أنْثى …, ………………………. فاضل العبدالله

أنْثى …
فاضل العبدالله
كاتب من سوريا
(  لقلقٍ خمريٍّ تَكَلَّس في العَسَلِيِّ الدَّاكن
كان هذا العبث  المُقَدَّس من وراء حجاب  )
في البَدْء كان البدويّ .؟
راعٍ .. هاذٍ .. مقدس .. يكره الشِّياخة , موَكلاً بغسل  جِزَز الصُّوف  وترويض الأحصنة , يجفف خاثِر الدَّوابّ بهيبة حضوره الآسر, عالم بأنْساب الحِدآن والبُؤُوز والأيَايل . ليس من طبعه الاسْتِئناس  .. يناطح ” كليجة العيد ” بكباش أسنانه الفُلج , يا لفطرته التي ذبحت ” الكافي شوب ” فمع التَّمر مازال يحتسي اللَّبن البارد , يتعبَّد  بين الشِّعاب والوَعْر, يتعلم  مع الوشق أصول القَنْص  , يتجاهل زهرة البرقوق ويلتحم مع الشِّيح , يركض في براري الضَّوء (طافخ ) على حيله , لا توقفه قبائل قُرَيْش وهي تشَّكُّ  بالرَّبِّ , يريد تغيير العالم ويلفه تحت ردنه المحمّل بالحامض الحلو والدُروبَس . فدفئ الثوب يختزل حرارة الجسد مع أنه يحمل الحنان ذاته ..
” هذه سخافةٌ من كلاسيكيَّات الماضي . أشرب الكوكتيل حبيبي الملك  أو أذهب لقضاء الحاجة ”  ما أمتن وجه المفردة وأوقح معانيها , بعلم المَعْز العفريت والضَّأن الحيّ فتى هبوب العجاج يعيش في الظِّلِّ , لا أحد يهتم لأمره إذا حضر . اسمه يدّون على هامش دفتر الحياة عادة , خارج موكب التَّصْفيق , وفي الولائم لا يوضع أمامه رأس الذبيحة ولا أول من يشرب الفِنْجال ثم يكسره , بل من المحرّم جلوسه حتَّى في الصُفُوف الأمامية أثناء الدعوات الخاصّة والعامّة , ولم يكن يوماً الدَّريئة التي ترمى بالزهور أو ينثر فوقها الرُّزّ , ولا خطر في البال تحطيم الجرار عند قدميه لطرد بلاء العين الحسود . ولا البَخْت جلب له سيارة ” الليموزين ” الفارهة فتنزل منها سيِّدة اسْتَوَت أكثر من شمّام القَيْظ ..تنتشله من الوحل ..تلبسه البذلة السّوداء ,وبأناقة ” إيف سان لوران ”  تربط الببيونة على يافطة قميصه الأبيض ..ثم تدور به أمام أهل الزَّفَّة وهي تنظر إليه بارتياب مريح ..ناسية عُريها أمامه بعدما صار إكليلها لحصانه المجنّح رسناً . تصوّر بكلِّ بساطة حبيبته خطفها أحد الكهنة , أو بالمعنى الذليل هي التي تركت الحناء وذهبت للغطس في زيت الميرون , وأضعك بالصُّورة أكثر .. خرجت من دمعته ابتسامة باركت لها التعميد الجديد . وظلّ الصافن يفكر بإتباع دورة تأهله للاحتفاظ بالحبيبة قدر المستطاع أطول فترة ممكنة . هو هكذا لا يليق به الفرح , يتكلم دائماً عن إمكانية نهوض دول الطَّوْق للمرة العاشرة . ولنفس المرة  شخَّص دخان الحَرْمَل  للحظاتٍ  أبرد من البلاستيك .. فثغّت معه نِعاج غَوايته هائمة إلى الفلت الطَّبيعيّ الذي لا يضبطه قانون أهل السهول الخاضع لسيطرة لهجة أهل الجبال. إذْ لغيابه مذاق السَّفرجل يغوَّر في المهجة غصَّةً  كنتُ أخشى أن أبوح بسر آلامها,ولكن بعدما أقتلع الفؤاد سأقولها : ذلك الدكتاتور النبيل , ملك الحِسّ كما كانت تناديه .. يتبعه التَّكْسِيرمثل كلب الورّادات .
تراكمت هزائمه الحُلوَة حتى بدأ يجفل من رفة عينيه الملونتين فتقطّر من الهمِّ .
تَبادَت الحضرِيَّة : وأخيراً انْشَخَبَ اللَّبنُ الشائط ؟
صَيَّف شجوه الجوّانيّ : أولاً احْتُلِبَ الدَّمُ . ؟                                                                                 وقبل همستها …لاستخراج النَّمَش من فخّ  الصِّياغة , اشتدَّ حرّه حول أفكارها الراكِدَة .. ورَفَّتْ . ؟                                                                                                                                  فأتاها على جياد الرِّيح تهَذَب خيوله  أكحيلات , ويعتصر قلبه بهاءً حتى تكاد تخرج منه أنَّة الكاهن الملوّث بخميسيَّات الرِّيف المشبعة باليباس  ..
قال الواهمون : يا لحظَّه العاثر يرتاد أودية الجراح مدمدماً بالبَهار ..فروحه الخربة بحاجةٍ إلى تهندس يهذب جغرافيته من الهزال , حسناً ليترك ميكروب الجذور وليمم وجهه شطر الرّغوة المترعة بنُفّاخات  التمدّن .
ذلك التَّمّار..الغَنَّام..المَشّاء..مُتتبّع الأثر, فرّ من حضارة الطَّسْت وغطس بالزِّيِّ الخرافيّ لسَحنتيَّها ,المثيرة لجدلٍ له وقع أوجع من ضرب الخَيازِر ونظرة العِقبان , لذا جَنَّسها على أنها مفلوقة تماماً من حبة الهِيْل , فلونها الثَّقيل بين الفواتح الباهتة جعلها طَعاماً خاصّاً لثورة السحنة تحت سماء النِّيُون .                                                                                                                   أنه امتداد مختزل لجسدها ببعده الأنثوي المفعم بالطقسية والروحية . ويمتلك من التعبير ما يجعلك تعرف أيّ رأس يجب أن يمتلك .
تهالك من شرق المنفى يَزْهوّ في بريد الغبرة يعبُّ ظهيرة لاهثة , يتوّج حيتان السّاحِل بشهرياريات يتصاعد منهم البخور الحجازي , و بالزَّفير الطالع من روحه  تفرَّعت  شهرزاد واحدة  نزَّت  بالعرق تنضح :
كالرُّمح الرّاعش ِ ارتجف بحضني  مشبوب العاطفة ثم تلاشى رماداً قلويَّاً .. ياحداةَ القافلة :  أبحثوا عنه فوق ظهور الإبل فلقد أبصرت وجهه الترابي هشاً يفولذُني ..
فاستيحاشه تأثر بتلوين عمله تبعاً للمكان , كانت ” التَّمرة الحُلوة ” اللَّوْحة  التي تعود إلى حقبته السَّمراء . تعتبر أحد أهم الألوان المشغولة موسيقياً بعناية فائقة , أما لماذا مُنع التَّنزُّه فيها وفي مزارع البُنِّ  المتوقع وجوده واقفاً كما شجرة جردتها الرِّيح من أوراقها وهجرتها العصافير مبكراً . فهذا يعود إلى التعمق في فهم المكان , وفلسفته , ومرحلة التحول التي تخضع لسيطرة الراوي على مادته أكثر مما يخضعه تسلسلي أنا ؟ خاصّة ويعلو النَّصّ طائر يخفق بجناحيه أمام  ثقافة العواء داخل الجروح البليدة , فللجرح ذئابه الجرباء تعو بجراثيم الجُوْع على بلسم الثورة الشافي , وبالوقوف على الحِياد , ” ما أحقر الحِياد ” أغثته  في بعض نوبات جنونها العاقل بترجيع عطشه الملتاع للبرِّيَّة الفسيحة … ومن خطِّ الأفق انْفَدغ الحكواتي النَّورس مغرداً بالرِّيش الهاطل, ملوِّحاً بمَزامِيره  :                                                    …تحرر من بؤس الوجود بعدما خرجت أنثاه من صلب الحكاية..حاول إعادة رائحتها الهاربة إليه بطريقة سيميائية مباشرة ؟ لكن روحه أكبر من المكان الهادئ , يحتاج إلى مدينة فوضويَّة تحوي داخله المشاغب والمسحوب بعقل إلى تحت.! ولعدم الترابط بين السُّلُوك الخارجيّ والعالم الدَّاخليّ للنَّصِّ . …
(    الآن نفتح ملف الحكاية؟    )
حادثتي اللَّهْو والتنَسُّك .. حسب الجَوّ العامّ في النَّصِّ …..؟
بلغني أيها الملك السَّعيد أن الجرعات الإضافية من لقاحات البادية جفَّ لحنُها في صوت التُّراب , وتوهج  العجاج بإيقاع الشَّكل السّاحب ألوان المساحيق , حملها البدويّ على ظهره  مثلما كانت تُكوّر جدته كرازل الخُضْرَة لترسخ في أنفه حضارة الخيار البلدي المملح .
لم يعجبها اسمه ولا شكله ولا حتّى سيرته .؟ ربما بسبب حياة الجُوْخ تناست التقاط المبادئ الأولية لصناعة الرَّجُل الرُّوحانِيّ المترع بفورة الغضب . يُخيف هذا  الصِّنف من الرِّقَّة , فقلبه لا ينبض إنما يرسل وَعْوَعَة تصل  بكامل وحشتها لمّاحة . جعلها ترمي بثقلها عليه في محاولة منها لإعادة تشكيل فنِّ أساطير الأوَّلِين .  وبهمسات تعود إلى مرحلة اللغة الأولى  صبَّت في أذنيه حقيقة القرط  مباشرة : لأنك تنده بوله مراهق ٍ ” أنت ِ تمرتي الحُلوة ” ولأشياء أفظع تنفثها ملامحك   .. سأخطفك لساعاتٍ , شرِّف بلا حرجٍ ٍ .
خلقت حالة إبداعية وتشكيل جمالي من مادة لم يكن لها في يوم من الأيام قيمة فنيَّة . إلا صراخه النبيل الذي يطفئ وجع القلب , فإذا ما تعب ارتاح هامساً حزيناً شفيفاً , يهذي في غفوته الضّاجة بالقيم , مقدماً حالة درامية .. ومونولوجاً داخليّاً, لم تعرفه قصاصات الذكرى الجديدة , فتراه يبكي .. ويغني .. وينشد الهوسة .؟
حنَّ إلى اللقاء .. وكالميت عندما تُبعث فيه الرُّوح مدَّ شاهدته ذراعاً يلوِّحُ  بمنديلٍ  يزركش البَياض المستهلك بلعنة المألوف ” يا للمسافات البعاد ” انحدرت .. كسيرةٌ .. تلتحف السَّماء ,  ذابت ملامحها كالزُّبدة على نار خشب الزنزلخت . كلّ ما ملكه في تلك اللَّحظة أنه صاح عليها ” أبوس روحك “
انفعل تعبيرها , وغمغمت شيئاً لم يفهمه إلاّ أنها لّمت جزءاً من إشعاعاتها وأرخت حولها جزءاً .. همس قلبه ” يا لجمالها في لحظات التفُّتح ِ “
(  لكن من حدِّة  ضيم  قُبْلَته فلسفتها نظريات الوقت الفائت على إنها السِّفْر. فكيف صارت من الفِدائِيات .؟ وهي مجرد فكرة بسيطة ومطروقة كثيراً في المسرح والسِّينما والتِّلفاز.. ولا تحمل جديداً .. )
حين يحسّ المرء بالعجز عن إيصال شُعوره بوسائل الحوار العادي يطلب الغَوث الوَحْشِيّ من الشَّفَة الرَّغُوث .فيتم ترْوِيضه بقصد إعادتها إلى طعم الفُسْتُق النِّيئ , وتأتي إمدادات البُرتُقال اليُوسُفيّ , من خلال التصدي المباشر للشَّهوة الراغبة بالترَّهُّب , فتنفضك كهربة اللَّحم اللَّدن بتيارات واهية الخفة.؟  إنها القوة الهادئة .. هل أحدٌ نجا من تذوق عظمة القوة الهادئة .؟
حتى الغامِض البهيّ بعد أن يرتدي ثوب المتعة يثير فِتْنة الغُبار وتزّيَّنَه بالإخْصاب .. فيتحول غِلاف القلب وحَبَّتُه وسُوَيْداؤه إلى شغاف . ثم تيار من الغِبطة يشحن رغبة  سقفك  المنخفض , وتتواطأ مع ذاتك المغطسة بالهزائم . فتطرق بابك المتهرئ جلالة البوسة كطرح ٍ إشكالي للنَّصِّ المغاير, فتكد عبراتك المحبوسة بإسطبل خيولها . تفتح حضنها بولع  العمّات الخارجات من جرار الكُحْل   “ويْ أهلاً ” وتستسلم لصراخ ٍ مكتوم القيد يُدَّخر صمتك0الفائر .
لكن تفاوت الخبرات بفنّ الحكي جعل من كلام  المخلوقين المهمشين  حواراً فنيَّاً يحمل التنوع والاختلاف . وأغلبه لم يرق إلى مستوى المطلوب من حيث البناء الفني من ” شخصيات ولغة وحوار وحدث …الخ ” , بالإضافة للأخطاء الحركية أثناء العناق , وهي كثيرة جداً .
هنالك في الوادِي الآخر من الشَّوق  ينمُوّ الفرح المُرّ , يوازي تماماً الانكسار الجميل .. أيوجد شرخ بلا طعم الدِّفلى يا صاحب  السُّمُوّ , مهما تحنظلت الإجابات واندفعت إلينا فيما يشبه تفجرنكاح القُنْدُس . لا يمنح اكتئابَك تاجه الملكي سوى سكتتك الداوية .
فأرضه البكر تزهو فيها الحشائش والأعشاش والنباتات الجارِحَة , و الطير والجُحُور وآفاته  تألف  أمام أول تنهيدة مهذبة .. تخرج من زجاجة الفودكا تتثاءب بدلعٍ بار بوالديه , ثم تُحطّم البارّ وتنهي ماهية الاغتراب والإيمان الكامل بالكحوليَّات , وتبدأ حُرُوب الرِّدَّة  من داخله السِّكِّيت ,  آه .. كم هو مأهول بالهَوامِّ  وِسِباع الليل . لم تكن تعلم بأن البدويّ  البرولِيتاري يملك جنون الجاز والأضواء , وأنه مكتظ بالألوان والسَّفر وحداء الإبل . ولم تتوقع بأن المَزْحَة التي  بَلَّتها بَلّأً  ستتحول إلى مراكب تحترق , وصواري تنصلب على جسدها النحيل  .
أعلم أيها المَلْك  السَّعيد ما تلاشى ليخرَّ وجده حسب هذيان العرَّافة المحصورة بحوْصَلة الحكواتي النَّورس  , أنما وجهه المنقوع في التَّمر الهِنديّ مضغته تجاعيد المَساء . فتحول إلى سنونوٍ لبيوت الطِّين الواطئة  .. هي  تصفق للحياة وتكره التثاؤب , وهو ينتمي إلى قافلة البَدْو الرُّحَّل التي مازالت في طابور الخبز متعبة ٌ .. لذلك قال لها : زيارةٌ أولى لمدينتي تكفي لاحتساء القهوَة المُرَّة وإعلان رحيلك ِ النهائي عنها ..
فرمقته بتوجسٍ حذر أضحَكَ  جسدها النّاحِل  في ارتعاش ثم قذفته بتنهيدة ٍ طيرت لقالقَ روحه التي ارتوتْ منها وعاد يتمزقُ لولا عقارب العَرَق السَّاخِن التي لسعته آلاف المرات حتى تخدر واستسلم للهِياج .
( .. ومما يُحكى في سالف العصر والأوان أن البدويّ ركّز على الكثير من الإشارات الحسية وخصوصاً الحركية منها للإيحاء بأنها ستخرج من النَّصِّ وتتركه فيه يضاجع الحكاية البسيطة والجمل الشعرية كمرتكز نهائي للتناسل  ؟ لذا هبت نسائم مسامها رقيقة , فصرخت رياح باديته مذعورة بحنين فحل القطا القاطع البراري :
ـــ ” أفردْ قميصَ الشوق ِ حين تطلُّ سيِّدة ُ البعد الواسع  …. )
الحكاية الأكثر تلفيقا ً لعدم إدراك شهريار الصَّباح .
مزّق بيرقَها الأزرق نوق البادية .. فتحت نافذة للغَيْم جففت قميصها الذي أعيا من شِدَّة الرَّطوبة . نامت كالشَّمس على زنده المهيّل بالحكايا , ثم تنهدت :
ـــ ” اّه ما أعذب لهجتك المشحونة بالشَّجَن..” .
قطَّعت أنفاسها زفرة الشَّهْوَة اللِّبْدة والتي بجسارة حضنها البدويّ وصهل .. فتداعت صواريها أمام اختلاجات مواويله القديمة :  أيتها الآتية إليَّ من بوابة الأزل وسحر الملحمة” : أنا لا أملك شيئاً .. كلّ ما أملكه أن أغني للرِّيح , فالجَزِيرة بدون قلعة ينقصها الإحساس لا مجرد خربة ٍجمعت أعطا شنا الزَّاهِيات ” .
يدٌ لشعرها الفاحِم يخصي الفُحُول , وقلبٌ لأكواخ القرى البعيدة المصابة بعقلية التَّخُوم , وعينان للظلمة المكتسية بالرَّمادِيِّ ,يباه.؟ لنظراتها الفرحة وأسرارها العميقة جعلته يُصاب بإرهاب أقلِّيّات الإنقيليْس الذائع الصيت, حتَّى نقشها المذهل لا يعود إلى عبقرية الآثار مع روعة الصخور! أنما إلى الإزْميل الناحت كان عبقريَّاً.
( .. وكأن الموسيقى هنا تفعل فعل الراوي في أكثر من مقطع لتصبح الهدف البعيد من وراء الحكاية التي تتماهى معهما وشيئاً فشيئاً يتفقان مع الجملة الأولى التي تركت مساحة للحكواتي النَّورس أن يبدأ المسامرة لعُتَّابه :  إن الطريق إليها أبعدُ من ليالي البدو , وأقرب من دهشة الفرح العَسَلِيّ , وأقوى من تصادم قبلتين عشوائيتي السُّرْعات ) .
رمقته نشوتها في ارتعاش ٍ .. المسافة بينه وبينها حين يشتعل الوجدُ آهلة .
كانت نفائس القلعة مبهورةً بتحفة العناق , يعتُقها الزمنُ المتجددُ , والفتى المَشْرِقيّ يبعثر أشجانه , يكسر عرف القبيلة .. يعيد تفاصيل خضابه حينما يُقبل جلد السّاحِل . ليعرف تاريخ رِفْعَته الرَّسْمِيّ .
تنبعث منه روائح الخشب العتيق وهو يعبق في الهواء , تربطه من الداخل خطوطه القوية وكأنها تعيش صراع فقدان الترابط , وفي الوقت ذاته نجد الترابط فيه قوياً لايمكن قطعه . يا لغرابته كم يشبه تناقضاتها ؟. ففورتها غضب الفهد لحظة الوثب , وفي تموجاتها انحناءات الحرير وتدفق الموسيقى . هو التزاوج بين العمق والبساطة .. أنهما لغة التجريد في عالم النَّحت .
لطالما نهض الدَّم من عروقه , وزعق جلده الخِلاسِيّ الملفوف بالباستيق زعيق اللَّمسة النابحة , ويالشِّدَّة الرَّوعة عندما تموع خشونته من اللَوْعة دِبس .
أكمل العُتّاب ما أنهاه المسامر ” … تلتصق به رَيّا الشَّباب ناعِمة ٌ, فتزدهر القلعة بتنهيدة يذّبلها النُّعاس , وينبت فقط الوردُ الذي يسكره الضوءُ , وكان للكرنفال شعاره ” يجب إيلاء شفاهنا اليابسة بوح العبارات في مهرجان القُبل الفصيح ..فالجسد ُ قلعةً قلبي تعلق برتاجها ” ؟
أناه المبعثرة توازنت زئبقياً . وهذا يدل على ضعف عام في فهم وقراءة النَّصّ الحكائي الإبداعي المتعارف عليه على مستوى النَّصّ ومستوى العرض .. وضبابية الرؤية , وعدم وضوحها ,  وتشتتها إلى حدِّ التساؤل : ماذا تريد السّاحليَّة من حمل الصحراء على ظهره ؟ في النتيجة لا تقول شيئاً يهم المستمع أو المشاهد البتَّة . أنما بالفعل لوَّنت زغبَ الثواني الشُّغُوفة بسرقةٍ عمدَّها التاريخ بزيُوت المعابد العتيقة , جعلته يراقب أبراجاً مؤقتة في مياه استحمامها .    عادا حذرين لاقتناص هيام الإوَزّ المتنكرة في أردية السّلاحِف  .
حبيبها المخطوف من جهة لم تستطع تحديدها عرَّافات الحيّ مازال يتضخم المارِد  في صمته .. يا للحزين هذا الشَّهِيُّ البالغ العُمْق يرصف درب رهبنته بما تيسر من سورة مريم , فروحه ما أكثر” عاقولها ” وصل إلى أشعة مصابيح المدن ..حتى سَمَك الشَّبُّوط ” سُولف ” للبلام خرافة الميناء : ( عمي يا بلام ضلوعي سفن لا توجد فيها زعانف أمينة ؟ إلا الشواطئ التي تقيأت أهلها وانكسرت بأرواحهم المجاديف , تلك الأنثى المملوءة بالشَّوق والبنزين لبَّت وانفرطت إلى خرز للدزادين والحقائب الجلدية , كانت له الإدام  وفاتحة للشَّهِيَّة .. يغمس عرقها الزَّيْتيّ بألق الرّاوْند . فحين أغوته.. شغَفَها حُبّاً وفاضت نفسه وروحه , وألْبَدَ بالأرض الشّاطِر .. يتهيأ للمثول الحِسِّيّ أمام المَلَذّات المادِّيَّة .تلويه الهموم ؟ ماذا يفعل بموج دمعها  ؟ كل دمعة بحّارة أكبر من بيضة الديك . تلطم رمال قبيلته المتزلجة على … الأزمنة . أكثر من تزلجها على الثلوج ..  ماذا بقي من العُمْر والعُثَّة نخرت السّاري , وولولات الرُّبّان وصلت إلى مؤخرة  الدنيا بعدما أخذته وحشة الخجل بالمرساة ,  وفي كلِّ نفس ثمة قراصنة صوماليون  يذبحون إرث المضافة بسيف العنتريات  .
( لم يكن السبب في تألق الحكواتي النَّورس من فنه هو إحساسه العميق بفنه العامّ الذي حقق توازناً بين التعبير عن الشهوات الدفينة وتصويرهما بإتقان , بل تمكنه من الدخول إلى أعماق عواطفهما , وبراعته الفائقة في تقديمهما بموضوعية ظاهرة , كما أظهر أن نتائج تصرفاتهم تثير فينا المشاعر بشكل عميق .؟ ) .
مُذ رآها .. هرطق  قلبه وورّق حنيناً تعربش على فانتازيا الملل كي لا تكون موطئ قدم لإله الشر .؟ كيف يكون البدويّ منكسراً حيال نفسه وحيال الآخر .؟ ماذا يفعل ببراثنه ؟ حاول انتهاز لحظة الارتجاج . فطرح نفسه موجة صوفية كخيار للخلاص , هذه متاهة سريالية تنتهي عند خيمته فيقدم لها الشّاي قبل الغروب .. تذهب الشّمس ويأتي الهواء العليل . هي في حضرة زمن آخر , وثقافة أخرى ولهذا تمنى أن يكون جميلاً؟ فقط لإرضاء رغبتها الأولى قبل عهد التصحيح .فتقاطيع وجهه لم تدهشها أبدأً بقدر التعبيرات الصوتية  الفاقدة عقلها , فهي دائماً على كورنيش ذاكرته المكتظ  بالنِّسْيان  يطوف بها في الهزيع الأخير , يفركُ الطِّيب في أذنيها ؟. . حسناً ماذا يفعل بشيب الأربعين والدفء أتاه بآخر القيظ …. في نفس الوقت كان قلبي يعتصره هذا السؤال المباغت.؟ الذي  أبكى الرجولة المدكوكة فيه ؟ لذا تبخرت إلى غيمةٍ هطلت عليها بالبَزْر تحت العَلم الوَطنيّ حيث كانت تلهو بكُرات ِ الدَّم .؟… فلقحت ..
لإنجاب الإناث وخصوبة الخيال .
روافد النَّهْرالمكتوب بفضاءات حرف الفاء
كان حديثاً ودياً للولوج إلى البوليفار .. المطعم الفخم الذي ينكسر على أمواج المتوسط لهجة ساحلية تشرَّبته تماماً . والنَّور الأصفر المبهر يتجمد على الشّارِع باهتاً وكأنه يبس بأعواد المشانق .
خطواتهما تتعهر بالمَشْي .. تتشاغل بنسيان مطربها المشهور,  وهو يحمل أصناف أخرى لها لونُ الرُّوح ِ . هي ليلكية ذلك المساء ..” مساء القرنفل سيدتي ” قالها بعدما فاض عُمْره, ويسراها مرتاحةٌ حول يمناه ,  ضحكتهما تشتلُ الأفقَ بالحبِّ والورد ِ                                                                                                                         واللَّهفة العارمة ؟ .
” أن يقتلع الرِّيف من داخلك هذا يعني أن تكون إنساناً بلا طعم أو رائحة “
من يقف وراء اقتلاعه .. سؤالاً كان لابدَّ منه في ذلك الجوّ المفعم بالجُنُون والخجل والشَّوق . إنَّ منطقَ أن يكون غيمة مشبعة بالرَّذاذ المشاكِس يجتاحه , لكنها لم تهطل بعد على يباس روحه . لذلك حدق في عينيها الشاربتين حليباً ممزوجاً بالكاكاو . فوجد  الدكنة ُ ذاتُ الدكنةِ  والزلّ , وعِرق السُّوس , وأسراب الصعو الهاربة من الصياد  الذي لا يفهم إلا لغة المناجل الهاوية على أعناق الحِنطة التي تشبه كثيراً حاجبيها المعقوفين حيث يكون للرِّياضِيَّات معنى .
(غزارة التصوير في التعبير سادت وانتشرت في مفاصل الحكاية دون المساس الكبير بتشكيل النَّصِّ من الخارج لأن الحكواتي النَّورس يعتقد أنه في العمل النحتي يجب احترام خصوصية المادة وعدم تغييرها .)
العابرون اليومَ ” البوليفار ” يذرفون لأجلهم نظرتين .                                                                  سأتركهم في نور آلامهم ْ يتذوقون مُتعة التعميد في زيت  الكهف  البكر , ويفركون أعينهم بعفريتاتها  الضائعة. كانت من هواة النظرة الأولى لحضارة تشرب خُلاصَة الشَّعِير مستمتعة باسمه العصري على أنه من سلالة نبيلة تنتمي إلى  الأشرِبة الرُّوحِيَّة .. تأسرها حِظْوَة الخُبز السِّياحي ناسية بأن العاقر تحبل من رائحة عفونة التُّربة ليومٍ مَمْطُور .
أيها الغامِق فينا أطفأ صمت عطشهما  المتهدم .. والمتدحرج في العدم ,لا تتصوّر   أناقة الجرسون الباردة كيف ترجمته  بحرارة .. لها مفعول الرطوبة الزائدة   :               ـــ  كم أنت غائرٌ في الخدِّ أيها البدوي ُ .
ساعته العجوز كالحيَّة تخنق معصمه تعلن عن استيائها من الوقت , وبنات أفكاره المسربات بدافع القهر والبحث عن اللّذة لا يدخلن المدرسة ..يعبرن عن ذلك التمرد بالهمس وتماسك الأيدي .
رأيت اللَّقالق تحوم على ” بهو البوليفار ” واستطاع  برعونة  أن يجفل غزالات دمعها , لكن هل رأت في عين اللَّقالق الحائمة ذكر الغزال الأعْفَر .
قلبه المغلف بهالة الوصايا العشر غامِقاً أكثر مما ينبغي , يقصد الغرفة الصَّاخبة .. يخترع لحظات لا يفهمها الناس ” إذاعة .. يا إذاعة ” وبعدم الرد يتوحش كالأسد الهَصُور, لا يزال بعيداً جداً عن تكنولوجيا التلوث , يحمل كل ذلك التاريخ في وجهه الذي يضج بالإيحاءات الهائلة حول الصراع , والآلام , والعبث , يعكس هاجسه مع العالم وحتّى مع نفسه .. أين هو الخلاص .؟ ( وكم هو معذب التاريخ ! ) هي  حالة نصب يعيشها مع حاله فترجمها على الفور  : ” .. الناس هنالك في بلدي يا رغوة الكابتشينو في طيبة عينيك الطيبتين ” .
( ..  ساهمت معرفة أبعاد الأصوات وعلم خاص  في دلالة الكلام المرافق للأصوات الرخيمة من جعل ” التشيلو والكونترباص والفيولا والفيولنسيل ” متسيدة على مفاصل الحكاية وإيصالها للمستمع على أنها صور لحالات الراوي .؟ لكن على أيِّ نغمة أخرى  تم خطف صوته الهَدّار حتى دك بكل هذه الموسيقى …
.. الأصوات لم تكن منسجمة مع حركة الجملة الأولى ..لذا لم ترتفع ذائقة المستمع وتتسع رؤاه التأملية . فكلما حلّق الحكواتي النَّورس بعيداً ازداد الظلام من حوله .. أقترح حجب السرد كله , لعدم توفر المأمول من الشّخصيَّة الغائبة ومن مختطفها , فكلما امتلأ بالكارثة يرمي بجثث أفكاره عند أبراج الصمت لتأكلها الطيور الكاسرة . هكذا تبقى تلافيفه نظيفة ونقية , وإلى فرصة أخرى بتمكن أرقى واقتدار أكبر . )
وقبل السكوت عن الكلام المباح ..؟؟!
أعلم أيها البدويّ السَّعيد .. بأنني  الحَرامِيَّة  التي نفذت عملية خطفك بجسارة محارب .., وكنت َ الأسْمَر الشّاب الذي  احتضن آلة الكيتار وامتصَّ آخر ما بُحَّ في حلقها من نغم ٍ . ظهرتَ  قُبالة شواطئي  بغبار ٍ كاسح , عقرتَ نوقك في  داخلي الحالم بمشوار ٍ فني إلى البرِّيَّة ِ , خلعت العباءة المطرزة بأرْغِفة التَّنُّور , ..رميت عصا البداوة  بعيداً نحو الغيم .. وصهل أدهمك اللِّين في مراكض الزَّلق ِ المريح ِ :                             ( القيصر .. أنا القيصر .؟ )                                                                                          فدائماً تتهيأ للنهوض الهاطل ..يجذبك جوع الطِّين الشبق حيث تتكون منه مفرزاتك البدائية , وبعبقريّة اجترَّت المرارات لهثتُ وراءك كاللّبْوة الداركة ما فاتها من جوع باسِل ؟  أصرخ  من  أعماقي :
خطفتُ من ضحكتكَ الصَّوْت … وتعمقتُ فيه حتَّى سحبتَ داخلي …  أنتَ   صرخة الدمع المخبأ في تفاصيل الجسد .
ارتوتْ روحي قلقاً وكدْتُ من الهِيام أهوي .

أنْثى …                                                       فاضل العبدالله   كاتب من سوريا                        (  لقلقٍ خمريٍّ تَكَلَّس في العَسَلِيِّ الدَّاكنكان هذا العبث  المُقَدَّس من وراء حجاب  )في البَدْء كان البدويّ .؟                                                                                                       راعٍ .. هاذٍ .. مقدس .. يكره الشِّياخة , موَكلاً بغسل  جِزَز الصُّوف  وترويض الأحصنة , يجفف خاثِر الدَّوابّ بهيبة حضوره الآسر, عالم بأنْساب الحِدآن والبُؤُوز والأيَايل . ليس من طبعه الاسْتِئناس  .. يناطح ” كليجة العيد ” بكباش أسنانه الفُلج , يا لفطرته التي ذبحت ” الكافي شوب ” فمع التَّمر مازال يحتسي اللَّبن البارد , يتعبَّد  بين الشِّعاب والوَعْر, يتعلم  مع الوشق أصول القَنْص  , يتجاهل زهرة البرقوق ويلتحم مع الشِّيح , يركض في براري الضَّوء (طافخ ) على حيله , لا توقفه قبائل قُرَيْش وهي تشَّكُّ  بالرَّبِّ , يريد تغيير العالم ويلفه تحت ردنه المحمّل بالحامض الحلو والدُروبَس . فدفئ الثوب يختزل حرارة الجسد مع أنه يحمل الحنان ذاته ..                                                                                                 ” هذه سخافةٌ من كلاسيكيَّات الماضي . أشرب الكوكتيل حبيبي الملك  أو أذهب لقضاء الحاجة ”  ما أمتن وجه المفردة وأوقح معانيها , بعلم المَعْز العفريت والضَّأن الحيّ فتى هبوب العجاج يعيش في الظِّلِّ , لا أحد يهتم لأمره إذا حضر . اسمه يدّون على هامش دفتر الحياة عادة , خارج موكب التَّصْفيق , وفي الولائم لا يوضع أمامه رأس الذبيحة ولا أول من يشرب الفِنْجال ثم يكسره , بل من المحرّم جلوسه حتَّى في الصُفُوف الأمامية أثناء الدعوات الخاصّة والعامّة , ولم يكن يوماً الدَّريئة التي ترمى بالزهور أو ينثر فوقها الرُّزّ , ولا خطر في البال تحطيم الجرار عند قدميه لطرد بلاء العين الحسود . ولا البَخْت جلب له سيارة ” الليموزين ” الفارهة فتنزل منها سيِّدة اسْتَوَت أكثر من شمّام القَيْظ ..تنتشله من الوحل ..تلبسه البذلة السّوداء ,وبأناقة ” إيف سان لوران ”  تربط الببيونة على يافطة قميصه الأبيض ..ثم تدور به أمام أهل الزَّفَّة وهي تنظر إليه بارتياب مريح ..ناسية عُريها أمامه بعدما صار إكليلها لحصانه المجنّح رسناً . تصوّر بكلِّ بساطة حبيبته خطفها أحد الكهنة , أو بالمعنى الذليل هي التي تركت الحناء وذهبت للغطس في زيت الميرون , وأضعك بالصُّورة أكثر .. خرجت من دمعته ابتسامة باركت لها التعميد الجديد . وظلّ الصافن يفكر بإتباع دورة تأهله للاحتفاظ بالحبيبة قدر المستطاع أطول فترة ممكنة . هو هكذا لا يليق به الفرح , يتكلم دائماً عن إمكانية نهوض دول الطَّوْق للمرة العاشرة . ولنفس المرة  شخَّص دخان الحَرْمَل  للحظاتٍ  أبرد من البلاستيك .. فثغّت معه نِعاج غَوايته هائمة إلى الفلت الطَّبيعيّ الذي لا يضبطه قانون أهل السهول الخاضع لسيطرة لهجة أهل الجبال. إذْ لغيابه مذاق السَّفرجل يغوَّر في المهجة غصَّةً  كنتُ أخشى أن أبوح بسر آلامها,ولكن بعدما أقتلع الفؤاد سأقولها : ذلك الدكتاتور النبيل , ملك الحِسّ كما كانت تناديه .. يتبعه التَّكْسِيرمثل كلب الورّادات .     تراكمت هزائمه الحُلوَة حتى بدأ يجفل من رفة عينيه الملونتين فتقطّر من الهمِّ . تَبادَت الحضرِيَّة : وأخيراً انْشَخَبَ اللَّبنُ الشائط ؟ صَيَّف شجوه الجوّانيّ : أولاً احْتُلِبَ الدَّمُ . ؟                                                                                 وقبل همستها …لاستخراج النَّمَش من فخّ  الصِّياغة , اشتدَّ حرّه حول أفكارها الراكِدَة .. ورَفَّتْ . ؟                                                                                                                                  فأتاها على جياد الرِّيح تهَذَب خيوله  أكحيلات , ويعتصر قلبه بهاءً حتى تكاد تخرج منه أنَّة الكاهن الملوّث بخميسيَّات الرِّيف المشبعة باليباس  ..  قال الواهمون : يا لحظَّه العاثر يرتاد أودية الجراح مدمدماً بالبَهار ..فروحه الخربة بحاجةٍ إلى تهندس يهذب جغرافيته من الهزال , حسناً ليترك ميكروب الجذور وليمم وجهه شطر الرّغوة المترعة بنُفّاخات  التمدّن .           ذلك التَّمّار..الغَنَّام..المَشّاء..مُتتبّع الأثر, فرّ من حضارة الطَّسْت وغطس بالزِّيِّ الخرافيّ لسَحنتيَّها ,المثيرة لجدلٍ له وقع أوجع من ضرب الخَيازِر ونظرة العِقبان , لذا جَنَّسها على أنها مفلوقة تماماً من حبة الهِيْل , فلونها الثَّقيل بين الفواتح الباهتة جعلها طَعاماً خاصّاً لثورة السحنة تحت سماء النِّيُون .                                                                                                                   أنه امتداد مختزل لجسدها ببعده الأنثوي المفعم بالطقسية والروحية . ويمتلك من التعبير ما يجعلك تعرف أيّ رأس يجب أن يمتلك .تهالك من شرق المنفى يَزْهوّ في بريد الغبرة يعبُّ ظهيرة لاهثة , يتوّج حيتان السّاحِل بشهرياريات يتصاعد منهم البخور الحجازي , و بالزَّفير الطالع من روحه  تفرَّعت  شهرزاد واحدة  نزَّت  بالعرق تنضح : كالرُّمح الرّاعش ِ ارتجف بحضني  مشبوب العاطفة ثم تلاشى رماداً قلويَّاً .. ياحداةَ القافلة :  أبحثوا عنه فوق ظهور الإبل فلقد أبصرت وجهه الترابي هشاً يفولذُني .. فاستيحاشه تأثر بتلوين عمله تبعاً للمكان , كانت ” التَّمرة الحُلوة ” اللَّوْحة  التي تعود إلى حقبته السَّمراء . تعتبر أحد أهم الألوان المشغولة موسيقياً بعناية فائقة , أما لماذا مُنع التَّنزُّه فيها وفي مزارع البُنِّ  المتوقع وجوده واقفاً كما شجرة جردتها الرِّيح من أوراقها وهجرتها العصافير مبكراً . فهذا يعود إلى التعمق في فهم المكان , وفلسفته , ومرحلة التحول التي تخضع لسيطرة الراوي على مادته أكثر مما يخضعه تسلسلي أنا ؟ خاصّة ويعلو النَّصّ طائر يخفق بجناحيه أمام  ثقافة العواء داخل الجروح البليدة , فللجرح ذئابه الجرباء تعو بجراثيم الجُوْع على بلسم الثورة الشافي , وبالوقوف على الحِياد , ” ما أحقر الحِياد ” أغثته  في بعض نوبات جنونها العاقل بترجيع عطشه الملتاع للبرِّيَّة الفسيحة … ومن خطِّ الأفق انْفَدغ الحكواتي النَّورس مغرداً بالرِّيش الهاطل, ملوِّحاً بمَزامِيره  :                                                    …تحرر من بؤس الوجود بعدما خرجت أنثاه من صلب الحكاية..حاول إعادة رائحتها الهاربة إليه بطريقة سيميائية مباشرة ؟ لكن روحه أكبر من المكان الهادئ , يحتاج إلى مدينة فوضويَّة تحوي داخله المشاغب والمسحوب بعقل إلى تحت.! ولعدم الترابط بين السُّلُوك الخارجيّ والعالم الدَّاخليّ للنَّصِّ . …
(    الآن نفتح ملف الحكاية؟    ) حادثتي اللَّهْو والتنَسُّك .. حسب الجَوّ العامّ في النَّصِّ …..؟ بلغني أيها الملك السَّعيد أن الجرعات الإضافية من لقاحات البادية جفَّ لحنُها في صوت التُّراب , وتوهج  العجاج بإيقاع الشَّكل السّاحب ألوان المساحيق , حملها البدويّ على ظهره  مثلما كانت تُكوّر جدته كرازل الخُضْرَة لترسخ في أنفه حضارة الخيار البلدي المملح . لم يعجبها اسمه ولا شكله ولا حتّى سيرته .؟ ربما بسبب حياة الجُوْخ تناست التقاط المبادئ الأولية لصناعة الرَّجُل الرُّوحانِيّ المترع بفورة الغضب . يُخيف هذا  الصِّنف من الرِّقَّة , فقلبه لا ينبض إنما يرسل وَعْوَعَة تصل  بكامل وحشتها لمّاحة . جعلها ترمي بثقلها عليه في محاولة منها لإعادة تشكيل فنِّ أساطير الأوَّلِين .  وبهمسات تعود إلى مرحلة اللغة الأولى  صبَّت في أذنيه حقيقة القرط  مباشرة : لأنك تنده بوله مراهق ٍ ” أنت ِ تمرتي الحُلوة ” ولأشياء أفظع تنفثها ملامحك   .. سأخطفك لساعاتٍ , شرِّف بلا حرجٍ ٍ .  خلقت حالة إبداعية وتشكيل جمالي من مادة لم يكن لها في يوم من الأيام قيمة فنيَّة . إلا صراخه النبيل الذي يطفئ وجع القلب , فإذا ما تعب ارتاح هامساً حزيناً شفيفاً , يهذي في غفوته الضّاجة بالقيم , مقدماً حالة درامية .. ومونولوجاً داخليّاً, لم تعرفه قصاصات الذكرى الجديدة , فتراه يبكي .. ويغني .. وينشد الهوسة .؟   حنَّ إلى اللقاء .. وكالميت عندما تُبعث فيه الرُّوح مدَّ شاهدته ذراعاً يلوِّحُ  بمنديلٍ  يزركش البَياض المستهلك بلعنة المألوف ” يا للمسافات البعاد ” انحدرت .. كسيرةٌ .. تلتحف السَّماء ,  ذابت ملامحها كالزُّبدة على نار خشب الزنزلخت . كلّ ما ملكه في تلك اللَّحظة أنه صاح عليها ” أبوس روحك “انفعل تعبيرها , وغمغمت شيئاً لم يفهمه إلاّ أنها لّمت جزءاً من إشعاعاتها وأرخت حولها جزءاً .. همس قلبه ” يا لجمالها في لحظات التفُّتح ِ ”  (  لكن من حدِّة  ضيم  قُبْلَته فلسفتها نظريات الوقت الفائت على إنها السِّفْر. فكيف صارت من الفِدائِيات .؟ وهي مجرد فكرة بسيطة ومطروقة كثيراً في المسرح والسِّينما والتِّلفاز.. ولا تحمل جديداً .. )حين يحسّ المرء بالعجز عن إيصال شُعوره بوسائل الحوار العادي يطلب الغَوث الوَحْشِيّ من الشَّفَة الرَّغُوث .فيتم ترْوِيضه بقصد إعادتها إلى طعم الفُسْتُق النِّيئ , وتأتي إمدادات البُرتُقال اليُوسُفيّ , من خلال التصدي المباشر للشَّهوة الراغبة بالترَّهُّب , فتنفضك كهربة اللَّحم اللَّدن بتيارات واهية الخفة.؟  إنها القوة الهادئة .. هل أحدٌ نجا من تذوق عظمة القوة الهادئة .؟   حتى الغامِض البهيّ بعد أن يرتدي ثوب المتعة يثير فِتْنة الغُبار وتزّيَّنَه بالإخْصاب .. فيتحول غِلاف القلب وحَبَّتُه وسُوَيْداؤه إلى شغاف . ثم تيار من الغِبطة يشحن رغبة  سقفك  المنخفض , وتتواطأ مع ذاتك المغطسة بالهزائم . فتطرق بابك المتهرئ جلالة البوسة كطرح ٍ إشكالي للنَّصِّ المغاير, فتكد عبراتك المحبوسة بإسطبل خيولها . تفتح حضنها بولع  العمّات الخارجات من جرار الكُحْل   “ويْ أهلاً ” وتستسلم لصراخ ٍ مكتوم القيد يُدَّخر صمتك0الفائر . لكن تفاوت الخبرات بفنّ الحكي جعل من كلام  المخلوقين المهمشين  حواراً فنيَّاً يحمل التنوع والاختلاف . وأغلبه لم يرق إلى مستوى المطلوب من حيث البناء الفني من ” شخصيات ولغة وحوار وحدث …الخ ” , بالإضافة للأخطاء الحركية أثناء العناق , وهي كثيرة جداً .  هنالك في الوادِي الآخر من الشَّوق  ينمُوّ الفرح المُرّ , يوازي تماماً الانكسار الجميل .. أيوجد شرخ بلا طعم الدِّفلى يا صاحب  السُّمُوّ , مهما تحنظلت الإجابات واندفعت إلينا فيما يشبه تفجرنكاح القُنْدُس . لا يمنح اكتئابَك تاجه الملكي سوى سكتتك الداوية . فأرضه البكر تزهو فيها الحشائش والأعشاش والنباتات الجارِحَة , و الطير والجُحُور وآفاته  تألف  أمام أول تنهيدة مهذبة .. تخرج من زجاجة الفودكا تتثاءب بدلعٍ بار بوالديه , ثم تُحطّم البارّ وتنهي ماهية الاغتراب والإيمان الكامل بالكحوليَّات , وتبدأ حُرُوب الرِّدَّة  من داخله السِّكِّيت ,  آه .. كم هو مأهول بالهَوامِّ  وِسِباع الليل . لم تكن تعلم بأن البدويّ  البرولِيتاري يملك جنون الجاز والأضواء , وأنه مكتظ بالألوان والسَّفر وحداء الإبل . ولم تتوقع بأن المَزْحَة التي  بَلَّتها بَلّأً  ستتحول إلى مراكب تحترق , وصواري تنصلب على جسدها النحيل  .                                                                                                                                        أعلم أيها المَلْك  السَّعيد ما تلاشى ليخرَّ وجده حسب هذيان العرَّافة المحصورة بحوْصَلة الحكواتي النَّورس  , أنما وجهه المنقوع في التَّمر الهِنديّ مضغته تجاعيد المَساء . فتحول إلى سنونوٍ لبيوت الطِّين الواطئة  .. هي  تصفق للحياة وتكره التثاؤب , وهو ينتمي إلى قافلة البَدْو الرُّحَّل التي مازالت في طابور الخبز متعبة ٌ .. لذلك قال لها : زيارةٌ أولى لمدينتي تكفي لاحتساء القهوَة المُرَّة وإعلان رحيلك ِ النهائي عنها .. فرمقته بتوجسٍ حذر أضحَكَ  جسدها النّاحِل  في ارتعاش ثم قذفته بتنهيدة ٍ طيرت لقالقَ روحه التي ارتوتْ منها وعاد يتمزقُ لولا عقارب العَرَق السَّاخِن التي لسعته آلاف المرات حتى تخدر واستسلم للهِياج .
( .. ومما يُحكى في سالف العصر والأوان أن البدويّ ركّز على الكثير من الإشارات الحسية وخصوصاً الحركية منها للإيحاء بأنها ستخرج من النَّصِّ وتتركه فيه يضاجع الحكاية البسيطة والجمل الشعرية كمرتكز نهائي للتناسل  ؟ لذا هبت نسائم مسامها رقيقة , فصرخت رياح باديته مذعورة بحنين فحل القطا القاطع البراري : ـــ ” أفردْ قميصَ الشوق ِ حين تطلُّ سيِّدة ُ البعد الواسع  …. )   الحكاية الأكثر تلفيقا ً لعدم إدراك شهريار الصَّباح .مزّق بيرقَها الأزرق نوق البادية .. فتحت نافذة للغَيْم جففت قميصها الذي أعيا من شِدَّة الرَّطوبة . نامت كالشَّمس على زنده المهيّل بالحكايا , ثم تنهدت : ـــ ” اّه ما أعذب لهجتك المشحونة بالشَّجَن..” .  قطَّعت أنفاسها زفرة الشَّهْوَة اللِّبْدة والتي بجسارة حضنها البدويّ وصهل .. فتداعت صواريها أمام اختلاجات مواويله القديمة :  أيتها الآتية إليَّ من بوابة الأزل وسحر الملحمة” : أنا لا أملك شيئاً .. كلّ ما أملكه أن أغني للرِّيح , فالجَزِيرة بدون قلعة ينقصها الإحساس لا مجرد خربة ٍجمعت أعطا شنا الزَّاهِيات ” . يدٌ لشعرها الفاحِم يخصي الفُحُول , وقلبٌ لأكواخ القرى البعيدة المصابة بعقلية التَّخُوم , وعينان للظلمة المكتسية بالرَّمادِيِّ ,يباه.؟ لنظراتها الفرحة وأسرارها العميقة جعلته يُصاب بإرهاب أقلِّيّات الإنقيليْس الذائع الصيت, حتَّى نقشها المذهل لا يعود إلى عبقرية الآثار مع روعة الصخور! أنما إلى الإزْميل الناحت كان عبقريَّاً.  ( .. وكأن الموسيقى هنا تفعل فعل الراوي في أكثر من مقطع لتصبح الهدف البعيد من وراء الحكاية التي تتماهى معهما وشيئاً فشيئاً يتفقان مع الجملة الأولى التي تركت مساحة للحكواتي النَّورس أن يبدأ المسامرة لعُتَّابه :  إن الطريق إليها أبعدُ من ليالي البدو , وأقرب من دهشة الفرح العَسَلِيّ , وأقوى من تصادم قبلتين عشوائيتي السُّرْعات ) . رمقته نشوتها في ارتعاش ٍ .. المسافة بينه وبينها حين يشتعل الوجدُ آهلة .كانت نفائس القلعة مبهورةً بتحفة العناق , يعتُقها الزمنُ المتجددُ , والفتى المَشْرِقيّ يبعثر أشجانه , يكسر عرف القبيلة .. يعيد تفاصيل خضابه حينما يُقبل جلد السّاحِل . ليعرف تاريخ رِفْعَته الرَّسْمِيّ . تنبعث منه روائح الخشب العتيق وهو يعبق في الهواء , تربطه من الداخل خطوطه القوية وكأنها تعيش صراع فقدان الترابط , وفي الوقت ذاته نجد الترابط فيه قوياً لايمكن قطعه . يا لغرابته كم يشبه تناقضاتها ؟. ففورتها غضب الفهد لحظة الوثب , وفي تموجاتها انحناءات الحرير وتدفق الموسيقى . هو التزاوج بين العمق والبساطة .. أنهما لغة التجريد في عالم النَّحت .  لطالما نهض الدَّم من عروقه , وزعق جلده الخِلاسِيّ الملفوف بالباستيق زعيق اللَّمسة النابحة , ويالشِّدَّة الرَّوعة عندما تموع خشونته من اللَوْعة دِبس . أكمل العُتّاب ما أنهاه المسامر ” … تلتصق به رَيّا الشَّباب ناعِمة ٌ, فتزدهر القلعة بتنهيدة يذّبلها النُّعاس , وينبت فقط الوردُ الذي يسكره الضوءُ , وكان للكرنفال شعاره ” يجب إيلاء شفاهنا اليابسة بوح العبارات في مهرجان القُبل الفصيح ..فالجسد ُ قلعةً قلبي تعلق برتاجها ” ؟  أناه المبعثرة توازنت زئبقياً . وهذا يدل على ضعف عام في فهم وقراءة النَّصّ الحكائي الإبداعي المتعارف عليه على مستوى النَّصّ ومستوى العرض .. وضبابية الرؤية , وعدم وضوحها ,  وتشتتها إلى حدِّ التساؤل : ماذا تريد السّاحليَّة من حمل الصحراء على ظهره ؟ في النتيجة لا تقول شيئاً يهم المستمع أو المشاهد البتَّة . أنما بالفعل لوَّنت زغبَ الثواني الشُّغُوفة بسرقةٍ عمدَّها التاريخ بزيُوت المعابد العتيقة , جعلته يراقب أبراجاً مؤقتة في مياه استحمامها .    عادا حذرين لاقتناص هيام الإوَزّ المتنكرة في أردية السّلاحِف  .  حبيبها المخطوف من جهة لم تستطع تحديدها عرَّافات الحيّ مازال يتضخم المارِد  في صمته .. يا للحزين هذا الشَّهِيُّ البالغ العُمْق يرصف درب رهبنته بما تيسر من سورة مريم , فروحه ما أكثر” عاقولها ” وصل إلى أشعة مصابيح المدن ..حتى سَمَك الشَّبُّوط ” سُولف ” للبلام خرافة الميناء : ( عمي يا بلام ضلوعي سفن لا توجد فيها زعانف أمينة ؟ إلا الشواطئ التي تقيأت أهلها وانكسرت بأرواحهم المجاديف , تلك الأنثى المملوءة بالشَّوق والبنزين لبَّت وانفرطت إلى خرز للدزادين والحقائب الجلدية , كانت له الإدام  وفاتحة للشَّهِيَّة .. يغمس عرقها الزَّيْتيّ بألق الرّاوْند . فحين أغوته.. شغَفَها حُبّاً وفاضت نفسه وروحه , وألْبَدَ بالأرض الشّاطِر .. يتهيأ للمثول الحِسِّيّ أمام المَلَذّات المادِّيَّة .تلويه الهموم ؟ ماذا يفعل بموج دمعها  ؟ كل دمعة بحّارة أكبر من بيضة الديك . تلطم رمال قبيلته المتزلجة على … الأزمنة . أكثر من تزلجها على الثلوج ..  ماذا بقي من العُمْر والعُثَّة نخرت السّاري , وولولات الرُّبّان وصلت إلى مؤخرة  الدنيا بعدما أخذته وحشة الخجل بالمرساة ,  وفي كلِّ نفس ثمة قراصنة صوماليون  يذبحون إرث المضافة بسيف العنتريات  . ( لم يكن السبب في تألق الحكواتي النَّورس من فنه هو إحساسه العميق بفنه العامّ الذي حقق توازناً بين التعبير عن الشهوات الدفينة وتصويرهما بإتقان , بل تمكنه من الدخول إلى أعماق عواطفهما , وبراعته الفائقة في تقديمهما بموضوعية ظاهرة , كما أظهر أن نتائج تصرفاتهم تثير فينا المشاعر بشكل عميق .؟ ) .
مُذ رآها .. هرطق  قلبه وورّق حنيناً تعربش على فانتازيا الملل كي لا تكون موطئ قدم لإله الشر .؟ كيف يكون البدويّ منكسراً حيال نفسه وحيال الآخر .؟ ماذا يفعل ببراثنه ؟ حاول انتهاز لحظة الارتجاج . فطرح نفسه موجة صوفية كخيار للخلاص , هذه متاهة سريالية تنتهي عند خيمته فيقدم لها الشّاي قبل الغروب .. تذهب الشّمس ويأتي الهواء العليل . هي في حضرة زمن آخر , وثقافة أخرى ولهذا تمنى أن يكون جميلاً؟ فقط لإرضاء رغبتها الأولى قبل عهد التصحيح .فتقاطيع وجهه لم تدهشها أبدأً بقدر التعبيرات الصوتية  الفاقدة عقلها , فهي دائماً على كورنيش ذاكرته المكتظ  بالنِّسْيان  يطوف بها في الهزيع الأخير , يفركُ الطِّيب في أذنيها ؟. . حسناً ماذا يفعل بشيب الأربعين والدفء أتاه بآخر القيظ …. في نفس الوقت كان قلبي يعتصره هذا السؤال المباغت.؟ الذي  أبكى الرجولة المدكوكة فيه ؟ لذا تبخرت إلى غيمةٍ هطلت عليها بالبَزْر تحت العَلم الوَطنيّ حيث كانت تلهو بكُرات ِ الدَّم .؟… فلقحت ..                          لإنجاب الإناث وخصوبة الخيال . روافد النَّهْرالمكتوب بفضاءات حرف الفاء                                    كان حديثاً ودياً للولوج إلى البوليفار .. المطعم الفخم الذي ينكسر على أمواج المتوسط لهجة ساحلية تشرَّبته تماماً . والنَّور الأصفر المبهر يتجمد على الشّارِع باهتاً وكأنه يبس بأعواد المشانق . خطواتهما تتعهر بالمَشْي .. تتشاغل بنسيان مطربها المشهور,  وهو يحمل أصناف أخرى لها لونُ الرُّوح ِ . هي ليلكية ذلك المساء ..” مساء القرنفل سيدتي ” قالها بعدما فاض عُمْره, ويسراها مرتاحةٌ حول يمناه ,  ضحكتهما تشتلُ الأفقَ بالحبِّ والورد ِ                                                                                                                         واللَّهفة العارمة ؟ .   ” أن يقتلع الرِّيف من داخلك هذا يعني أن تكون إنساناً بلا طعم أو رائحة ” من يقف وراء اقتلاعه .. سؤالاً كان لابدَّ منه في ذلك الجوّ المفعم بالجُنُون والخجل والشَّوق . إنَّ منطقَ أن يكون غيمة مشبعة بالرَّذاذ المشاكِس يجتاحه , لكنها لم تهطل بعد على يباس روحه . لذلك حدق في عينيها الشاربتين حليباً ممزوجاً بالكاكاو . فوجد  الدكنة ُ ذاتُ الدكنةِ  والزلّ , وعِرق السُّوس , وأسراب الصعو الهاربة من الصياد  الذي لا يفهم إلا لغة المناجل الهاوية على أعناق الحِنطة التي تشبه كثيراً حاجبيها المعقوفين حيث يكون للرِّياضِيَّات معنى .  (غزارة التصوير في التعبير سادت وانتشرت في مفاصل الحكاية دون المساس الكبير بتشكيل النَّصِّ من الخارج لأن الحكواتي النَّورس يعتقد أنه في العمل النحتي يجب احترام خصوصية المادة وعدم تغييرها .) العابرون اليومَ ” البوليفار ” يذرفون لأجلهم نظرتين .                                                                  سأتركهم في نور آلامهم ْ يتذوقون مُتعة التعميد في زيت  الكهف  البكر , ويفركون أعينهم بعفريتاتها  الضائعة. كانت من هواة النظرة الأولى لحضارة تشرب خُلاصَة الشَّعِير مستمتعة باسمه العصري على أنه من سلالة نبيلة تنتمي إلى  الأشرِبة الرُّوحِيَّة .. تأسرها حِظْوَة الخُبز السِّياحي ناسية بأن العاقر تحبل من رائحة عفونة التُّربة ليومٍ مَمْطُور . أيها الغامِق فينا أطفأ صمت عطشهما  المتهدم .. والمتدحرج في العدم ,لا تتصوّر   أناقة الجرسون الباردة كيف ترجمته  بحرارة .. لها مفعول الرطوبة الزائدة   :               ـــ  كم أنت غائرٌ في الخدِّ أيها البدوي ُ .  ساعته العجوز كالحيَّة تخنق معصمه تعلن عن استيائها من الوقت , وبنات أفكاره المسربات بدافع القهر والبحث عن اللّذة لا يدخلن المدرسة ..يعبرن عن ذلك التمرد بالهمس وتماسك الأيدي .      رأيت اللَّقالق تحوم على ” بهو البوليفار ” واستطاع  برعونة  أن يجفل غزالات دمعها , لكن هل رأت في عين اللَّقالق الحائمة ذكر الغزال الأعْفَر .  قلبه المغلف بهالة الوصايا العشر غامِقاً أكثر مما ينبغي , يقصد الغرفة الصَّاخبة .. يخترع لحظات لا يفهمها الناس ” إذاعة .. يا إذاعة ” وبعدم الرد يتوحش كالأسد الهَصُور, لا يزال بعيداً جداً عن تكنولوجيا التلوث , يحمل كل ذلك التاريخ في وجهه الذي يضج بالإيحاءات الهائلة حول الصراع , والآلام , والعبث , يعكس هاجسه مع العالم وحتّى مع نفسه .. أين هو الخلاص .؟ ( وكم هو معذب التاريخ ! ) هي  حالة نصب يعيشها مع حاله فترجمها على الفور  : ” .. الناس هنالك في بلدي يا رغوة الكابتشينو في طيبة عينيك الطيبتين ” . ( ..  ساهمت معرفة أبعاد الأصوات وعلم خاص  في دلالة الكلام المرافق للأصوات الرخيمة من جعل ” التشيلو والكونترباص والفيولا والفيولنسيل ” متسيدة على مفاصل الحكاية وإيصالها للمستمع على أنها صور لحالات الراوي .؟ لكن على أيِّ نغمة أخرى  تم خطف صوته الهَدّار حتى دك بكل هذه الموسيقى …      .. الأصوات لم تكن منسجمة مع حركة الجملة الأولى ..لذا لم ترتفع ذائقة المستمع وتتسع رؤاه التأملية . فكلما حلّق الحكواتي النَّورس بعيداً ازداد الظلام من حوله .. أقترح حجب السرد كله , لعدم توفر المأمول من الشّخصيَّة الغائبة ومن مختطفها , فكلما امتلأ بالكارثة يرمي بجثث أفكاره عند أبراج الصمت لتأكلها الطيور الكاسرة . هكذا تبقى تلافيفه نظيفة ونقية , وإلى فرصة أخرى بتمكن أرقى واقتدار أكبر . )      وقبل السكوت عن الكلام المباح ..؟؟!   أعلم أيها البدويّ السَّعيد .. بأنني  الحَرامِيَّة  التي نفذت عملية خطفك بجسارة محارب .., وكنت َ الأسْمَر الشّاب الذي  احتضن آلة الكيتار وامتصَّ آخر ما بُحَّ في حلقها من نغم ٍ . ظهرتَ  قُبالة شواطئي  بغبار ٍ كاسح , عقرتَ نوقك في  داخلي الحالم بمشوار ٍ فني إلى البرِّيَّة ِ , خلعت العباءة المطرزة بأرْغِفة التَّنُّور , ..رميت عصا البداوة  بعيداً نحو الغيم .. وصهل أدهمك اللِّين في مراكض الزَّلق ِ المريح ِ :                             ( القيصر .. أنا القيصر .؟ )                                                                                          فدائماً تتهيأ للنهوض الهاطل ..يجذبك جوع الطِّين الشبق حيث تتكون منه مفرزاتك البدائية , وبعبقريّة اجترَّت المرارات لهثتُ وراءك كاللّبْوة الداركة ما فاتها من جوع باسِل ؟  أصرخ  من  أعماقي : خطفتُ من ضحكتكَ الصَّوْت … وتعمقتُ فيه حتَّى سحبتَ داخلي …  أنتَ   صرخة الدمع المخبأ في تفاصيل الجسد .                             ارتوتْ روحي قلقاً وكدْتُ من الهِيام أهوي .