من شرفة غرفته المطلة على النيل ، كان يراه متسعًا وعميقًا ، وزرقة صافية تظلل لونه، جاءه إحساس أن، السماء تسبح في مياه النهر ، وحين نادته أمه ـ وهي مجهدة ـ قالت :
– هذه الأصص وزعوها بينكم … لم يعد لنا بيت !!!
هي لم تقل الجملة الأخيرة ، لكنه وأخوته أدركوها ، كانت أصص الزرع عشقهم ومتعتهم ، تملأ كل جوانب البيت .
– أصص الزعتر هذي لك .. أعرف أنك تحبها .. واختصتني بها ، في صمت حمل أخوتي بعض الأصص ، وكانت زهور البوتس الخضراء تتقطع أوصالها؛ لأنها كانت تربط كل جدار البيت ، تدخل حجراتنا وتخرج ، كلما دخلت حجرة ، وقفت أمي ، يساعدها أبي ، قبل رحيله ، وهي تقف فوق كرسي وتمد الحبال في أعلى الحجرة ، ويرفع لها أبي عود البوتس برفق ، وتثبته برفق ، وهي تقول: ها هي تظلل الآن حجرتين ، ثلاثًا وهكذا … حتى ربطت بين حجراتنا جميعا ، كنت أنظر للأصيص الصغير الذي يحمل الجذر وأتعجب كيف لهذا الجذر الصغير أن يمتد ليشمل البيت كله ، بدأ نبتة صغيرة في حجرة أبي وأمي ، ثم امتد ، الآن تحاول جاهدة أن تلملم عود البوتس ، وأن تجمع أطرافه من الحجرات المختلفة قد غادروا المنزل منذ سنوات … واحدا بعد الآخر ، جلست متهالكة وقالت : عندي حل ، كل واحد يأخذ فرعا من الأفرع التي تقطمت ويضعها في أصيص في شقته سوف تنمو…
يونيو 30 2012
شرفة تطل على النهر…….. جمال نجيب التلاوي
شرفة تطل على النهر جمال نجيب التلاوي
من شرفة غرفته المطلة على النيل ، كان يراه متسعًا وعميقًا ، وزرقة صافية تظلل لونه، جاءه إحساس أن، السماء تسبح في مياه النهر ، وحين نادته أمه ـ وهي مجهدة ـ قالت :
– هذه الأصص وزعوها بينكم … لم يعد لنا بيت !!!
هي لم تقل الجملة الأخيرة ، لكنه وأخوته أدركوها ، كانت أصص الزرع عشقهم ومتعتهم ، تملأ كل جوانب البيت .
– أصص الزعتر هذي لك .. أعرف أنك تحبها .. واختصتني بها ، في صمت حمل أخوتي بعض الأصص ، وكانت زهور البوتس الخضراء تتقطع أوصالها؛ لأنها كانت تربط كل جدار البيت ، تدخل حجراتنا وتخرج ، كلما دخلت حجرة ، وقفت أمي ، يساعدها أبي ، قبل رحيله ، وهي تقف فوق كرسي وتمد الحبال في أعلى الحجرة ، ويرفع لها أبي عود البوتس برفق ، وتثبته برفق ، وهي تقول: ها هي تظلل الآن حجرتين ، ثلاثًا وهكذا … حتى ربطت بين حجراتنا جميعا ، كنت أنظر للأصيص الصغير الذي يحمل الجذر وأتعجب كيف لهذا الجذر الصغير أن يمتد ليشمل البيت كله ، بدأ نبتة صغيرة في حجرة أبي وأمي ، ثم امتد ، الآن تحاول جاهدة أن تلملم عود البوتس ، وأن تجمع أطرافه من الحجرات المختلفة قد غادروا المنزل منذ سنوات … واحدا بعد الآخر ، جلست متهالكة وقالت : عندي حل ، كل واحد يأخذ فرعا من الأفرع التي تقطمت ويضعها في أصيص في شقته سوف تنمو…
– البوتس لا يموت إذا أوليته قليلًا من الرعاية ..
More
بواسطة admin • 04-نصوص قصصية • 0 • الوسوم : العدد الواحد والعشرون, جمال نجيب التلاوي