كان اللقاء في الصالون الثقافي في نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي ذا طابع خاص , ذلك أن الحضور قد تمثل في عشاق الابداع السعودي متمثلا في الروائي عبده خال الذي حصد جائزة البوكر عبر روايته ( ترمي بشرر ) وكنت المنوط الي تقديم هذا الروئي في جلسة ضمت ايضا الناقد الدكتور / سحمي ماجد الهاجري وبحضور وكيل وزارة الثقافة والاعلامي السعودي / ابو بكر باقادر وسعادة السفير السعودي الاستاذ / أحمد القحطاني وجمع من عشاق الادب من ابناء هذا الوطن والاشقاء من المملكة العربية السعودية مشاركة من الاشقاء في اكتمال عقد الحضور العربي في الاحتفاء بالدوحة كعاصمة للثقافة العربية . بدأت هذه الندوة عبر الكلمات المختصرة لمقدم اللقاء دكتور حسن رشيد حيث قال نجتاز هنا في دول المنطفة الكثير من الصعاب لتقديم الزاد للاخر ذلك أن الاعتقاد السائد لدي الاخر ان الخليج لا يحفل بالمبدع ,انه يعتقد اعتقادا راسخا ان الخليج فقط نفطا وغازا وهذا الظن او الاعتقاد يخلق فجوة بيننا وبين الاخر ولكن في هذه الامسية يسعدنا في نادي الجسرة ان نقدم مرجعا من هنا من الخليج حصد اكبر جائزة عاليمة ونعني جائزة ( البوكر ) أنه عبده خال هذا المبدع الخليجي المهموم بقضايا الانسان والمجتمع وهو يسعي لاستمرار ان يقدم معاناة الانسان داخل واقعنا الخليجي من هنا فأن هذه الجائزة وسام علي صدورنا جميعا 0
الروائي الكبير عبده خال رغم أن ( ترمي بشرر ) قد اثارت الكثير من اللغط والنقاش ولكن اعتقد ان هذا الامر سيحفزك نحو المزيد من الابداع ذلك ان الواجب يحتم عليك ان تقدم لمجتمعك ثمرة فكرك وان تترك خلف ظهرك كل المفردات التي تخلق فجوة بين ابدعاتك وواقع مجتمعنا الخليجي العربي ولا تنسي ياصديقي انك امام فوهة المدفع وانا علي ثقة من قدرتك علي اجتياز كل الصعاب واذا كنت الان تمثل المرحلة المتوجهة من الابداع السعودي في مجال القص والرواية فأن ابناء المملكة العربية السعودية ممن سبقوه قد حملوا مشعلا موثرا في هذا الاطار فالرعيل الاول المتمثل في ( حمزة شحاته ، عبد القدوس الانصاري ، عبد الفتاح ابو مدين ، عزيز ضياء ، محمد حسن عواد وغيرهم ) قد كانوا جسرا لظهوركم بدءا من (غازي القصيبي ، محمد حسن علوان ، غالب حمزة ، تركي الحمد ، ابراهيم الحميدان ، محمد عبد الله المزيني ، وعبده خال وغيرهم ) ولا يقتصر الامر علي الرجال فقط , فقد كان لتاء التأنيث دورا هاما مثل ( سميرة خاشقجي ، رجاء عالم ، ليلي الجهني ، زينب حفني ، قماشة العليان ، ساره العليوات ، رجاء الصانع ، بدرية البشر ) وعشرات الاسماء سواء الاسماء الحقيقية او المستعارة مثل صبي الحرز ، وطفي الحلاج 0
ولقد تحمل عبء البحث وتقديم جل هؤلاء المبدعين نقاد حملوا مشعل الانارة لافكارهم واهم هؤلاء الدكاترة ( سحمي ماجد الهجري ، معجب الزهراني ، عبدالله الغدامي ، سعد البازعي ، عبد العزيز السبيل ، حسن النعمي وغيرهم ) بعد هذا الاستهلال من قبل دكتور حسن رشيد رئيس اللقاء تحدث عبده خال وقال ساعود بالذاكرة الي قريتي التي اثرت تاثيرا حقيقا في مثيرتي وجعلتني باحثا عن الكتابة انا ابن لامرأة تهيئ الجنائز لابنائها مع كل موسم مطر او مع كل جائحة مرض تعبر قريتنا تلك القرية التي كتبت عنها ومنها ( الموت يمر من هنا , منسية استقرت في جوف الوادي وفي الظلمة المعرفية بقيت تلك القرية هناك ، محاصرة بالامراض والامطار واهازيج الزراع ، وما بين الحصد والحصد ثمة لحظات انتظار طويلة ينتظر فيها الناس ماذا تلد لهم الارض في لحظات الاسترخاء لم تكن من نافذة علي الحياة سوي الحكاية : والحكاية بمفهومها الاسطوري لا الحياتي ، يبدو أن التعب اذا تغلغل في جسد المزارعين ليس من وسيلة لاخراجه سوي الحلم : والحلم من خلال الحكاية ذكرتني امي حينما كبرت ان اباها كان يردد ” يا كديد يا مكد يا مكدكد يا كتير النكد : لا شايبك يشيب ولا نايبك ينيب فين ( اين ) عبده فين أمنة فين حسينة ، وهؤلاء كانوا ابناؤه الذين رحلوا في يوم واحد عبروا طريق واحد الي المقابر بسبب الجدري الذي حصدهم دفعة واحدة
هذه الام ودعت ايضا ستة من ابنائهم احدهم مات ضاحكا واخر مات بالحمي وهكذا حتي اذا جاء عبده كان له اخ اكبر اوصي أمه بأن تسميه عبد الرحيم ، وكانت تردد دائما يا عبد الرحيم يا صابر أن الله مع الصابرين : شخصية عبد الرحيم هي لسيد تقول الاسطورة ان قبره يتحرك في كل سنة بمقدار شبر حتي اذا قطع الفيافي وصل قبر الرسول صلي الله عليه وسلم قامت القيامة
واراد أخي الاكبر الذي بقي هاربا من الموت ان تكون هذه الثمرة في بطن امه اسمها عبد الرحيم عندما نزلت الي هذا الوجود كان اخي الاكبر قد مضي ايضا واستقبلتني امي كشخصية ميتة سوف تلحق بباقي الاخوة عاجلا او اجلا ثم توالت الامراض تباعا علي عبد الرحيم ، ولكي ينجو من الموت ثمة طقوس وثنية كانت تمارس في القرية ، فقيل لها غيري اسمه لعله ينجو من الموت عبد الرحيم اصبح اسمه عبد اسود ، كنت داكن البشرة بين اخواني فكان يقال الاسود وحذف المقطع الثاني ليصبح الاسم عبد اسود ، ويبدو انني متخف من الموت بهذا السواد ، في تلك الطفولة كانت الوالدة تحلم بان يغدو هذا الذي بقي من ذكورها مقرئا في المسجد ، وكانت تصر علي ذلك عندما تردد أهزوجة /: وابني سرح يقرأ سرح بعبده قبلو ، ويا معلم علم ابني وهجو ( علمه التهجئة ) وان غوي ابني في امحر ( الحر ) لا تضرب ابني اضرب عبده : عبده المقصود في هذه الاهزوجة هو مرافق للمعلم وليس انا اوكلتني لسيدة لتعليمي القرأن قضيت ستة اشهر لم استطع تجاوز البسمله وكانت معلمتي تضربني ضربا مبرحا وتقول هذا لن يصبح الا حمارا ، ستة اشهر وانا اتهجئ البسمله ولم افلح ، وحين ايقنت معلمتي انني ساغدوا حمارا اوصت امي بأن تهتم بعلفي كي استطيع تحمل صلافة الحياة
في تلك الطفولة الاولي يتحول الليل الي نافذة مفتوحة للحكاية ينسي الناس تعبهم ويجلسون بقرب نافذة الحكايات ثم تتفتح هذه الحكاية من خلال امراة ترويها وكل ليلة ثمة حلم جديد وعبور من خلال الحكاية من الجنيه التي ترق الي حال البطل وتنقله من حال الي حال الي خاتم سليمان الي البساط السحري
ما اذكره ان تلك المراة حين كانت تحكي كانت تفرض صمتا عميقا علي الحضور الحكاية هي سيدة السلطة واستشعر ان عندما تحكي علي الاخرين ان يصمتوا وكان الصمت مقدسا لا يستطيع احد ان يخترق الحكاية واي شخص يتحدث اثناء الحكاية يبعد عن المكان لانه تجرئ علي سلطة الحكي تقوض حلم الوالدة ان اصبح مقرئا للقرأن ثم قست الارض كثيرا وهجرة السماء للارض طويلة تسببت بموت كثيرا من الاراضي والحقول فكان لابد من الرحيل لامرأة تحمل علي عاتقها ان الرجل والمراة في أن ، انتقلت الي جدة فاذا بحلمها يتحول الي أن يصبح عبده نجارا اوكلت مهمة تعلم النجارة الي النجارين في الحي واذكر المنشار الذي اكرمه وكنت كلما اريد خشبة اتجرا علي جزء من جسدي ثم عملت لحاما وحدادا 0
ويبدو انها عادة لدي اهل الحجاز في اعطاء الفرصة للبنين ليتعلموا كل شئ وكانت الاجازات في جدة مجالا ليرسل الاهالي اولادهم ليتعلموا منها في الحجاز مفصل أخر هو الحكواتي الذي كان في المقاهي ولاحظت ايضا تلك السلطة التي يمتلكها حين يفتح كتابه ليروي سيرة عنترة او الزير سالم او راس الغول فيتحول المجلس الي اصغاء تام ولا يستطيع احد ان يعارض وجوده 0 انها سلطة الحكاية مرة أخري 0
كانت اول تجربة لي للامساك بهذه السلطة حين جمعت اطفالا اصغر مني سنا وبدأت انشئ لهم مسرحا أنا الكاتب والمخرج والممثل 0 ومن هنا بدأت استشعر أن الحكاية هي كيف تستطيع ان تقنع الاخر حين تكون باثا لها 0 في تلك السن تعرفت الي سوبرمان وبدأت احلامه تراودني ليس علي مستوي ان تكون خارقا بجسدك وقوتك بل من خلال اقتراح حكاية تمنحك تميزا ما 0 وايضا مردها الي الطرف البيئي الاجتماعي في الحجاز 0 وخاصة ان ابناء الطبقات الفقيرة لا يستطيعون شراء اعداد مجلة سوبرمان فيتبادلونها فيما بينهم 0 ايضا ممكن ان تتحول الي مستثمر حين يكون لديك كمية كبيرة من هذه الاعداد وتؤجرها يوميا 0
اكتشفت الكتب الضخمة عند الوراق وبدأت اتجرأ علي اخذ غير سوبرمان ووجدتني اقرأ اول كتاب وهو ( تلبيس ابليس ) وفيه الاسطورة التي راودتني منذ الطفولة كتاب كنت اقرأه في اوقات كثيرة واتخيل ذلك العالم السحري الذي خرج منه حاملا اسطورة دينية وبالتالي كان المجمتع المتدين يبارك ان تقرا في هذا الجانب والاسطورة التي يتوافر عليها ( تلبيس ابليس ) من القوة بحيث تؤسس تلك الذاكرة المنطلقة لطفل يبحث عن سوبرمان الذي استطاع ان يحكي الحكاية واذ بي من خلال هذا الكتاب اتسلل الي ” بين مدينتين ” ” والبؤساء ” و ” بائعة الخبز ” و ” الجريمة والعقاب “
لم اقرأ رواية عربية قبلا 00 اصبحت لغتي هي ما اتميز به بين اقراني واصبحت كاتبا في الحارة لشعارات الفريق 0 وتجرأ احدهم وطلب مني ان اكتب لحبيبته لكن كانت اخطائي الاملائية كبيرة جدا وبالتالي فهمت الحبيبة فقط نصف الرسالة 0 واذكر الي الان انني كتبت شعارا لفريق الحارة ويبدوا انهم ارادوا ان يحتفظوا بخطئ شنيع ارتكبته ومازال موجودا في احد الازقة وهو ” يعيش الكافح ” بدل ” يعيش الكفاح “
الرواية العربية قرأتها في الاول وجاءتني هدية من اخي لأمي احضرها من القاهرة وتعرفت الي محمد عبد الحليم عبد الله , والسحار, وتوفيق الحكيم ، ونجيب محفوظ ، وطه حسين ، والعقاد 0
كوني ذكرا في اسرة مكونة من فتاتين وام جعلتني مسؤولا عن احضار كل مستلزماتهن الحياتية 00 كان يدفع بي في تلك السن المبكرة ان اذهب الي السوق لشراء السمك وغيره كان كل يوم يعني ان اتعامل مع بائع او عابر سبيل في هذا المشوار الطويل 00 وكل يوم لابد ينطوي علي حكاية مع اناس تعترك معهم وتكتشف شخصيات تنبع من الشارع 00 وكانت مدينة جدة تتحول الي كرنفال في ايام الحج حينما يسيح الحجاج في شوراعها 0 فتلتقي ثقافات واجناس مختلفة 00 هذا عالم مؤثر 00 وكنت اقطن في شارع الميناء وهو قريب جدا من مدينة الحجاج 00 وكنا نقوم بالتواصل معهم لتقديم الماء والبيع والشراء 0
هذا الطفل الذي تنبأت المعلمة انه سيصبح حمارا وببركة المداومة في المدرسة اذ بي انجح في الثانوية وادخل الجامعة 0 والدتي كانت لا تنسي ان ثمة من كسر حملها في ذلك الطفل واذكر انها جهزتني حتي اعود الي القرية وهي المرة الاولي التي اعود اليها بعد ان غادرتها اشترت هدية واصرت ان اذهب الي معلمتي وان ابلغها تسلم عليك عايشة وتقول لك الحمار دخل الجامعة
الان اكتشف ان الحمار هو لقب علي الانسان ان يحمله اذا كان جلدا صبورا والرواية تجعل منا حميرا ” الموت يمر من هنا ” ( الرواية الاولي ) لو لم اكن امتلك صبرا وجلد الحمار لما كنت كتبتها ، اذا قضيت 11 عاما حتي انجزتها 0
في سن مبكرة كتبت اول قصة قصيرة كان عمري 17 عام وكنت اريد ان اجرب الي اي مدي استطاعت ان امتلك سلطة الحكي فوجئت انها تنشر باحتفاء وتمثل في الاذاعة السعودية بوصفها نموذجا من الادب السعودي لكن هذه الفرحة الغامرة لم تستوطن الفؤاد لانني كتبتها باسم انثي نيفين عبده ويبدوا ان اسم الانثي هو الذي مكنها من ان تحتل ثلاثة ارباع الصفحة ويحتفي بها في الاذارعة . اتصلت بالاستاذ السباعي عثمان وقلت له انا نيفين عبده صخب الرجل وقال انك هكذا ضللت النقاد ويبدوا انني ضللت السباعي عثمان رحمه الله ارسلت له فيما بعد قصة باسم عبده خال وكنت اظن انني اكتب قصة جديدة كان البطل قطا يرقب الحارة ويروي ما يحدث في كل بيت ، انتظرت عشرة اسابيع وجدت ردا في اسفل صفحة الادب في جريدة المدينة يقول عبده خال ارجوا المحاولة مرة اخري فانت لا تعرف لغة الحيوان والقصة مهلهلة وعليك ان تراجع كتاباتك 0
عندما اردت ان افرح مع اقراني بالقصة التي نشرت باسم نيفين عبده واذا بي اتحول الي مسخرة اتجهت فيما بعد الي كتابة الشعر وكان مكسرا وسخيفا واستمررت في الشعر والخواطر وفي جريدة الشرق الاوسط كنت ارسل الي بريد القراء في كل اسبوع قصيدة وجدت ان معدتهم لم تحتمل هذا الضغط الشعري فلجأت الي مجلات وجرائد اخري حتي اذا التقيت السباعي عثمان في جريدة عكاظ التي انتقل اليها مديرا للتحرير قال لي اذا ارادت ان يكون لك شأن اكتب القصة ودع الشعر لاهله ومن ثم قدم الدكتور حسن رشيد المعقب الدكتور سمحي ماجد الهاجري الذي قدم العديد من الدراسات والبحوث الجادة بجانب دوره الاكاديمي ويعتبر احد ابرز مؤسسي اعضاء حلقة ( حوار ) والباحث الدكتور الاكاديمي اثري المكتبة النقدية بالعديد من الكتب الهامة منها علي سبيل المثال لا الحصر
1 . سجال الخطابات ( قراءة مختارة في الادب السعودي
2 . القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية
3 . جدلية المتن والتشكيل ( الطفرة الروائية في السعودية
وبدأ بعدها الدكتور سحمي التعقيب علي اعمال الكاتب الروائي عبده خال
بسم الله الرحمن الرحيم
طاب مساؤكم بكل خير ومرحبا بهذا الحضور المبهج في نادي الجسرة الادبي الثقافي هذا النادي الذي يمثل جسرا بين المبدعين والمثقفين في دولة قطر العزيزة وجسرا بينهم وبين الابداع والثقافة سواء في محيطهم الاقليمي او فيما هو ابعد من ذلك وبما ان هناك العديد من الدراسات عن الرواية السعودية فسوف اكتفي هنا بالتركيز علي روايات الاستاذ عبده خال الفائز بجائزة البوكر الدولية للرواية العربية هذا العام ومن محاسن الصدف وجميل الموافقات ان يتزامن هذا الفوز مع الاحتفال بدوحة العرب عاصمة للثقافة العربية وهو امر لن ينساه عبده بالتاكيد سوف احاول في لمحات سريعة ان ندخل معا الي عوالم رويات عبده خال حسب تسلسلها الزمني فأنا تربطني بعبده خال علاقة طويلة ولمن لا يعرفون ذلك في ورشة النادي الادبي بجدة ثم في نادي القصة وبعد ذلك اسسنا معا جماعة حوار جدة عام 2003 مع الدكتور حسن النعمي والاستاذ علي الشدوي
عبده خال كائن سارد كائن يخترق الحكايات والمواقف ويعيد كتبابتها برؤية جديدة ويجيد نسجها وتوظيفها بدأ باصدار مجموعات قصصية متميزة منذ نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات ثم اصدر روايته الاولي الموت يمر من هنا عام 1994م وكانت هذه الرواية اضافة الي رواية غازي القصيبي ( شقة الحرية ) اذا انا في بداية عصر جديد في مسيرة الرواية السعودية المعاصرة
اذن عبده خال حضر منذ بداية الطفرة الروائية السعودية وكان احد مدشنيها وبعد ذلك كون لنفسه معتمدا روائيا لعله الاقوي بين جميع الروائين والروائيات السعوديين من خلال اصداره لسبع روايات اصبحت معروفة او متداولة علي المستوي العربي والعالمي خاصة بعد فوزه بالجائزة وهذه الرويات هي
الموت يمر من هنا عام 1995م , مدن تأكل العشب عام 1998م , الايام لا تخيئ احدا عام 2002 م الطين عام 2002 م , نباح 2003م , فسوق 2005م , ترمي بشرر 2009م
ومما يميز عبده خال انه موهوب ومتمكن من ادواته السردية وواع بشروط الكتابة الروائية وفضاءاتها الواسعة والامر الثاني انه شخص دؤوب لا يكل ولا يمل من الكتابة , الامر الثالث أنه متطور في امتلاك الاداة والرؤية للموقف
واتضح وعي عبده خال بشروط الكتابة الروائية منذ روايته الاولي لتعدد اصواتها وحواديتها مع سياقاتها التاريخية والثقافية والاجتماعية وكم الخطابات والنصوص المتخللة ” بحسب عبارة باحثين التي يدمجها في نسيج النص الروائي ويوظفها لاثراء المحكي الاساسي للرواية
في هذا العمل داب عبده خال علي استعادة جزور المتغيرات من اقصي تلافيف الذاكرة الشعبية والحكايات الشعبية في منطقة جازان بجنوب المملكة وما تمثله من عمق انساني لتعود جزءا من الذاكرة الجماعية علي مستوي الوطن وما تمثله من اتساع كان البطل يقوم بدور المراقب عندما يطمر جسده في الارض ولا يظهر الا رأسه ليراقب والي القلعة وشيخ القبة ويرصد افعالهم المناقضة لاقوالهم
وتحويل نتيحة المراقبة الي مدونة تواجه مدونة السلطة وكتابة تخص اصحابها في مواجهة كتابة السلطة
يقول ( موتان ) لأمه لماذا السوادي يمتلك كل شئ والقرية لا تملك شئا ؟
فترد عليه الذي يمسك بالقلم لا يكتب نفسه في زمرة الاشقياء فيقول من يومها قررت ان اتعلم
وتمثل شخصية ( شيرين ) في الرواية ذاتها نوعا من استنباط ضرب من الوعي لمقابلة الظلم الاجتماعي من خلال تجريد شخصية وظيفية تكون بمثابة بقعة ضوء وسط الظلام
وفي رواية ( مدن تأكل العشب ) نجد قصة الفرد المهمش المسحوق الذي يسكن الاحياء القزرة ويعمل في الوظائف الحقيرة انها شخصية تعيش في المدينة فتزيد ضخامة المدينة ضالة الفرد وسحق احساسية ومشاعره وتطلعاته ولهذا يشن الراوي هجوما مفزعا علي المجتمع
وفي هذه الرواية تبدو مخاتلة الواقع الاجتماعي من خلال المقاطع التفصيلية الطويلة
يقول السارد ” احترم كل تجربة انسانية وامنحها حسن الظن ومع هذا الايمان فان ما كتبه المؤلف المجهول من الفاظ لا اقبله وارفضه جملة وتفصيلا وانبه القارئ العزيز ان ما كتبه المؤلف المجهول في هذا العمل لا يمثل رايي البته لذلك فانا اتنصل من كل تلك المقولات التي جاءت علي لسان الراوي المجهول “
وفي رواية ” الايام لا تخبي احد ” ترصد جل القرية والمدينة وتحكي قصة الذات الفردية القادمة من القرية الي المدينة وهي تحاول الانتماء الي المدنية ولكن وهم الانتماء يتحول الي مجرد اختباء حين تكشف الايام هشاشة وضعها
تقول الذات الساردة سنون طويلة قضيتها هنا دخلت الحي غريبا وعندما ارتوت جزوري بهوائة وناسه ازهرت الحياة في اوردتي وخلعت اوراق الخريف وبدأت انمو كنخلة اطمأنت لموقعها فارسلت جزورها الخضراء وعندما نظرت الي اعلي لم تجد عصافير تشقشق فرحا باستطالتها فلم تيأس وانتظرت مجئ المواسم القادمة وتمر الايام وتعبر المواسم كانت المواسم تقبل وتدبر غير مكترثة بانتظاري فاكتشفت ان الربيع لا يتوقف من اجل نبته تتعلم النمو والاخضرار
اما رواية ” الطين ” فقد اخذت مسارا مختلفا وركزت علي الجوانب النفسية والفلسفية والبنية التركيبية في تقسيم الرواية الي قسمين كبيرين ينتهي القسم الاول حين يقول الدكتور حسين ” بطل الرواية ” من اراد متابعة حكاية هذا المريض فساعلمه بدم بارد انها انتهت ومن اراد اكتشاف الدمار الذي اورثني اياه مريضي فسجده في الصفحات المتبقية وهذا يفسر تقديم الرواية في مجملها داخل اطار عام يشبه الريبورتاج الصحفي من استفتاء اشخاص حقيقيين او مفترضين وادماجهم في متن الرواية باشخاصهم الحقيقية مع نبذة عن مؤهلاتهم العلمية والعملية وكسر الحاجز بين الرواية والربيورتاج الصحفي نقل الصيغة بمجملها الي افق اخر وعمق بنيتها الاساسية القائمة علي طريقة التشعب ولهذا فهي من النصوص التي تتفرع وتتشعب كالغابة لكنها تتيح لكل منا ان يجد ممراته الخاصة حسب عبارة امبرتوايكو 0
فراوية الطين تقدم مجموعة من الممرات الخاصة منها النفسي ومنها الفكري ومنها الفلسفي بداية من الوحي ونهاية بالعلم وتبدوا كأنها تقدم تفسيرا وتصورا خاصا بالذات والكون والعالم خاصة وان الفترة التي ظهرت فيها الرواية شهدت اقبالا علي مؤتمرات الاعجاز العلمي فصارت مقولتها الاسايسة في الزمن فهي تعيد تفسير الظواهر الغامضة تفسيرا زمنيا بطريقة ترتكز علي البعد الفلسفي للزمن ومقولات انكماش الزمن في ظل معايير القياس الجديدة وتتقاطع مع ما ذكره الدكتور احمد زويل في كتابه عصر العلم
فعند الدكتوررحسبن ليست السرعة مجرد عكس للبطئ والتمهل بل هي طريقة للعيش والسكن في هذا الكون انها تحدد وجودنا من عدمه وهي التي تفسر لحظة النشوة حين نذوب ونتلاشي كي يصبح زمننا صفراء وهي التي تجعلنا نتصور حيوات متعددة بسرعات وترددات مختلفة فبسبب السرعة نحن نعيش في دوائر زمنية في امكنة ذات ترددات مختلفة وفي دائرة واحدة هي الحياة
وفي رواية ” نباح” تعرض عبده خال الي حرب الخليج الثانية ونزوح اليمنيين من المملكة وملاحقة البطل لحبيبته التي نزحت مع النازحين ولكنه وجدها قد امتهنت البغاء وحملت سفاحا فطلبت منه طلبا اخيرا باسم الحب السابق ان يسجل نجلها باسمه فوافق وكانه يقول ان نجل حرب الخلج الثانية سجل باسمنا جميعا اما اباؤه فانهم جميعا اوغاد العالم الذين اهدتهم الرواية لعنة كبيرة
وفي رواية ” فسوق ” يعود عبده خال الي الاشتباك مع الواقع المحلي مرة اخري مع قاعدة سد الزرائع ومع ثنائية المفاضلة ( اما ابيض اما اسود ) ولا مكان للوسطية او للنسبية كما طبيعة الامور
يقول السارد في الرواية لم تعد مناكب الارض كما خلقها الله غدا كل فعل محرم وكل حركة مكروهة وكل نفحة غير مستحبة وفي الرواية فضح للضلالات المعرفية فاللغة مثلا التي هي في الاصل للايضاح تحولها الدعابة الحزبية الي الة للاسهام والتعمية وبالتالي فان علي السرد ان يبدأ ويستمر حتي يكشف الحقيقة التي سبق ان طمستها اللغة .
يقول ” فواز ” اللغة تثبت الكذب علي كافة موجات المجتمع والكتابة تثبته مما يعني الحاجة الي كتابة مضادة يقول السارد الاول في الرواية ” جلست كمصور غمر قلمه الماء واخذ ينتظر انقشاع غبش الصورة كانت ملاحمها تتراقص تحت الماء الاقاويل شيئا فشيئا “0
وكان السرد هنا ضد اللغة واذا اخذنا شخصية البطل السارد في الرواية ( طارق فاضل ) مثالا فأن كثيرا من الاعمال السابقة كان السرد فيها يأتي من وجهة نظر الضحية او حتي من وجهة نظر الجلاد اما ( طارق فاضل )فهو جلاد وضحية فالوقت ذاته ولهذا يعتمد علي اللفظة لكشف ذاته ومجمتعه بصدق وليس بصراحة فقط لان تعريته الذات بهذه الصورة المقززة اقصي درجات الصدق هذه الاعترافات توصفها الناقدة اللبنانية رفيف صيداوي بأنها تشبه الاعترافات في الثقافة المسيحية التي ينزع الشخص فيها الي التخلص من عذابات النفس والضمير فاعترفات ( طارق فاضل ) تجاوزت بعض الروايات الخليجية والعربية التي تكشف المسكوت عنه وتسرد الخطايا القابعة في زوايا المجتمعات العربية لتنسج خطابا قائما علي بوح وتعر خالصين لجلاد تجاوز الخمسين واستفاق باحثا عن الانسان فيه بعد ان نحاه جانبا سنوات طويلة0
ومن خلال البوح الذاتي تكشف الرواية بعض عيوب المجتمعات العربية كافة عبر اطلالة نقدية راقية تستند الي ادوات السرد الفني بقدر استنادها الي ادوات التحليل الاجتماعي من تشخيص للوحدة المكانية وتحليل مكامن الخلل فيها وكل ابعادها الفيزيقية والتاريخية والاجتماعية وصولا الي رسم مصائر الشخصيات المحددة بالمستوي النفسي والاجتماعي
اما رواية : ترمي بشرر فهي خير مثال علي ان التراكم الكمي يؤدي بالضرورة الي تطور نوعي فقد حضرت فيها جميع انواع السرود كما يريد النقاد واتضحت فيها مفاعيل هذه الخبرة الكبيرة في ممارسة كتابة الرواية وبقدر ما فرح به النقاد فلابد من الاشارة انها ربما تكون متعبة للقارئ العادي بل وصادمة ايضا ولذلك فقراءتها تحتاج الي صبر وتدقيق وتفهم لواقع الحياة
ومن ان الطابع العام للرواية هو الطابع الميلودرامي ولكن يمكن ان ينظر لهذا الامر من جهتين
اولا : ان طابع الواقع العربي طابع ميلودرامي اساسا وبالتالي فلا غرابة ان تفوز هذه الرواية الواقعية بالجائزة بعد ان ذهبت الجائزة في الدورة الاولي والثانية الي رواتين تاريختين ( 1- الغروب ) لبهاء طاهر و ( عزازيل ) ليوسف زيدان
الامر الثاني أن حرفية الكاتب اخرجت الرواية من مأزق الرويات الميلودرامية الفجة التي تعتمد علي الصدق والمأسي والمفاجات غير المعقولة لأن الرواية مشغولة بحرفية شديدة فهمهمة الرواية كما يقول ميلان كونديرا هي تمزيق التيار الحاجب للحقيقة وكشف التمثيلات الاجتماعية المضللة
والمعروف ان الشخصية الروائية الواقعية تعكس جوهر الواقع اكثر مما تعكسه الشخصيات الواقعية الحقيقية في واقع الحياة
هذه لمحة سريعة عن روايات عبده خال وان كانت لا تفي بالتعريف عنها بالشكل الكافي ولكن ربما اعطت فكرة عامة عنها
أشكر الجمبع علي حضور هذا اللقاء الذي لم يكن مجدولا ولكنه يدل دلالة اضافية علي نجاح هذا المهرجان الثقافي الذي سعدنا جميعا بالتواجد فيه
الروائي 0000 عبده خال ولقاء الجسرة عرض الدكتور حسن رشيدناقد وكاتب قطري كان اللقاء في الصالون الثقافي في نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي ذا طابع خاص , ذلك أن الحضور قد تمثل في عشاق الابداع السعودي متمثلا في الروائي عبده خال الذي حصد جائزة البوكر عبر روايته ( ترمي بشرر ) وكنت المنوط الي تقديم هذا الروئي في جلسة ضمت ايضا الناقد الدكتور / سحمي ماجد الهاجري وبحضور وكيل وزارة الثقافة والاعلامي السعودي / ابو بكر باقادر وسعادة السفير السعودي الاستاذ / أحمد القحطاني وجمع من عشاق الادب من ابناء هذا الوطن والاشقاء من المملكة العربية السعودية مشاركة من الاشقاء في اكتمال عقد الحضور العربي في الاحتفاء بالدوحة كعاصمة للثقافة العربية . بدأت هذه الندوة عبر الكلمات المختصرة لمقدم اللقاء دكتور حسن رشيد حيث قال نجتاز هنا في دول المنطفة الكثير من الصعاب لتقديم الزاد للاخر ذلك أن الاعتقاد السائد لدي الاخر ان الخليج لا يحفل بالمبدع ,انه يعتقد اعتقادا راسخا ان الخليج فقط نفطا وغازا وهذا الظن او الاعتقاد يخلق فجوة بيننا وبين الاخر ولكن في هذه الامسية يسعدنا في نادي الجسرة ان نقدم مرجعا من هنا من الخليج حصد اكبر جائزة عاليمة ونعني جائزة ( البوكر ) أنه عبده خال هذا المبدع الخليجي المهموم بقضايا الانسان والمجتمع وهو يسعي لاستمرار ان يقدم معاناة الانسان داخل واقعنا الخليجي من هنا فأن هذه الجائزة وسام علي صدورنا جميعا 0 الروائي الكبير عبده خال رغم أن ( ترمي بشرر ) قد اثارت الكثير من اللغط والنقاش ولكن اعتقد ان هذا الامر سيحفزك نحو المزيد من الابداع ذلك ان الواجب يحتم عليك ان تقدم لمجتمعك ثمرة فكرك وان تترك خلف ظهرك كل المفردات التي تخلق فجوة بين ابدعاتك وواقع مجتمعنا الخليجي العربي ولا تنسي ياصديقي انك امام فوهة المدفع وانا علي ثقة من قدرتك علي اجتياز كل الصعاب واذا كنت الان تمثل المرحلة المتوجهة من الابداع السعودي في مجال القص والرواية فأن ابناء المملكة العربية السعودية ممن سبقوه قد حملوا مشعلا موثرا في هذا الاطار فالرعيل الاول المتمثل في ( حمزة شحاته ، عبد القدوس الانصاري ، عبد الفتاح ابو مدين ، عزيز ضياء ، محمد حسن عواد وغيرهم ) قد كانوا جسرا لظهوركم بدءا من (غازي القصيبي ، محمد حسن علوان ، غالب حمزة ، تركي الحمد ، ابراهيم الحميدان ، محمد عبد الله المزيني ، وعبده خال وغيرهم ) ولا يقتصر الامر علي الرجال فقط , فقد كان لتاء التأنيث دورا هاما مثل ( سميرة خاشقجي ، رجاء عالم ، ليلي الجهني ، زينب حفني ، قماشة العليان ، ساره العليوات ، رجاء الصانع ، بدرية البشر ) وعشرات الاسماء سواء الاسماء الحقيقية او المستعارة مثل صبي الحرز ، وطفي الحلاج 0 ولقد تحمل عبء البحث وتقديم جل هؤلاء المبدعين نقاد حملوا مشعل الانارة لافكارهم واهم هؤلاء الدكاترة ( سحمي ماجد الهجري ، معجب الزهراني ، عبدالله الغدامي ، سعد البازعي ، عبد العزيز السبيل ، حسن النعمي وغيرهم ) بعد هذا الاستهلال من قبل دكتور حسن رشيد رئيس اللقاء تحدث عبده خال وقال ساعود بالذاكرة الي قريتي التي اثرت تاثيرا حقيقا في مثيرتي وجعلتني باحثا عن الكتابة انا ابن لامرأة تهيئ الجنائز لابنائها مع كل موسم مطر او مع كل جائحة مرض تعبر قريتنا تلك القرية التي كتبت عنها ومنها ( الموت يمر من هنا , منسية استقرت في جوف الوادي وفي الظلمة المعرفية بقيت تلك القرية هناك ، محاصرة بالامراض والامطار واهازيج الزراع ، وما بين الحصد والحصد ثمة لحظات انتظار طويلة ينتظر فيها الناس ماذا تلد لهم الارض في لحظات الاسترخاء لم تكن من نافذة علي الحياة سوي الحكاية : والحكاية بمفهومها الاسطوري لا الحياتي ، يبدو أن التعب اذا تغلغل في جسد المزارعين ليس من وسيلة لاخراجه سوي الحلم : والحلم من خلال الحكاية ذكرتني امي حينما كبرت ان اباها كان يردد ” يا كديد يا مكد يا مكدكد يا كتير النكد : لا شايبك يشيب ولا نايبك ينيب فين ( اين ) عبده فين أمنة فين حسينة ، وهؤلاء كانوا ابناؤه الذين رحلوا في يوم واحد عبروا طريق واحد الي المقابر بسبب الجدري الذي حصدهم دفعة واحدة هذه الام ودعت ايضا ستة من ابنائهم احدهم مات ضاحكا واخر مات بالحمي وهكذا حتي اذا جاء عبده كان له اخ اكبر اوصي أمه بأن تسميه عبد الرحيم ، وكانت تردد دائما يا عبد الرحيم يا صابر أن الله مع الصابرين : شخصية عبد الرحيم هي لسيد تقول الاسطورة ان قبره يتحرك في كل سنة بمقدار شبر حتي اذا قطع الفيافي وصل قبر الرسول صلي الله عليه وسلم قامت القيامة واراد أخي الاكبر الذي بقي هاربا من الموت ان تكون هذه الثمرة في بطن امه اسمها عبد الرحيم عندما نزلت الي هذا الوجود كان اخي الاكبر قد مضي ايضا واستقبلتني امي كشخصية ميتة سوف تلحق بباقي الاخوة عاجلا او اجلا ثم توالت الامراض تباعا علي عبد الرحيم ، ولكي ينجو من الموت ثمة طقوس وثنية كانت تمارس في القرية ، فقيل لها غيري اسمه لعله ينجو من الموت عبد الرحيم اصبح اسمه عبد اسود ، كنت داكن البشرة بين اخواني فكان يقال الاسود وحذف المقطع الثاني ليصبح الاسم عبد اسود ، ويبدو انني متخف من الموت بهذا السواد ، في تلك الطفولة كانت الوالدة تحلم بان يغدو هذا الذي بقي من ذكورها مقرئا في المسجد ، وكانت تصر علي ذلك عندما تردد أهزوجة /: وابني سرح يقرأ سرح بعبده قبلو ، ويا معلم علم ابني وهجو ( علمه التهجئة ) وان غوي ابني في امحر ( الحر ) لا تضرب ابني اضرب عبده : عبده المقصود في هذه الاهزوجة هو مرافق للمعلم وليس انا اوكلتني لسيدة لتعليمي القرأن قضيت ستة اشهر لم استطع تجاوز البسمله وكانت معلمتي تضربني ضربا مبرحا وتقول هذا لن يصبح الا حمارا ، ستة اشهر وانا اتهجئ البسمله ولم افلح ، وحين ايقنت معلمتي انني ساغدوا حمارا اوصت امي بأن تهتم بعلفي كي استطيع تحمل صلافة الحياة في تلك الطفولة الاولي يتحول الليل الي نافذة مفتوحة للحكاية ينسي الناس تعبهم ويجلسون بقرب نافذة الحكايات ثم تتفتح هذه الحكاية من خلال امراة ترويها وكل ليلة ثمة حلم جديد وعبور من خلال الحكاية من الجنيه التي ترق الي حال البطل وتنقله من حال الي حال الي خاتم سليمان الي البساط السحري ما اذكره ان تلك المراة حين كانت تحكي كانت تفرض صمتا عميقا علي الحضور الحكاية هي سيدة السلطة واستشعر ان عندما تحكي علي الاخرين ان يصمتوا وكان الصمت مقدسا لا يستطيع احد ان يخترق الحكاية واي شخص يتحدث اثناء الحكاية يبعد عن المكان لانه تجرئ علي سلطة الحكي تقوض حلم الوالدة ان اصبح مقرئا للقرأن ثم قست الارض كثيرا وهجرة السماء للارض طويلة تسببت بموت كثيرا من الاراضي والحقول فكان لابد من الرحيل لامرأة تحمل علي عاتقها ان الرجل والمراة في أن ، انتقلت الي جدة فاذا بحلمها يتحول الي أن يصبح عبده نجارا اوكلت مهمة تعلم النجارة الي النجارين في الحي واذكر المنشار الذي اكرمه وكنت كلما اريد خشبة اتجرا علي جزء من جسدي ثم عملت لحاما وحدادا 0 ويبدو انها عادة لدي اهل الحجاز في اعطاء الفرصة للبنين ليتعلموا كل شئ وكانت الاجازات في جدة مجالا ليرسل الاهالي اولادهم ليتعلموا منها في الحجاز مفصل أخر هو الحكواتي الذي كان في المقاهي ولاحظت ايضا تلك السلطة التي يمتلكها حين يفتح كتابه ليروي سيرة عنترة او الزير سالم او راس الغول فيتحول المجلس الي اصغاء تام ولا يستطيع احد ان يعارض وجوده 0 انها سلطة الحكاية مرة أخري 0كانت اول تجربة لي للامساك بهذه السلطة حين جمعت اطفالا اصغر مني سنا وبدأت انشئ لهم مسرحا أنا الكاتب والمخرج والممثل 0 ومن هنا بدأت استشعر أن الحكاية هي كيف تستطيع ان تقنع الاخر حين تكون باثا لها 0 في تلك السن تعرفت الي سوبرمان وبدأت احلامه تراودني ليس علي مستوي ان تكون خارقا بجسدك وقوتك بل من خلال اقتراح حكاية تمنحك تميزا ما 0 وايضا مردها الي الطرف البيئي الاجتماعي في الحجاز 0 وخاصة ان ابناء الطبقات الفقيرة لا يستطيعون شراء اعداد مجلة سوبرمان فيتبادلونها فيما بينهم 0 ايضا ممكن ان تتحول الي مستثمر حين يكون لديك كمية كبيرة من هذه الاعداد وتؤجرها يوميا 0 اكتشفت الكتب الضخمة عند الوراق وبدأت اتجرأ علي اخذ غير سوبرمان ووجدتني اقرأ اول كتاب وهو ( تلبيس ابليس ) وفيه الاسطورة التي راودتني منذ الطفولة كتاب كنت اقرأه في اوقات كثيرة واتخيل ذلك العالم السحري الذي خرج منه حاملا اسطورة دينية وبالتالي كان المجمتع المتدين يبارك ان تقرا في هذا الجانب والاسطورة التي يتوافر عليها ( تلبيس ابليس ) من القوة بحيث تؤسس تلك الذاكرة المنطلقة لطفل يبحث عن سوبرمان الذي استطاع ان يحكي الحكاية واذ بي من خلال هذا الكتاب اتسلل الي ” بين مدينتين ” ” والبؤساء ” و ” بائعة الخبز ” و ” الجريمة والعقاب ” لم اقرأ رواية عربية قبلا 00 اصبحت لغتي هي ما اتميز به بين اقراني واصبحت كاتبا في الحارة لشعارات الفريق 0 وتجرأ احدهم وطلب مني ان اكتب لحبيبته لكن كانت اخطائي الاملائية كبيرة جدا وبالتالي فهمت الحبيبة فقط نصف الرسالة 0 واذكر الي الان انني كتبت شعارا لفريق الحارة ويبدوا انهم ارادوا ان يحتفظوا بخطئ شنيع ارتكبته ومازال موجودا في احد الازقة وهو ” يعيش الكافح ” بدل ” يعيش الكفاح ” الرواية العربية قرأتها في الاول وجاءتني هدية من اخي لأمي احضرها من القاهرة وتعرفت الي محمد عبد الحليم عبد الله , والسحار, وتوفيق الحكيم ، ونجيب محفوظ ، وطه حسين ، والعقاد 0 كوني ذكرا في اسرة مكونة من فتاتين وام جعلتني مسؤولا عن احضار كل مستلزماتهن الحياتية 00 كان يدفع بي في تلك السن المبكرة ان اذهب الي السوق لشراء السمك وغيره كان كل يوم يعني ان اتعامل مع بائع او عابر سبيل في هذا المشوار الطويل 00 وكل يوم لابد ينطوي علي حكاية مع اناس تعترك معهم وتكتشف شخصيات تنبع من الشارع 00 وكانت مدينة جدة تتحول الي كرنفال في ايام الحج حينما يسيح الحجاج في شوراعها 0 فتلتقي ثقافات واجناس مختلفة 00 هذا عالم مؤثر 00 وكنت اقطن في شارع الميناء وهو قريب جدا من مدينة الحجاج 00 وكنا نقوم بالتواصل معهم لتقديم الماء والبيع والشراء 0 هذا الطفل الذي تنبأت المعلمة انه سيصبح حمارا وببركة المداومة في المدرسة اذ بي انجح في الثانوية وادخل الجامعة 0 والدتي كانت لا تنسي ان ثمة من كسر حملها في ذلك الطفل واذكر انها جهزتني حتي اعود الي القرية وهي المرة الاولي التي اعود اليها بعد ان غادرتها اشترت هدية واصرت ان اذهب الي معلمتي وان ابلغها تسلم عليك عايشة وتقول لك الحمار دخل الجامعة الان اكتشف ان الحمار هو لقب علي الانسان ان يحمله اذا كان جلدا صبورا والرواية تجعل منا حميرا ” الموت يمر من هنا ” ( الرواية الاولي ) لو لم اكن امتلك صبرا وجلد الحمار لما كنت كتبتها ، اذا قضيت 11 عاما حتي انجزتها 0 في سن مبكرة كتبت اول قصة قصيرة كان عمري 17 عام وكنت اريد ان اجرب الي اي مدي استطاعت ان امتلك سلطة الحكي فوجئت انها تنشر باحتفاء وتمثل في الاذاعة السعودية بوصفها نموذجا من الادب السعودي لكن هذه الفرحة الغامرة لم تستوطن الفؤاد لانني كتبتها باسم انثي نيفين عبده ويبدوا ان اسم الانثي هو الذي مكنها من ان تحتل ثلاثة ارباع الصفحة ويحتفي بها في الاذارعة . اتصلت بالاستاذ السباعي عثمان وقلت له انا نيفين عبده صخب الرجل وقال انك هكذا ضللت النقاد ويبدوا انني ضللت السباعي عثمان رحمه الله ارسلت له فيما بعد قصة باسم عبده خال وكنت اظن انني اكتب قصة جديدة كان البطل قطا يرقب الحارة ويروي ما يحدث في كل بيت ، انتظرت عشرة اسابيع وجدت ردا في اسفل صفحة الادب في جريدة المدينة يقول عبده خال ارجوا المحاولة مرة اخري فانت لا تعرف لغة الحيوان والقصة مهلهلة وعليك ان تراجع كتاباتك 0 عندما اردت ان افرح مع اقراني بالقصة التي نشرت باسم نيفين عبده واذا بي اتحول الي مسخرة اتجهت فيما بعد الي كتابة الشعر وكان مكسرا وسخيفا واستمررت في الشعر والخواطر وفي جريدة الشرق الاوسط كنت ارسل الي بريد القراء في كل اسبوع قصيدة وجدت ان معدتهم لم تحتمل هذا الضغط الشعري فلجأت الي مجلات وجرائد اخري حتي اذا التقيت السباعي عثمان في جريدة عكاظ التي انتقل اليها مديرا للتحرير قال لي اذا ارادت ان يكون لك شأن اكتب القصة ودع الشعر لاهله ومن ثم قدم الدكتور حسن رشيد المعقب الدكتور سمحي ماجد الهاجري الذي قدم العديد من الدراسات والبحوث الجادة بجانب دوره الاكاديمي ويعتبر احد ابرز مؤسسي اعضاء حلقة ( حوار ) والباحث الدكتور الاكاديمي اثري المكتبة النقدية بالعديد من الكتب الهامة منها علي سبيل المثال لا الحصر 1 . سجال الخطابات ( قراءة مختارة في الادب السعودي 2 . القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية 3 . جدلية المتن والتشكيل ( الطفرة الروائية في السعودية وبدأ بعدها الدكتور سحمي التعقيب علي اعمال الكاتب الروائي عبده خالبسم الله الرحمن الرحيم طاب مساؤكم بكل خير ومرحبا بهذا الحضور المبهج في نادي الجسرة الادبي الثقافي هذا النادي الذي يمثل جسرا بين المبدعين والمثقفين في دولة قطر العزيزة وجسرا بينهم وبين الابداع والثقافة سواء في محيطهم الاقليمي او فيما هو ابعد من ذلك وبما ان هناك العديد من الدراسات عن الرواية السعودية فسوف اكتفي هنا بالتركيز علي روايات الاستاذ عبده خال الفائز بجائزة البوكر الدولية للرواية العربية هذا العام ومن محاسن الصدف وجميل الموافقات ان يتزامن هذا الفوز مع الاحتفال بدوحة العرب عاصمة للثقافة العربية وهو امر لن ينساه عبده بالتاكيد سوف احاول في لمحات سريعة ان ندخل معا الي عوالم رويات عبده خال حسب تسلسلها الزمني فأنا تربطني بعبده خال علاقة طويلة ولمن لا يعرفون ذلك في ورشة النادي الادبي بجدة ثم في نادي القصة وبعد ذلك اسسنا معا جماعة حوار جدة عام 2003 مع الدكتور حسن النعمي والاستاذ علي الشدوي عبده خال كائن سارد كائن يخترق الحكايات والمواقف ويعيد كتبابتها برؤية جديدة ويجيد نسجها وتوظيفها بدأ باصدار مجموعات قصصية متميزة منذ نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات ثم اصدر روايته الاولي الموت يمر من هنا عام 1994م وكانت هذه الرواية اضافة الي رواية غازي القصيبي ( شقة الحرية ) اذا انا في بداية عصر جديد في مسيرة الرواية السعودية المعاصرة اذن عبده خال حضر منذ بداية الطفرة الروائية السعودية وكان احد مدشنيها وبعد ذلك كون لنفسه معتمدا روائيا لعله الاقوي بين جميع الروائين والروائيات السعوديين من خلال اصداره لسبع روايات اصبحت معروفة او متداولة علي المستوي العربي والعالمي خاصة بعد فوزه بالجائزة وهذه الرويات هي الموت يمر من هنا عام 1995م , مدن تأكل العشب عام 1998م , الايام لا تخيئ احدا عام 2002 م الطين عام 2002 م , نباح 2003م , فسوق 2005م , ترمي بشرر 2009م ومما يميز عبده خال انه موهوب ومتمكن من ادواته السردية وواع بشروط الكتابة الروائية وفضاءاتها الواسعة والامر الثاني انه شخص دؤوب لا يكل ولا يمل من الكتابة , الامر الثالث أنه متطور في امتلاك الاداة والرؤية للموقف واتضح وعي عبده خال بشروط الكتابة الروائية منذ روايته الاولي لتعدد اصواتها وحواديتها مع سياقاتها التاريخية والثقافية والاجتماعية وكم الخطابات والنصوص المتخللة ” بحسب عبارة باحثين التي يدمجها في نسيج النص الروائي ويوظفها لاثراء المحكي الاساسي للرواية في هذا العمل داب عبده خال علي استعادة جزور المتغيرات من اقصي تلافيف الذاكرة الشعبية والحكايات الشعبية في منطقة جازان بجنوب المملكة وما تمثله من عمق انساني لتعود جزءا من الذاكرة الجماعية علي مستوي الوطن وما تمثله من اتساع كان البطل يقوم بدور المراقب عندما يطمر جسده في الارض ولا يظهر الا رأسه ليراقب والي القلعة وشيخ القبة ويرصد افعالهم المناقضة لاقوالهم وتحويل نتيحة المراقبة الي مدونة تواجه مدونة السلطة وكتابة تخص اصحابها في مواجهة كتابة السلطة يقول ( موتان ) لأمه لماذا السوادي يمتلك كل شئ والقرية لا تملك شئا ؟فترد عليه الذي يمسك بالقلم لا يكتب نفسه في زمرة الاشقياء فيقول من يومها قررت ان اتعلم وتمثل شخصية ( شيرين ) في الرواية ذاتها نوعا من استنباط ضرب من الوعي لمقابلة الظلم الاجتماعي من خلال تجريد شخصية وظيفية تكون بمثابة بقعة ضوء وسط الظلاموفي رواية ( مدن تأكل العشب ) نجد قصة الفرد المهمش المسحوق الذي يسكن الاحياء القزرة ويعمل في الوظائف الحقيرة انها شخصية تعيش في المدينة فتزيد ضخامة المدينة ضالة الفرد وسحق احساسية ومشاعره وتطلعاته ولهذا يشن الراوي هجوما مفزعا علي المجتمع وفي هذه الرواية تبدو مخاتلة الواقع الاجتماعي من خلال المقاطع التفصيلية الطويلة يقول السارد ” احترم كل تجربة انسانية وامنحها حسن الظن ومع هذا الايمان فان ما كتبه المؤلف المجهول من الفاظ لا اقبله وارفضه جملة وتفصيلا وانبه القارئ العزيز ان ما كتبه المؤلف المجهول في هذا العمل لا يمثل رايي البته لذلك فانا اتنصل من كل تلك المقولات التي جاءت علي لسان الراوي المجهول ” وفي رواية ” الايام لا تخبي احد ” ترصد جل القرية والمدينة وتحكي قصة الذات الفردية القادمة من القرية الي المدينة وهي تحاول الانتماء الي المدنية ولكن وهم الانتماء يتحول الي مجرد اختباء حين تكشف الايام هشاشة وضعها تقول الذات الساردة سنون طويلة قضيتها هنا دخلت الحي غريبا وعندما ارتوت جزوري بهوائة وناسه ازهرت الحياة في اوردتي وخلعت اوراق الخريف وبدأت انمو كنخلة اطمأنت لموقعها فارسلت جزورها الخضراء وعندما نظرت الي اعلي لم تجد عصافير تشقشق فرحا باستطالتها فلم تيأس وانتظرت مجئ المواسم القادمة وتمر الايام وتعبر المواسم كانت المواسم تقبل وتدبر غير مكترثة بانتظاري فاكتشفت ان الربيع لا يتوقف من اجل نبته تتعلم النمو والاخضرار اما رواية ” الطين ” فقد اخذت مسارا مختلفا وركزت علي الجوانب النفسية والفلسفية والبنية التركيبية في تقسيم الرواية الي قسمين كبيرين ينتهي القسم الاول حين يقول الدكتور حسين ” بطل الرواية ” من اراد متابعة حكاية هذا المريض فساعلمه بدم بارد انها انتهت ومن اراد اكتشاف الدمار الذي اورثني اياه مريضي فسجده في الصفحات المتبقية وهذا يفسر تقديم الرواية في مجملها داخل اطار عام يشبه الريبورتاج الصحفي من استفتاء اشخاص حقيقيين او مفترضين وادماجهم في متن الرواية باشخاصهم الحقيقية مع نبذة عن مؤهلاتهم العلمية والعملية وكسر الحاجز بين الرواية والربيورتاج الصحفي نقل الصيغة بمجملها الي افق اخر وعمق بنيتها الاساسية القائمة علي طريقة التشعب ولهذا فهي من النصوص التي تتفرع وتتشعب كالغابة لكنها تتيح لكل منا ان يجد ممراته الخاصة حسب عبارة امبرتوايكو 0 فراوية الطين تقدم مجموعة من الممرات الخاصة منها النفسي ومنها الفكري ومنها الفلسفي بداية من الوحي ونهاية بالعلم وتبدوا كأنها تقدم تفسيرا وتصورا خاصا بالذات والكون والعالم خاصة وان الفترة التي ظهرت فيها الرواية شهدت اقبالا علي مؤتمرات الاعجاز العلمي فصارت مقولتها الاسايسة في الزمن فهي تعيد تفسير الظواهر الغامضة تفسيرا زمنيا بطريقة ترتكز علي البعد الفلسفي للزمن ومقولات انكماش الزمن في ظل معايير القياس الجديدة وتتقاطع مع ما ذكره الدكتور احمد زويل في كتابه عصر العلم فعند الدكتوررحسبن ليست السرعة مجرد عكس للبطئ والتمهل بل هي طريقة للعيش والسكن في هذا الكون انها تحدد وجودنا من عدمه وهي التي تفسر لحظة النشوة حين نذوب ونتلاشي كي يصبح زمننا صفراء وهي التي تجعلنا نتصور حيوات متعددة بسرعات وترددات مختلفة فبسبب السرعة نحن نعيش في دوائر زمنية في امكنة ذات ترددات مختلفة وفي دائرة واحدة هي الحياة وفي رواية ” نباح” تعرض عبده خال الي حرب الخليج الثانية ونزوح اليمنيين من المملكة وملاحقة البطل لحبيبته التي نزحت مع النازحين ولكنه وجدها قد امتهنت البغاء وحملت سفاحا فطلبت منه طلبا اخيرا باسم الحب السابق ان يسجل نجلها باسمه فوافق وكانه يقول ان نجل حرب الخلج الثانية سجل باسمنا جميعا اما اباؤه فانهم جميعا اوغاد العالم الذين اهدتهم الرواية لعنة كبيرة وفي رواية ” فسوق ” يعود عبده خال الي الاشتباك مع الواقع المحلي مرة اخري مع قاعدة سد الزرائع ومع ثنائية المفاضلة ( اما ابيض اما اسود ) ولا مكان للوسطية او للنسبية كما طبيعة الامور يقول السارد في الرواية لم تعد مناكب الارض كما خلقها الله غدا كل فعل محرم وكل حركة مكروهة وكل نفحة غير مستحبة وفي الرواية فضح للضلالات المعرفية فاللغة مثلا التي هي في الاصل للايضاح تحولها الدعابة الحزبية الي الة للاسهام والتعمية وبالتالي فان علي السرد ان يبدأ ويستمر حتي يكشف الحقيقة التي سبق ان طمستها اللغة .يقول ” فواز ” اللغة تثبت الكذب علي كافة موجات المجتمع والكتابة تثبته مما يعني الحاجة الي كتابة مضادة يقول السارد الاول في الرواية ” جلست كمصور غمر قلمه الماء واخذ ينتظر انقشاع غبش الصورة كانت ملاحمها تتراقص تحت الماء الاقاويل شيئا فشيئا “0 وكان السرد هنا ضد اللغة واذا اخذنا شخصية البطل السارد في الرواية ( طارق فاضل ) مثالا فأن كثيرا من الاعمال السابقة كان السرد فيها يأتي من وجهة نظر الضحية او حتي من وجهة نظر الجلاد اما ( طارق فاضل )فهو جلاد وضحية فالوقت ذاته ولهذا يعتمد علي اللفظة لكشف ذاته ومجمتعه بصدق وليس بصراحة فقط لان تعريته الذات بهذه الصورة المقززة اقصي درجات الصدق هذه الاعترافات توصفها الناقدة اللبنانية رفيف صيداوي بأنها تشبه الاعترافات في الثقافة المسيحية التي ينزع الشخص فيها الي التخلص من عذابات النفس والضمير فاعترفات ( طارق فاضل ) تجاوزت بعض الروايات الخليجية والعربية التي تكشف المسكوت عنه وتسرد الخطايا القابعة في زوايا المجتمعات العربية لتنسج خطابا قائما علي بوح وتعر خالصين لجلاد تجاوز الخمسين واستفاق باحثا عن الانسان فيه بعد ان نحاه جانبا سنوات طويلة0 ومن خلال البوح الذاتي تكشف الرواية بعض عيوب المجتمعات العربية كافة عبر اطلالة نقدية راقية تستند الي ادوات السرد الفني بقدر استنادها الي ادوات التحليل الاجتماعي من تشخيص للوحدة المكانية وتحليل مكامن الخلل فيها وكل ابعادها الفيزيقية والتاريخية والاجتماعية وصولا الي رسم مصائر الشخصيات المحددة بالمستوي النفسي والاجتماعي اما رواية : ترمي بشرر فهي خير مثال علي ان التراكم الكمي يؤدي بالضرورة الي تطور نوعي فقد حضرت فيها جميع انواع السرود كما يريد النقاد واتضحت فيها مفاعيل هذه الخبرة الكبيرة في ممارسة كتابة الرواية وبقدر ما فرح به النقاد فلابد من الاشارة انها ربما تكون متعبة للقارئ العادي بل وصادمة ايضا ولذلك فقراءتها تحتاج الي صبر وتدقيق وتفهم لواقع الحياة ومن ان الطابع العام للرواية هو الطابع الميلودرامي ولكن يمكن ان ينظر لهذا الامر من جهتين اولا : ان طابع الواقع العربي طابع ميلودرامي اساسا وبالتالي فلا غرابة ان تفوز هذه الرواية الواقعية بالجائزة بعد ان ذهبت الجائزة في الدورة الاولي والثانية الي رواتين تاريختين ( 1- الغروب ) لبهاء طاهر و ( عزازيل ) ليوسف زيدان الامر الثاني أن حرفية الكاتب اخرجت الرواية من مأزق الرويات الميلودرامية الفجة التي تعتمد علي الصدق والمأسي والمفاجات غير المعقولة لأن الرواية مشغولة بحرفية شديدة فهمهمة الرواية كما يقول ميلان كونديرا هي تمزيق التيار الحاجب للحقيقة وكشف التمثيلات الاجتماعية المضللة والمعروف ان الشخصية الروائية الواقعية تعكس جوهر الواقع اكثر مما تعكسه الشخصيات الواقعية الحقيقية في واقع الحياة هذه لمحة سريعة عن روايات عبده خال وان كانت لا تفي بالتعريف عنها بالشكل الكافي ولكن ربما اعطت فكرة عامة عنها أشكر الجمبع علي حضور هذا اللقاء الذي لم يكن مجدولا ولكنه يدل دلالة اضافية علي نجاح هذا المهرجان الثقافي الذي سعدنا جميعا بالتواجد فيه
أغسطس 26 2014
الروائي عبده خال ولقاء الجسرة …………………. حسن رشيد
الروائي 0000 عبده خال ولقاء الجسرة عرض الدكتور حسن رشيدناقد وكاتب قطري كان اللقاء في الصالون الثقافي في نادي الجسرة الثقافي الاجتماعي ذا طابع خاص , ذلك أن الحضور قد تمثل في عشاق الابداع السعودي متمثلا في الروائي عبده خال الذي حصد جائزة البوكر عبر روايته ( ترمي بشرر ) وكنت المنوط الي تقديم هذا الروئي في جلسة ضمت ايضا الناقد الدكتور / سحمي ماجد الهاجري وبحضور وكيل وزارة الثقافة والاعلامي السعودي / ابو بكر باقادر وسعادة السفير السعودي الاستاذ / أحمد القحطاني وجمع من عشاق الادب من ابناء هذا الوطن والاشقاء من المملكة العربية السعودية مشاركة من الاشقاء في اكتمال عقد الحضور العربي في الاحتفاء بالدوحة كعاصمة للثقافة العربية . بدأت هذه الندوة عبر الكلمات المختصرة لمقدم اللقاء دكتور حسن رشيد حيث قال نجتاز هنا في دول المنطفة الكثير من الصعاب لتقديم الزاد للاخر ذلك أن الاعتقاد السائد لدي الاخر ان الخليج لا يحفل بالمبدع ,انه يعتقد اعتقادا راسخا ان الخليج فقط نفطا وغازا وهذا الظن او الاعتقاد يخلق فجوة بيننا وبين الاخر ولكن في هذه الامسية يسعدنا في نادي الجسرة ان نقدم مرجعا من هنا من الخليج حصد اكبر جائزة عاليمة ونعني جائزة ( البوكر ) أنه عبده خال هذا المبدع الخليجي المهموم بقضايا الانسان والمجتمع وهو يسعي لاستمرار ان يقدم معاناة الانسان داخل واقعنا الخليجي من هنا فأن هذه الجائزة وسام علي صدورنا جميعا 0 الروائي الكبير عبده خال رغم أن ( ترمي بشرر ) قد اثارت الكثير من اللغط والنقاش ولكن اعتقد ان هذا الامر سيحفزك نحو المزيد من الابداع ذلك ان الواجب يحتم عليك ان تقدم لمجتمعك ثمرة فكرك وان تترك خلف ظهرك كل المفردات التي تخلق فجوة بين ابدعاتك وواقع مجتمعنا الخليجي العربي ولا تنسي ياصديقي انك امام فوهة المدفع وانا علي ثقة من قدرتك علي اجتياز كل الصعاب واذا كنت الان تمثل المرحلة المتوجهة من الابداع السعودي في مجال القص والرواية فأن ابناء المملكة العربية السعودية ممن سبقوه قد حملوا مشعلا موثرا في هذا الاطار فالرعيل الاول المتمثل في ( حمزة شحاته ، عبد القدوس الانصاري ، عبد الفتاح ابو مدين ، عزيز ضياء ، محمد حسن عواد وغيرهم ) قد كانوا جسرا لظهوركم بدءا من (غازي القصيبي ، محمد حسن علوان ، غالب حمزة ، تركي الحمد ، ابراهيم الحميدان ، محمد عبد الله المزيني ، وعبده خال وغيرهم ) ولا يقتصر الامر علي الرجال فقط , فقد كان لتاء التأنيث دورا هاما مثل ( سميرة خاشقجي ، رجاء عالم ، ليلي الجهني ، زينب حفني ، قماشة العليان ، ساره العليوات ، رجاء الصانع ، بدرية البشر ) وعشرات الاسماء سواء الاسماء الحقيقية او المستعارة مثل صبي الحرز ، وطفي الحلاج 0 ولقد تحمل عبء البحث وتقديم جل هؤلاء المبدعين نقاد حملوا مشعل الانارة لافكارهم واهم هؤلاء الدكاترة ( سحمي ماجد الهجري ، معجب الزهراني ، عبدالله الغدامي ، سعد البازعي ، عبد العزيز السبيل ، حسن النعمي وغيرهم ) بعد هذا الاستهلال من قبل دكتور حسن رشيد رئيس اللقاء تحدث عبده خال وقال ساعود بالذاكرة الي قريتي التي اثرت تاثيرا حقيقا في مثيرتي وجعلتني باحثا عن الكتابة انا ابن لامرأة تهيئ الجنائز لابنائها مع كل موسم مطر او مع كل جائحة مرض تعبر قريتنا تلك القرية التي كتبت عنها ومنها ( الموت يمر من هنا , منسية استقرت في جوف الوادي وفي الظلمة المعرفية بقيت تلك القرية هناك ، محاصرة بالامراض والامطار واهازيج الزراع ، وما بين الحصد والحصد ثمة لحظات انتظار طويلة ينتظر فيها الناس ماذا تلد لهم الارض في لحظات الاسترخاء لم تكن من نافذة علي الحياة سوي الحكاية : والحكاية بمفهومها الاسطوري لا الحياتي ، يبدو أن التعب اذا تغلغل في جسد المزارعين ليس من وسيلة لاخراجه سوي الحلم : والحلم من خلال الحكاية ذكرتني امي حينما كبرت ان اباها كان يردد ” يا كديد يا مكد يا مكدكد يا كتير النكد : لا شايبك يشيب ولا نايبك ينيب فين ( اين ) عبده فين أمنة فين حسينة ، وهؤلاء كانوا ابناؤه الذين رحلوا في يوم واحد عبروا طريق واحد الي المقابر بسبب الجدري الذي حصدهم دفعة واحدة هذه الام ودعت ايضا ستة من ابنائهم احدهم مات ضاحكا واخر مات بالحمي وهكذا حتي اذا جاء عبده كان له اخ اكبر اوصي أمه بأن تسميه عبد الرحيم ، وكانت تردد دائما يا عبد الرحيم يا صابر أن الله مع الصابرين : شخصية عبد الرحيم هي لسيد تقول الاسطورة ان قبره يتحرك في كل سنة بمقدار شبر حتي اذا قطع الفيافي وصل قبر الرسول صلي الله عليه وسلم قامت القيامة واراد أخي الاكبر الذي بقي هاربا من الموت ان تكون هذه الثمرة في بطن امه اسمها عبد الرحيم عندما نزلت الي هذا الوجود كان اخي الاكبر قد مضي ايضا واستقبلتني امي كشخصية ميتة سوف تلحق بباقي الاخوة عاجلا او اجلا ثم توالت الامراض تباعا علي عبد الرحيم ، ولكي ينجو من الموت ثمة طقوس وثنية كانت تمارس في القرية ، فقيل لها غيري اسمه لعله ينجو من الموت عبد الرحيم اصبح اسمه عبد اسود ، كنت داكن البشرة بين اخواني فكان يقال الاسود وحذف المقطع الثاني ليصبح الاسم عبد اسود ، ويبدو انني متخف من الموت بهذا السواد ، في تلك الطفولة كانت الوالدة تحلم بان يغدو هذا الذي بقي من ذكورها مقرئا في المسجد ، وكانت تصر علي ذلك عندما تردد أهزوجة /: وابني سرح يقرأ سرح بعبده قبلو ، ويا معلم علم ابني وهجو ( علمه التهجئة ) وان غوي ابني في امحر ( الحر ) لا تضرب ابني اضرب عبده : عبده المقصود في هذه الاهزوجة هو مرافق للمعلم وليس انا اوكلتني لسيدة لتعليمي القرأن قضيت ستة اشهر لم استطع تجاوز البسمله وكانت معلمتي تضربني ضربا مبرحا وتقول هذا لن يصبح الا حمارا ، ستة اشهر وانا اتهجئ البسمله ولم افلح ، وحين ايقنت معلمتي انني ساغدوا حمارا اوصت امي بأن تهتم بعلفي كي استطيع تحمل صلافة الحياة في تلك الطفولة الاولي يتحول الليل الي نافذة مفتوحة للحكاية ينسي الناس تعبهم ويجلسون بقرب نافذة الحكايات ثم تتفتح هذه الحكاية من خلال امراة ترويها وكل ليلة ثمة حلم جديد وعبور من خلال الحكاية من الجنيه التي ترق الي حال البطل وتنقله من حال الي حال الي خاتم سليمان الي البساط السحري ما اذكره ان تلك المراة حين كانت تحكي كانت تفرض صمتا عميقا علي الحضور الحكاية هي سيدة السلطة واستشعر ان عندما تحكي علي الاخرين ان يصمتوا وكان الصمت مقدسا لا يستطيع احد ان يخترق الحكاية واي شخص يتحدث اثناء الحكاية يبعد عن المكان لانه تجرئ علي سلطة الحكي تقوض حلم الوالدة ان اصبح مقرئا للقرأن ثم قست الارض كثيرا وهجرة السماء للارض طويلة تسببت بموت كثيرا من الاراضي والحقول فكان لابد من الرحيل لامرأة تحمل علي عاتقها ان الرجل والمراة في أن ، انتقلت الي جدة فاذا بحلمها يتحول الي أن يصبح عبده نجارا اوكلت مهمة تعلم النجارة الي النجارين في الحي واذكر المنشار الذي اكرمه وكنت كلما اريد خشبة اتجرا علي جزء من جسدي ثم عملت لحاما وحدادا 0 ويبدو انها عادة لدي اهل الحجاز في اعطاء الفرصة للبنين ليتعلموا كل شئ وكانت الاجازات في جدة مجالا ليرسل الاهالي اولادهم ليتعلموا منها في الحجاز مفصل أخر هو الحكواتي الذي كان في المقاهي ولاحظت ايضا تلك السلطة التي يمتلكها حين يفتح كتابه ليروي سيرة عنترة او الزير سالم او راس الغول فيتحول المجلس الي اصغاء تام ولا يستطيع احد ان يعارض وجوده 0 انها سلطة الحكاية مرة أخري 0كانت اول تجربة لي للامساك بهذه السلطة حين جمعت اطفالا اصغر مني سنا وبدأت انشئ لهم مسرحا أنا الكاتب والمخرج والممثل 0 ومن هنا بدأت استشعر أن الحكاية هي كيف تستطيع ان تقنع الاخر حين تكون باثا لها 0 في تلك السن تعرفت الي سوبرمان وبدأت احلامه تراودني ليس علي مستوي ان تكون خارقا بجسدك وقوتك بل من خلال اقتراح حكاية تمنحك تميزا ما 0 وايضا مردها الي الطرف البيئي الاجتماعي في الحجاز 0 وخاصة ان ابناء الطبقات الفقيرة لا يستطيعون شراء اعداد مجلة سوبرمان فيتبادلونها فيما بينهم 0 ايضا ممكن ان تتحول الي مستثمر حين يكون لديك كمية كبيرة من هذه الاعداد وتؤجرها يوميا 0 اكتشفت الكتب الضخمة عند الوراق وبدأت اتجرأ علي اخذ غير سوبرمان ووجدتني اقرأ اول كتاب وهو ( تلبيس ابليس ) وفيه الاسطورة التي راودتني منذ الطفولة كتاب كنت اقرأه في اوقات كثيرة واتخيل ذلك العالم السحري الذي خرج منه حاملا اسطورة دينية وبالتالي كان المجمتع المتدين يبارك ان تقرا في هذا الجانب والاسطورة التي يتوافر عليها ( تلبيس ابليس ) من القوة بحيث تؤسس تلك الذاكرة المنطلقة لطفل يبحث عن سوبرمان الذي استطاع ان يحكي الحكاية واذ بي من خلال هذا الكتاب اتسلل الي ” بين مدينتين ” ” والبؤساء ” و ” بائعة الخبز ” و ” الجريمة والعقاب ” لم اقرأ رواية عربية قبلا 00 اصبحت لغتي هي ما اتميز به بين اقراني واصبحت كاتبا في الحارة لشعارات الفريق 0 وتجرأ احدهم وطلب مني ان اكتب لحبيبته لكن كانت اخطائي الاملائية كبيرة جدا وبالتالي فهمت الحبيبة فقط نصف الرسالة 0 واذكر الي الان انني كتبت شعارا لفريق الحارة ويبدوا انهم ارادوا ان يحتفظوا بخطئ شنيع ارتكبته ومازال موجودا في احد الازقة وهو ” يعيش الكافح ” بدل ” يعيش الكفاح ” الرواية العربية قرأتها في الاول وجاءتني هدية من اخي لأمي احضرها من القاهرة وتعرفت الي محمد عبد الحليم عبد الله , والسحار, وتوفيق الحكيم ، ونجيب محفوظ ، وطه حسين ، والعقاد 0 كوني ذكرا في اسرة مكونة من فتاتين وام جعلتني مسؤولا عن احضار كل مستلزماتهن الحياتية 00 كان يدفع بي في تلك السن المبكرة ان اذهب الي السوق لشراء السمك وغيره كان كل يوم يعني ان اتعامل مع بائع او عابر سبيل في هذا المشوار الطويل 00 وكل يوم لابد ينطوي علي حكاية مع اناس تعترك معهم وتكتشف شخصيات تنبع من الشارع 00 وكانت مدينة جدة تتحول الي كرنفال في ايام الحج حينما يسيح الحجاج في شوراعها 0 فتلتقي ثقافات واجناس مختلفة 00 هذا عالم مؤثر 00 وكنت اقطن في شارع الميناء وهو قريب جدا من مدينة الحجاج 00 وكنا نقوم بالتواصل معهم لتقديم الماء والبيع والشراء 0 هذا الطفل الذي تنبأت المعلمة انه سيصبح حمارا وببركة المداومة في المدرسة اذ بي انجح في الثانوية وادخل الجامعة 0 والدتي كانت لا تنسي ان ثمة من كسر حملها في ذلك الطفل واذكر انها جهزتني حتي اعود الي القرية وهي المرة الاولي التي اعود اليها بعد ان غادرتها اشترت هدية واصرت ان اذهب الي معلمتي وان ابلغها تسلم عليك عايشة وتقول لك الحمار دخل الجامعة الان اكتشف ان الحمار هو لقب علي الانسان ان يحمله اذا كان جلدا صبورا والرواية تجعل منا حميرا ” الموت يمر من هنا ” ( الرواية الاولي ) لو لم اكن امتلك صبرا وجلد الحمار لما كنت كتبتها ، اذا قضيت 11 عاما حتي انجزتها 0 في سن مبكرة كتبت اول قصة قصيرة كان عمري 17 عام وكنت اريد ان اجرب الي اي مدي استطاعت ان امتلك سلطة الحكي فوجئت انها تنشر باحتفاء وتمثل في الاذاعة السعودية بوصفها نموذجا من الادب السعودي لكن هذه الفرحة الغامرة لم تستوطن الفؤاد لانني كتبتها باسم انثي نيفين عبده ويبدوا ان اسم الانثي هو الذي مكنها من ان تحتل ثلاثة ارباع الصفحة ويحتفي بها في الاذارعة . اتصلت بالاستاذ السباعي عثمان وقلت له انا نيفين عبده صخب الرجل وقال انك هكذا ضللت النقاد ويبدوا انني ضللت السباعي عثمان رحمه الله ارسلت له فيما بعد قصة باسم عبده خال وكنت اظن انني اكتب قصة جديدة كان البطل قطا يرقب الحارة ويروي ما يحدث في كل بيت ، انتظرت عشرة اسابيع وجدت ردا في اسفل صفحة الادب في جريدة المدينة يقول عبده خال ارجوا المحاولة مرة اخري فانت لا تعرف لغة الحيوان والقصة مهلهلة وعليك ان تراجع كتاباتك 0 عندما اردت ان افرح مع اقراني بالقصة التي نشرت باسم نيفين عبده واذا بي اتحول الي مسخرة اتجهت فيما بعد الي كتابة الشعر وكان مكسرا وسخيفا واستمررت في الشعر والخواطر وفي جريدة الشرق الاوسط كنت ارسل الي بريد القراء في كل اسبوع قصيدة وجدت ان معدتهم لم تحتمل هذا الضغط الشعري فلجأت الي مجلات وجرائد اخري حتي اذا التقيت السباعي عثمان في جريدة عكاظ التي انتقل اليها مديرا للتحرير قال لي اذا ارادت ان يكون لك شأن اكتب القصة ودع الشعر لاهله ومن ثم قدم الدكتور حسن رشيد المعقب الدكتور سمحي ماجد الهاجري الذي قدم العديد من الدراسات والبحوث الجادة بجانب دوره الاكاديمي ويعتبر احد ابرز مؤسسي اعضاء حلقة ( حوار ) والباحث الدكتور الاكاديمي اثري المكتبة النقدية بالعديد من الكتب الهامة منها علي سبيل المثال لا الحصر 1 . سجال الخطابات ( قراءة مختارة في الادب السعودي 2 . القصة القصيرة في المملكة العربية السعودية 3 . جدلية المتن والتشكيل ( الطفرة الروائية في السعودية وبدأ بعدها الدكتور سحمي التعقيب علي اعمال الكاتب الروائي عبده خالبسم الله الرحمن الرحيم طاب مساؤكم بكل خير ومرحبا بهذا الحضور المبهج في نادي الجسرة الادبي الثقافي هذا النادي الذي يمثل جسرا بين المبدعين والمثقفين في دولة قطر العزيزة وجسرا بينهم وبين الابداع والثقافة سواء في محيطهم الاقليمي او فيما هو ابعد من ذلك وبما ان هناك العديد من الدراسات عن الرواية السعودية فسوف اكتفي هنا بالتركيز علي روايات الاستاذ عبده خال الفائز بجائزة البوكر الدولية للرواية العربية هذا العام ومن محاسن الصدف وجميل الموافقات ان يتزامن هذا الفوز مع الاحتفال بدوحة العرب عاصمة للثقافة العربية وهو امر لن ينساه عبده بالتاكيد سوف احاول في لمحات سريعة ان ندخل معا الي عوالم رويات عبده خال حسب تسلسلها الزمني فأنا تربطني بعبده خال علاقة طويلة ولمن لا يعرفون ذلك في ورشة النادي الادبي بجدة ثم في نادي القصة وبعد ذلك اسسنا معا جماعة حوار جدة عام 2003 مع الدكتور حسن النعمي والاستاذ علي الشدوي عبده خال كائن سارد كائن يخترق الحكايات والمواقف ويعيد كتبابتها برؤية جديدة ويجيد نسجها وتوظيفها بدأ باصدار مجموعات قصصية متميزة منذ نهاية الثمانينيات وبداية التسعينيات ثم اصدر روايته الاولي الموت يمر من هنا عام 1994م وكانت هذه الرواية اضافة الي رواية غازي القصيبي ( شقة الحرية ) اذا انا في بداية عصر جديد في مسيرة الرواية السعودية المعاصرة اذن عبده خال حضر منذ بداية الطفرة الروائية السعودية وكان احد مدشنيها وبعد ذلك كون لنفسه معتمدا روائيا لعله الاقوي بين جميع الروائين والروائيات السعوديين من خلال اصداره لسبع روايات اصبحت معروفة او متداولة علي المستوي العربي والعالمي خاصة بعد فوزه بالجائزة وهذه الرويات هي الموت يمر من هنا عام 1995م , مدن تأكل العشب عام 1998م , الايام لا تخيئ احدا عام 2002 م الطين عام 2002 م , نباح 2003م , فسوق 2005م , ترمي بشرر 2009م ومما يميز عبده خال انه موهوب ومتمكن من ادواته السردية وواع بشروط الكتابة الروائية وفضاءاتها الواسعة والامر الثاني انه شخص دؤوب لا يكل ولا يمل من الكتابة , الامر الثالث أنه متطور في امتلاك الاداة والرؤية للموقف واتضح وعي عبده خال بشروط الكتابة الروائية منذ روايته الاولي لتعدد اصواتها وحواديتها مع سياقاتها التاريخية والثقافية والاجتماعية وكم الخطابات والنصوص المتخللة ” بحسب عبارة باحثين التي يدمجها في نسيج النص الروائي ويوظفها لاثراء المحكي الاساسي للرواية في هذا العمل داب عبده خال علي استعادة جزور المتغيرات من اقصي تلافيف الذاكرة الشعبية والحكايات الشعبية في منطقة جازان بجنوب المملكة وما تمثله من عمق انساني لتعود جزءا من الذاكرة الجماعية علي مستوي الوطن وما تمثله من اتساع كان البطل يقوم بدور المراقب عندما يطمر جسده في الارض ولا يظهر الا رأسه ليراقب والي القلعة وشيخ القبة ويرصد افعالهم المناقضة لاقوالهم وتحويل نتيحة المراقبة الي مدونة تواجه مدونة السلطة وكتابة تخص اصحابها في مواجهة كتابة السلطة يقول ( موتان ) لأمه لماذا السوادي يمتلك كل شئ والقرية لا تملك شئا ؟فترد عليه الذي يمسك بالقلم لا يكتب نفسه في زمرة الاشقياء فيقول من يومها قررت ان اتعلم وتمثل شخصية ( شيرين ) في الرواية ذاتها نوعا من استنباط ضرب من الوعي لمقابلة الظلم الاجتماعي من خلال تجريد شخصية وظيفية تكون بمثابة بقعة ضوء وسط الظلاموفي رواية ( مدن تأكل العشب ) نجد قصة الفرد المهمش المسحوق الذي يسكن الاحياء القزرة ويعمل في الوظائف الحقيرة انها شخصية تعيش في المدينة فتزيد ضخامة المدينة ضالة الفرد وسحق احساسية ومشاعره وتطلعاته ولهذا يشن الراوي هجوما مفزعا علي المجتمع وفي هذه الرواية تبدو مخاتلة الواقع الاجتماعي من خلال المقاطع التفصيلية الطويلة يقول السارد ” احترم كل تجربة انسانية وامنحها حسن الظن ومع هذا الايمان فان ما كتبه المؤلف المجهول من الفاظ لا اقبله وارفضه جملة وتفصيلا وانبه القارئ العزيز ان ما كتبه المؤلف المجهول في هذا العمل لا يمثل رايي البته لذلك فانا اتنصل من كل تلك المقولات التي جاءت علي لسان الراوي المجهول ” وفي رواية ” الايام لا تخبي احد ” ترصد جل القرية والمدينة وتحكي قصة الذات الفردية القادمة من القرية الي المدينة وهي تحاول الانتماء الي المدنية ولكن وهم الانتماء يتحول الي مجرد اختباء حين تكشف الايام هشاشة وضعها تقول الذات الساردة سنون طويلة قضيتها هنا دخلت الحي غريبا وعندما ارتوت جزوري بهوائة وناسه ازهرت الحياة في اوردتي وخلعت اوراق الخريف وبدأت انمو كنخلة اطمأنت لموقعها فارسلت جزورها الخضراء وعندما نظرت الي اعلي لم تجد عصافير تشقشق فرحا باستطالتها فلم تيأس وانتظرت مجئ المواسم القادمة وتمر الايام وتعبر المواسم كانت المواسم تقبل وتدبر غير مكترثة بانتظاري فاكتشفت ان الربيع لا يتوقف من اجل نبته تتعلم النمو والاخضرار اما رواية ” الطين ” فقد اخذت مسارا مختلفا وركزت علي الجوانب النفسية والفلسفية والبنية التركيبية في تقسيم الرواية الي قسمين كبيرين ينتهي القسم الاول حين يقول الدكتور حسين ” بطل الرواية ” من اراد متابعة حكاية هذا المريض فساعلمه بدم بارد انها انتهت ومن اراد اكتشاف الدمار الذي اورثني اياه مريضي فسجده في الصفحات المتبقية وهذا يفسر تقديم الرواية في مجملها داخل اطار عام يشبه الريبورتاج الصحفي من استفتاء اشخاص حقيقيين او مفترضين وادماجهم في متن الرواية باشخاصهم الحقيقية مع نبذة عن مؤهلاتهم العلمية والعملية وكسر الحاجز بين الرواية والربيورتاج الصحفي نقل الصيغة بمجملها الي افق اخر وعمق بنيتها الاساسية القائمة علي طريقة التشعب ولهذا فهي من النصوص التي تتفرع وتتشعب كالغابة لكنها تتيح لكل منا ان يجد ممراته الخاصة حسب عبارة امبرتوايكو 0 فراوية الطين تقدم مجموعة من الممرات الخاصة منها النفسي ومنها الفكري ومنها الفلسفي بداية من الوحي ونهاية بالعلم وتبدوا كأنها تقدم تفسيرا وتصورا خاصا بالذات والكون والعالم خاصة وان الفترة التي ظهرت فيها الرواية شهدت اقبالا علي مؤتمرات الاعجاز العلمي فصارت مقولتها الاسايسة في الزمن فهي تعيد تفسير الظواهر الغامضة تفسيرا زمنيا بطريقة ترتكز علي البعد الفلسفي للزمن ومقولات انكماش الزمن في ظل معايير القياس الجديدة وتتقاطع مع ما ذكره الدكتور احمد زويل في كتابه عصر العلم فعند الدكتوررحسبن ليست السرعة مجرد عكس للبطئ والتمهل بل هي طريقة للعيش والسكن في هذا الكون انها تحدد وجودنا من عدمه وهي التي تفسر لحظة النشوة حين نذوب ونتلاشي كي يصبح زمننا صفراء وهي التي تجعلنا نتصور حيوات متعددة بسرعات وترددات مختلفة فبسبب السرعة نحن نعيش في دوائر زمنية في امكنة ذات ترددات مختلفة وفي دائرة واحدة هي الحياة وفي رواية ” نباح” تعرض عبده خال الي حرب الخليج الثانية ونزوح اليمنيين من المملكة وملاحقة البطل لحبيبته التي نزحت مع النازحين ولكنه وجدها قد امتهنت البغاء وحملت سفاحا فطلبت منه طلبا اخيرا باسم الحب السابق ان يسجل نجلها باسمه فوافق وكانه يقول ان نجل حرب الخلج الثانية سجل باسمنا جميعا اما اباؤه فانهم جميعا اوغاد العالم الذين اهدتهم الرواية لعنة كبيرة وفي رواية ” فسوق ” يعود عبده خال الي الاشتباك مع الواقع المحلي مرة اخري مع قاعدة سد الزرائع ومع ثنائية المفاضلة ( اما ابيض اما اسود ) ولا مكان للوسطية او للنسبية كما طبيعة الامور يقول السارد في الرواية لم تعد مناكب الارض كما خلقها الله غدا كل فعل محرم وكل حركة مكروهة وكل نفحة غير مستحبة وفي الرواية فضح للضلالات المعرفية فاللغة مثلا التي هي في الاصل للايضاح تحولها الدعابة الحزبية الي الة للاسهام والتعمية وبالتالي فان علي السرد ان يبدأ ويستمر حتي يكشف الحقيقة التي سبق ان طمستها اللغة .يقول ” فواز ” اللغة تثبت الكذب علي كافة موجات المجتمع والكتابة تثبته مما يعني الحاجة الي كتابة مضادة يقول السارد الاول في الرواية ” جلست كمصور غمر قلمه الماء واخذ ينتظر انقشاع غبش الصورة كانت ملاحمها تتراقص تحت الماء الاقاويل شيئا فشيئا “0 وكان السرد هنا ضد اللغة واذا اخذنا شخصية البطل السارد في الرواية ( طارق فاضل ) مثالا فأن كثيرا من الاعمال السابقة كان السرد فيها يأتي من وجهة نظر الضحية او حتي من وجهة نظر الجلاد اما ( طارق فاضل )فهو جلاد وضحية فالوقت ذاته ولهذا يعتمد علي اللفظة لكشف ذاته ومجمتعه بصدق وليس بصراحة فقط لان تعريته الذات بهذه الصورة المقززة اقصي درجات الصدق هذه الاعترافات توصفها الناقدة اللبنانية رفيف صيداوي بأنها تشبه الاعترافات في الثقافة المسيحية التي ينزع الشخص فيها الي التخلص من عذابات النفس والضمير فاعترفات ( طارق فاضل ) تجاوزت بعض الروايات الخليجية والعربية التي تكشف المسكوت عنه وتسرد الخطايا القابعة في زوايا المجتمعات العربية لتنسج خطابا قائما علي بوح وتعر خالصين لجلاد تجاوز الخمسين واستفاق باحثا عن الانسان فيه بعد ان نحاه جانبا سنوات طويلة0 ومن خلال البوح الذاتي تكشف الرواية بعض عيوب المجتمعات العربية كافة عبر اطلالة نقدية راقية تستند الي ادوات السرد الفني بقدر استنادها الي ادوات التحليل الاجتماعي من تشخيص للوحدة المكانية وتحليل مكامن الخلل فيها وكل ابعادها الفيزيقية والتاريخية والاجتماعية وصولا الي رسم مصائر الشخصيات المحددة بالمستوي النفسي والاجتماعي اما رواية : ترمي بشرر فهي خير مثال علي ان التراكم الكمي يؤدي بالضرورة الي تطور نوعي فقد حضرت فيها جميع انواع السرود كما يريد النقاد واتضحت فيها مفاعيل هذه الخبرة الكبيرة في ممارسة كتابة الرواية وبقدر ما فرح به النقاد فلابد من الاشارة انها ربما تكون متعبة للقارئ العادي بل وصادمة ايضا ولذلك فقراءتها تحتاج الي صبر وتدقيق وتفهم لواقع الحياة ومن ان الطابع العام للرواية هو الطابع الميلودرامي ولكن يمكن ان ينظر لهذا الامر من جهتين اولا : ان طابع الواقع العربي طابع ميلودرامي اساسا وبالتالي فلا غرابة ان تفوز هذه الرواية الواقعية بالجائزة بعد ان ذهبت الجائزة في الدورة الاولي والثانية الي رواتين تاريختين ( 1- الغروب ) لبهاء طاهر و ( عزازيل ) ليوسف زيدان الامر الثاني أن حرفية الكاتب اخرجت الرواية من مأزق الرويات الميلودرامية الفجة التي تعتمد علي الصدق والمأسي والمفاجات غير المعقولة لأن الرواية مشغولة بحرفية شديدة فهمهمة الرواية كما يقول ميلان كونديرا هي تمزيق التيار الحاجب للحقيقة وكشف التمثيلات الاجتماعية المضللة والمعروف ان الشخصية الروائية الواقعية تعكس جوهر الواقع اكثر مما تعكسه الشخصيات الواقعية الحقيقية في واقع الحياة هذه لمحة سريعة عن روايات عبده خال وان كانت لا تفي بالتعريف عنها بالشكل الكافي ولكن ربما اعطت فكرة عامة عنها أشكر الجمبع علي حضور هذا اللقاء الذي لم يكن مجدولا ولكنه يدل دلالة اضافية علي نجاح هذا المهرجان الثقافي الذي سعدنا جميعا بالتواجد فيه
بواسطة admin • 09-متابعات ثقافية • 0 • الوسوم : العدد الخامس والعشرون, حسن رشيد, عبده خال