يوليو 10 2010
الاتجاهات المعاصرة فى الرواية الاسبانية ….. انا رود ريغيث فيشر
الاتجاهات المعاصرة فى الرواية الاسبانية
بقلم : د. انا رود ريغيث فيشر (*)
هناك عدة عناصر يمكن أن تفسر التطور الكبير الذى طرأ على الرواية الاسبانية خلال الثلث الاخير من هذا القرن،يمكن الاشارة الى أبرز تلك العناصر التى تتمثل فى:أولا التقدم الاقتصادى الذى اثر فى تطوير عالم الكتب والنشر، الذى تحول من نشر تقليدى محدود ليصبح صناعة قوية وثانيا التحول الاجتماعى الثقافى الذى يوازى التطور الاقتصادى مماشجع على ظهور جمهور قارئ يتكون من شرائح عريضة من الشعب الاسبانى بعض تلك الشرائح ام يكن يملك القدرة على امتلاك الكتاب سواء بسبب قدرته الشرائية أو بسبب تشكيله الثقافى، وثالثا التطور الذى طرأ على وسائل الاتصال الحديثة التى اثرت بشكل كبيرعلى تقرب الكاتب الاسبانى من جمهور القراء حتى أصبحت القراءة فى أسبانيا عادة وبشكل خاص الرواية التى يكتبها كتاب محليون، وذلك شئ لم يكن يحدث فى الماضى، لكل هذه الاسباب فان أفق الرواية فى بلادنا متسع وجمعى، يتعايش فيه خمسة أجيال من الكتاب، لآن التطور الاقتصادى شجع على بروز أسماء شابة جديدة، نظرا لسهولة نشر العمل الاول، اضافة الى الكاتبات اللاتى اأصبح عددهن كبيرا، ووجودهن فى أدبنا طبيعيا ويتسع كل يوم، اضافة الى استمرار الابداع عند المؤلفين الكبار الذين استقرت أسماؤهم فى الاذهان ولايزالون ينشرون أعمالا جديدة، من هؤلاء الكتاب الكبار نجد(اميليو خوسيه ثيلا) الحاصل على جائزة نوبل عام 1989 نشر رواية(مقتل الخاسر)عام1994،(وصليب سان اندريس)عام1995 ، والروائى (غونثالو تورنتى بايستير)نشر روايات (أنا لست أنا)عام1987 و(موت العميد)عام1992 والكاتب(ميغيل ديليبس) نشر روايات (سيدة ترتدى الاحمرعلى خلفية رمادية)عام1991 و(يوميات متقاعد)عام1995، أماالكاتبة (انا ماريا ماتوتيس) التى يعتبر أهم كاتبة اسبانية حاليا حيث نشرت بعد فترة صمت طويل أربع روايات مهمة وصلت الى قطاع عريض من القراء منها:(ملكة الجليد)عام1994 والملك الغوطى المنسى عام1996 و(الذهاب من البيت)عام1998 والكاتبة(خوسيفينا ألديكو)وصلت الى قمة نضوجها فى ثلاثيتها(حكاية معلمة)عام 1990 و(سيدات الحداد)عام1993 و(قوة القدر)عام 1997 والتى تقص فيها معلمة باحدى المدارس شاركت فى الحركة الجمهورية والحرب الاهلية ،ووبعد الحرب ذهبت الى المنفى،ثم عادت الى الوطن من جديد، الكاتب(خوان مرسيه)لايزال يكتب من خلال مذكراته الشخصية مركزا على فترة هامة من تاريخنا المعاصر وهى فترة مابعدالحرب من اهم اعماله الاخيرة (عاشق بلغتين)1990، و(ساحر شنغهاى)عام1993 ويمكن أن نذكر هنا ايضا (خوان غويتيسولو)الذى يعيش خارج اسبانيا ويفضل كتابة الرواية التجريبية، أماشقيقة (لويس غويتيسولو) فان أعماله الكثيرة تلفت النظر مثل رواية تناقض وكذلك الكاتب (فرانثيسكواومبرال)الذى أبدع خلال السنوات الاخيرة عددا كبيرا من الروايات المهمة، اضافة الى هؤلاء الكتاب الذين ينتمون الى جيل منتصف القرن، هناك مجموعة بدأت النشر خلال السبعينيات وتعيش الان فترة النضوج الابداعى الكامل وهم مؤلفون اهم شخصيتهم المتميزه، ويشكلون تيارات عدة أهمها ذلك التيار الذى حول الرواية اقرب الى الشعر من خلال التعامل اللغوى لكن الطابع الغالب لهؤلاء الكتاب ان لكل منهم شخصيته المتميزة داخل عملية الابداع الروائى الاسبانى تعتبر رواية الزئبق المنشورة عام1968 التى كتبها (خوسيه ماريا غيلبنثو)قطيعة مع ماسبقها من اعمال روائية اسبانية كتبت بعدها عدة روايات كانت كل منها تمثل خطوة تجديدية عن ماسبقتها الى روايته المشاعر المنشورة عام1995 والتى تعكس صراعا بين امرأتين تختلفان اجتماعيا وثقافيا وعلميا كل منهما تحاول ان تتمرد على وضعها تلك الرواية القصيرة تشكل عالما شاعريا ويزداد شاعرية كلما تعمق الكاتب فى الحديث عن الزمن والمشاعر التى تعبر عنها كل من البطلتين الواقعية استمرت فى الرواية الاسبانية من خلال كتابات (لويس ماتيودييث) الشخصيات التى تسكن رواياته شخصيات نصف موهربة وغامضة وفى اكثرها ينتمون الى الريف ويعيش احداثا مقلقة ولديهم القدرة على تحويل العالم الروائى الى عالم جديد وخيالى غيرمسبوق يجذب القارئ اليه بشكل غير عادى مثل رواياته (ملف الغريق) الصادرة عام1992و(طريق الضياع)عام1995و(جنة البشر)عام1998 يعتبر (خوان خوسيه مياس) خبيرا فى تحويل الوقائع الغريبة الى اسطورة وشخصيات رواياته بها دائما شخصيات شاذة تعيش احداثا مقبولة لكنها فى الواقع احداث غير منطقية مقلقة تثير دهشة القارئ هذا التناقض يعود الى أن احداث تلك الروايات تجرى كلها فى مناطق حضرية معروفة بالمدن وقريبة الى التفسير الواقعى وتتمثل الحياة اليومية: (ورقة مبللة)عام1983 (وحرف ميت)عام 1984 و(فوضى اسمك)عام 1988 و(عبيط وميت وخادع خفى)عام1995 ويشبه هذا الابداع روايات الكاتب (خافيير توميو)مع اختلاف فى استخدام السخرية التى تشيع فى كتابات هذا الاخير، لكنها سخرية مختلطة بالعبث وتميل الى التجريب السوريالى ولاتزال روايته (حوار فى حرف رى صغير) الصادرة عام1980 والتى تقص حكاية مسافرين يلتقيان فى عربة قطار ويتبادلان حوارا ساخرا يشبه حوارات بيكيت أما الكاتب(انريكى فيلا- ماتاس) فانه يعشق دائما رؤية الجانب المظلم للاشياء بحثا عن التعمق فى الجانب النفسى، يتعمق فى الحياة الداخلية للشخصية ليصنع كتابات تشبه الهوس، وتدورأكثرها فى ليالى سنوات الخمسينيات لمدينة برشلونة الباردة،صعلوك يفاجئه البوليس أثناء سرقة أكوابا من صالة جنائزية فيدعى الجنون وينكر شخصيته مما يؤدى به الى مستشفى للامراض العقلية وتقرأ سيدتان الخبر فى الصحف فتعتقد كل منهما انه زوجها المختفى وهذه الحكاية موضوع رواية (المخادع)عام1984، ثم روايات(بعيدا عن فيراكروث)عام1995 و(شكل الحياة الغريب)عام 1997، تعكسان مشاكل هوية الانسان المعاصر، وتقدمان وجها الليل والنهار لحياة فرد واحد، ممايمكن اعتبارها رواية البطل المعاكس أيضا الكاتب(خافيير مارياس) يتفرد عالمه الروائى بين زملائه وبشكل خاص فى الفترة الاخيرة من حياته الابداعية، روايته(الانسان الحساس)عام1986، تحكى قصة مغنى اوبرا يعيش حياة متناقضة من الحب والصداقة و(القلب الابيض)عام1992و(تذكرنى غدا فى الحرب)عام1994 تعتبران روايتان تحاولان البحث فى غموض الموت والقدروالحب، والزمن،دون أن تتخليا عن التعامل مع الحياة اليومية وأسرارها، ومن خلال لغة قوية ومعبرة، اما(مانويل لوبى) فان روايته (جميلة فى الضباب) فانها عمل رائد، ادواردو مندوثا والفارو بومبو كلاهما من الاسماء الجديدة التى دخلت المشهد الادبى خلال السنوات الاولى من السبعينيات، وهنا أريد أن ألفت النظر الى حدث جديد اثرى الرواية الاسبانية المعاصرة وهو دخول عدد كبير من الشعراء لهذا المجال مثل(أنا ماريا مويس) و(أنا ماريا ناباليس) و(انطونيو كوليناس) و(بينتيس رييس) و(كلارا خانيس) أو( خوليو ياماثاريس) وبعض هذه الاسماء حققت انجازات مهمة فى الابداع الروائى،فى رواية (أفراس الحلم) الصادرة عام1989 تقصكلارا خانيس حكاية ثلاثة أزمنة من تاريخ جيلها، وفى روايتها(رجل عدن) الصادرة عام1991 تقدم حكاية سيدة غربية تسافر الى اليمن لحضور مهرجان شعرى وتبدأ هناك قصة حب تحول الرواية الى غنائية ثرية مكتوبة فى نثر جميل أما خوليو ياماثاريس فانه يركز على عالم ملئ بالكتل البشرية بادئا من الحياة نفسها فيقص حكاية المقاومة فبمابعد الحرب الاهلية فى روايته (قمر الذئاب)الصادرة عام1988م أو يعود الى الصور التى تحتشد فى ذكريات الطفولة فى روايته( مشاهد سينما صامته)الصادرة عام1994، يعتبر خوليو ياماثاريس واحدا من أفضل كتابنا الذين ظهروا خلال سنوات الثمانينيات وايضا الكاتب (لويس لانديرو) رغم أنه يكتب بشكل مخالف تماما روايته(ألعاب العمر المتقدم) الصادرة عام1989 أو(فرنسان الحظ)الصادرة عام1994 فأنهما تشكلان جزءا مهما من اعمال الرواية الاسبانية المعاصرة أما انطونيو مونيوث مولينا فانه بعد صدور روايته(شتاء لشبونة)عام1987 و(بلتنيبريس)عام1989 اللتان تنتميان الى الرواية الاقرب الى الرواية البوليسية الا أنه فى روايته الاخيرة(تمام القمر)عام1997 فانه يتجه فى ابداعه الى الواقعية التى تستقى جذورها من الحياة اليومية المعاشة يأتى بعد ذلك بدرو سوريلا الذى ينحت عالما روائيا جديدا يستقى جذورة من الرواية فى أمريكا اللاتينية ويخضع لتأثيراتها لكن بنكهة ايبيرية تمزج مابين الواقع والخيال وتمارس الشخصيات حياتها فى ضبابية تشبه حياة(كونت الضباب) ويبرز هذا فى روايته(رحلات ضبابية) الصادرة عام1997 ، خافيير غارثيا سانشيث لايتنازل عن ترحالة فى عالم الاخرين الغامض كانتحار شاعرة رومانتيكية فى روايته (اخر رسالة حب)عام1986 أويصنع عالما من الرعب النفسى والعبث كما فى روايته(طابعة الالة الكاتبة)عام1990 او الحياة اليومية لرياضى سباق الدراجات كما فى روايته (جبل دى هويث) عام1994 أو تطور الحياة المادية لبائع صحف يعيش فى كشكه الخشبى يراقب مرور البشر من امامه، ويشعر بصرخات الاشياء من حوله كما فى رواية (الحياة المتجرة)عام1996 تماما كما ظهرت أسماء أخرى لاتقل اهمية يمكننا ذكرهم هنا مثل(خوستو نافارو)و(اغناثيو مارتينيث دى بيسون)و(بدرو ثارالوكى)و(مارثيدس سوريانو و اليخاندرو غاندارا، أو(انياكى ايثكيرا)و(نوريا امات) تلك الاسماء استطاعت ان تثبت اقدامها فى عالم الرواية المعاصرة فى أسبانيا، بالطبع هناك ايضا اسماء جديدة انضمت الى هذا الحشد الذى يشكل عصب الابداع فى الرواية الاسبانية المعاصرة، لآسباب كثيرة ذكرنا بعضها من قبل هناك الكثير من الاسماء التى برزت من خلال عمليات(تسويق تجارى)لا علاقة لها بنجاح اعمالهم الابداعى، وهذا النوع من الروايات الخفيفة التى تحاول جذب القارئ المرهق واللامبالى الذى يحب ان يرى نفسه فى اعمال تتحدث عن عالم الليل: الخمر والمخدرات والجنس، وهذا بالطبع يخلق صراعا مع العديد من الاسماء الجديدة التى تحاول ان تجد لها مكانا فى عالم الابداع الروائى من خلال اعمال حقيقية ومن الكتاب الجدد الذين يحاولون الصعود فى مناخ من التسويق التجارى والتغلب عليه هناك اسماء مثل: (خوان بونيا)و (لويسماغرينيا أو بيلين غوبيغى….
يوليو 10 2010
نحو رواية جديدة …………. خوان أنخيل خوريستو
نحو رواية جديدة
بقلم : خوان أنخيل خوريستو (*)
دون الخوف من السقوط فى التعميم يمكننا أن نؤكد أنه لم يكن هناك حتى الان مثل هذا العدد الضخم من الروائيين فى تاريخ انتاجنا الادبى وربما يحدث هذا للمرة الاولى لكن يمكن لهذا العدد أن يتحول فى المستقبل الى امكانية انتاجية روائية الاسباب التى تقف وراء هذه الظاهرة فى رأيى تعود الى اسباب اجتماعية وأدبية السبب الاجتماعى يرجع الى أن الرواية قادرة على اقامة مؤسسات كبرى وهى الظاهرة التى ترافق دائما التحولات فى المجتمعات الحديثة من هنا كانت فترات النتاج الادبى فى اوروبا والولايات المتحدة خلال القرن التاسع عشر عصر صعود البرجوازية والرأسمالية وهذه الظاهرة فى قرننا هذا تلعب دورا كسلاح ذو حدين بعد أن سقطت دعاوى اشباع رغبات البرجوازية لتلبية مطالب الجماعات التى كانت فى ذلك الوقت غارقة فى الجهل لايجب أن ننسى أن اسبانيا بدأت تحديث مجتمعها المدنى قبيل موت فرانكو لكن صناعة الثقافة بدأت فى تعديل استراتيجيتها التسويقية لتلحق بأوربا بدءا من عام1975 لذلك كان يجب على تلك الصناعة أن تقدم جيلا جديدا من الروائيين يعبرون عن التركيبة الاقتصادية لهذا جاء ميلاد هذا الجيل طبيعيا، وهذا الجيل كان موجودا بسبب سنه أولا لكن تشكيله لم يكن له علاقة بالجيل السابق الذى كانوا يطلقون عليه اسم(جيل الخمسينيات) وكان على الجيل الجديد أن يعبرعن نفسه رغم أنفه من هنا أطلق عليه النقاد اسم جيل(الرواية الاسبانية الجديدة) رغم أن تشكيله كان لايزال فى طور التكوين لكن الحقيقة ان هذا الجيل يختلف عن الجيل السابق اختلافا جذريا وهذا يرجع الى موهبته واختلاف رؤيته الادبية ويعتقد النقاد أن صدور رواية (حقائق قضية سابولتا)عام1975 للكاتب (ادواردو ميندوثا)كان البداية نحو رؤية روائية جديدة فى اسبانيا لنترك هذه الجزئية لآن قناعة النقاد لاتعنى صحة هذه الفرضية لآنه يجب عدم اغفال أنه كانت هناك حالات مماثلة لكتاب مثل (خوان غويتيسولو) اضافة الى اخرين استطاعوا تغيير الابداع الادبية قبل ذلك بسنوات لكن مع الجيل الجديد يرى النقاد أن هناك استعدادا للكتابة الجديدة بشكل عام وجماعى وأن هؤلاء الكتاب الجدد يتحركون بين تيارات وجماعات أدبية طبقا لقناعة كل منهم خلال السنوات الاولى من الثمانينيات وبدأت هجمة الاسماء الجديدة فى عالم الرواية وتحولت الى ظاهرة متميزة فأبعدت الشعروالقصة القصيرة الى مراكز متأخرة من بين تلك الاسماء الجديدة: أنطونيو مونيوث مولينا ، وخافيير مارياس ، ولويس ماتيو دياث ، وخوسيه ماريا ميرينو وألفريدو كوندى ، وبرناردو أتشاغا ، وخيسوس فيريرو، وخوليو ياماثاريس ، وخوسيه ماريا غيلبنثو، ولويس لنديرو، وأديلايدا غارثيا موراليس ، ورفائيل تشيربس ، ومانويل ريفاس، ألخ…….. اكتملت أدوات هذا الجيل الروائية فى الوقت الذى حصل فيه (كاميلو خوسيه ثيلا) على جائزة نوبل للاداب فبدت هذه الجائزة كمالو كانت شهادة وفاة لجيل كامل ليحتل مكانه جيل جديد،
أما السبب الادبى الذى أشترت اليه من قبل له علاقة بالحالة النفسية وله علاقة بتحديث اسبانيا بعد وفاة فرانكو وان كان يعود الى فترة سابقة على ذلك ويمكن تبريرة لاسباب جمالية فى الخمسينيات كانت الرواية فى أسبانيا ساذجة وتتأرجح مابين الخانعين للنظام وبين المعارضين له كتاب يساريون يستخدمون اللغة التقليدية المتحللة ويسيرون على خطى الواقعية الاشتراكية ومن الملفت للنظر أنهم كانوا أكثر رجعية فى مواجهة الذى كانوا يرغبون فى التغيير الفعلى ، كتاب أمريكا اللاتينية والظاهرة التى أطلقوا عليهااسم البومPOOM ، (الانفجار) لعبوا الدور الاهم فى تحديث أدبنا ومن المثير أن أيامن الروائيين الاسبان المعروفين من ذلك الجيل الذى أطلق عليه النقاد اسم جيل الخمسينيات ، لم ينشر عملا جديدا خلال السنوات التى بدأت عام1964 وحتى نهايات الستينيات، ولم يعودوا الى النشرقبل مضى بضع سنوات من السبعينيات، اى بعد أن مرت الموجة العارمة لكتاب امريكا اللاتينية وكانت روايات جيل الخمسينيات الاسبانى الجديدة منبتة الصلة بماسبقها من انتاج ودليل على ذلك الكاتب (تورنتى بايستير) الذى نشر رواية (أسطورة هروب خ.ب) التى تعتبر من أفضل ماكتب من روايات وبعد مايقرب من منتصف السبعينيات نشر الكاتب الشاب – وقتها- خوسيه كاباييرو وبونالد روايته) أغاتا عين قط) وكانت قائمة على شكل مغاير تماما لروايته الاولى (يومان من أيلول) تلك الحداثة التى جاء بها كتاب امريكا اللاتينية والتى اكتسحت الكتابة الاوروبية وفى الولايات المتحدة أحيت اللغة الاسبانية وأتت بنتاجها خلال سنوات الثمانينيات مع بروز الجيل الجديد فى اسبانيا جيل سار على نهج جديد دفعه الى انتاج روائى وعمل ثقافى مختلف أعرف أننا نتحدث فى التعميم لكن هذا الحدث أثرى التقليد الروائى الاسبانى وليس هنا مجال الابراز قبمة كل واحد من الاسماء التى ذكرناها ولاحتى وضع حدود لبيان قيمة أى منهم فى مواجهة الاخرين ولكن من الممكن التأكيد على أنه لم يحدث ابدا فى تاريخ اسبانيا أن وجد مثل هذا العدد الكبيرمن الروائيين فى ذلك الزمن القصير حدث خلال تلك السنوات نوع من مايمكنأن نسميه أسطرة الرواية(نسبة الى الاسطورة) وربما كانت الدعاية التى تقوم بها دور النشرلها دور كبير فى هذا ممايعتبر فى جانب منه خطرا على طرق اخرى لكتابة الادب وماهو أهم من هذا كله يعتبر تهيديا للنبض الابداعى الاصيل فى سنوات الثمانينيات مثلا حدثت ظاهرة مثيرة للانتباه وتبين بشكل واضح ماأقوله كان أى شخص مهنته الكتابة أو له علاقة بالثقافة وفى أحيان كثيرة ليس له علاقة بهذا المجال يشعر بأنه مدفوع الى كتابة الرواية صحافيون ونقاد وشعراء كانوا يبدون كمالو فقدوا ثقتهم فى الكتابة التى يمارسونها وتحت ضغوط اثبات الذات وسهولة نشر الرواية كتبوا فى هذا المجال بعضهم هجر الكتابة التى كانت موهبته تدفعه اليها ومنهم من حقق بعض النجاح فى مجال كتابة الرواية لكن المحصلة النهائية كانت كارثة على الفن ونجاحا لدور النشر وهؤلاء الكتاب اكن هناك مؤشرات تدل عاى أن هذا الوضع فى طريقه الى التغير وأن المنافسة بين دور النشر تحولت الى الضد وتقتل الدجاجة التى تبيض ذهبا أى التخلص من قوة الدفع التى توجه القارئ الايبانى نحو شراء روايات المؤلفين من بلاده وتقدم له كتابات تعكس كل هذا التناقض عدا بعض الاستثناءات كثير من الكتاب الاسبان جربوا حظهم فى كتابة الرواية ذات الاتجاه النفسى او العادية اى عادوا الى التركيب الروائى التقليدى للرواية البرجوازية وتركوا الموضوعات التى كانت تجذب القارئ كتبوا رواية موجهة لطبقة متوسطة مدنية معتقدين أن المشاكل التى تتناولهما رواياتهم تمس مشاكل مجتمع معاصر معقد لكن المدهش ان الرواية الاسبانية بدت كمالو كانت معبرة وجمعية اكثر من اى وقت مضى لكن فى العمق كان هناك اشتباه فى وجود قبول بالواقع له علاقة بالقبول فى دور النشر اكثر من اى شئ اخر لذلك كان يجب ان يظهر جيل جديد جيل مصنوع على هوى دور النشر التى اعتقدت أن التجديد هو ضم قراء شباب من جيل (الروك اند روك) افترضت تلك الدور أنهم يكسرون تلك البرجوازية المفترضة رغم انهم فى الواقع يمثلون تأكيدا اجتماعيا لوجهأكثر تحفظا من البرجوازية فظهرت أسماء مثل خوسيه أنخيل مانياس وماترين كاسارييغو ،منقائمة طويلة لايمكن حصرها هنا هؤلاء كتبوا ولازالوا يكتبون روايات من تلك التى يطلقون عليها اسم(الروايات الجيلية) أبطالها من الشباب أو اقرب الى المراهقة همهم الاستمتاع بالحياة فى نهاية كل أسبوع من خلال الافراط فى شرب الخمر وتعاطى المخدرات والكوكايين أو المخدرات الاصطناعية ويعتقدون أنهم يعيشون الحياة بشكلها الخطر منهكين كل امكانياتهم الحيوية فى هذه الممارسة لم يستطع هذا النوع من الروايات ان يحقق نجاحا جماهيريا بشكل عام ولكن قانون السوق قادر على القضاء على اسم كاتب ليضع مكانه كاتبا أخر هذا الجيل كان من نوعية اغانى جيل(اسبايس غيرلز) الذى يكتب لجمهور غير موجود ولا علاقة له بالادب ولكن بحسابات خاطئة ومتخيلة لايزال هناك من يؤمن بنجاح مثل هذه الظاهرة لكن هذا لايعنى أنه يمكننا أن نتجاهل ظهور عدد من الاسماء الشابة ذات القيمة الحقيقية كتاب لم يتجاوزوا الثلاثينيات من عمرهم وانتاجهم الادبى لايزال محدودا لكنهم محصنون ضد الكتابة السطحية وهنايمكن الحديث عن كتاب مثل : مارتين لارغو، وخوانا سالابرت، أو غارثيا مارتين، بعضهم حقق بعض الشهرة والبعض الاخر لايزال يحاول لكنهم يقدمون أعمالا يمكن اعتبارها أدبا والبحث النقدى فيها يمكنه أن يقدم للقارئ شيئا من خلال كشف علاقتها بالواقع كان يمكن تجاوز ظاهرة وجود المرأة فى دنيا الادب لكن البعض يتحدث عن ظاهرة ميلاد المرأة فى الادب من جديد والبعض الاخر يحاول أن يفرق بين المرأة والرجل فى عالم الابداع الادبى وهؤلاء يحبون الحديث عن أفضل ماتحقق فى هذا المجال لكن هنايجب أن أنبه الى انه يوجد فى اسبانيا عدد من الكاتبات أكثر من اى وقت مضى فى الوقت نفسه لم يكن هناك مثل هذا العدد من الكتاب كما هو مطلوب فى مجتمع معاصر حيث لاتفرقة بين الرجل والمرأة بسبب الجنس ولان المهم فى النهاية هو نتيجة عمل كل منهما لكن هذا لم يمنع من وجود سوق للانتاج الادبى النسائى أى كتابة المرأة الموجهة للمرأة وهذا له علاقة بنفاق السلطات السياسية له علاقة بالايدلوجية وليس له علاقة بالادب أعتقد أنه فى أسبانيا هناك تجسيد روائى لم يوجد من قبل وهذا التجسيد الروائى له علاقة بحالة التحديث التى وقعت فى أسبانيا خلال السنوات الثلاثين الاخيرة لكن ليس هذا الوقت المناسب لتحليل قيمة بعض الكتاب أو مدى تأثير كتاباتهم أنامثلا لاأرى أسماء يمكن اعتبارها الافضل بيت الاسماء الجديدة والحقيقة لاأحد يجرؤ على لعب دور الناقد الكاشف عن تلك الاسماء حتى لايسقط فى دور المتنبئ وأنا هنا لا أريد أن أقع فى هذا الخطأ……..
بواسطة admin • 02-ملف العدد • 0 • الوسوم : العدد الرابع, خوان أنخيل خوريستو