أما قبل ………………………. العدد العاشر

بسم الله الرحمن الرحيم

أما قبل

(1)

يصدر العدد العاشر من الجسرة الثقافية بعد أن قاربت علي اكتمال عامها الثالث دون توقف وسط أحوال ومتغيرات سياسية واقتصادية وفكرية عاصفة ، واَخرها ما يشهده العالم في الآونة الأخيرة من بوادر صراع شديد التعقيد بين الغرب الأمريكي وبعض الشعوب الإسلامية ، ويبدو أن العولمة عولمت حتى الحروب والصراعات ، وأصبح الصراع بأخذ شكل أحلاف متناقضة حيناً ومتضادة في الحين ومتماثلة في الحين الثالث ، وكأن العالم أخذ من العولمة شكلها القمئ ، إذ بعد عولمة الاقتصاد وجعله في يد حفنة من الدول الصناعية الغنية ، يتم عولمة الجوانب السياسية والعسكرية لهذه الدول الصناعية الغنية ، حتى يصبح العالم في قبضتها ورهن إشارتها وهذا ما تبلوره الأحداث الجارية في لب الصراع بين الغرب الأمريكي والعالم الإسلامي . وهذا ما كان قد فطن إليه الدكتور حمدان منذ أوائل السبعينيات لكن كعادة العالم الثالث لا سيما العالم العربي لا يفطن إلي اراء مفكريه إلا بعد فوات الأوان .

(2)

نقول في ظل هذه المتغيرات والكوارث الفادحة يصدر هذا العدد من الجسرة . وعلي الرغم من أن إسهامات هذا العدد جاءت قبل هذه المتغيرات والأحداث بحوالي ستة أشهر تقريباً إلا أنها تجسد نبض الواقع بكل تحولاته فقد تناولت المستشرقة بربارة ميخالاك بيكولسكا دور المستشرقين في جامعة ببولندة في نشر الثقافة العربية بشتئ أنواعها ، واستمرار هذه الجهود حتى وقتنا الحالي ، وأن مثل هذه الجهود البناءة هى التي تسهم في التشكيل الحضاري للإنسان علي خلاف الصراع العسكري الذي تشهده الذي تشهده الثقافة الصهيوأمريكية في محاولتها قهر الآخر ومحاولة محوه من الوجود .

أما دراسة السيميائية في الدرس النقدي المعاصر للدكتور مراد عبد الرحمن مبروك فهي تحاول أن تربط المصطلح النقدي بأصوله الفلسفية والاجتماعية والفكرية والأدبية وتطوره من مجتمع لآخر ومن ثقافة لأخري يخضع لأبنية فلسفية وفكرية لأن كل بنية لغوية واجتماعية لها مبناها الدول علي معناها من هنا تعولم المصطلحات وفق المتغيرات الحضارية لكنها لا تفقد خصوصيتها .

زتأتي دراسة الباحث علي بن حسين المفتاح لتناقش الأهمية الاستراتيجية والتجارية للخليج العربي في العصور الوسطي ، وكيف أن الآخر قد أدرك أهميتها الممتدة من العصور الوسطي إلي العصر الحاضر . ونظراً لهذه الأهمية الاستراتيجية التي بها هذه المنطقة لذلك نجدها دوماً في مسرح الأحداث والصراعات التي يشهدها العالم خاصة في وقتنا الراهن .

(3)

ويأتي ملف هذا العدد عن الشاعر الأسباني لوركا الذي جسد روح التلاقي بين الحضارتين الغربية والإسلامية من خلال أنماطه الشعرية المستنيرة دون أن يلجأ إلي الصدام الحضاري مثلمت يفعل الآخرون وتستهويهعم فكرة هذا الصدام .

وجاء المحوران الشعري والقصص اللذان أسهم فيهما نخبة واعية من الشعراء والكتاب ، ليجسد نبض الواقع المعيش سواء من خلال النصوص الإبداعية العربية أو المترجمة . وجاء حوار العدد مع رئيس تحرير الملحق الديني لصحفية جازيتا الروسية ، ليجسد روح الفكر الديني الإنساني بعيداً عن الصدام والفرقية التي تستهوى البعض . وجاء محور الفنون عن الحاسوب وانتهاء عصر هوليوود في السينما للدكتور نبيل سليم . أما محور الإضاءات الفكرية فقد أعده محمد عصفور عن محاضرة جادة للدكتور يوسف إدريس كان قد ألقاها في نادي الجسرة الثقافي بالدوحة في منتصف الثمانينيات من القرن الماضي وعنيت بأزمة الثقافة العربية ، وكأن هذا الأزمة ما تزال ماثله حتى الآن .

أما محور المتابعات الذي اشترك فيه نخبة من النقاد والأكاديميين والكتاب فقد عب عن واقع الحياة الأدبية والنقدية والفكرية والثقافية الراهنة التي يعيشها واقعنا العربي . وجاء محور الفن التشكيلي عن دور الفنان في ممارسة الكتابة النقدية وإلي أي مدي يحق له ممارسة ذلك . وقد ناقش هذا السؤال وحاول الإجابة عنه الفنان أسعد عرابي.

وهكذا تحاول الجسرة الثقافية جاهدة مواصلة رسالتها الثقافية من الدوحة إلي بعض العواصم العربية والأوروبية .

” أسرة التحرير ”