أدب الطفل العربي وقضاياه في ظل المتغيرات العصرية ..د جمال نجيب التلاوى

أدب الطفل العربي وقضاياه
في ظل المتغيرات العصرية
إعداد
د جمال نجيب التلاوى
ناقد وقاص من مصر
تأخر كثيرا الاهتمام بأدب الأطفال فى الوطن العربى ، غير  أن العقود الثلاث الأخيرة شهدت طفرة كبيرة و تقدما فى مجال أدب الأطفال تعويضا عن فترات  خمول طويلة.  حيث بدأت تتنوع مداخل  أدب الأطفال من مجلات و كتب متنوعة من قصص و مسرح و شعر و الغاز  الى مجلات ثم  الطفرة الكبيرة التى تتجسد  فى مجال  الصورة المرئية من خلال شاشات التليفزيون . و من ايجابيات هذا المدخل الأخير  أنه بدأ يخلق شخصيات عربية لها عمق فى التراث العربى  الاسلامى بدلا من الاعتماد على الترجمة و تقليد  شخصيات لا تمثل حضارتنا .
و هذا الملف يحاول  أن يلقى الضوء على واقع  أدب الأطفال فى الوطن العربى بادئا من تلمس النشأة الأولى و الجذور الى نماذج مشرقة من واقع أدب الأطفال فى الوطن العربى  متمثلا فى قصص الأطفال و شعر الأطفال و أدب الأطفال و التكنولوجيا الحديثة و غيرها من موضوعات هذا الملف . لكن هذا الملف يدعونا لاثارة بعض القضايا الهامة المتعلقة بأدب الأطفال فى الوطن العربى . و أول هذه القضايا هى ضرورة الاتفاق على خلق الأنموذج للطفل العربى ليكون هو القاسم المشترك فى كتابات  أدب الأطفال . و ما اقصده بالأنموذج هنا هو خلق شخوص لها جذور عربية تكون لها البطولة فى القصص و المسرح و الشعر و الأعمال الدرامية الموجهة للطفل العربى و هى الأكثر تأثيرا .  فلا يكفى أن نعجب مثلا بشخصيات  ( توم و جيرى ) و نترجم الأعمال الأكثر نجاحا فى الغرب , هناك مهمة كبيرة  لابد أن يقوم بها كتاب الأطفال فى الوطن العربى و هى خلق هذا الأنموذج و التمسك به و تكراره فى الأعمال المختلفة.
ثانيا ضرورة الاهتمام بانتاج  أعمال درامية مأخوذة عن نصوص عربية مكتوبة للأطفال  و الحقيقة هناك بعض البرامج العربية  خاصة تلك التى ينتجها التليفزيون السعودى و القطرى  و التى تتحدث باللغة العربية الفصحى قد خطت خطوات ناجحة فى هذا المسار و أصبح جيل جديد من الأطفال يتحدثون العربية الفصحى فى احاديثهم اليومية.
ثالثا من الأهمية بمكان أن نهتم بتبسيط تاريخنا العربى و الاسلامى للأطفال كما يتم تبسيط العلوم ، و اذكر أنه فى بداية القرن العشرين كان تشارلز ديكنز قد حقق شهرة عالمية فى كتابة الرواية و قام الانجليز بالاستفادة من هذه الشهرة و كلفوه بتبسيط التاريخ الانجليزى للأطفال و كتب بالفعل تاريخ انجلترا المبسط و كان مقررا على سنوات المراحل التعليمية الأولى . و كان ديكنز قد كتبه بأسلوب قصصى جذاب . و لا مانع  فى هذا السياق من تبسيط اعمال الرواد  الابداعية و الفكرية  و أن يكون الجهد المبذول فى هذا السياق من المؤسسات و الجمعيات المهتمة بأدب الاطفال له الأولوية عن  تبسيط الأعمال المترجمة . و لا يعنى هذا الدعوة لعدم الاهتمام بالترجمة و انما افصد أن يكون الاهتمام بتراثنا له الأولوية حتى نخلق الأنموذج الذى يسعى الغرب لترجمته كما ينهلون الان للصغار و للكبار من ألف ليلة وليلة .
رابعا من القضايا  ذات الأهمية الاهتمام بنقد أدب الأطفال لأننا فى العالم العربى لا نولى اهتماما بمجال نقد أدب الأطفال  و نحدد لمن يتوجه الناقد لأن وظيفة الناقد هنا قد تختلف عن وظيفة الناقد الذى يتولى  تفسير و تأويل الأعمال الابداعية للقراء . فهل ناقد أدب الأطفال سيتوجه للقراء الأطفال يبسط لهم ما غمض عنهم و تفسير و تبسيط المغزى الأخلاقى و التربوى فى العمل ؟ أم أنه سيتوجه لكتاب الأطفال انفسهم للتوجيه و التقويم و المناقشة و بالتالى نعود بوظيفة النقد الى خطوات نشأتها الأولى ؟  القضية مطروحة للمناقشة  و تحتاج لاجتهادات كثيرة .
و يبقى أخيرا التساؤل حول جدوى جوائز أدب الأطفال فى العالم العربى . فلا شك أن الجوائز الأدبية بشكل عام لها  دور كبير فى التوجيه حسب الجهة المانحة و التى تضع شروطها مما يجعل عددا  ليس بقليل يكتب للمسابقات و الجوائز ، فهل مثل هذه الجوائز تخدم قضية أدب الأطفال أم  انها ضدها؟ هل الجوائز تكريم لجهد تم بذله بالفعل  أم هى تكريس لكتابة أنماط بعينها؟   و هل الجوائز الحالية كافية لتغطية المنجز الثرى فى العقود الأخيرة ؟
هذه بعض القضايا المتعلقة [ادب الأطفال فى العالم العربى و التى بحاجة الى مزيد من  المناقشات للوصول الى اجتهادات مرضية  .

أدب الطفل العربي وقضاياه في ظل المتغيرات العصرية                                                                                     إعداد د جمال نجيب التلاوىناقد وقاص من مصر تأخر كثيرا الاهتمام بأدب الأطفال فى الوطن العربى ، غير  أن العقود الثلاث الأخيرة شهدت طفرة كبيرة و تقدما فى مجال أدب الأطفال تعويضا عن فترات  خمول طويلة.  حيث بدأت تتنوع مداخل  أدب الأطفال من مجلات و كتب متنوعة من قصص و مسرح و شعر و الغاز  الى مجلات ثم  الطفرة الكبيرة التى تتجسد  فى مجال  الصورة المرئية من خلال شاشات التليفزيون . و من ايجابيات هذا المدخل الأخير  أنه بدأ يخلق شخصيات عربية لها عمق فى التراث العربى  الاسلامى بدلا من الاعتماد على الترجمة و تقليد  شخصيات لا تمثل حضارتنا . و هذا الملف يحاول  أن يلقى الضوء على واقع  أدب الأطفال فى الوطن العربى بادئا من تلمس النشأة الأولى و الجذور الى نماذج مشرقة من واقع أدب الأطفال فى الوطن العربى  متمثلا فى قصص الأطفال و شعر الأطفال و أدب الأطفال و التكنولوجيا الحديثة و غيرها من موضوعات هذا الملف . لكن هذا الملف يدعونا لاثارة بعض القضايا الهامة المتعلقة بأدب الأطفال فى الوطن العربى . و أول هذه القضايا هى ضرورة الاتفاق على خلق الأنموذج للطفل العربى ليكون هو القاسم المشترك فى كتابات  أدب الأطفال . و ما اقصده بالأنموذج هنا هو خلق شخوص لها جذور عربية تكون لها البطولة فى القصص و المسرح و الشعر و الأعمال الدرامية الموجهة للطفل العربى و هى الأكثر تأثيرا .  فلا يكفى أن نعجب مثلا بشخصيات  ( توم و جيرى ) و نترجم الأعمال الأكثر نجاحا فى الغرب , هناك مهمة كبيرة  لابد أن يقوم بها كتاب الأطفال فى الوطن العربى و هى خلق هذا الأنموذج و التمسك به و تكراره فى الأعمال المختلفة. ثانيا ضرورة الاهتمام بانتاج  أعمال درامية مأخوذة عن نصوص عربية مكتوبة للأطفال  و الحقيقة هناك بعض البرامج العربية  خاصة تلك التى ينتجها التليفزيون السعودى و القطرى  و التى تتحدث باللغة العربية الفصحى قد خطت خطوات ناجحة فى هذا المسار و أصبح جيل جديد من الأطفال يتحدثون العربية الفصحى فى احاديثهم اليومية.  ثالثا من الأهمية بمكان أن نهتم بتبسيط تاريخنا العربى و الاسلامى للأطفال كما يتم تبسيط العلوم ، و اذكر أنه فى بداية القرن العشرين كان تشارلز ديكنز قد حقق شهرة عالمية فى كتابة الرواية و قام الانجليز بالاستفادة من هذه الشهرة و كلفوه بتبسيط التاريخ الانجليزى للأطفال و كتب بالفعل تاريخ انجلترا المبسط و كان مقررا على سنوات المراحل التعليمية الأولى . و كان ديكنز قد كتبه بأسلوب قصصى جذاب . و لا مانع  فى هذا السياق من تبسيط اعمال الرواد  الابداعية و الفكرية  و أن يكون الجهد المبذول فى هذا السياق من المؤسسات و الجمعيات المهتمة بأدب الاطفال له الأولوية عن  تبسيط الأعمال المترجمة . و لا يعنى هذا الدعوة لعدم الاهتمام بالترجمة و انما افصد أن يكون الاهتمام بتراثنا له الأولوية حتى نخلق الأنموذج الذى يسعى الغرب لترجمته كما ينهلون الان للصغار و للكبار من ألف ليلة وليلة . رابعا من القضايا  ذات الأهمية الاهتمام بنقد أدب الأطفال لأننا فى العالم العربى لا نولى اهتماما بمجال نقد أدب الأطفال  و نحدد لمن يتوجه الناقد لأن وظيفة الناقد هنا قد تختلف عن وظيفة الناقد الذى يتولى  تفسير و تأويل الأعمال الابداعية للقراء . فهل ناقد أدب الأطفال سيتوجه للقراء الأطفال يبسط لهم ما غمض عنهم و تفسير و تبسيط المغزى الأخلاقى و التربوى فى العمل ؟ أم أنه سيتوجه لكتاب الأطفال انفسهم للتوجيه و التقويم و المناقشة و بالتالى نعود بوظيفة النقد الى خطوات نشأتها الأولى ؟  القضية مطروحة للمناقشة  و تحتاج لاجتهادات كثيرة .  و يبقى أخيرا التساؤل حول جدوى جوائز أدب الأطفال فى العالم العربى . فلا شك أن الجوائز الأدبية بشكل عام لها  دور كبير فى التوجيه حسب الجهة المانحة و التى تضع شروطها مما يجعل عددا  ليس بقليل يكتب للمسابقات و الجوائز ، فهل مثل هذه الجوائز تخدم قضية أدب الأطفال أم  انها ضدها؟ هل الجوائز تكريم لجهد تم بذله بالفعل  أم هى تكريس لكتابة أنماط بعينها؟   و هل الجوائز الحالية كافية لتغطية المنجز الثرى فى العقود الأخيرة ؟هذه بعض القضايا المتعلقة [ادب الأطفال فى العالم العربى و التى بحاجة الى مزيد من  المناقشات للوصول الى اجتهادات مرضية  .