الحركة النسائية العربية …..فاطمة يوسف العلى

الحركة النسائية العربية

الماضى والراهن والمستقبل

فاطمة يوسف العلى

تختلف الظروف والاجواء ال0فكرية والنفسية التى تاثرت بها عند البدء فى اعداد هذه الورقة عن الظروف والاجواء التى تمارس تاثيره على وانا اضع عباراتها الختامية وقد استدعى هذا الاختلاف المزيد ؤمن البحث وكذلك قوى فى نفسى الاقتناع ببعض الطروحات التى قدمتها فى اخر هذه الورقة وهنا اقرر امرين : ان موضوع هذه الورقة يستمد واقع النشاط النسوى او الحركة النسائية فى الكويت تحديدا لانه مع تشابه التكوين الاجتماعى والاوضاع الاقتصادية والنظم السياسية الى حد كبير بين دول الخليج العربى فان معايشتى لتجربة العمل النسائى العام فىا لكويت تجعل التوثيق والتحليل اقرب الى الموضوعية والدقة .

الامر الثانى :

هو ما اميل الى القول ب هان قضايا المراة ومشكلاتها فى كل الاقطار العربية مع الاعتراف بشئ من الاختلاف فى المكتسبات والتفاوت فى بعض القوانين المطبقة تكاد تكون واحدة ولهذا لا اجد ما يمنع من ان تبدا ورقتى هذه بالمراة فى الكويت وتنتهى بالمراة العربية ما بين نهاية القرن العشرين والتطلع الى القرن الجديد الذى لا يفصلنا عنه غير بضعة اشهر .

اما الظروف والاجواء التى اشر تاليها فاننى اوضحها بما حدث مؤخرا فى دولة خليجية قريبة من الكويت سكانا وتاريخا وموقعا وهى دولة قطر لقد كانت مفاجاة لنا فى الكويت ان سمحت حكومة قطر للنساء بالترشيح وحق الاقتراع فى انتخابات المجلس البلدى كان مصدر المفاجاة ان حجم الحرية الاجتماعية المتاحة للمراة فى الكويت يعطى مرونة اكثر مما هو متاح للمراة فى دولة قطر الشقيقة ولهذا كانت القيادات النسائية للجمعيات فى الكويت ذوات حضور وفاعلية اكثر كذلك لقد استبشرت الحركة النسائية فى الكويت خيرا بما حققته المراة القطرية ولم يقلل من الاستبشار والفرح ان المراة الكويتية كانت تتمنى وتتطلع ان تكون صاحبة المبادرة فى الخليج على الاقل لان التمثيل النيابى والجمعليات النسائية والتعليم الجامعى فى الكويت كان الاسبق بين اقطار الخليج لقد اعطى القانون فى قطر المراة الحق فى ان تكون عضوا بالمجالس البلدية وكذلك ان تشارك المراة بصوتها فى عملية الانتخاب وهكذا تقدم عدد محدود من السيدات المثقفات الى حلبة المنافسةعلى تمثيل الشعب فى تلك المجالس كما سجل عدد ليس بالقليل من النساء اسماءهن للادلاء باصواتهن وان كان هذا العدد الذى يحصىبالالاف لا يعكس النسبة العددية الصحيحة للنساء فى مقابل الرجال لقد تابعت عبر الصحافة الى بعض المرشحات القطريات وقد امتلات نفوسهن بالامل فى الفوز والطموح الى تقد اكثر ومكاسب اقوى فى خدمة قضايا المراة ولكن نتائج الاقتراع كانت مخيبة للام لاذ لم تفز امراة واحدة فى انتخاب اعضاء المجلس البلدى القطرية .

هذه نتيجة مؤسفة ولكنها ليست سيئة وعلينا ان نفكر فيها وان نستخلص منها العبرة وان ناخذ منها درسا مهما للمستقبل العربى العام ومستقبل الحركة النسائية العربية وليس القطرية بحد ذاتها ومن جانبى لم انظر الى ما جرى على انه خسارة مطلقة ا وان المراة القطرية لم تكسب شيئا بخسارتها فى اقتراع حر شاركت فيه النساء القطريات بكامل حريتهن ذلك لان المراة القطرية اكتسبت حقا مبدئيافى الترشيح اولا وفى حق التصويت ثانيا وليس من الممكن سحب هذا الحق المكتسب اما عدم نجاح العنصر النسائى فهو ما يجب علينا ان نفكر فيه وان نبحث عن نقطة الضعف التى منعت الفو لجميع المرشحات وذهذا يجعلنا نطرح الاحتملات وهل هذا الفشل يعود الى نوع الدعاية والطريقة التى روجت بها المرشحات لانفسهن ام يعود الى اصوات النساءالمقترعات وانهن لسبب او لاخر لم يعطين اصواتهن للنساء وعلينا ان نعرف اسباب ذلك ام ان الامر يعود الى طبيعة المجتمع وتركيبته القبلية المحافظة التى لم تتعةد ان تعطى القيادة او الصدارة للمراة ؟ ومن الواضح اننى لما اجعل السبب او احتمال عدم الفوز فى الاقتراع يعود للمرشحات انفسهن ليس هذا الاستبعاد اننى اعرفهن او اعرف بعضهن واثمن ما هن عليه من شخصية متوازنة وثقافة وايجابية سابقة فى خدمة المجتمع القطرى والعربى لاننى لا ارج حانهن قد فشلن فى مهمتهن وليس قولى هذه على سبيل العزاء او التشجيع وانما هو اعتراف باهمية الخطوة التى تمت بمجهودن الخاص وهذا فى حد ذاته كسب كبير ومحاولة لابد ان تاتى بعدها محاولات ولهذا سيكون عدد المرشحات فى الدورة القادمة للمجالس البلدية متجاوزا عدد الست مرشحات اللاتى اقتحمن التجربة وخضن معركة لم يسبق لهن المشاركة فى مثلها فى مجتمع تغلب عليه اخلاق تعطى الرجل الصدارة فى كل شئ بصرف النظر عن انه مؤهل لهذه الصدارة او غير مؤهل والنقطة التى ساحاول اثارتها فى اخر الهذه الورقة هى اننى لاحظت من حديث بعض المتقدمات للترشيح قبل اجراء الاقتراع بوقت كاف ( السيدة موزة المالكى – إذاعة لندن – القسم العربى – الساعة السابعة  والنصف بتوقيت جيرنتش يوم 17 يناير 1999 ) ان النساء اللاتى يبلغ عددهن نصف عدد المجتمع لم يتقدم منهن لتسجيل اسمائهن لاكتساب حق الإدلاء بالاصوات غير نسية محدودة وهذا بدوره يمكن يكون سببا فى النتيجة السلبية التى حدثت وهو ما يثير امامنا قضية موقف المراة ذاتها من قضايا المراة وموقوف المراة من المراة الاخرى ومدى الوعى بها والاقتناع بالرغبة فى تغيير اوضاعها . لقد فرض الموضوع القطرى نفسه على تفكيرى وهو يصلح مدخلا لطرح وتحليل العلاقات الاجتماعية وسيطرة التقاليد على مسالك التطور والتجديد واثر هذه التقاليد حتى فى توجيه نظرة المراة بوجه عام فى المراة التى تتصدر النشاط وتتعرض للعمل السياسى او الاجتماعى .

(1)   وفى هذه الفترة ساعرف باهم القوانين المنظمة للنشاط النسائى فى الكويت والمجال الماذون للمراة ان تتحرك فيه وقبل هذا يجب ان نعرف ان الكويت اعلنت استقلالها سنة 1961 وانها عقب هذا الاعلان وضعت دستورها وسنت قوانينها وتحولت الى وزارات ومن بين هذه الوزارات وزارة الشئون الجتماعية والعمل التى عهد بالاشراف على الاندية وجمعيات النفع العام وهذه التسميية جمعيات النفع العام هى التسمية المقبولة لعدد من الانشطة المهنية الفئوية مثل رابطة الادباء وجمعية الخريجين ورابطة الاجتماعيين .

وهنا نلاحظ :

1- ان الكويت لا تعترف باحزاب او تنظيمات سياسية رسمية ولا تتعامل الدولة مع اية رابطة او ناد او جمعية نفع عام على انه يمثل تيارا سياسسا

2- ان اشراف وزارة الشئون الاجتماعية والعمل على الاندية والجمعيات والروابط كان ايجابيا لصالح هذه النوادى فىاغلب الاحوال وليس فى كل الاحوال حيث تمنح الوزارة معونة مالية سنوية وحيث تعطى الحق لكل مواطن تنطبق عليه الشروط ان ينال العضوية وبذلك وسعت دائرة العضوية ومنعت الاحتكار الى حد كبير وكذلك قللت من تداخلات السياسة واغراض السياسيين الذين يمكن ان يؤثروا على النشاط الاجتماعى . هذا هو الوضع التنظيمى السائد للعلاقة بين وزارة الشؤون وجمعيات النفع العام فى عام 1962 وما بعده حيث صدرت القوانين المنظمة فى العام نفسه وعدل بعضها فى الاعوام التالية كما سانص على هذا ولكن اضيف هنا ان النشاط النسائى فى الكويت وحتى قبل اعلان الاستقلال كان موجودا وقد حققته المراة بفضل التعليم وبفضل تفتح الوعى الاجتماعى فىالاسر الكويتية هذا الوعى الذى سمح لها ان ترسل بناتها الى الدراسة الجامعية فىالقاهرة وبيروت ولندن وغيرها من العواصم قبل افتتاح جامعة الكويت فى عام 1966 واقدم مثلا على هذا التواجد الفعال فى مجالات مختلفة ولعل الصحافة هى الاقرب الى الخدمة العامة والتاثير فى الشارع والاتصال بالراى العام وقد اشهرت جمعية الصحفيين الكويتية عام 1964 وقام بتاسيسها عشرة من رؤساء تحرير الصحف وكان الاسم الاول بينهم سيدة وهى غنيمة فهد المرزوق وعقب اشهار التاسيس انتخبت مجلس الادارةمن سبعة اعضاءظل هو المشرف على نشاط الجمعية كتى اجريت اول انتخابات عام 1972 .وكان من بين هؤلاء السبعة سيدتان هما : نوار ملا حسين امينة سر الجمعية وغنيمة المرزوق عضر مجلس الادارة . هذا مجرد مؤشر رمزى يدل على روح المبادرة والتطلع الى اكتساب حقوق المراة فى مجتمع ورث تقاليد القبلية بكل تناقضاته التاريخية التى قد يخوض فيها الحرب المدمرة من اجل كلمة او عمل انتقص واحدة من النساء كما انه قد يقضى فى شان هذه المراة دون ان يرجع الى مشورتها بل قد يقضى عليها من نفسها وهنا نكتشف عن جذر تكوين النشاط النسائى فى الكويت ومستنده الشرعى فى القانون رقم 24 لسنة 1962 الذى يسمح بانشاء الجمعيات والنوادى لغير اهداف الربح المادى وتستهدف القيام بنشاط اجتماعى او ثقافى او دينى او رياضى وليس من المستطاع هنا ان نسجل كافة مواد او ابواب هذا القانون ومن اهم ما تجب الاشارة اليه هذه العبارات الدالة :

( الباب الأول )

–   تتولى وزارة الشؤن الاجتماعية والعمل تسجيل الجمعيات والاندية ألا يقل عدد المؤسسين عن عشرة اشخاص …. مادة 3

–   ويحظر على الجمعية او النادى التدخل فى السياسة او المنازعات الدينية او اثارة العصبيات الطائفية او العنصرية … مادة 6

( الباب الرابع )

–   لوزارة الشئون الاجتماعية والعمل زيادة او وقف الاعانة طبقا لظروف الجمعية او النادى ولاعتمادات الميزانية السنوية للوزارة مادة 26 .

وبالتدقيق فى هذه الفقرات سنجد ان الجمعيات ( النسائية وهى التى تشغلنا فى هذه الورقة ) مرهونة وجودا واستمرارا بما تحدده وزارة الشئون الاجتماعية والعمل كمجال للخدمة الاجتماعية والنشاط الاجتماعى وان حظر التدخل فى السياسة والمنازعات … الخ لم يحدد بوصف دقيق ولهذا يمكن تعطيل نوع من النشاط بتوجيه هذا الخطر اليه ومثال هذا اقامة حفل ترفيهى بقصد الترويح عن بعض فئات المجتمع او التشجيع علىالبر والتبرع انه يمكن ان يوصف بانه يثير العصبية ويؤدى لقلق  سياسى وفى شهر فبراير الماضى 1999 اقيم فى الكويت مهرجان تح عنوان هلا فبراير وهو مهرجان شعبى قصد به تنشيط التسوق والترويج للتجارة واختير له شهر الاحتفال بالعيد الوطنى ومع هذا شجعته وسائل الاعلام الرسمية  وهاجمته الجماعات الدينية والسلفية بوصفه احتفلا ضد الاخلاق ويشجع على الغناء والرقص الذى تركتب به امور لااخلاقية وهذه التهمة يمكن ان توجه وان تؤثر على وضع الجمعيات النسائية بتحجيم نشاطتها

ان هذه الملاحظات لا تدل على ان القانون سالف الذكر لم يترك اثرا ايجابيا على الحركة النسائية فى الكويت الامر بالعكس وفى ظله تكونت جمعيات عاملة ومؤثرة إلي اليوم وما نقصده هو أن عدم التوصيف الدقيق لأوجه النشاط المسموح به قد يؤدي أو يساعد علي محاربة هذه الجمعيات تحت شعار المحافظة علي الآداب الدينية بينما يكون الهدف الحقيقي هو تقويض النشاط النسائي وتفريق أي تجمع منظم تمارس في المرأة نشاطها فبدلاً من أن تكتسب أرضاَ جديدة وحقوق مهددة إذاً بها تعود إلي موقع الدفاع عن وجودها ثم نتوقف عند التعريف بالجمعيات النسائية في تسلسها التاريخي وما تعمل علي تحقيقه من أهداف .

1- الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية أشهرت في 10/2/1963 وقد نص علي هدفها وهو تهيأة السبل لأعضائها لممارسة أوج النشاط الثقافي والاجتماعي والرياضي .

2- جمعية بيادر السلام النسائية أشهرت في 27/12/1981 أما أهدافها فتجمع بين التوعية الثقافية للمرأة وانشاء الحضانات النموذجية ومعالجة المشاكل الاجتماعية والأسرية علي ضوء العلم والتربية الحديثة .

3- الجمعية الكويتية التطوعية النسائية لخدمة المجتمع أشهرت في 15/9/1991 ومن أهدفها تشجيع العمل التطوعي للمرأة الكويتية ولخدمة مجتمعنا وترسيخ الانتماء والولاء للوطن وإعداد الفتيات لممارسة دورهن الطبيعي في الحياة الأسرية ورعاية الطفولة والأمومة ومساعدة الأم العاملة في تهيأة الفرصة لتربية الطفل بما لا يتعارض مع واجبتها الوظيفية .

4- جمعية النهضة النسائية أسست سنة 1961 ، 1962 وقد أسستها موريه السداني .

5- الاتحاد الكويتي للجمعيات النسائية أشهر في 3/7/1974 والهدف من إقامة هذا الاتحاد توحيد التمثيل للجمعيات النسائية وحماية تضامنها بحيث تدافع عن مصالحها بغير تعارض سواء في الكويت أو خارجها .

6- نادي الفتاة .

7- جمعية الرعاية الاسلامية وهي ثاني جمعيتان الآخيرتان لم يشملهما الكتاب سالف الذكر وأهدافهما تدور في الحلقة ذاتها التي تحدد إطار العمل النسائي في الكويت ولكن هل الالتزام بالأهداف المحددة المسجلة بطريقة حرفية أم أن المرونة فرضت مواقف معينة في بعض المناسبات ؟ وقبل أن أجيب علي هذا التساؤل أقول أن الحركة النسائية في الكويت تكونت وإزدهرت في ظل تصاعد المد القومي العربي هذه حقيقة ليست مكتوبة وليس منصوص عليها في القوانين المنظمة ولكنها مستقرة في عقل واعتقاد وتوجه القيادات المؤسسة للحركة النسائية في الكويت وأقدم المثل علي هذا إسم لؤلؤة القطامي التي ترأست الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية منذ تكوينها هي من بيت عرف بحماسة القوم وفعاليته السياسية التحررية وقد كانت الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية برئاسة لؤلؤة القطامي ذات دور مؤثر في قضايا العروبة مثل الحرب الجزائرية ، حرب التحرير ومساندة المرأة الفلسطينية لمساعدة اللجئين وجمع التبرعات لإعادة التسليح بعد هزيمة 1967 وغير هذه المواقف وقد حافظت هذه الجمعية علي منطلقتها القومية حين تولت رئاستها شخصيات أخري وهذا النشاط الموجه إلي تأييد مواقف وجماعات هو عمل قومي سياسي ولم تعترض عليه سلطات الدولة مما يدل عيل قدر من الحرية في التحرك خاجر النص القانوني ولكنه كما قلت متوقف علي ظروف تحدث أو لا تحدث بدليل أن هذه الجمعية نفسها وبالتنسيق مع جمعيات أخري أرات أن تتخذ موقفاً جاداً للإعلان عن حق المرأة في التصويت والترشيح فتمت مقاومة هذا الإجراء بكثير من الحدة علي الرغم من أن قطاعات كبيرة من المجتمع أيدت حق المرأة في هذا المجال .

( 3 ) إن السؤال الذي يفرض نفسه علي التفكير النسائي الحركي لابد سيكون عن مستقبل الحركة النسائية العربية وأنا لا أقصد الوجود الاعتباري أو الفعلي لتلك الحركة فكما أن عندنا جمعيات نسائية كويتية وقد ساهمت جميعها في الاتحاد الكويتي للجمعيات النسائية كما أشرت فكذلك هناك لجنة تنسيق العمل النسائي في الخليج والجزيرة العربية وهناك أيضاً الاتحاد النسائي العربي العام وما أقوله هنا إن الهيكل التنظيمي للعمل النسائي العربية يستكمل في شكل هرمي متصاعد المستويات ولهذا لا يكون سؤال المستقبل عن التنظيم لأنه موجود وله قياداته التي تعمل بكل طاقتها في اتجاهات مختلفة .

السؤال عن ضرورة اكتشاف مجالات وأفكار جديدة للعمل النسائي علي المستوي القطري والمستوي القومي العام كذلك وهذا لأننا أقصد الحركة النسائية لا نستطيع أن نظل ندور في حدود الأنشطة الاجتماعية المألوفة التي تؤدي كخدمات للمرأة وللأسرة ونترك الأصول وهي النظام العام وسلطة اتخاذ القرار بعيدة عن رأي المرأة برغم أنها تكون أول من يتأثر بتلك القرارات لأنها نصف المجتمع لأنها الأم والزوجة التي تضار قبل غيرها بفقد الأبناء والزوجة حين تكون القرارت المصيرية ذات تأثير شامل هنها لا بد من تتبع الخط البياني الموضح لتطور الحركة النسائية من بدايتها وحنتي اليوم لقد توفي قاسم أمين الداعي الأول لتحرريرالمرأة عام 1908 وقد مضي قرن من الزمان علي صدور كتابيه الذين شرح فيهما دعوته كان القصد تأكيد مبدأ المساواة والسفور وقد حرست الحركات النسائية القطرية في كل أنحاء الأرض العربية علي أن تكون الدعوة إلي المساواة وحق السفور هي نقطة البداية في مشروع النهوض بالمرأة ولكن المساواة عادة كانت تقف عند حد الحق في التعليم ، الحق في التوظف وهناك أمور تفصيلية ولكن الجهود تكثرت في أكثر الأقطار علي صخرة المساواة في الحقوق السياسية وأقول بهذا الصدد ربا درة نافعة فقد أدي العجز عن نيل الحقوق السياسية في أقطار عربية منها الكويت علي اتجاه الجمعيات النمسائية في مجال الخدمة الاجتماعية لتعبر فيه عن طموحها وضرورة وجودها وحق الاعتراف السياسي بها وهما أستعير من الدكتور محمد الرميحي عبارة جيدة وكاشفة حين يقول إن ” المشاركة السياسية هي العمود الرئيسي في تكوين الدولة الحديثة . وفي هذا دليل على أن مشاركة المرأة في صنع القرار السياسي وفي إدارة الدولة ليس ها مشياً بل هو أساسي في تكوين الدولة العصرية ولهذا من حقنا أن نتساءل:

ما الذي يؤخر هذه المشاركة في الكويت وفي الاعتبار أن المرأة الكويتية المتعلمة حتي المستوي الجامعي توازي – عددياً نسبة المناصفة تقريباً وتزيد عن النصف في بعض التخصصات وفي الاعتبار كذلك أن الجمعيات النسائية في الكويت ظلت تمارس أنشطتها بوعي عال واقتدار وبعبارة أخري : لم تنحرف عن غايتها الاجتماعية ولم تسخر نفسها في صراعات نعرفها عن الجماعات والمحاور السياسية والدينية مما يؤكد على نضوج الوعي السياسي والإداري والعلمي بين رائدات وعضوات التنظيمات النسائية فمن أين يأتي القصور ولماذا يحال بين المرأة والعمل السياسي ؟

سأعود مرة أخري إلي الدكتور محمد الرميحي في كتابه سالف الذكر : ” الجذور الاجتماعية للديمقراطية في مجتمعات الخليج العربي المعاصرة ففي هذا الكتاب يذكر أن إعلان الدستور في الكويت كان استجاب لضغوط خارجية أكثر مما هو ملائم لوضع داخلي يتطور .

بمعني أن المطالبة الشعبية بالدستور لم تكن من القوة بحيث نقول إنها هي التي دفعت الدولة لإعلان الدستور ونحن ونعرف أنه كانت هناك محاولات سابقة ( منها ما يعرف بسنة المجلس 1938 ) ولكنها لم تصل في قدرتها الحركية ووعيها السياسي إلي مستوي توجيه السلطة في الدولة إلي إعلان الدستور وتكون المحصلة أن الدستور قد أعلن في حينه (1962 ) لاستكمال شخصيه قانونية دولية من الضروري وجودها للإقناع بأحقية الاستقلال عن بريطانيا صاحبة اليد المهيمنة – في ذلك الوقت – على دول ( إمارات ) الخليج العربي ، وتكون المحصلة كذلك أن وعي المواطن كان دون المستوي الواعي بأهم مطالب الدولة الحديثة ومنها الاعتراف بحقوق المرأة على كافة المستويات وهذا ما يدل عليه قول الدكتور الرميحي أيضاً ‘ن عمل مجلس الأمة ( بصفة عامة ) كان تغليب المصالح الشخصية وجعلها فوق مصالح الشعب ” وربما كان هذا الموقف السلبي الذي نري أنه لم يكن مسيطراً في كل الحالات فقد امتلأ تاريخ مجلس الأمة الكويتي بالمواقف الوطنية والقومية المشرفة سببه عدم الاعتراف الرسمي بالأحزاب السياسية قد في سبيل المشاركة النسائية في السياسية وهذا هو المنطق الحزبي الضروري فإذا وجد حزب يرفض مشاركة المرأة لأسباب يعلنها كذلك وهذا يخدم الحركة النسائية وتأييدهن لمن يدافع عن حقوقهن السياسية بوحه خاص .

وأتوقف عند فقرة مهمة من دراسة للأستاذة فريال الفريح وهي بعنوان ( مدخل إلي وضع المرأة وصنع القرار بين الواقع والطموحات )

حيث تقول :

–   إن التقديم التقني والثورات العليمة والمعلوماتية المعاصرة تعزز دور المرأة في المشاركة جنباً إلي جنب مع الرجل في تنمية المجتمع وصنع القرارات التي تساعد على تقدمه وينبغي على المجتمع أن يغير من اتجاهاته نحو الأمور السلبية التي تتعلق بنيل المرأة لحقوقها السياسية وفي مقدمة هذه الأمور مايلي :

  • ارتباط معني الإنجاز بالذكورة
  • ضعف التنسيق بين المنظمات النسائية بشكل يعرقها عن تجميع جهودها ومواردها اللازمة لرفع الوعي السياسي للمرأة .
  • عدم الوعي بين النساء بالحقوق الممنوحة والفهم الخاطئ لموقف الإسلام من المرأة
  • عدم كفاية الآليات المستخدمة في المجالات اللازمة التعزيز مكانة المرأة .
  • عدم كفاية الوعي بحقوق المرأة المعترف بها وطنياً ودلياً والالتزام بها.
  • ارتفاع ظاهرة الفقر وزيادته بين النساء .
  • عدم المساواة بين المرأة والرجل في صناعية القرارات التمويلية والمشاركة فيها وإذا نجح المجتمع في تلاقي هذه السلبيات وإدراكه لأبعاد دور المرأة ومساهماتها الإيجابية في الحياة الاجتماعية والاقتصادية لأمكننا تحقيق عدد من المشاركات الإيجابية تتلخص في :

ويمكن استعرض تلك المشاركة تلك المشاركة على النحو التالي :

1-   المشاركة البرلمانية .

2-   المشاركة في الحكومة .

3-   المشاركة في القضاء .

4-   المشاركة في الشؤون الخارجية .

5-   مشاركة المرأة في مجال الإدارة العليا.

وأتوقف أيضاً عند فقرة مهمة من كتاب الدكتورة نضال حميدي الموسوي وهو بعنوان :” ملامح الوعي الاجتماعي عند المرأة الخليجية وهذه الفقرة عن : الرأي في مشاركه المرأة في التصويت غي الانتخابات السياسية وأهمية عرض القضية أن البحث ذو طبيعة ميدانية ويعتمد على استقراء الآراء وإحصاب المشاركة في الاستبيان أي أنه قراءة مباشرة في واقع البيت والشارع وليس دراسة فكرية أو فلسفية

تقول الدكتورة نضال : وافق أكثر من ثلاثة أرباع العنية على مشاركة المرأة في التصويت في الانتخابات السياسية ( مجلس الأمة – البلدية ) أما الذين رفضوا فكانوا أقل من الربع .

وكانت موافقة الإناث أكثر من الذكور وكان المتعلمون والموظفون أكثر من غيرهم .

أما عن ترشيح المرأة في انتخابات السياسية فقد وافق أقل من ثلثي العنية الكلية بلقيل على ترشيح المرأة في الانتخابات مجلس الأمة الكويتي وتفاوتت هذه النسبة بين الذكور 55 % والإناث 70 % إن الأسباب على الموافقة في حال التصويت وحالة الترشيح تعتمد دائما على : أن هذا حق للمرأة وأنها ستفيد بلدها والتطوير الديمقراطية في البلد وإتاحة الفرصة للإفادة من إمكانات البلد .

أما أسباب عدم الموافقة فهي عادة : ليس للمرأة خبرة أو وعي سياسي وأن التقاليد والقيم الشرقية والإسلامية تمنع ذلك وأن الزوج والأخوة لن يسمحوا لها بذلك .

أعتقد أنه من الضروي أن نتفحص بدقة أسباب الرفض المنصوص عليها في هذا الاستبيان وخصوصا أن نسبة تعتبر عالية من النساء وقد رفضت أن ترشح المرأة نفسها !!!

هذا يدل علي تبعية المرأة في مستوي معين للرجل اللأب ، الزوج ، الأخ هل يدل عيل جها قاعدة نسائية بأهمية الحصول علي أحقهن في التمثيل السياسي ومع هذا تبرز أمامنا حقيقتان تستحقان أن نعمل من أجلهما .

الحقيقة الأولي : أن القاعدة النسائية في المستوي الشعبي خاصة في الريف وفي القري الجبلية وفي الأحياء الشعبية تحتاج إلي توجه تثقيفي تنويري وأنا لا أتحدث وحدها وأنما عن المجتمعات العربية تحتاج إلي توعية مباشرة بحقوق المرأة دون انتظار إلي نضوج هذا الوعي من خلال بذل الخدمات في مجال الطفولة ومحو الأمية النسائية مثلاً لا بد من الاهتمام من التثقيف السياسي ليتحول إلي قوة مؤثرة ليكتسب القدرة علي توحيد الرأي والموقف فلا نفاجأ بمعارضة المرأة للمرأة أو رفض من المرأة لمكاسب يجب أن تسعي إليها المرأة .

الحقيقة الثانية : أن العينة التي تعاملت معها الدكتورة نضال الموسوي من الرجال تميل إلي تأييد حق المرأة في التصويت والترشيح وهذا يستحق من الدولة الدول أن تتكيف مع هذا الاتجاه وتضعه موضع اعتبار وربما يستحق أمر التجربة القطرية الأخيرة أن يساعدنا علي توضيح بعض سلبيات الترشيح النسائي في بعض الدول العربية التي تسمح بترشيح المرأة يقوم رئيس الدولة بتعيين عدد من النساء كعضوات حين لا يفوزن في الاقتراع وذلك لتحقيق التوازن واستكمال ديموقراطية التمثيل النيابي هذا يحدث في أكثر من قطر عربي بما فيها بعض أقطار الخليج حدث هذا في المجلس البلدي في سلطنة عمان وفي الإمارات العربية وهنا أقترح أن يكون البديل هو تحديد عدد مناسب من الدوائر الانتخابية لمرشحات نساء فقط بحيث يكون التنافس نسائياً ومعني هذا أنه لا بد أن تفوز بهذه الدوائر نساء يحققن المطلوب بالمشاركة والتوعية ، أما بالنسبة من المعترضين من الرجال علي تصويت المرأة وترشيحا فإن السبب فيه فيما أرجح أن الحركات النسائية ربما في كل الأقطار العربية تتوجه عادة إلي مخاطبة النساء وتهمل الاهتمام بالآخر الكرجل ونحن نعرف أنه بعد جيل الرواد الرجال الداعيين لحقوق المرأة ، يظهر جيل قيادي من النساء يتكتل حسب النوع الأنثي ويستبعد الرجل الآخر بل قد يعتبروا الآخر الضد وربما كان هذا الآخر الرجل يستريح إلي هذا الاستبعاد فيترك النساء يعملن ما يردن ولا يبدي اهتمام به مطمئناً إلي أن زمام الأمور واقعياً ودستورياً في يديه ، وهنا أقول أنه لابد من أن تعود الحركة لتعمل بين الرجال عن المستوي القيادي فتكتسب آراء ومواقف رؤساء الأحزاب وكبار السياسين والمفكرين والآدباء والعلماء وأن تعمل بين عامة الرجال فلا تتركهم للأفكار والتقاليد الجامدة المتوارثة عن المرأة ولا تترك حدود أفكار هؤلاء الرجال في متناول الفقيه القرية أو من يشبههم يجب الاستعانة بالأقلام والفرق المسرحية وخطباء الجمعة الموضوعيين ومواسم المحاضرات وإصدار النشرات بقصد خلق تيار عام واعتقد أن الحرص علي اكتساب القيادات الرجالية ستكون مؤثره جداً في هذا الاتجاه إن إهمال دور الرجل واضح جداً في التجمعات النسائية وفي حشد الرأي العام لمناصرة المطالب النسائية وكأن ظهور الرجال في هذه التجمعات ينتقص من الشجاعة أو الاستقلال أو حرية الرأي أو القوة في موقف المرأة ورأي هو العكس الرجل العربي ليس خصماً للمرأة العربية وليس منكراً لحقها وهو الآن يشعر بأنها تسلمت أمورها ولم يعد هو مطالباً بشئ وهو الخطر الذي علينا مواجهته لأن الرجل لا يزال وسيبقي إلي زمن مداه هو المسئول عن الدولة وعن الأسرة ومن الواجب أن نتعامل معه كحركة نسائية وليس كأفراد فقط علي هذا الأساس إننا نلاحظ صوراً من التناقض السلوكي ينتشر بين الفتيات في الفترة الأخيرة فنجد الفتاة التي تدرس أصعب العلوم مثلاً تعتبر صوتها عورة وترفض أن تجلس في غرفةالدراسة إلي جانب زميلها وهذا يجعلني أن أدعو إلي الاهتمام بتأهيل المرأة لتتوافق مع ذاتها أولاً وتؤكد بكرامتها الشخصية والعقلية الاجتماعية أساساً .

هذا أمر يستحق المواجهة بوسائل متعددة تبدأ من وجود مقرر دراسي يخصص لمدارس البنات وفصول محو الأمية ودورات تدريب الموظفات والعاملات مهمته إيقاظ الوعي بالذات وضرورة إستقلال الشخصية والشعور بإكتمالها .

ثم اقترح في نهاية هذه الورقة العمل على تكون ما أطلق عليه مؤقتاً ” محكمة العدل الاجتماعي العربي وتكون هذه المحكمة الرمزية تحت مظلة الجامعة العربية وهدفها أن تقول الرأي فيما يقدم إليها من تظلمات الجمعيات النسائية وليس الأفراد حين تعاني المرأة في أي قطر عربي من الحيف أو التعنت أو الإجحاف بحقوقها .

نحن نعرف أن الحقوق المتاحة للمرأة العربية تختلف ما بين قطر عربي وآخر ولا نردي أن ندخل في تفاصيل ذلك ولكننا من منطلق الأمة الواحدة من حقنا أن نعتمد على مبدأ التعامل بالمثل والتكافؤ ولابد أن تكون عندنا جهة موقرة تحظي بالتقدير تملك أن تقول رأيا منزهاً عن الغرض في قضايا لا يمكن الاستمرار في تجاهلها أو كبتها إن قرارات هذه المحكمة العليا المقترحة محكمة العدل الاجتماعية العربي تكون لها آلية قادرة على تنفيذ أحكامها جبرياً لأن هذا ينافي استقلال كل كل دولة بسلطاتها ومع هذا أعتقد أنان أدبيا وحارساً للحق على المستوي العربي وأعتقد كذلك أن وجود مثل هذه المحكمة سيكون له تأثير ولو على المدي البعيد في إحداث تقارب بين أقطار الأمة العربية من خلال التقارب في تشريعات المرأة وأوضاعها القانونية والدستورية ما بين قطر وآخر .

فربما يتحقق ما أشار إليه الدكتور الرميجي في كتابه الآخر الخليج ليس نفطاً من أملة في أن يتحول شعار واجب الرعاية : إلي شعار : حق المشاركة فتكون التنمية الاجتماعية المشتركية أداة مؤثرة في التوجه نحو الوحدة وهي الهدف النهائي السامي الذي تتعلق به أبصارنا وأحلامنا وبعد …

ففي هذه الورقة لم اتمكن من الفصل القاطع الحاد بين ما هو عربي شامل وهذا يؤكد أن التفكير القائم على العزلة ليس باستطاعته أن يقدم حلاً حقيقياً لمشكلة أو قضية يواجهها أي قطر على حدة .

لأن أقطارنا متشابكة الأصول واحدة الجذور وإن تعددت الأغصان والحلول الحقيقية لا بد أن تنجه إلي المشكلة من أسها ولا نتعامل مع الظاهر وحده إننا لا نريد حلولا تجميلية بل توجهات جادة تجعلنا وأقصد الأمة العربية كلها وليس الحركات النسائية وحدها جديرين بالدخول لإلي قرن جديد يطلق عليه الألفية الثالثة وسيكون من علامات هذا القرن رفض التخلف ورفض الكيانات الضغيرة علينا أن نفكر في هذا وأن نعمل على أساس أن المرأة في المجتمع هي مقياس التقدم أو التخليف أولاً وقبل كل شئ .

توثيق ومواجع :

1-أستت الدوائر في الكويت لإدارة البلاد منذ عصر جابر الصباح فكانت دائر المعارف ودائرة الصحة والشرطة والأمن العام ثم تحولت هذه الدائة إلي وزرات اضيف إليها ما يغطي سائر الأنشطة للدولة الحديثة .

2- وقد نشر نصه وتعديلاته في كتيب صدر عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل وقد سجل التعديلات حتي صدور القانون رقم 14 لسنة 1994 ومجموعة مواد قاون الجمعيات والنوادي .49 مادة .

3- نعتمد في هذا التعريف على ما سجله ” دليل وأهداف جمعيات النفع العام الصادر عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل سنة 1995

4 – الدكتور محمد الرميحي : الجذور الاجتماعية للديمقراطية ص 5 الناشر دار الجديد ط 4 1955 لبنا .

5- المرجع السابق ص 30

6 – المرجع السابق ص 35

7 – المرجع مدخل إلي وضع المرأة وصنع القرار بين الواقع الطوحات فريال الرفيح

8 – د. نضال حميد الموسوي : ملامح الوعي الاجتماعي عند المرأة الخلجية ص 256 وص 257 دار سعاد الصباح القاهرة 1993 الطبعة الأولي .

9 – الدكتور – محمد الرميحي : الجليج ليس نفطا ص 99 دار الجديد ط ثانية 1995 بيروت.