الطفيلي
للكاتب الفرنسي لوساج Lesage
ترجمة د. أحمد فؤاد عبدالمجيد *
عندما وصلت إلي الفندق طلبت طعام العشاء فأخبروني أن لديهم بيضاً سيدون لي منه عجة البيض وأخذت اتحدث مع زوجة صاحب الفندق حتي أحضروا لي الطعام .. وجلست وحدي إلي المائدة لآكله .. ولكن لم أكد أتناول اللقمة الأولي حتي وجدت صاحب الفندق يدخل وبصحبته رجل كان قد أستوقفه في الشارع وكان يبدو في الثلاثين من عمره ، واقترب مني ذلك الرجل قائلاً بحرارة : ” سيدي لقد كنت أبحث عنك عندما علمت أنك السنيور جيل بلاس دي سانتيان زنية بلدتنا ومصباح فلسفتنا ، هل من المعقول أنني أري الآن بعيني هذا العالم العلامة والمفكر الذي طبقت شهرته الآفاق ؟! .
ثم اتجه بحديثه إلي صاحب الفندق وزوجته قائلاً لها ، إنكما لا تدريان قيمة الكنز الذي ينزل عندكما .. إنه أعجوبة العالم الثامنة ، ثم التفت إلي وقال : التمس لي العذر يا سيدي فإنني لا أستطيع أن أتحكم في مشاعري الجياشة التي سببها سروري برؤيتك هنا في بلدتنا ولم أستطع أن أبادله الحديث علي الفور لأنه كان يعتصرني إلي درجة إحساس بالاختناق وبعد أن أطلقني قلت له : أنني لا أعتقد يا سيدي أنني مشهور إلي هذا الحد في قريتكم بينا فلور فقاطعني مندهشاً طبعاً مشهور إن لدينا هنا سجلاً نكتب فيه أساء كبار الشخصيات الذائعة الصيت علي بعد عشرين فرسخاً من بلدتنا إنك بالنسبة لنا معجزة ، ولست أشك لحظة في أن بلدك إسبانيا تفتخر بك كما تفتخر اليونان بحكمائها السبعة وبعد أن عانقني بشدة مرة أخري قلت في نفسي – رغم حداثة سني وقلة تجاربي – إن هذا الرجل اذلي يكثر من الثناء ويكيل لي المديح لابد وأن يكون واحداً من الطفيليين الذين نجدهم في مختلف البلدان واذلين يسارعون إلي مصادقة أي أجنبي يقدم إلي بلادهم ليملأوا بطونهم علي حسابه إلا أن شعوري بالزهو والغرور بعد سماعي هذا الثناء من هذا الرجل علي منحني الإحساس بأنه ربما يكون صادقاً فيما يقول عني فدعوته إلي العشاء معي فرحب علي الفور بهذه الدعوة قائلاً : ” إنني أشكر نجمي السعيد وحظي العظيم الذي جعلني أقابل اليوم جيل بلاسي دي سانتيان المجيد واستمتع باللقاء معه لوقت طويل .
ومع أنني لا أشعر بالجوع فإنني سأجلس معك إلي المائدة لشرف الصحبة والمؤانسة فقط وسأتناول بعض القيمات علي سبيل المجاملة .
وبعد كل هذا الثناء علي جلس في مواجهتي وجئ له بأدوات المائدة وسرعان ما انقض علي عجة البيض بشراهة اعتقدت معها أنه لم يتناول طعاماً منذ ثلاثة أيام وللمرة الثانية طلبت عجة أخري قدمت لنا علي عجل والتهمها الطفيلي التهاماً وهو يكيل لي المدح تلو المدح حتي ملأني زهواً وغروراً ، وتناول الطفيلي الشراب بنفس الشراهة والنهم مرة في صحتي ومرة في صحة أبي ومرة أخري في صحة أمي اللذين قال عنهما إنهما لابد وأن يفخرا بأن لهما ولدا مثلي وفي نفس الوقت الذي كان يصب لي فيه الشراب بنفسه كان يكثر من المديح الذي يجعلني أشعر بحالة خاصة من السرور والنشوة وقبل أن تنفذ عجة البيض الثانية طلبت من صاحب الفندق ما إذا كان يوجد عنده سمك وكان يبدو لي أن الطفيلي متفق مع صاحب الفندق سلفاً علي ذلك فقد سارع قائلاً لي : ” إن لدي سمكاً رائعاً من أسماك التروتة المرتفع الثمن ولكنه لذيذ جداً والتفت إليه الطفيل قائلاً بجدة وبشدة ويصوت مرتفع ما معني كلمة لذيذ جداً ؟ إن كل ما عندك من طعام لا يليق بسيدي جيل بلاس دي سانتيان الذي لابد وأن يعامل معاملة الأمراء وشعرت بالارتياح بعد هذه الكلمات التي ردت علي ما أحسست به من تجريح بعد كلمات صاحب الفندق بخصوص الأسماك ثم قال الطفيلي ” أحضر لنا ما لديك من سمك التروتة ولا تشغل نفسك بالباقي ” .
وأحضر لنا صاحب الفندق السمك وقدمه لنا ولمعت عينا الطفيلي عندما أري هذا الطبق الجديد ، وأخذ يأكل منه حتي امتلأت معدته واضطر مجبراً للتوقف عن الأكل وأخيراً وبعد أن أكل وشرب حتي انتفخ قال لي وهو يغادر مائدة الطعام .
يا سنيور جيل بلاسي إنني سعيد بهذه الوجبة الفاخرة التي دعوتني إليها ولكن قبل أن أتركك أقول لك كلمة أنت في حاجة إليها : خذ حذرك من هؤلاء الذين يكيلون لك الثناء واحترس ممن لا تعرفهم ستقابل آخرين يريدون مثلي أن يستغلوا سذاجتك أسوأ إستغلال فلا تثق في كلامهم ولا تظن أنك المعجزة الثامنة في العالم .
ثم ضحك مني ساخراً وانصرف ..
أغسطس 9 2011
الطفيلي ………………….. للكاتب الفرنسي لوساج Lesage
الطفيلي
للكاتب الفرنسي لوساج Lesage
ترجمة د. أحمد فؤاد عبدالمجيد *
عندما وصلت إلي الفندق طلبت طعام العشاء فأخبروني أن لديهم بيضاً سيدون لي منه عجة البيض وأخذت اتحدث مع زوجة صاحب الفندق حتي أحضروا لي الطعام .. وجلست وحدي إلي المائدة لآكله .. ولكن لم أكد أتناول اللقمة الأولي حتي وجدت صاحب الفندق يدخل وبصحبته رجل كان قد أستوقفه في الشارع وكان يبدو في الثلاثين من عمره ، واقترب مني ذلك الرجل قائلاً بحرارة : ” سيدي لقد كنت أبحث عنك عندما علمت أنك السنيور جيل بلاس دي سانتيان زنية بلدتنا ومصباح فلسفتنا ، هل من المعقول أنني أري الآن بعيني هذا العالم العلامة والمفكر الذي طبقت شهرته الآفاق ؟! .
ثم اتجه بحديثه إلي صاحب الفندق وزوجته قائلاً لها ، إنكما لا تدريان قيمة الكنز الذي ينزل عندكما .. إنه أعجوبة العالم الثامنة ، ثم التفت إلي وقال : التمس لي العذر يا سيدي فإنني لا أستطيع أن أتحكم في مشاعري الجياشة التي سببها سروري برؤيتك هنا في بلدتنا ولم أستطع أن أبادله الحديث علي الفور لأنه كان يعتصرني إلي درجة إحساس بالاختناق وبعد أن أطلقني قلت له : أنني لا أعتقد يا سيدي أنني مشهور إلي هذا الحد في قريتكم بينا فلور فقاطعني مندهشاً طبعاً مشهور إن لدينا هنا سجلاً نكتب فيه أساء كبار الشخصيات الذائعة الصيت علي بعد عشرين فرسخاً من بلدتنا إنك بالنسبة لنا معجزة ، ولست أشك لحظة في أن بلدك إسبانيا تفتخر بك كما تفتخر اليونان بحكمائها السبعة وبعد أن عانقني بشدة مرة أخري قلت في نفسي – رغم حداثة سني وقلة تجاربي – إن هذا الرجل اذلي يكثر من الثناء ويكيل لي المديح لابد وأن يكون واحداً من الطفيليين الذين نجدهم في مختلف البلدان واذلين يسارعون إلي مصادقة أي أجنبي يقدم إلي بلادهم ليملأوا بطونهم علي حسابه إلا أن شعوري بالزهو والغرور بعد سماعي هذا الثناء من هذا الرجل علي منحني الإحساس بأنه ربما يكون صادقاً فيما يقول عني فدعوته إلي العشاء معي فرحب علي الفور بهذه الدعوة قائلاً : ” إنني أشكر نجمي السعيد وحظي العظيم الذي جعلني أقابل اليوم جيل بلاسي دي سانتيان المجيد واستمتع باللقاء معه لوقت طويل .
ومع أنني لا أشعر بالجوع فإنني سأجلس معك إلي المائدة لشرف الصحبة والمؤانسة فقط وسأتناول بعض القيمات علي سبيل المجاملة .
وبعد كل هذا الثناء علي جلس في مواجهتي وجئ له بأدوات المائدة وسرعان ما انقض علي عجة البيض بشراهة اعتقدت معها أنه لم يتناول طعاماً منذ ثلاثة أيام وللمرة الثانية طلبت عجة أخري قدمت لنا علي عجل والتهمها الطفيلي التهاماً وهو يكيل لي المدح تلو المدح حتي ملأني زهواً وغروراً ، وتناول الطفيلي الشراب بنفس الشراهة والنهم مرة في صحتي ومرة في صحة أبي ومرة أخري في صحة أمي اللذين قال عنهما إنهما لابد وأن يفخرا بأن لهما ولدا مثلي وفي نفس الوقت الذي كان يصب لي فيه الشراب بنفسه كان يكثر من المديح الذي يجعلني أشعر بحالة خاصة من السرور والنشوة وقبل أن تنفذ عجة البيض الثانية طلبت من صاحب الفندق ما إذا كان يوجد عنده سمك وكان يبدو لي أن الطفيلي متفق مع صاحب الفندق سلفاً علي ذلك فقد سارع قائلاً لي : ” إن لدي سمكاً رائعاً من أسماك التروتة المرتفع الثمن ولكنه لذيذ جداً والتفت إليه الطفيل قائلاً بجدة وبشدة ويصوت مرتفع ما معني كلمة لذيذ جداً ؟ إن كل ما عندك من طعام لا يليق بسيدي جيل بلاس دي سانتيان الذي لابد وأن يعامل معاملة الأمراء وشعرت بالارتياح بعد هذه الكلمات التي ردت علي ما أحسست به من تجريح بعد كلمات صاحب الفندق بخصوص الأسماك ثم قال الطفيلي ” أحضر لنا ما لديك من سمك التروتة ولا تشغل نفسك بالباقي ” .
وأحضر لنا صاحب الفندق السمك وقدمه لنا ولمعت عينا الطفيلي عندما أري هذا الطبق الجديد ، وأخذ يأكل منه حتي امتلأت معدته واضطر مجبراً للتوقف عن الأكل وأخيراً وبعد أن أكل وشرب حتي انتفخ قال لي وهو يغادر مائدة الطعام .
يا سنيور جيل بلاسي إنني سعيد بهذه الوجبة الفاخرة التي دعوتني إليها ولكن قبل أن أتركك أقول لك كلمة أنت في حاجة إليها : خذ حذرك من هؤلاء الذين يكيلون لك الثناء واحترس ممن لا تعرفهم ستقابل آخرين يريدون مثلي أن يستغلوا سذاجتك أسوأ إستغلال فلا تثق في كلامهم ولا تظن أنك المعجزة الثامنة في العالم .
ثم ضحك مني ساخراً وانصرف ..
بواسطة admin • 04-نصوص قصصية • 0 • الوسوم : العدد الثامن, لوساج