الإنسان إلي أين في عصر الجينات والإلكترونات …………………………عفاف عبدالمعطي

الإنسان إلي أين في عصر الجينات والإلكترونات

عرض وتحليل : عفاف عبدالمعطي [1]

الناشر : دار سطور للطبع والنشر ، مصر .

ترجمة : د. أحمد مستجير .

عصر الجينات والالكترونات ، هو ترجمة لكتاب Evolution  insn’t what it used to be By w. T. Anderson  , Published by W.H. Freeman & co. 1996

عبر أربعة أجزاء مذيلة بمعجم للمصطلحات الإنجليزية والعربية وقد احتلت أثني عشر فصلاً يقع هذا الكتاب الذي يناقش قضية حيوية هي التحول الحضاري الهائل الذي يجري الآن في العالم ، حيث يحيا الإنسان في عالم بات مختلفاً مغايراً لعالم الماضي ، حيث تغيرت كل الحياة وتحولت بطريقة جذرية إلي اتجاه ينهمك فيه الناس في حمية يكتشفون الشفرة الوراثية للإنسان يتعلمون كيف يحورون التركيب الوراثي للأنواع الاخري من الأحياء ومن ثم يخلقون ضروباً جديدة من الكائنات الحية إن تلاقي التكنولوجيا يمثل جزءاً كبيراً من هذا التحول ولكن الحدث الهائل حقاُ في عالمناهو تلافي التكنولوجيا وتقاربها ومن ثم تلاقينا مع تكنولوجياتنا حيث يوسع الكمبيوتر وغيره من المخترعات الإلكتروني عقولنا فضلاً عن توسيع سلسلة من الابتكارات الثورية من الفاكسينات إلي الأعضاء الاصطناعية وهي للحق تمثل جزءاً من كياننا الحدي ثوفي الوقت نفسه يتحول العالم إلي كوكب بيو إلكتروني (بيوني) تغير صياغته تربطه الأسلاك تغمره شبكات من نظم المعلومات تراقب صحته ، وتتنبأ بمستقبله وتتحكم في نظمه الإيكولوجية .

للتطور نواح كثيرة غامضة فاتنة وأكثر هذه النواحي غموضاً وفتنة هو أن التطور يتطور أن تتغير الحياة هذا أمر مذهل في حد ذاته ، ولكن الطريقة التي بها تتطور الحياة تتغير أيضاً تبتكر عملية التطور دائماً سبيلاً جديداً للتقدم فترفع نفسها إلي مستوي آخر ومن ثم تبدأ عملية جديدة من النمو .

إن بزوغ عصر المعلومات البيولوجية مثله مثل الكثير من الوقائع التاريخية العظمي وهو بزوغ متنام مستجد إنه شئ كبير أكبر من مجموع أجزائه ومن ثم لا يمكن التنبؤ به لكننا إذا نظرنا إلي الخلف سنجده وقد شق طريقه منذ زمن كان اللقاء البيوني كامناً في الرحم منذ قرون فلقد كانت دراسة الحياة متجددة دائماً حيث نجد من يبحث عن تفهم جديد لأشياء كالنباتات والحيوانات أو كالحيوانات  الميكروسكوبية أو كاليكوجيا النظم الجديدة الكبيرة إنما يستخدم عادة ما يجده متاحاً من أدوات فكرية تعوق البيولوجيين أو تساعدهم حالة التكنولوجيا ومنها تكنولوجيا المعلومات كما يساعدهم التقدم في مجالات المعرفة الأخري مثل الرياضيات ولقد كان أرسطو من أوائل الرواد البيولوجيين حيث كان أول شخص نعرفه يحاول أن يجري تقسيماً تصنيفياً لكل أشكال الكائنات المختلفة لكن عدد الانواع المتاح له كان محدوداً ثم إن غياب الميكروسكوب قد حد من عمله ، حيث كانت الملايين من صور الحياة بالفعل خفية ، وكان عمله مقيداً بحدود العالم الذي يعرفه ، وهو بالتقريب حوض البحر المتوسط لم يستطع أن يري ما يقع خارج هذه الحدود أما مفاهيم تسجيل المعلومات ونشرها فكانت أيضاً بدائية بمعاييرنا الآن ، ثم كان علي أرسطو وتلاميذه أن يسجلوا نتائجهم علي لفائف البردي الهشة ولم يظهر إلي الآن الكتاب الأول مخطوطة من صفحات من البرشمان مجلدة باليد ثم ربما لم يقرأ دراسات أرسطو في زمانه إلا بضع مئات ثم ضاع إلي الأبد معظم عمله ، ثم كان من الطبيعي أن البدء في مشروع الجينوم البشري بهدف الطموح لإنتاج سجل للتابع الكامل للجينات بدن الإنسان قد أعطي دفع هائلة لهذا المد البيومعلوماتي ومثله أيضاً فعل ابتكار الإنترنت .

والأنترنت ببساطة هو أسرع ما أبتدع من نظم الاتصال نمواً وهناك من المتحمسين من يعتبره أعظم الابتكارات البشرية مجالاً وليس أقل ما يقال عنه إدهاشاً أن الولايات المتحدة هي التي بدأته أصلاً كنوع من المستودع الفكري للبنتاجون ثم بعد أن تولت أمره المؤسسة القومية للعلوم كأداة وصل معلوماتية للبحث والتعليم تؤدي شبك الأنترنت حالياً مهمة الطريق الإلكتروني العام للعالم بأسره فتربط ما بين هذا الحشد المتزايد من مواقع الشبكات وقواعد المعلومات والحق أن مصطلح الطريق العام ليس سوي استعارة ضعيفة لنظام معلومات له هذا العدد الهائل من الوصلات وله من السعة ما قد تهمش معه الجغرافيا لا شك في أنه سيتطور ولا شك في أنه سيستبدل به نظماً أكبر وأسرع نظماً تتميز بانسجام أكثر أجزائها المختلفة وقدرة أكبر علي نقل البيانات ويقوم هذا النظام بعمل عشرات الملايين من العلماء والطلبة والبيروقراطيين والكتاب المأجورين والمهرجين ثم إنه يخلق شبكة من معلومات علمية لم يسبق لهامثيل . وعلي هذا فإن ظهور الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات لا يسهل فقط آحاد الأبحاث وإنما يوفر أيضاً للعلم ككل بيئة للعمل جديدة تماماً لاسيما بالنسبة لعلم الوراثة ، علم المعلومات البيولوجية .

لقد تحولت البحوث الوراثية تماماً بتطوير لم يتوقعه أحد علي الأطلاق عندما ظهر الفتح الأصلي لواطسون وتحريك ، لم يكن للوراثة الحديثة أن تتطور كما تطورت دون وجود قاعدتها التكنولوجية تماماً ، مثلما لم يكن للأدب الحديث أن يتطور دون وجود مطبعة والحق أن نظام المعلومات قد أصبح عقلاً فائقاً لا ككل العقول تحمل ذاكرته النتائج المجمعة لشبكة عالمية من المعلومات للعلماء وفي الآن ذاته بات الكمبيوتر ايضاً هو الاستعارة المفضلة لوضف الجين لم يعد الدنا كتاباً كما كان يقال ، إنما أصبح نوعاً من الكمبيوتر بمقياس جزئي يوجه عمل الخلية وهي تبني نفسها وترمم نفسها وتتفاعل مع العالم الخارجي .

لقد كانت أهمية تكنولوجيا الكمبيوتر في البداية تكمن في توفيرها طريقة لتخزين البيانات ونقلها ، وهذه مهمة ذات شأن عظيم يصعب أن نغالي في تقدير قيمتها لأن الكمبيوزتر هو النظام الأوحد للمعلومات الذي صنعه الإنسان ويمكنه أن يقترب من تعقيدات النظم الإلكترونية جزءاً جزءاً .


([1] ) باحثة مصرية