نهار لحرية مؤجلة
جورج بونتي *
ترجمة / ياسمينة صالح **
تمهيــد :
إن ترجمة أشعار ” جورج بونتي ” ليس بالأمر السهل ، لأأن أشعار “بونتي” ليست عادية أنها حالات داخل الشعر فتتشكل عندئذ لديه القصيدة / الحالة التي بموجبها تصير الكتابة جرساً بقصيدة أو بمجموعة من الشعر ، ولد ” جورج بونتي “: في شمال ازابير عام 1949 م ، في قرية حاصرها الفقر والحرمان ، كما يقول هو في لقاء أدبي أجرته معه كاتبة هذه السطور في خريف عام 1995 م ، ولعل الفقر والحرمان حفزاه للسعي إلي تحقيق عوالم أكثر سماحة ورقياً ، فكان الشعر أسلوبه في الحياة وفي الوجود من إصداراته الشعرية نجد : رماد العين ، لوتسيا ، زنجية الواد ، أخر الحلم ، نهار لحرية مؤجلة ، كما له العديد من المسرحيات أهمها : الخارجون عن الحلم والتي حازت علي جائزة فرنسا للكتابة المسرحية سنة 1983 م .
1- منطقتنا :
لكي يزول الألم
عليه أن يحفر عميقاً
في جذورنا
كي لا تعود ثانية
إلي أول العمر
إلي ومض عجيب
كان يبهجنا
ويطلق فينا عنان الأحلام !!
2- أول الخطر :
قل لي : لماذا
– عندما نصدق أجبج القلب في هذه الشفاة
وتأتينا القصيدة مولعة بالحياة – تداهمنا الحرب ؟!
3- مع الوقت :
مع الوقت
تلتئم الجراح
مع الوقت
يعتاد الموتي علي موتهم !
وتصبح للأوجاع طقوس الأفراح !
مع الوقت
يسكن الرضي بطون الجياع
ويصير الأنين نشيد الحياة !
مع الوقت
تفقد الثورة شرعيتها
ويتراجع الثوار عن مطالبهم
ليصبح السلام وقتنا الضائع !!
4- لا جواب :
أين
– من عيون الحراس
من أنوف المخبرين
من حواس البوليس
أخبئ حريتي !؟
5- لآخر العمر :
كلمنا اعتراني ضوء مفاجئ
أتذكر أن خلف هذا الضوء
تسكن العتمة !
6- أمي :
ما الحياة دونك ؟!
أماه ! يا صدر الطبيعة الموغلة في دمي
أنت حليب الصباح
وإسماً حميماً في فمي
أنت خروجي عن الاحتمال إلي الاعتقاد !
يا قلبا ينتظر عودتي .. عبثاً !
ولا أعود !
7- أغنية فقط :
الأغاني فارغة من المعني
ومنذ الجرح الثالث
التبس الكلام
وانطفأ
الأغاني فارغة من المعني
– أهلاً بالقادمين من الذكري !
كيف حال الوطن ؟!
– كل شئ ينتهي وإن لم يبتدئ !
وهل حان وقت الحياة ؟!
– لا أنما الوقت للذكري فقط !
وهل
صه !
كل الأغنيات تشابهت في الوصف والفوضي
والإدعاء !
وهل ما زال في العمر عمراً يحب ؟!
هي طقوس العشق تلاشت
وصار القلب انتهاء
والأفق صار للمطالب
للثورة والبندقية !
8- شظايا حرب قذرة :
ياوجعي المقدس
هز في جروح البلاد
كي يتراءي لك محجم الإساءة للذين سقطوا في شارع ما !
دفاعاً عن قضية ما !
أنا لم أمت !
لأن الرصاصة اللعينة أخطأتني !
وأصابت سائق الباص
كل الرصاص
أخطأ أهدافه
فلم أمت
ومات الآخرون !
أقول لجاري الشاحب خوفاً :
أنا ….. أنا حي إذن !!
ما زال بوسعي أن أدلي بشهادتي لهذي المدينة للقتلة !
وللساقطين في كنف التضحية الرعناء !
يسألني جاري الشاحب ، نضحي لأجل من ، ولأجل ماذا ؟!
لأجل اللاشئ تصنع الحرب أبطالاً من الكارتون
ويضحي الأبرياء – عبثاً –
ليعيش من كانت في قلبه شهية القتل !!
ويصبح التاريخ : يحيا الأبطال !
لم أمت !
كي أظل حاملاً توابيت الموتي
وآخر أحلامهم
في رحلة الشتات والمستحيل !!
9- وطن في التلفون :
مدينة من طقوس القلب
تتشابك الحكاية
تتداخل في حالة هوس
فأسقط علي الماء كالماء
– أهلاً بالفراغات الموحشة !
وأسأل صديقي ونحن ندخل شارعاً لا نعرفه :
هل سيصمد القلب في وجه الرطوبة الاوروبية ؟!
يبتسم ولا يجيب
صباح الخير للمنفي ، والزهرة البرية
أقف علي حافة الذكري ، وألوح بيدي علي شكل تحية
ها الوطن / الميلاد / السجون / البوليس / الهراوات / الهروب إلي المنفي يهمس صاحبي بكلمات لا ألتقطها
وينهمر المطر فجأة
* شاعر زابيري
** كاتبة جزائرية
أغسطس 9 2011
نهار لحرية مؤجلة ………………………… جورج بونتي
نهار لحرية مؤجلة
جورج بونتي *
ترجمة / ياسمينة صالح **
تمهيــد :
إن ترجمة أشعار ” جورج بونتي ” ليس بالأمر السهل ، لأأن أشعار “بونتي” ليست عادية أنها حالات داخل الشعر فتتشكل عندئذ لديه القصيدة / الحالة التي بموجبها تصير الكتابة جرساً بقصيدة أو بمجموعة من الشعر ، ولد ” جورج بونتي “: في شمال ازابير عام 1949 م ، في قرية حاصرها الفقر والحرمان ، كما يقول هو في لقاء أدبي أجرته معه كاتبة هذه السطور في خريف عام 1995 م ، ولعل الفقر والحرمان حفزاه للسعي إلي تحقيق عوالم أكثر سماحة ورقياً ، فكان الشعر أسلوبه في الحياة وفي الوجود من إصداراته الشعرية نجد : رماد العين ، لوتسيا ، زنجية الواد ، أخر الحلم ، نهار لحرية مؤجلة ، كما له العديد من المسرحيات أهمها : الخارجون عن الحلم والتي حازت علي جائزة فرنسا للكتابة المسرحية سنة 1983 م .
1- منطقتنا :
لكي يزول الألم
عليه أن يحفر عميقاً
في جذورنا
كي لا تعود ثانية
إلي أول العمر
إلي ومض عجيب
كان يبهجنا
ويطلق فينا عنان الأحلام !!
2- أول الخطر :
قل لي : لماذا
– عندما نصدق أجبج القلب في هذه الشفاة
وتأتينا القصيدة مولعة بالحياة – تداهمنا الحرب ؟!
3- مع الوقت :
مع الوقت
تلتئم الجراح
مع الوقت
يعتاد الموتي علي موتهم !
وتصبح للأوجاع طقوس الأفراح !
مع الوقت
يسكن الرضي بطون الجياع
ويصير الأنين نشيد الحياة !
مع الوقت
تفقد الثورة شرعيتها
ويتراجع الثوار عن مطالبهم
ليصبح السلام وقتنا الضائع !!
4- لا جواب :
أين
– من عيون الحراس
من أنوف المخبرين
من حواس البوليس
أخبئ حريتي !؟
5- لآخر العمر :
كلمنا اعتراني ضوء مفاجئ
أتذكر أن خلف هذا الضوء
تسكن العتمة !
6- أمي :
ما الحياة دونك ؟!
أماه ! يا صدر الطبيعة الموغلة في دمي
أنت حليب الصباح
وإسماً حميماً في فمي
أنت خروجي عن الاحتمال إلي الاعتقاد !
يا قلبا ينتظر عودتي .. عبثاً !
ولا أعود !
7- أغنية فقط :
الأغاني فارغة من المعني
ومنذ الجرح الثالث
التبس الكلام
وانطفأ
الأغاني فارغة من المعني
– أهلاً بالقادمين من الذكري !
كيف حال الوطن ؟!
– كل شئ ينتهي وإن لم يبتدئ !
وهل حان وقت الحياة ؟!
– لا أنما الوقت للذكري فقط !
وهل
صه !
كل الأغنيات تشابهت في الوصف والفوضي
والإدعاء !
وهل ما زال في العمر عمراً يحب ؟!
هي طقوس العشق تلاشت
وصار القلب انتهاء
والأفق صار للمطالب
للثورة والبندقية !
8- شظايا حرب قذرة :
ياوجعي المقدس
هز في جروح البلاد
كي يتراءي لك محجم الإساءة للذين سقطوا في شارع ما !
دفاعاً عن قضية ما !
أنا لم أمت !
لأن الرصاصة اللعينة أخطأتني !
وأصابت سائق الباص
كل الرصاص
أخطأ أهدافه
فلم أمت
ومات الآخرون !
أقول لجاري الشاحب خوفاً :
أنا ….. أنا حي إذن !!
ما زال بوسعي أن أدلي بشهادتي لهذي المدينة للقتلة !
وللساقطين في كنف التضحية الرعناء !
يسألني جاري الشاحب ، نضحي لأجل من ، ولأجل ماذا ؟!
لأجل اللاشئ تصنع الحرب أبطالاً من الكارتون
ويضحي الأبرياء – عبثاً –
ليعيش من كانت في قلبه شهية القتل !!
ويصبح التاريخ : يحيا الأبطال !
لم أمت !
كي أظل حاملاً توابيت الموتي
وآخر أحلامهم
في رحلة الشتات والمستحيل !!
9- وطن في التلفون :
مدينة من طقوس القلب
تتشابك الحكاية
تتداخل في حالة هوس
فأسقط علي الماء كالماء
– أهلاً بالفراغات الموحشة !
وأسأل صديقي ونحن ندخل شارعاً لا نعرفه :
هل سيصمد القلب في وجه الرطوبة الاوروبية ؟!
يبتسم ولا يجيب
صباح الخير للمنفي ، والزهرة البرية
أقف علي حافة الذكري ، وألوح بيدي علي شكل تحية
ها الوطن / الميلاد / السجون / البوليس / الهراوات / الهروب إلي المنفي يهمس صاحبي بكلمات لا ألتقطها
وينهمر المطر فجأة
* شاعر زابيري
** كاتبة جزائرية
بواسطة admin • 03-نصوص شعرية • 0 • الوسوم : العدد الثامن, جورج بونتي