولة بحرفية شديدة فهمهمة الرواية كما يقول ميلان كونديرا هي تمزيق التيار الحاجب للحقيقة وكشف التمثيلات الاجتماعية المضللة والمعروف ان الشخصية الروائية الواقعية تعكس جوهر الواقع اكثر مما تعكسه الشخصيات الواقعية الحقيقية في واقع الحياة هذه لمحة سريعة عن روايات عبده خال وان كانت لا تفي بالتعريف عنها بالشكل الكافي ولكن ربما اعطت فكرة عامة عنها أشكر الجمبع علي حضور هذا اللقاء الذي لم يكن مجدولا ولكنه يدل دلالة اضافية علي نجاح هذا المهرجان الثقافي الذي سعدنا جميعا بالتواجد فيه
بواسطة admin • 09-متابعات ثقافية • 0 • الوسوم : العدد الخامس والعشرون, حسن رشيد, عبده خال