اهدي من قطاة ……….……….وجيهة عبد الرحمن

أهدى من قطاة  لنجاح إبراهيم سرد واقعي لسلسلة هزائم…

وجيهة عبد الرحمن

ربما تكون المجموعة القصصية/أهدى من قطاة/ للكاتبة السورية نجاح إبراهيم هي مجموعة قصص في المتن، ولكنها في الأصل حكايات شعبية لأناس مهزومين من الداخل، دفعتهم الهزيمة إلى الحلم يقينا منهم بأن فيه الخلاص من أعباء اجتماعية وسياسية وأخلاقية متراكمة.

ذات أمسية قصصية استمعت فيها إلى قصة لنجاح إبراهيم،اذهلتني بطريقة سردها للقصة، والتفاصيل التي جاءت عليها، فآثرت أن أعود إلى كتابها الأكثر إدهاشاً لي وهو مجموعتها القصصية/ أهدى من قطاة/لأقرأها ليس كقاصة أو شاعرة وإنَّما كقارئة، تبحث في نتاج الأدباء عن الدهشة والفكر الثَّر و الموقف الصريح والمتعة.

نجاح إبراهيم قاصة وروائية سورية من محافظة الرقة، عضو اتحاد الكتاب العرب .

مجموعتها / أهدى من قطاة/ والعنوان هو لقصة مفردة، ضمن المجموعة المؤلفة من أربع عشرة قصة، لكل منها عنوانها الخاص، باستثناء القصص السبع الأخيرة التي كان لها قاسم مشترك وهو/ منصور المهزوم/ فقد بدأت بمنصور المهزوم الأول وقصته مع الهزيمة حتى انتهت بمنصور السابع ضمن حبكة متقنة وقدرة على رصد حالات منصور الانهزامية.

قصص نجاح إبراهيم في هذه المجموعة تغصُّ بالكثير من البوح الرمزي والتداخلات الاجتماعية والسياسية والأخلاقية، مما يجعلنا نقف منها موقف المتطلِّع معها إلى حياة أخرى تخلو من الهزيمة والانكسارات والأحلام المستباحة، على أننا بالرغم من ذلك لايمكننا قراءة نصوصها بمعزل عن اللغة الشعرية، التي شكَّلت نظاماً قائما بذاته، متكئاً على استخدام أكثر التقنيات اللغوية اللاسردية، والتي تماهت معها ذات الكاتبة من خلال أحداث قصصها التي اتَّسمت بيئتها بالشبيهة بالصحراوية، ومن ثم نهر الفرات الذي اختزل الكثير من حالات تداعي الذاكرة في انتقادها الصارخ للقوانين الاصطناعية، بعيداً عن تدخُّل الطبيعة في إسباغ شروطها، إذ صورة الرجل المهزوم المنكسر، والمرأة اللاهثة وراء أحلامها، فقد أحدثت هذه البيئة علامات فارقة في ذات هذا الثنائي الذي يصنع بطبيعته الفيزيولوجية حياةً بمعزل عن الشرط البيئي، من خلال زمن غير محدد التعريف، لذا نجدها(الكاتبة) توظف الزمن ليكون تحت خدمة المكان، إذ أن هناك تمحور حول بُعُد مكاني فيه الكثير من الدلالات الرمزية، التي تمثل مرحلة تاريخية، منتجة لكم هائل من العلاقات البسيطة، والتي تنمُّ عن بيئة بسيطة، ابن الصحراء هذا هو إنسان طبيعي بكل الأبعاد والمقاييس، وما يفرزه سلوكه من تصرفات ورغبات إنَّما هي تصرفات عفوية، تبدَّى ذلك جليَّاً في قصتيها/الفيضان- فاضت الأحلام/ ففي هاتين القصتين المتممتين لبعضيهما، نلمس بوضوح بساطة الرغبات والأحلام لدى شخوصها المتعددين، بالرغم من أن القصة القصيرة لاتحتمل الكثير من الشخصيات، ولكن نجاح ابراهيم بالرغم من تعدد الشخصيات لديها في هاتين القصتين،فإنَّها لم تفشل في تحقيق هذا الشرط في القصة القصيرة، لأنَّ أبطالها لم يحملوا الكثير، بل كانوا في أفضل حالاتهم أناس يعيشون على الهامش( مجموعة عمال)، وما أن تسنّى لهم أن يحلموا، وجدناهم لم يتردَّدوا،فحلموا وبالغوا في الحلم، فرسم كل واحد منهم صورة أرادها أن تكون عليه تلك المرأة التي ركبت معهم الحافلة، حتى الشيخ(على أنه رجل وقور) لم يسلم من مداهمة الرغبة في الحلم، اقترانا بتلك المرأة المحور لهاتين القصتين.

البقية فى العدد الثانى والعشرين