رأى فى نقل ترجمة اعمال شكسبير إلى العربية ………….مؤيد حسن فوزى

… رأي في نقل ترجمة أعمال شيكسبير إلي العربية

بقلم : مؤيد حسن فوزي

لقد وأجهت أعمال شيكسبير المسرحية والشريعة العديد من وجهات النظر المتضاربة خلال حيانه وبعد وفاته في العام 1616 ، كما خضعت إلي العديد من النشاط الترجمي الذي حاول أن ينقل تلك الأعمال إلي عالمية ومحلية مختلفة . أثناء دراستنا لترجمة بعض هذه الأعمال إلي اللغة العربية ، رأينا أن هناك من يرحب ببعض الترجمات بينما البعض الاخر يسلط عليها ضوءا نقدياً سلبياً . وفي كلتا الحالتين يبقي الأعمال المترجمة ضرورياً ، أي أنه لم يعد نوعاً من ” النفخ في الرماد ” وما يقال عن النقد يمكن أن يقال عن ” نقد النقد ” لآن أي نوع من الكتابة لا يمكن أن يستغني عن عملية التقويم النقدي . نحاول في هذه الدراسة أن نكون محددين قدر الإمكان وبعيدين عن إصدار الأحكام العامة غير المسنودة ، لذلك اخترنا مسرحية شيكسبيرية واحدة مترجمة أعمال شيكسبير كل عشرين أو ثلاثين عاماً لأن اللغة في تغير مستمر … إننا نستطيع أن نرجم أعمالة بصورة أكثر دقة من أولئك الذين ترجموها قبل مائه عام مضي .. لأن ( المترجمين ) تخلو عن الأسلوب الأرستقراطي المقيد ، المتزمت ” نعتقد أن القول المذكور أعلاه ليس دقيقاً تماماً وغير عملي في الوقت نفسه – فالعلمية الترجمية التي يقترحها ( ليزيز ) لا يمكن تحقيقها بسهولة .

من ناحية أخري أنه يركز في تغير اللغة المستمر . نعم أن أية لغة في العالم تتطور حسب ما تمليه الظروف والمستجدات وبخاصة من حيث المفردات والتركيب ، فهناك مفردات وتعابير في لغة شيكسبير تعني بينما في زمن ذلك الكاتب كانت تعني شياً أخر تماماً وهذا ما ينبغي علي المترجم أن يتذكره قبل الشروع بترجمة أعمال شيكسبير . ثم أن شيكسبير كتب أكثر مسرحياته شعراً ، وترجمة الشعر ليست عملاً هيناً . يذكر الدكتور أحمد مطلوب في كتابة الموسوم ” دراسات بلاغية ونقدية ” أن : ” للرصافي رأي الشعر المترجم . يقول : أن فيما اطلعت عليه من الشهر الأجنبي المعرب شعراً تروقني معانيه جداً غير أني لا أثق بأمانة المترجمين في تصويرهم تلك المعاني كما هي في الأصل . ولئن كان النقل من لغة إلي أخري في غير الشعر صعباً فهو في الشعر أصعب لأن الشعر قد يشير إلي المعني من طرف خفي اشارة يصعب نقلها الا علي الماهرين من التراجمة ” نعم أن الترجمة الأمينة والمؤثرة للشعر تعتمد علي ثقافة المترجم في حقل اختصاصة ، فأحياناً : ” اذا لم تكن الترجمة أمين فأنها تكون جميلة – وإذا لم تكن جميلة .. فإنها تكون أمينة ” في الحقيقة ينبغي علي المترجم أن يعرف الجنس الأدبي الذي ينوي ترجمته . فترجمة هذين الجنسين خصوصية وطبيعة مرتبطة به ارتباطاً وثيقاً . فالمسرحية كما هو معروف ، وهي قصة كتبت ليقوم بتمثيلها ممثلون علي خشبة المسرح . بعبارة أخري ، إن المسرحية قيوداً وضوابط لا نجدها في الرواية . علي العموم ، تتمتع الرواية بحرية أوسع من حيث التعبير ، إلا أن المسرحية تتحدد بثوابت وقيود كثيرة منها التقيد الزمني الذي يحدد المخرج والممثلين والمشاهدين أيضاً . فالمشاهد يأتي لمشاهدة مسرحيته ضمن سقف زمني محدد فإذا زاد ذلك السقف عن حده فإن الملل النفسي وبالتالي الفشل يكونان النتيجية الطبيعية لتلك المسرحية . يجب علي المسرحية ، قدر الامكان ، أن تتجنب التفاصيل الجزئية في الحوار وإذا ما كان ذلك ضرورياً فالالتجاء إلي الكلمات الموحية يكون أمراُ مرغوباً فيه . ثم إن هناك قيوداً اخري يفرضها البناء المسرحي والممثلين والمشاهدين . فالمشاهدين يسعون إلي التمتع بالحركة والفعل الملموس .هناك حقيقة يجب ألا تفوتنا هنا وهي أن المعني الأصلي لكلمة مسرحية ( drama ) هو الفعل ( actiou ) .

وعلي مترجم النص المسرحي أن يكون عارفاً بمثل هذه الحقائق الأدبية والفنية والتقنية وسواها قبل شروعه بترجمة أي نص مسرحي . وما يقال عن المترجم يمكن أن يقال عن الناقد بصورة عامة ” فالناقد الحقيقي هة الذي يأخذ علي عاتقه إعادة تصحيح الصورة العامة أو المفردة عند القراء وعند المجتمع ككل … وهذا الموقف بالذات لا يفرض عليه التجرد أو النظافة فقط ، بل وقابلية التغلغل داخل الأثر الأدبي والتجول في  أعماقة مع لمس ذرة فيه ليتمكن من استيعابه وعرض زواياه المطموسة سواء أكانت هذه الزوايا مضييئة أم مظلمة ، جيدة أم رديئة ” ما دام موضوع بحثنا هو نقد النقد المسرحي ، فإننا لابد وأن نذكر بأن النقد المسرحي هو اظهار وتسليط الضوء المترجم من أجل تبيان ايجابياته وسلبيانه . بعبارة أخري ، إن دور الناقد يأتي ” في عملية أكمال ما أبدع الفنان (المسرحي) ومحاولة تلاقي النواقص التي ظهرت في عمل الفنان والمبدع ” أهم الصفات التي يجب أن يتمتع بها الناقد هي عدم التحيز ” فالناقد المتحيز يشبه القاضي الظالم ، وإذا كان كذلك فإنه يصبح أكثر خطراً من الحيوان المفترس ، كما يقول كومفوشيوس ” دعونا الان نكون أكثر تحديداً ولنأخذ مثلين للنقد الترجمي ، الأول للدكتور محمد يوسف نجم والثاني للاستاذ حسن عبد المقصود لنبدأ بنقد الدكتور محمد يوسف نج . يسلط الدكتور نجم الضوء النقدي علي مجموعة من الأعمال الشيكسبيرية التي ترجمت إلي اللغة العربية بعد أن يمهد لها بمقدمة وافية تستعرض اهتمام الأدباء العرب بترجمة المسرحيات الأجنبية إلي اللغة العربية منذ فترة مبكرة وكيف أن اختيار النص كان يعتمد علي شهرة الكاتب أو شهرة النص وكذلك ملائمته للذوق السائد في ذلك الوقت تذكر المقدمة أموراً تساعد الباحث الان علي استيعاب الظروف التي ظهرت فيها الأعمال المترجمة والتي كانت تحدد نجاح أو فشل تلك الأعمال ، فهو يذكر علي سبيل المثال ، أن أساليب المترجمين قد تباينت ، فمنهم :  ” وهم الكثيرة الغالبة من كان يتناول المسرحية ويحاول تقريبها إلي الذوق الشعبي فيعمي بابراز حوادثها الرئيسية ويتناول الحوار بالتلخيص أو الحذف ويغير النهاية أحياناً ويضيف بعض مواقف الغناء ليلاقي ذوق الجمهور .. وفي الكتاب من كان يعني بالناحية الدبية في هذه المسرحيات ولا يأبه بالشروط التي تقيده بها طبيعة المسرح العربي ولذا كان يبذل الجهد في سبيل المحافظة علي الأصل ونقله نقلاً أميناً دون عبث أو تشويه ، كما كان يفعل المترجمون المسرحيون ، أكثر المسرحيات التي ترجمت علي هذا النحو لم تذل حظوة علي المسرح نعتقد أن هذه المقدمة مهمة لأنها تساعدنا علي تقييم نقد الدكتور نجم لترجمة عبد المالك ابراهيم واسكندر لمسرحية ” ماكبث ” وترجمة محمد عفت للمسرحية نفسها . لنبدأ بنقده لترجمة عبد المالك إبراهيم واسكندر جرجس . ان أول ما يلفت النظر في نقد الدكتور نجم لهذه الترجمة هو تسطيره النتائج التي توصل إليها في أول سطور البحث وهذا غير مقبول علمياً لان استنتاج يجب أن يأتي في مرحلة لا حقه فهو يقول : ” واذا ذهبنا نحاسب المترجمين علي هذه الفكرة التي دفعتهما إلي الترجمة ، وجدنا انهما شوها هذا الأثر النفسي وعبثا به كل العبث ، حتى خرج من بين أيديهما وكأنه لا يمت إلي الأصل بصلة ” ثم يذكر الناقد أن المترجمين ” في بعض المواقف يؤلفان الحوار ويضيفانه الي المؤلف .. فمشهد الساحرات في المنظر الأول لأ يمت إلي الأصل بسبب بل هو كلام مؤلف يناسب المقام الذي خلقه المترجات خلقاً جديداً ” الناقد هنا لا يسند رأيه بمثل ملموس قد يعترض البعض ويقول إن المنظر المذكور لا يمكن تسجيله علي الورق لطوله ، إلا أن الواقع هو أن هذا المنظر هو من اقصر المشاهد في المسرحية ولا يتجاوز بعضة أشطر .

احياناً نجد في هذا النقد نوعاً من التعميم الذي تنقصة الأدلة والأمثلة . فمثلاً يقول الناقد : ” ومن هذا القبيل ما أضافه المترجمان إلي الساحرات في كل مواقفهن في المسرحية ، وذلك الحديث المنسوب إلي الملك وابنه ما لكولم والذي دار حول إعداد كودر . ومن قبيل التأليف أيضاً الشعر الذي نثر هنا وهناك ليلائم المقام أو ليعين علي تصوير المشاهد ” السؤال هو : أين الأمثلة ؟؟!! بعدئذ يذكر الناقد بأن المترجمين : ” يتجنبان المواقف الحوارية الطويلة ويوزعان القطع الحوارية علي أشخاص المسرحية بحيث تقول الشخصية كلاماً لم يوضع لها في الأصل ” كنا نتمني لو أن الناقد قد أشار الي النص الانكليزي الأصلي وأعطاء الترجمة التي تستحقه وبعدها يقوم بتوجيه العتاب إلي المترجمين ” اللذين كانا يهدمان شخصيات المسرحية فتظهر أشباحاً هزيلة متناقضة في أعماقها وتصرفاتها ، كما كانا يفسدان تسلسل الحوادث والمواقف التي كان المؤلف قد ربطها محكماً متماسكاً يبدو أن الناقد شعر بشئ من التقصير وذلك لعدم تقديمه الأمثلة وعليه حاول أن يعطي مثلاُ واحداً فقط فيقول إن المترجمين لم يفهما بعض العبارات ولذلك جاءت ترجمتهما غير دقيقة وبخاصة المواقف التي ظهرت فيها الساحرات وهن يخبرن ما كبث عن مصيره بعد أن أصبح ملكاُ ! ” هيكات : كلش كلش كلش … أقسم يا معشر الخدام … ” يقول الناقد أن هذا الكلام ليس بينه وبين الأصل صلة فهو تعويذة سحر غامضة لا يفهم منها شئ فضلاً عن أنها سخيفة وتافهة ” اعتقد أن الناقد هذا يجيب نفسه بنفسه من أن الكلام سخيف وتافه لأنه ” تعويذة سحرية غامضة ” فماذا يتوقع الإنسان من ساحرات غامضات قبيحات شكلاً وسلوكاً ؟؟ ثم يضرب الناقد مثلاُ اخر عن غموض الترجمة وهو كلام بواب القصر في أول المشهد الثالث من الفصل الثاني حيث يكتنفه عدم الدقة في الترجمة وكذلك الغموض ان هذا امراً طبيعياً أيضاً املته طبيعة شخصية البواب . أن اغلب المصادر الإنكليزية التي حاولت نفسي كلام البواب أيقنت أن تفسير هذا الكلام من الصعوبة بمكان لأن المتكلم نفسه لا يفهم ما يقوله هو بالذات ، وهذا يعود الي عدة أسباب أهمها أن البواب ثمل جداً !! فكيف نتوقع من هذه الشخصية ( البواب ) أن تكون منطقية في الحوار وهي في هذه الحالة البائسة ؟؟!! ثم إن هناك سبباً اخر كان علي الناقد أن يضعه في حسبانه وهو أن كلام البواب ملئ بالاشارات الظريفة ( Topical Refe – renccs ) التي لا يفهمها سوي معاصري شيكسبير بالاضافة إلي امتلاء ذلك الكلام بالعبارات العامية التي كانت سائدة في زمن شيكسبير . هذه الأمور التي كان علي الناقد أن يتذكر قبل أن يصدر حكمة . اختار الناقد نجم مثلاُ اخر علي عدم الدقة في ترجمه عبد المالك إبراهيم واسكندر جرجس وهو الكلام الذي تقوله زوجه ما كبث ( الفصل الأول ، المشهد الخامس ) : ، إلي أيتها الأرواح الشريرة ، يامن تحرضين المرء علي عمل السوء ، املئي قلبي قسوة وانزعي منه كل رحمة … واسدل أيها الليل سترا من ظلامك المدلهم علي اثامي حتى لا تنظر السماء خنجري ملوثاً بالدماء ولا … ، بعد ذلك يقترح مقارنتها بترجمة مطران للقطعة نفسها من أجل تأكيد أن ترجمه الثاني أفضل وأكثر دقة ، لكنه يكلف نفسه تبيان مكامن فشل المترجمين وأين نجح مطران . يخلص بعد ذلك إلي ” أن المترجمين عبثا بالترجمة أشد العبث ” في الواقع ، أن المترجمين لم يبعثا بالترجمة لكنهما لم يكون دقيقين والفرق ، كما هو معروف ، كبير بين العبث وعدم الدقة . لذلك كان المفروض بالناقد أن يضع المترجمين لعد المالك أبراهيم واسكندر جرجس من ناحية ونص مطران ، الواحد مقابل الأخر ويقوم بتسليط الضوء علي نقاط الضعف في النص الأول وما يقابلة من دقة الترجمة في النص الثاني .

في الجزء الثاني من بحثه يقوم الناقد نجم بنقد ترجمة محمد عفت للمسرحية ذاتها . أنه ، منذ البداية ، معجب بهذه الترجمة لأنه يعدها ” أحسن ترجمة ” قام بها مترجم إلي الشعر العربي في تلك الفترة وذلك ” من حيث الدقة في النقل والحرص علي جزئيات الأصل وتفاصيله ومن حيث الأسلوب اللفظي .. وعدم تورط الكاتب في أضافة أو حذف أو تبديل أو تغيير … ( من أجل المحافظة علي ) دلالات الالفاظ الشعرية وظلالها الخفية ” يقول الناقد علي الصفحة نفسها كلاماً مغايراً لما أطلقة أعلاه ، فهو يؤكد بأن ” ضرورات الوزن والقافية قد جرت المترجم محمد عفت إلي استعمال ألفاظ وتعابير وتراكيب تدل علي ضعف في شاعرية المترجم وعجزه عن فهم الأصل فهماً دقيقاً ” فهذا تناقص صريح كان الأجدر بالنقد أن يتجنبه . ثم يوالي حديثة عن ترجمة محمد عفت وهو يكيل المديح لها ويؤكد بأنه إذا ما قمنا بمقارنتها بتراجم هذه المسرحية الأخري إلي العربي ” لوجدنا بينها وبين تلك الترجمات لوناً شاسعاً من حيث التقيد بالأصل ومحاولة ابراز المعاني المقصورة ابراز المعاني المقصودة فيما يلائمها من حلل الألفاظ ” ثم يرجع ويقول بأن بعض عيون هذه الترجمة ” يرجع في الأكثر إلي ضرورات الشعر . فتقيده بالقافية الواحدة في بعض المواقف أوقعه في بعض الأخطار ثم يضرب علي ذلك المثل التالي وهو أن المترجم التزم قافية الراء في حديثة الساحرة الأولي ولذلك قال ” أيبس من حجر ” بينما كان عليه أن يقول ” أجف من تبن ” فما هو الفرق في المعني ياتري ؟؟ يحاول الناقد أن يجد مبررات لهذه الاخطار وعدم الدقة في الترجمة ومن هذه الأسباب ، حسب رأيه هي ” الحرص الشديد علي أن يترجم الشعر إلي الشعر ” ، هذا الحرص الذي أوقعه في مطبات السخف والتدني في ترجمة بعض المقطوعات مثلل حديث ( بنكو ) لما كبث عن زيارة الأولي لبيت ماكبت في الفصل الثاني ، المشهد الول ، ذلك الحديق الذي أوله وأخره لغوفي لغو :

كيف للام تري مستيظاً

أن للراحلة مولانا خلا

في سرور ما رأيت مثله

منعماً اعطي عطاء جزلا

ال بيتك لم يدع من خيره

ساكناً في القصر إلا نولا

حفي بالالطاف زوجك أنه

ذلك الماس له قدر أرسلا

وهو يدعوها أعز من قري

وحباها شكره ماجملا

بعد هذا نحو مضجعه سعي

شاكراً رب القوي والمنزلا

يكتفي الناقد هنا بالنقد التعميمي الفضفاض ، اذا صح التعبير ، ولا يجدد الخلل بالضبط : هل الخلل في القافية والتفعلية أن الخلل في القصور في ترجمة المعني ؟ وهذه الملاحظة تنطبق أيضاً علي مثل اخر يسوقه الناقد بخصوص ترجمة محمد عفت لإحدي القطع الرائع لشيكسبير وهي حديث ماكبث عن النوم بعد أن قتل الملك ( دنكان ) في الفصل الثاني ، المشهد الثاني :

لا تنم ليلاً سمعت صائحاً

( قد غدا مكبث قتال النيام )

ذلك النوم البريء منعش الجسم

أن هم عراه أو سقام

راثق الفتق الذي يحدثنه

متعبات العيش في فكر الأنام

منتهانا كل يوم ينتهي

مستحم للمتاعب والالام

قوة النفس التي قد انهكت

نصف عمر المرء عاماً في ترجمة

في الحقيقة إن الناقد لم ينس الايجابيات الموجودة في ترجمة محمد عفت علي الرغم من أن ترجمة الشعر هي من الصعورة بمكان وذلك

لأن للشعر ” روحة الخفية التي تخشي أن تتبخر في الهواء أثناء عملية النقل ” ومن هذه الأمثلة التي يسجلها للمترجم هي قول ( بنكو ) مخاطباً الساحرات ( المشهد الثالث من الفصل الأول ) :

وتعلمين البذور مخبات بجوف الغيب تنبت أو تصاب منسقن في الحديث وقلن صدقاً فعندي يستوي عسل وصاب وكذلك المنظر الخامس من الفصل الأخير عندما فقد ماكبث كل شئ بعد أن أخدت زوجته تلفظ أنفاسها الأخيرة :

يكاد يكون الخوف اسماً مجرداً

لدي من المعني وليس به فكر

لقد مر وقت كان فيه إذا علا

صراخ بليل كان يملؤني ذعر

وكنت اذا ما حدثوني بقصة

يكون بها للغول أو مثلة ذكر

أري شهر جسمي قد تنصب واقفاً

كأن له عقل وفي عقله فكر

ولكني لما توغلت في الأذى

وافعم قلبي الظلم والحذر والشر

قسي القلب حتى لم يعد فيه موضوع

يلين لرزء حل أو نكبة تعور

كنا نتمني أن يقابل الناقد نجد نماذج مختارة مما ترجماه عبد المالك ابراهيم واسكندر جرجس علي نحو ضعيف بالنماذج نفسها التي قان بترجمتها عفت لكي تتضح عناصر الجودة ولادقة والتأثير والايجاء لكن الناقد ، مع الأسف ، لم يفعل ذلك واكتفي بالاستعراض السريع وليس بالمقارنة التطبيقية .

عندما نأتي الدراسة النقدية المقارنة التي قام بإجرائها الناقد حسن عبد المقصود والتي قارن فيها بين ترجمتي خليل مطران ومحمد فريد أبو حديد ، فإننا نجد في هذا الدراسة عالماً فكرياً وعلمياً ذا نفس جديد . تسير الأحكام النقدية في هذه الدراسة سيراً منهجياً منظماً ومقنعاً . بقسم الناقد بحثة الي أربعة فصول 1- الأسلوب ، 2- الصور الخيالية ، 3- الحوار ، 4 – التصرف بالترجمة ومدي سلامته . إن أول مايؤكده الباحث هنا هو اختلاف الأسلوب الذي اعتمده كل من المترجمين أعلاه ، فقد اثر خليل مطران استعمال النثر في ترجمة هذه المسرحية ، بينما اختار محمد فريد أبو جديد أسلوب الشعر المرسل لأنه ” انسب لنقل ما تخفل به مسرحية ماكبث من انفعالات وإيجاءات ومشاعر وصور ” سنحاول هنا أن نبدي رأينا في النقاط التي يثيرها حسن عبد المقصود علي شكل ملاحظات مركزة علي قدر الامكان . فالملاحظة التي ذكرها عبد المقصود أعلاه تجرنا إلي القول أن هذه الملاحظة تنطبق علي المشاهد والمواقف الشعرية التي تزحر بها المسرحية ، لكننا يجب ألا ننسي أن في المسرحية مشاهد ومواقف قائمة أساساً علي التقريرية النثرية ، منها ، علي سبيل المثال ، مشهد البواب الذي سبق التطرق اليه ، وهناك أيضاً مشاهد تظهر فيها بعض الشخصيات دون أن تنطق بكلمة واحدة ، وهذا ما نجده في مشهد ” الوليمة ” الذي يظهر فيه ( بانكو ) دون أن ينبس ببنت شفة ، مع ذلك فإنه من المواقف المؤثرة التي أساساً علي ايحاءات الصادرة عن الوجه وهذا ما يعرف بلغة المسرح باللغة غير المنطوقة أو المخفية ( subtext ) . بعد ذلك يختار الناقد مشاهد ومقاطع من المسرحية ويقدمها لنا كما قام بترجمتها المذكورين أعلاه كما هي لكي يبين الجوانب الايجابية والسلبية بالمترجمين . بعبارة أخري ، أن الأستاذ حسن عبد المقصود أبعد ما يكون عن إطلاق الاحكام النقدية غير المسنودة بأسس نقدية رصينة ومحددة ، وهذا ما لم نجده عند نقد الاستاذ نجم كما ذكرنا سابقاً . لنبدأ بهذا المثل وهو حديث السيدة ما كبث وهي تؤنب زوجها ( الفصل الأول ، المشهد السابع ، 54 – 59 ) :

I have given suck and know

How tender it is to love the babe

That milks me I would, while

Smiling in my face, Have

Plucked my nipple from his

boreless gums,

and dashed the brains out, had I sworn as you have done to me

يثبت الاستاذ عبد المقصود بعدئذ ترجمة هذا النص الانكليزي إلي اللغ العربية الذي قام به محمد فريد أبو حديد شعراً مرسلاً علي النحو التالي :

انا ارضعت من لباني وادري رقة الحب للوليد الرضيع ، غير أني لو كنت قد اقسمت في المر يميناُ كما عقدت يمينك ،

ورنا الطفل باسماً نحو وجهي لا نتزعت الثدي من لثاه الغض حتى أدق عظم دماغه

ثم يتبعها بترجمة خليل مطران علي الوجه الاتي :

” لقد وضعت فأرضعت ، فعرفت كيف تحنو الأم إلى الطفل العالق بثدييها . فوحقك لقد عاهدت نفسى على مثل عاهدت عليك نفسك ، لانتزعت رضيعى مننهدي اذ هو باسم يرنو إٍليّ َوهشمت رأسه قبل أن أحنث “.

بعدئذ يقوم الأستاذ عبد المقصود بتحليل النصين المترجمين ليخلص إلي النتيجة التالية : ان الترجمة الشعرية أكثر إيحاء وإيجازاً من الترجمة النثرية . إننا قد نتفق مع الأستاذ عبدالمقصود بأن العبارات الشعرية الواردة في هذه الترجمة أكثر إيحاء لكننا لا نتفق معه بالنسبة لمسألة الإيجاز والاقتصاد في الكلمات في النصين فأننا نجد أنها متساوية من حيث الرقم تقريباً ( 35 كلمة مقابل 35 كلمة ) ، يذكر الأستاذ عبد المقصود ، وهو يحلل النصين المذكورين ، أن تعبير ” أدق عظم دماغه ” الوارد في ترجمة أبي حديد الشعرية أبلغ وأكثر إيحاء من العبارة التي وردت في ترجمة خليل مطران وهي ” هشمت رأسه” . أعتقد أن العبارة الأخيرة أكثر إيحاء وإيجازاً من العبارة الأولي وبخاصة مفردة ” هشمت ” التي توحي بالمعنى عن طريق النطق (onomatopoeia ) . وقبل أن يختتم موضوع ” الأسلوب ” في الترجمتين يطرح الأستاذ عبد المقصود هذا السؤال : هل حقق أسلوب الشعر المنثور لمحمد فريد أبي حديد نجاحاً ترجمياً مؤثراً ؟ وقبل أن يجيب على هذا السؤال يورد ترجمتين لنص واحد ، الأول لمحمد فريد أبي حديد والآخر لمطران بعدئذ يقوم التقويم الختامي لهما ، والنص هو منسوب لإحدى الساحرات ( الفصل الأول ، المشهد الثالث ، 18 – 25 )

I ll drain hm him fry as lay deep shall neither night nor fay Hang up on his penthouse lid , He shall live man forbid weary seven – night nine times nine ,

Shall he windle , peak and pine :

Though his bark cannot be lost ,

Yet it shall be tempest – lost .

يترجم محمد فريد أبو حديد التص الانكليزى أعلاه الي الشعر المرسل على النحو التالي :

سأنزف الدماء منه ، كي يجف كالهشيم

ولن ينام ليلة ولا نهاراً يستنيم

وسوف يغدو جفنه كالسطح سقف مائل

ينحدر النوم عليه كانحدار السائل

وسوف يحيا رجلاً أيامه سوء كئيبة

تسع مرات تسعة من سبع ليلات عصيبة حتى يجف ذابلاً وتضمحل ناحلاً

وأن تكن سفينة من الضياع ناجية فسوف تلقيها على الجنبين رياح عالية

أما مصران فيترجمها نثراً بهذه الصيغة :

” سأدعه جامداً كالتبن ، لا يعلق النوم ليلاً ولا نهاراً بأهداب جفنيه ، حياته حياة الطريد المحروم ، يظل يضعف ويجف ويذوب تسعة أسابيع مكررة تسع مرات يأبي أن تغرق سفينته ولكنها تستمر عرضة للأمواج بلا انقطاع “

وتطبيقاً لمنهجه العلمي المبرمج ، يقوم الأستاذ عبدالمقصود بمقارنة الترجمتين ليخلص إلي الاستنتاجات التالية :

1-  نجاح محمد فريد أبو حديد ، دون خليل مطران ، في تصوير الجو العام لعالم الساحرات عن طريق الكلام المسجوع ، وهذا أمر معروف عن الساحرات بصورة عامة .

2-  أن هذا الكلام المسجوع أكثر إيحاء وتجسيداً للمعاني التي أرادها شيكسبير ، مثل ” الشيم ، يستنيم ، عاتيه “

3-    أن ترجمة مطران النثرية لم ترق إلي مستوى الترجمة الشعرية لأبي حديد حيث أن ترجمة الأول :

أ – تميل إلي الأسلوب التقريرى العقلاني الخالي من العاطفة وكأن هذه الترجمة تقدم لنا خبراً من الأخبار ” الفاترة “

ب-لقد فاتت خليل مطران بعض التعابير التي لم يترجمها وخاصة البيتين التاليين :

Sleep shall neither night nor day

Hang up on his penthouse lid

بعدئذ ينتقل الناقد إلي دراسة ترجمة ” الصور الخيالية ” عند المترجمين أبي حديد ومطران . اختار الناقد مثلاً محدداً وانطلق من خلاله لتقويم الترجمتين والنص المختار هو شعور ما كبث في أخريات أيامه بالخيبة واليأس بعد أن سمع بخبر موت زوجته .

أخذت الحياة تصغر في عينيه إلي درجة أنه لم ير فيها سوى العبث والتفاهة . النص الذي نحن بصدده هو النص الوارد في المشهد الخامس من الفصل الخامس 19-28

Tomorrow and tomorrow and tomorrow

Creeps in thin petty pace from day to day

To the last syllable of recorded time

And all our yesterdays have lighted fools

The way to dusty  death . Out , oud brief candle

Life is but a walking shadow , a poor player

That starts and frets his hour up on the stage

And then is heard no more . it’s a tale

Told by an idiot , full of sound a fury ,

Signifying nothing

لا تفوت القارئ أو المشاهد المتمعن في هذا النص امتلائه بالكثير  من الاستعارات المباشرة وغير المباشرة والصور البيانية التي لا تجسد الجو العام للمشهد حسب بل الوضع النفسي المتردي والبائس للمتكلم أيضاً . يقوم الناقد بتثبيت ترجمتي مطران وأبي حديد اولاً ثم يشرع بابداء ملاحظاته النقدية حولهما . يترجم مطران النص هكذا :

الضعاف طريق القبر ! انطفيء – انطفيء – أيها النور المستعار هنهيهة . ما الحياة ؟ إن هي إلا ظل عابر ، إن هي إلا الساعة التي يقضيها الممثل على ملعبه متجنباً، عباً ثم يتواري ولن يرى .

ان هي إلا أقصوصة يقصها أبله بصيحة عظيمة وكلمات ضخمة على حين أنها خالية من كل معني “

أما محمد فريد أبو حديد فيقوم بترجمة هذا الكلام الكئيب على النحو التالي :

كل غد بعده غد وغد

تحبو تلك الخطى القصار دبيباً ،

تتوالي يوما فيوماً

إلي أخر حرف سجل للزمان .

كل أمس لنا أضاء للحمقي

في طريق يفضي لموت لموت التراب .

أيتها الشمعة الضئيلة ، بعداً لك بعداً

فانما العيش ظل

كخيال يمشي وكاللاعب المسكين

في مسرح يضج ويزهي

ساعة قدرت له ،

ثم لا يسمع من بعدها مدى الأيام

أنها قصة يرددها المعتوه ،

صوت وهيجة دون معني

يسجل الناقد عدة ملاحظات حول ترجمة مطران منها أن مطران يحاول جاهداً أن يترجم المعني دون الالتزام الدقيق بالنص ، كترجمته للأبيات الخمسة الأولي ، حيث كبسها وضغطها في كلمات قلائل فيقول : ” كل ليلة تنقضي تمهد لبعض الأناس الضعاف طريق القبر ” فهذه الترجمة المختصرة المبورة ، كمايؤكد الناقد تقتل جمال الأخيلة والصور المجسمة المترافقة مع الكلمات التي يوحي نطقها بمعانيها . ثم إن مطران أهمل ترجمة بعض المقاطع مثل :

Tomorrow and tomorrow and tomorrow

Creeps in thin petty pace from day to day

all our yesterdays have lighted fools

The way to dusty  death

بجانب هذه الملاحظات السلبية التي يثبتها الناقد عبد المقصود لترجمة مطران ، فأنه يسجل الثناء والمديح لترجمة محمد فريد من حيث دقة الأخيرة وتوفيقها في ترجمة المعاني الظاهرة والخفية لهذا النص . نحن بدورنا لنا ملاحظات بسيطة حول ننقد عبدالمقصود لترجمة محمد فريد . فالأستاذ أبو حديد يقول في ترجمته : ” كاللاعب المسكين ” في الوقت الذي كان عليه أن يترجم كلمة ” اللاعب ” بكلمة ” الممثل ” ثم أنه في الشطر ما قبل الأخير يقول ” المعتوه” وهذا التحديد غير وارد فكان من الأفضل أن يقول معتوه لأن التعميم هنا أبلغ وأكثر إيحاء منالتحديد .

يدرس الأستاذ عبد المقصود في الجزء الثالث من بحثه موضوع ” الحوار ” بادئ ذى بدء لابد لنا أن نقول بأن تخصيص مدخل مستقل لبحثه بأسم ” الحوار ” مسألة قابلة للنقاش . أن هذا الفصل ، أي الحوار ، هو جزء لا يتجزأ من الفصلين السابقين وهما ” الأسلوب ” و ” الصور الخيالية ” فالفصلان السابقان قائمان على الحوار ، والحوار ، كما هو معروف ، هو ما يميز المسرحية عن غيرها من الأجناس الأدبية ، بغض النظر عما اذا كان الحوار مع الذات ( solitoquy ) ، أو مع الآخرين ( ملاحظة : نعم هناك أجناس أدبية أخرى ، غير المسرحية مثل الرواية أو القصيدة ، تستخدم الحوار بصورة عرضية عابرة) على الرغم من ملاحظتنا هذه ، فإننا يجب أن نشرح ونقول بأن هذا الفصل فصل علمي ومبرمج دقيق بكل معني الكلمة , يذكر الأستاذ عبد المقصود الأساس الذي أعتمده في التقويم النقدي هنا وهو أن الحوار يجب أن يناسب مقتضي الحال والوضع النفسي والفكري للشخصية ، ” الأمر الذي يدفع الكاتب المسرحي إلي التخلي عن أسلوبه هو لينطق كل شخصية بأسلوبها الخاص .. فلغة الأشراف غير لغة العبيد ( عند شيكسبير ) ، ولغة الأديب غير لغة الأبله المأفون … وهذا ما يسمي بائتلاف اللفظ والمعني . فالعبارة التي تصور الغضب أقوي من تلك التي تعبر عن الحزن أو الخوف أو الوله أو الخذلان ( كل ذلك ) حسب الشخوص والمواقف ” . أعتقد أن تثبيت هذه المقدمة أمر ضروري من أجل تقويم النصوص المترجمة اللاحقة فهي أساس لابد من تأكيده . بعدئذ يقوم الناقد جدولا احصائياً مدروساً من أجل الايجاز والاقتصاد في القول . فقد اختار نصاً معيناً باللغة الانكليزية وطبق عليه التحليل النقدي المبرمج حسب النقاط التالية : العاطفة ، المتحدث ، النص شعراً  ، خصائص النص من حيث الأسلوب ، ترجمة أبي حديد ، ترجمة مطران : يثبت المؤلف ستة نماذج مختارة من تراجم أبي حديد ومطران ويخلص إلي أن أبا حديد تفوق في هذا المضمار تفوقاً ملحوظاً ، ويرجع الفضل في ذلك إلي ما أظهره هذا المرجم من تفهم جيد للنص وروحه ” . مع ذلك فانه يؤكد بأن هناك بعض المواقف أجاد فيها مطران أكثر من أبي حديد ، مثل الحوار التالي الذي ورد في الفصل الأول المشهد الخامس ، 38-41 :

Come you spirits

That tend on mortal thoughts , unsex me here

And fill me , from the crown to the toe , topful of dirty cruelty .

” يترجم أبو حديد هذا النص على النحو التالي :

أقبلي آيتها الشياطين يا من

تخدمين الخواطر الفتاكة

وانزعي قوة عواطف جنسي

وأملئني بالقسوة السفاكة

من صياصي رأسي إلي طرف الأحمض “

بينما يترجم مطران هذا النص على نحو مؤثر وواضح ودقيق :

إلي أيتها الأرواح التي توحي نيات القتل .. جرديني من انوثتي . افعميني جفوة وقسوة من رأسي إلي قدمي “

في الجزء الرابع الذي جاء بعنوان ” التصرف بالترجمة ومدي سلامته ” يخلص الناقد عبد المقصود إلي أن المترجم خليل مطران استباح لنفسه حرية التصرف في نصوص مسرحية ” ما كبث ” من حيث الحذف والادماج والتقديم والتأخير . فقد حذف مطران مشاهد كاملة مثل المشهدين الأول والثاني من الفصل الأول فالمشهد الأول لا يمكن الاستغناء عنه لأنه يهيئ الجو العام للمسرحية ، ذلك الجو الذي يرد على لسان احدى الساحرات :

” نرى الحسن قبيحاً ونرى القبيح حسناً فهيا نطر في ضباب عكر وهواء قذر ..”

وما يقال عن هذا المشهد يمكن أن يقال عن المشهد الثاني الذي يتضمن حديث أحد الضباط عن شجاعة ماكبث . ومن سلبيات ترجمة مطران أنه يقدم ويؤخر ويدمج المشاهد وهذا كما يؤكد الاستاذ عبد المقصود ، غير جائز لأن مسرحية ماكبث ، أسرع مسرحيات شيكسبير تلاحقاً للأحداث ” * إلا أن الأستاذ عبد المقصود لا يضع اللوم بالنسبة لهذه السلبيات اللغوية والتنظيمية على مطران لأن الأخير لا يفتقر إلي ملكة الشعر والقدرة على تفهمه روحاً ومعني * بل يضع اللوم على الترجمة الفرنسية التي نقلها مطران إلي اللتغة العربية .

وأخيراً يختتم الأستاذ عبد المقصود بحثه بالاشارة بترجمة محمد فريد أبي حديد وبعدها نموذجاً يحتذي مؤكداً أن أسلوب ومنهج أبي حديد في الترجمة جاء بطريقة تدل على خبرة كبيرة في الترجمة وتملك لناصيته اللغتين ، ولا غرر في ذلك ، فقد كان الأديب الفذ والمترجم البارع الذي زاول الترجمة سنوات طويلة تدريساً وانتاجاً “*

من خلال هذا الاستعراض للنقد الترجمى لمسرحية ” ماكبث ” الي اللغة العربية الذي قام به الدكتور محمد يوسف نجم والأستاذ حسن عبد المقصود ، نود أن نذكر أن بحثنا قد توصل إلي عدة نتائج مسنودة بالأدلة المشتقة من النص الانكليزى الأصلي ، ومن هذه النتائج أن النقد الترجمي للدكتور نجم هو نقد لا يخلو من فائدة بالنسبة للقارئ العربي ، فقد جاءت أراؤه الترجمة كجزء من كتاب عام لا يتطرق الي الترجمة كحقل مستقل بل كجزء من النشاط المسرحي العربي . ولا يسعنا هنا إلا أن نذكر ونشيد بالفائدة التي قدمها لنا هذا الكتاب عن المسرح العربي ككل بصقه كتاباً رائداً , إلا أن هناك حقيقة لابد من ذكرها وهي أن بعض أراء الاستاذ نجم جاءت علي نحو سريع أحياناً جاء نقده علي نحو انطباعي مسنود بالأدلة المشقة من النص الأصلي ، بينما جاءت الاراء النقدية والتقويمية للاستاذ حسن عبد المقصود علي نحو منهجي رصين نابع من مقدرة لغوية متميزة ومن معرفة متعمقة بالية الأدب المسرحي حواراً وتركيباً وأسلوباً أخيراً ، أرجو أن أكون قد أعطيت البحث حقه وأذا لم يكن الأمر كذلك فأرجو من القارئ الكريم السماح لأن الكمال لله وحده وسبحانه وتعالي ، فهو مولانا وبه نستعين