تأخر كثيرا الاهتمام بأدب الأطفال فى الوطن العربى ، غير أن العقود الثلاث الأخيرة شهدت طفرة كبيرة و تقدما فى مجال أدب الأطفال تعويضا عن فترات خمول طويلة. حيث بدأت تتنوع مداخل أدب الأطفال من مجلات و كتب متنوعة من قصص و مسرح و شعر و الغاز الى مجلات ثم الطفرة الكبيرة التى تتجسد فى مجال الصورة المرئية من خلال شاشات التليفزيون . و من ايجابيات هذا المدخل الأخير أنه بدأ يخلق شخصيات عربية لها عمق فى التراث العربى الاسلامى بدلا من الاعتماد على الترجمة و تقليد شخصيات لا تمثل حضارتنا .
و هذا الملف يحاول أن يلقى الضوء على واقع أدب الأطفال فى الوطن العربى بادئا من تلمس النشأة الأولى و الجذور الى نماذج مشرقة من واقع أدب الأطفال فى الوطن العربى متمثلا فى قصص الأطفال و شعر الأطفال و أدب الأطفال و التكنولوجيا الحديثة و غيرها من موضوعات هذا الملف . لكن هذا الملف يدعونا لاثارة بعض القضايا الهامة المتعلقة بأدب الأطفال فى الوطن العربى . و أول هذه القضايا هى ضرورة الاتفاق على خلق الأنموذج للطفل العربى ليكون هو القاسم المشترك فى كتابات أدب الأطفال . و ما اقصده بالأنموذج هنا هو خلق شخوص لها جذور عربية تكون لها البطولة فى القصص و المسرح و الشعر و الأعمال الدرامية الموجهة للطفل العربى و هى الأكثر تأثيرا . فلا يكفى أن نعجب مثلا بشخصيات ( توم و جيرى ) و نترجم الأعمال الأكثر نجاحا فى الغرب , هناك مهمة كبيرة لابد أن يقوم بها كتاب الأطفال فى الوطن العربى و هى خلق هذا الأنموذج و التمسك به و تكراره فى الأعمال المختلفة.
ثانيا ضرورة الاهتمام بانتاج أعمال درامية مأخوذة عن نصوص عربية مكتوبة للأطفال و الحقيقة هناك بعض البرامج العربية خاصة تلك التى ينتجها التليفزيون السعودى و القطرى و التى تتحدث باللغة العربية الفصحى قد خطت خطوات ناجحة فى هذا المسار و أصبح جيل جديد من الأطفال يتحدثون العربية الفصحى فى احاديثهم اليومية.
ثالثا من الأهمية بمكان أن نهتم بتبسيط تاريخنا العربى و الاسلامى للأطفال كما يتم تبسيط العلوم ، و اذكر أنه فى بداية القرن العشرين كان تشارلز ديكنز قد حقق شهرة عالمية فى كتابة الرواية و قام الانجليز بالاستفادة من هذه الشهرة و كلفوه بتبسيط التاريخ الانجليزى للأطفال و كتب بالفعل تاريخ انجلترا المبسط و كان مقررا على سنوات المراحل التعليمية الأولى . و كان ديكنز قد كتبه بأسلوب قصصى جذاب . و لا مانع فى هذا السياق من تبسيط اعمال الرواد الابداعية و الفكرية و أن يكون الجهد المبذول فى هذا السياق من المؤسسات و الجمعيات المهتمة بأدب الاطفال له الأولوية عن تبسيط الأعمال المترجمة . و لا يعنى هذا الدعوة لعدم الاهتمام بالترجمة و انما افصد أن يكون الاهتمام بتراثنا له الأولوية حتى نخلق الأنموذج الذى يسعى الغرب لترجمته كما ينهلون الان للصغار و للكبار من ألف ليلة وليلة .
رابعا من القضايا ذات الأهمية الاهتمام بنقد أدب الأطفال لأننا فى العالم العربى لا نولى اهتماما بمجال نقد أدب الأطفال و نحدد لمن يتوجه الناقد لأن وظيفة الناقد هنا قد تختلف عن وظيفة الناقد الذى يتولى تفسير و تأويل الأعمال الابداعية للقراء . فهل ناقد أدب الأطفال سيتوجه للقراء الأطفال يبسط لهم ما غمض عنهم و تفسير و تبسيط المغزى الأخلاقى و التربوى فى العمل ؟ أم أنه سيتوجه لكتاب الأطفال انفسهم للتوجيه و التقويم و المناقشة و بالتالى نعود بوظيفة النقد الى خطوات نشأتها الأولى ؟ القضية مطروحة للمناقشة و تحتاج لاجتهادات كثيرة .
و يبقى أخيرا التساؤل حول جدوى جوائز أدب الأطفال فى العالم العربى . فلا شك أن الجوائز الأدبية بشكل عام لها دور كبير فى التوجيه حسب الجهة المانحة و التى تضع شروطها مما يجعل عددا ليس بقليل يكتب للمسابقات و الجوائز ، فهل مثل هذه الجوائز تخدم قضية أدب الأطفال أم انها ضدها؟ هل الجوائز تكريم لجهد تم بذله بالفعل أم هى تكريس لكتابة أنماط بعينها؟ و هل الجوائز الحالية كافية لتغطية المنجز الثرى فى العقود الأخيرة ؟
هذه بعض القضايا المتعلقة [ادب الأطفال فى العالم العربى و التى بحاجة الى مزيد من المناقشات للوصول الى اجتهادات مرضية .
أدب الطفل العربي وقضاياه في ظل المتغيرات العصرية إعداد د جمال نجيب التلاوىناقد وقاص من مصر تأخر كثيرا الاهتمام بأدب الأطفال فى الوطن العربى ، غير أن العقود الثلاث الأخيرة شهدت طفرة كبيرة و تقدما فى مجال أدب الأطفال تعويضا عن فترات خمول طويلة. حيث بدأت تتنوع مداخل أدب الأطفال من مجلات و كتب متنوعة من قصص و مسرح و شعر و الغاز الى مجلات ثم الطفرة الكبيرة التى تتجسد فى مجال الصورة المرئية من خلال شاشات التليفزيون . و من ايجابيات هذا المدخل الأخير أنه بدأ يخلق شخصيات عربية لها عمق فى التراث العربى الاسلامى بدلا من الاعتماد على الترجمة و تقليد شخصيات لا تمثل حضارتنا . و هذا الملف يحاول أن يلقى الضوء على واقع أدب الأطفال فى الوطن العربى بادئا من تلمس النشأة الأولى و الجذور الى نماذج مشرقة من واقع أدب الأطفال فى الوطن العربى متمثلا فى قصص الأطفال و شعر الأطفال و أدب الأطفال و التكنولوجيا الحديثة و غيرها من موضوعات هذا الملف . لكن هذا الملف يدعونا لاثارة بعض القضايا الهامة المتعلقة بأدب الأطفال فى الوطن العربى . و أول هذه القضايا هى ضرورة الاتفاق على خلق الأنموذج للطفل العربى ليكون هو القاسم المشترك فى كتابات أدب الأطفال . و ما اقصده بالأنموذج هنا هو خلق شخوص لها جذور عربية تكون لها البطولة فى القصص و المسرح و الشعر و الأعمال الدرامية الموجهة للطفل العربى و هى الأكثر تأثيرا . فلا يكفى أن نعجب مثلا بشخصيات ( توم و جيرى ) و نترجم الأعمال الأكثر نجاحا فى الغرب , هناك مهمة كبيرة لابد أن يقوم بها كتاب الأطفال فى الوطن العربى و هى خلق هذا الأنموذج و التمسك به و تكراره فى الأعمال المختلفة. ثانيا ضرورة الاهتمام بانتاج أعمال درامية مأخوذة عن نصوص عربية مكتوبة للأطفال و الحقيقة هناك بعض البرامج العربية خاصة تلك التى ينتجها التليفزيون السعودى و القطرى و التى تتحدث باللغة العربية الفصحى قد خطت خطوات ناجحة فى هذا المسار و أصبح جيل جديد من الأطفال يتحدثون العربية الفصحى فى احاديثهم اليومية. ثالثا من الأهمية بمكان أن نهتم بتبسيط تاريخنا العربى و الاسلامى للأطفال كما يتم تبسيط العلوم ، و اذكر أنه فى بداية القرن العشرين كان تشارلز ديكنز قد حقق شهرة عالمية فى كتابة الرواية و قام الانجليز بالاستفادة من هذه الشهرة و كلفوه بتبسيط التاريخ الانجليزى للأطفال و كتب بالفعل تاريخ انجلترا المبسط و كان مقررا على سنوات المراحل التعليمية الأولى . و كان ديكنز قد كتبه بأسلوب قصصى جذاب . و لا مانع فى هذا السياق من تبسيط اعمال الرواد الابداعية و الفكرية و أن يكون الجهد المبذول فى هذا السياق من المؤسسات و الجمعيات المهتمة بأدب الاطفال له الأولوية عن تبسيط الأعمال المترجمة . و لا يعنى هذا الدعوة لعدم الاهتمام بالترجمة و انما افصد أن يكون الاهتمام بتراثنا له الأولوية حتى نخلق الأنموذج الذى يسعى الغرب لترجمته كما ينهلون الان للصغار و للكبار من ألف ليلة وليلة . رابعا من القضايا ذات الأهمية الاهتمام بنقد أدب الأطفال لأننا فى العالم العربى لا نولى اهتماما بمجال نقد أدب الأطفال و نحدد لمن يتوجه الناقد لأن وظيفة الناقد هنا قد تختلف عن وظيفة الناقد الذى يتولى تفسير و تأويل الأعمال الابداعية للقراء . فهل ناقد أدب الأطفال سيتوجه للقراء الأطفال يبسط لهم ما غمض عنهم و تفسير و تبسيط المغزى الأخلاقى و التربوى فى العمل ؟ أم أنه سيتوجه لكتاب الأطفال انفسهم للتوجيه و التقويم و المناقشة و بالتالى نعود بوظيفة النقد الى خطوات نشأتها الأولى ؟ القضية مطروحة للمناقشة و تحتاج لاجتهادات كثيرة . و يبقى أخيرا التساؤل حول جدوى جوائز أدب الأطفال فى العالم العربى . فلا شك أن الجوائز الأدبية بشكل عام لها دور كبير فى التوجيه حسب الجهة المانحة و التى تضع شروطها مما يجعل عددا ليس بقليل يكتب للمسابقات و الجوائز ، فهل مثل هذه الجوائز تخدم قضية أدب الأطفال أم انها ضدها؟ هل الجوائز تكريم لجهد تم بذله بالفعل أم هى تكريس لكتابة أنماط بعينها؟ و هل الجوائز الحالية كافية لتغطية المنجز الثرى فى العقود الأخيرة ؟هذه بعض القضايا المتعلقة [ادب الأطفال فى العالم العربى و التى بحاجة الى مزيد من المناقشات للوصول الى اجتهادات مرضية .
ديسمبر 31 2014
أدب الطفل العربي وقضاياه في ظل المتغيرات العصرية ..د جمال نجيب التلاوى
أدب الطفل العربي وقضاياه في ظل المتغيرات العصرية إعداد د جمال نجيب التلاوىناقد وقاص من مصر تأخر كثيرا الاهتمام بأدب الأطفال فى الوطن العربى ، غير أن العقود الثلاث الأخيرة شهدت طفرة كبيرة و تقدما فى مجال أدب الأطفال تعويضا عن فترات خمول طويلة. حيث بدأت تتنوع مداخل أدب الأطفال من مجلات و كتب متنوعة من قصص و مسرح و شعر و الغاز الى مجلات ثم الطفرة الكبيرة التى تتجسد فى مجال الصورة المرئية من خلال شاشات التليفزيون . و من ايجابيات هذا المدخل الأخير أنه بدأ يخلق شخصيات عربية لها عمق فى التراث العربى الاسلامى بدلا من الاعتماد على الترجمة و تقليد شخصيات لا تمثل حضارتنا . و هذا الملف يحاول أن يلقى الضوء على واقع أدب الأطفال فى الوطن العربى بادئا من تلمس النشأة الأولى و الجذور الى نماذج مشرقة من واقع أدب الأطفال فى الوطن العربى متمثلا فى قصص الأطفال و شعر الأطفال و أدب الأطفال و التكنولوجيا الحديثة و غيرها من موضوعات هذا الملف . لكن هذا الملف يدعونا لاثارة بعض القضايا الهامة المتعلقة بأدب الأطفال فى الوطن العربى . و أول هذه القضايا هى ضرورة الاتفاق على خلق الأنموذج للطفل العربى ليكون هو القاسم المشترك فى كتابات أدب الأطفال . و ما اقصده بالأنموذج هنا هو خلق شخوص لها جذور عربية تكون لها البطولة فى القصص و المسرح و الشعر و الأعمال الدرامية الموجهة للطفل العربى و هى الأكثر تأثيرا . فلا يكفى أن نعجب مثلا بشخصيات ( توم و جيرى ) و نترجم الأعمال الأكثر نجاحا فى الغرب , هناك مهمة كبيرة لابد أن يقوم بها كتاب الأطفال فى الوطن العربى و هى خلق هذا الأنموذج و التمسك به و تكراره فى الأعمال المختلفة. ثانيا ضرورة الاهتمام بانتاج أعمال درامية مأخوذة عن نصوص عربية مكتوبة للأطفال و الحقيقة هناك بعض البرامج العربية خاصة تلك التى ينتجها التليفزيون السعودى و القطرى و التى تتحدث باللغة العربية الفصحى قد خطت خطوات ناجحة فى هذا المسار و أصبح جيل جديد من الأطفال يتحدثون العربية الفصحى فى احاديثهم اليومية. ثالثا من الأهمية بمكان أن نهتم بتبسيط تاريخنا العربى و الاسلامى للأطفال كما يتم تبسيط العلوم ، و اذكر أنه فى بداية القرن العشرين كان تشارلز ديكنز قد حقق شهرة عالمية فى كتابة الرواية و قام الانجليز بالاستفادة من هذه الشهرة و كلفوه بتبسيط التاريخ الانجليزى للأطفال و كتب بالفعل تاريخ انجلترا المبسط و كان مقررا على سنوات المراحل التعليمية الأولى . و كان ديكنز قد كتبه بأسلوب قصصى جذاب . و لا مانع فى هذا السياق من تبسيط اعمال الرواد الابداعية و الفكرية و أن يكون الجهد المبذول فى هذا السياق من المؤسسات و الجمعيات المهتمة بأدب الاطفال له الأولوية عن تبسيط الأعمال المترجمة . و لا يعنى هذا الدعوة لعدم الاهتمام بالترجمة و انما افصد أن يكون الاهتمام بتراثنا له الأولوية حتى نخلق الأنموذج الذى يسعى الغرب لترجمته كما ينهلون الان للصغار و للكبار من ألف ليلة وليلة . رابعا من القضايا ذات الأهمية الاهتمام بنقد أدب الأطفال لأننا فى العالم العربى لا نولى اهتماما بمجال نقد أدب الأطفال و نحدد لمن يتوجه الناقد لأن وظيفة الناقد هنا قد تختلف عن وظيفة الناقد الذى يتولى تفسير و تأويل الأعمال الابداعية للقراء . فهل ناقد أدب الأطفال سيتوجه للقراء الأطفال يبسط لهم ما غمض عنهم و تفسير و تبسيط المغزى الأخلاقى و التربوى فى العمل ؟ أم أنه سيتوجه لكتاب الأطفال انفسهم للتوجيه و التقويم و المناقشة و بالتالى نعود بوظيفة النقد الى خطوات نشأتها الأولى ؟ القضية مطروحة للمناقشة و تحتاج لاجتهادات كثيرة . و يبقى أخيرا التساؤل حول جدوى جوائز أدب الأطفال فى العالم العربى . فلا شك أن الجوائز الأدبية بشكل عام لها دور كبير فى التوجيه حسب الجهة المانحة و التى تضع شروطها مما يجعل عددا ليس بقليل يكتب للمسابقات و الجوائز ، فهل مثل هذه الجوائز تخدم قضية أدب الأطفال أم انها ضدها؟ هل الجوائز تكريم لجهد تم بذله بالفعل أم هى تكريس لكتابة أنماط بعينها؟ و هل الجوائز الحالية كافية لتغطية المنجز الثرى فى العقود الأخيرة ؟هذه بعض القضايا المتعلقة [ادب الأطفال فى العالم العربى و التى بحاجة الى مزيد من المناقشات للوصول الى اجتهادات مرضية .
بواسطة admin • 02-ملف العدد • 0 • الوسوم : العدد الثامن والعشرون, جمال نجيب التلاوى