نحو رواية جديدة …………. خوان أنخيل خوريستو

نحو رواية جديدة

بقلم : خوان أنخيل خوريستو (*)

دون الخوف من السقوط فى التعميم يمكننا أن نؤكد أنه لم يكن هناك حتى الان مثل هذا العدد الضخم من الروائيين فى تاريخ انتاجنا الادبى وربما يحدث هذا للمرة الاولى لكن يمكن لهذا العدد أن يتحول فى المستقبل الى امكانية انتاجية روائية الاسباب التى تقف وراء هذه الظاهرة فى رأيى تعود الى اسباب اجتماعية وأدبية السبب الاجتماعى يرجع الى أن الرواية قادرة على اقامة مؤسسات كبرى وهى الظاهرة التى ترافق دائما التحولات فى المجتمعات الحديثة من هنا كانت فترات النتاج الادبى فى اوروبا والولايات المتحدة خلال القرن التاسع عشر عصر صعود البرجوازية والرأسمالية وهذه الظاهرة فى قرننا هذا تلعب دورا كسلاح ذو حدين بعد أن سقطت دعاوى اشباع رغبات البرجوازية لتلبية مطالب الجماعات التى كانت فى ذلك الوقت غارقة فى الجهل لايجب أن ننسى أن اسبانيا بدأت تحديث مجتمعها المدنى قبيل موت فرانكو لكن صناعة الثقافة بدأت فى تعديل استراتيجيتها التسويقية لتلحق بأوربا بدءا من عام1975 لذلك كان يجب على تلك الصناعة أن تقدم جيلا جديدا من الروائيين يعبرون عن التركيبة الاقتصادية لهذا جاء ميلاد هذا الجيل طبيعيا، وهذا الجيل كان موجودا بسبب سنه أولا لكن تشكيله لم يكن له علاقة بالجيل السابق الذى كانوا يطلقون عليه اسم(جيل الخمسينيات) وكان على الجيل الجديد أن يعبرعن نفسه رغم أنفه من هنا أطلق عليه النقاد اسم جيل(الرواية الاسبانية الجديدة) رغم أن تشكيله كان لايزال فى طور التكوين لكن الحقيقة ان هذا الجيل يختلف عن الجيل السابق اختلافا جذريا وهذا يرجع الى موهبته واختلاف رؤيته الادبية ويعتقد النقاد أن صدور رواية (حقائق قضية سابولتا)عام1975 للكاتب (ادواردو ميندوثا)كان البداية نحو رؤية روائية جديدة فى اسبانيا لنترك هذه الجزئية لآن قناعة النقاد لاتعنى صحة هذه الفرضية لآنه يجب عدم اغفال أنه كانت هناك حالات مماثلة لكتاب مثل (خوان غويتيسولو) اضافة الى اخرين استطاعوا تغيير الابداع الادبية قبل ذلك بسنوات لكن مع الجيل الجديد يرى النقاد أن هناك استعدادا للكتابة الجديدة بشكل عام وجماعى وأن هؤلاء الكتاب الجدد يتحركون بين تيارات وجماعات أدبية طبقا لقناعة كل منهم خلال السنوات الاولى من الثمانينيات وبدأت هجمة الاسماء الجديدة فى عالم الرواية وتحولت الى ظاهرة متميزة فأبعدت الشعروالقصة القصيرة الى مراكز متأخرة من بين تلك الاسماء الجديدة: أنطونيو مونيوث مولينا ، وخافيير مارياس ، ولويس ماتيو دياث ، وخوسيه ماريا ميرينو وألفريدو كوندى ، وبرناردو أتشاغا ، وخيسوس فيريرو، وخوليو ياماثاريس ، وخوسيه ماريا غيلبنثو، ولويس لنديرو، وأديلايدا غارثيا موراليس ، ورفائيل تشيربس ، ومانويل ريفاس، ألخ…….. اكتملت أدوات هذا الجيل الروائية فى الوقت الذى حصل فيه (كاميلو خوسيه ثيلا) على جائزة نوبل للاداب فبدت هذه الجائزة كمالو كانت شهادة وفاة لجيل كامل ليحتل مكانه جيل جديد،

أما السبب الادبى الذى أشترت اليه من قبل له علاقة بالحالة النفسية وله علاقة بتحديث اسبانيا بعد وفاة فرانكو وان كان يعود الى فترة سابقة على ذلك ويمكن تبريرة لاسباب جمالية فى الخمسينيات كانت الرواية فى أسبانيا ساذجة وتتأرجح مابين الخانعين للنظام وبين المعارضين له كتاب يساريون يستخدمون اللغة التقليدية المتحللة ويسيرون على خطى الواقعية الاشتراكية ومن الملفت للنظر أنهم كانوا أكثر رجعية فى مواجهة الذى كانوا يرغبون فى التغيير الفعلى ، كتاب أمريكا اللاتينية والظاهرة التى أطلقوا عليهااسم البومPOOM ، (الانفجار) لعبوا الدور الاهم فى تحديث أدبنا ومن المثير أن أيامن الروائيين الاسبان المعروفين من ذلك الجيل الذى أطلق عليه النقاد اسم جيل الخمسينيات ، لم ينشر عملا جديدا خلال السنوات التى بدأت عام1964 وحتى نهايات الستينيات، ولم يعودوا الى النشرقبل مضى بضع سنوات من السبعينيات، اى بعد أن مرت الموجة العارمة لكتاب امريكا اللاتينية وكانت روايات جيل الخمسينيات الاسبانى الجديدة منبتة الصلة بماسبقها من انتاج ودليل على ذلك الكاتب (تورنتى بايستير) الذى نشر رواية (أسطورة هروب خ.ب) التى تعتبر من أفضل ماكتب من روايات وبعد مايقرب من منتصف السبعينيات نشر الكاتب الشاب – وقتها- خوسيه كاباييرو وبونالد روايته) أغاتا عين قط) وكانت قائمة على شكل مغاير تماما لروايته الاولى (يومان من أيلول) تلك الحداثة التى جاء بها كتاب امريكا اللاتينية والتى اكتسحت الكتابة الاوروبية وفى الولايات المتحدة أحيت اللغة الاسبانية وأتت بنتاجها خلال سنوات الثمانينيات مع بروز الجيل الجديد فى اسبانيا جيل سار على نهج جديد دفعه الى انتاج روائى وعمل ثقافى مختلف أعرف أننا نتحدث فى التعميم لكن هذا الحدث أثرى التقليد الروائى الاسبانى وليس هنا مجال الابراز قبمة كل واحد من الاسماء التى ذكرناها ولاحتى وضع حدود لبيان قيمة أى منهم فى مواجهة الاخرين ولكن من الممكن التأكيد على أنه لم يحدث ابدا فى تاريخ اسبانيا أن وجد مثل هذا العدد الكبيرمن الروائيين فى ذلك الزمن القصير حدث خلال تلك السنوات نوع من مايمكنأن نسميه أسطرة الرواية(نسبة الى الاسطورة) وربما كانت الدعاية التى تقوم بها دور النشرلها دور كبير فى هذا ممايعتبر فى جانب منه خطرا على طرق اخرى لكتابة الادب وماهو أهم من هذا كله يعتبر تهيديا للنبض الابداعى الاصيل فى سنوات الثمانينيات مثلا حدثت ظاهرة مثيرة للانتباه وتبين بشكل واضح ماأقوله كان أى شخص مهنته الكتابة أو له علاقة بالثقافة وفى أحيان كثيرة ليس له علاقة بهذا المجال يشعر بأنه مدفوع الى كتابة الرواية صحافيون ونقاد وشعراء كانوا يبدون كمالو فقدوا ثقتهم فى الكتابة التى يمارسونها وتحت ضغوط اثبات الذات وسهولة نشر الرواية كتبوا فى هذا المجال بعضهم هجر الكتابة التى كانت موهبته تدفعه اليها ومنهم من حقق بعض النجاح فى مجال كتابة الرواية لكن المحصلة النهائية كانت كارثة على الفن ونجاحا لدور النشر وهؤلاء الكتاب اكن هناك مؤشرات تدل عاى أن هذا الوضع فى طريقه الى التغير وأن المنافسة بين دور النشر تحولت الى الضد وتقتل الدجاجة التى تبيض ذهبا أى التخلص من قوة الدفع التى توجه القارئ الايبانى نحو شراء روايات المؤلفين من بلاده وتقدم له كتابات تعكس كل هذا التناقض عدا بعض الاستثناءات كثير من الكتاب الاسبان جربوا حظهم فى كتابة الرواية ذات الاتجاه النفسى او العادية اى عادوا الى التركيب الروائى التقليدى للرواية البرجوازية وتركوا الموضوعات التى كانت تجذب القارئ كتبوا رواية موجهة لطبقة متوسطة مدنية معتقدين أن المشاكل التى تتناولهما رواياتهم تمس مشاكل مجتمع معاصر معقد لكن المدهش ان الرواية الاسبانية بدت كمالو كانت معبرة وجمعية اكثر من اى وقت مضى لكن فى العمق كان هناك اشتباه فى وجود قبول بالواقع له علاقة بالقبول فى دور النشر اكثر من اى شئ اخر لذلك كان يجب ان يظهر جيل جديد جيل مصنوع على هوى دور النشر التى اعتقدت أن التجديد هو ضم قراء شباب من جيل (الروك اند روك) افترضت تلك الدور أنهم يكسرون تلك البرجوازية المفترضة رغم انهم فى الواقع يمثلون تأكيدا اجتماعيا لوجهأكثر تحفظا من البرجوازية فظهرت أسماء مثل خوسيه أنخيل مانياس وماترين كاسارييغو ،منقائمة طويلة لايمكن حصرها هنا هؤلاء كتبوا ولازالوا يكتبون روايات من تلك التى يطلقون عليها اسم(الروايات الجيلية) أبطالها من الشباب أو اقرب الى المراهقة همهم الاستمتاع بالحياة فى نهاية كل أسبوع من خلال الافراط فى شرب الخمر وتعاطى المخدرات والكوكايين أو المخدرات الاصطناعية ويعتقدون أنهم يعيشون الحياة بشكلها الخطر منهكين كل امكانياتهم الحيوية فى هذه الممارسة لم يستطع هذا النوع من الروايات ان يحقق نجاحا جماهيريا بشكل عام ولكن قانون السوق قادر على القضاء على اسم كاتب ليضع مكانه كاتبا أخر هذا الجيل كان من نوعية اغانى جيل(اسبايس غيرلز) الذى يكتب لجمهور غير موجود ولا علاقة له بالادب ولكن بحسابات خاطئة ومتخيلة لايزال هناك من يؤمن بنجاح مثل هذه الظاهرة لكن هذا لايعنى أنه يمكننا أن نتجاهل ظهور عدد من الاسماء الشابة ذات القيمة الحقيقية كتاب لم يتجاوزوا الثلاثينيات من عمرهم وانتاجهم الادبى لايزال محدودا لكنهم محصنون ضد الكتابة السطحية وهنايمكن الحديث عن كتاب مثل : مارتين لارغو، وخوانا سالابرت، أو غارثيا مارتين، بعضهم حقق بعض الشهرة والبعض الاخر لايزال يحاول لكنهم يقدمون أعمالا يمكن اعتبارها أدبا والبحث النقدى فيها يمكنه أن يقدم للقارئ شيئا من خلال كشف علاقتها بالواقع كان يمكن تجاوز ظاهرة وجود المرأة فى دنيا الادب لكن البعض يتحدث عن ظاهرة ميلاد المرأة فى الادب من جديد والبعض الاخر يحاول أن يفرق بين المرأة والرجل فى عالم الابداع الادبى وهؤلاء يحبون الحديث عن أفضل ماتحقق فى هذا المجال لكن هنايجب أن أنبه الى انه يوجد فى اسبانيا عدد من الكاتبات أكثر من اى وقت مضى فى الوقت نفسه لم يكن هناك مثل هذا العدد من الكتاب كما هو مطلوب فى مجتمع معاصر حيث لاتفرقة بين الرجل والمرأة بسبب الجنس ولان المهم فى النهاية هو نتيجة عمل كل منهما لكن هذا لم يمنع من وجود سوق للانتاج الادبى النسائى أى كتابة المرأة الموجهة للمرأة وهذا له علاقة بنفاق السلطات السياسية له علاقة بالايدلوجية وليس له علاقة بالادب أعتقد أنه فى أسبانيا هناك تجسيد روائى لم يوجد من قبل وهذا التجسيد الروائى له علاقة بحالة التحديث التى وقعت فى أسبانيا خلال السنوات الثلاثين الاخيرة لكن ليس هذا الوقت المناسب لتحليل قيمة بعض الكتاب أو مدى تأثير كتاباتهم أنامثلا لاأرى أسماء يمكن اعتبارها الافضل بيت الاسماء الجديدة والحقيقة لاأحد يجرؤ على لعب دور الناقد الكاشف عن تلك الاسماء حتى لايسقط فى دور المتنبئ وأنا هنا لا أريد أن أقع فى هذا الخطأ……..