يوليو 10 2010
المسرح الاسبانى فى التسعينيات ……………. د. ثيسار اوليفا
المسرح الاسبانى فى التسعينيات
بقلم : د. ثيسار اوليفا (*)
القرن العشرون على وشك الانتهاء فيما يتقدم المشهد المسرحى الاسبانى فى أوج اشكاله المتجددة خلال السنوات الاخيرة هذا التجدد امتد الى اكثر جوانب الانتاج المسرحى رغم أننا نؤكد أن أكثر العناصر تجددا توجدفى مجال الكتابة المسرحية ويمكننا أن نؤكد أيضا أن السنوات الاخيرة جرت خلالها أكبر عملية تجدد تمت خلال النصف الثانى من هذا القرن ولم يحدث أبدا أن أمكن ملاحظة عمليات التجدد الموضوعى للاشكال المسرحية كما حدث خلال تلك السنوات تجدد يمكننا أن نوجزة فى النقاط التالية اولا: اختفاء الجيل الواقعى أو على الاقل من على الواجهات المسرحية المعتادة ثانيا: عودة الكتاب الذين يكتبون الكوميديا البرجوازية الى التجمع من جديد ثالثا: تثبيت اقدام كتاب مثل: خوسيه سانشيس سينيسترا ، وجوزيب ماريا بينيت اى جورنيت على رأس الجيل الجديد.
رابعا: ظهور كتاب شباب ينتمون الى اتجاهات جمالية عدة لكنهم يتحدون تحت المسمى العام فى توجههم نحو المسرح الذى يعتمد على النص المكتوب
خامسا: سيطرة الكتابة المسرحية الاسبانية على هذا النشاط بمافيها الانشطة المسرحية التى تجرى فى المقاطعات والاقاليم ،
اضافة اى تلك الاعتبارات يجب ان نشير الى بعض المميزات التى جعلت وجود الشكل العام الذى أشرنا اليه ممكنا مميزات نتجت عن اللحظة السياسية الراهنة والوضع الاجتماعى الذى تعيشه اسبانيا خلال السنوات الاخيرة مماحتمت الضرورة انعكاسه على الثقافة المحيطة بالنشاط المسرحى لايستطيع احد أن ينكر أن السنوات الثلاث عشرة للحكومة الاشتراكية دفعت بالفنون المسرحية الى الامام دفعة كانت بارزة بشكل خاص فى عملية التجديد والتحديث التى جرت على المسارح الوطنية اضافة الى دفع عملية الانتاج المسرحى والفروق المسرحية لمزيد من النشاط تلك الفرق التى لم يتوفر لها أبدا مثل هذا الوضع المادى الذى مكنها من تنفيذ برامجها المسرحية هذا التزايد فى النشاط المسرحى كان على المستوى الظاهر أى على مستوى خشبة المسرح لكنه لم يتمكن من تنفيذ عملية تحديث من خلال كتابة المسرحية الوطنية صحيح ايضا أن المسرح الكلاسيكى كانت له الاولوية خلال السنوات الاخيرة لكن هذا لم يجد استجابة لدى كتاب القمة فى تلك اللحظة فكان من الممكن ملاحظة فقدان الوضع الاجتماعى للمؤلف الدرامى مابين عملية الادارة فى وضع النص على الخشبة المسرحية وعدم القدرة على تنفيذ المشروع اضافة الى هذه المشكلة كانت هناك مشكلة قلة المؤلفين الاسبان التى كانت تضمها برمج المسارح العامة وحتى فى المسارح المسماه باسم شبكة المسارح العامة الوطنية حتى يمكن تسهيل مهمة فهم هذا الوضع يمكننا أن نقول ان السنوات الاخيرة شهدت نشاطا مسرحيا من حيث عدد العروض ولكنها كانت تفتقد الى العروض الوطنية والمحلية اذا عدنا الى عملية الحصر التى بدأنا بها يمكننا ملاحظة التالى :أولا :وصول الاشتراكين الى الحكم كان بداية النهاية للعروض الواقعية الاجتماعية التى بدأت فى البروز خلال السنوات من 1977،و 1985التى كانت تعيش خلالها اسبانيا عملية التحول الديمقراطى ويعود هذا أيضا الى أن القليل من تلك العروض وجد تجاوبا جماهيريا مع استثناء بعض العروض مثل سانتا ماريا المصرية لما رتين رويدا والحانة المدهشة لآلفونسو ساسترى اضافة الى اعمال بويرو باييخو ولم يعد هناك مكان حقيقى فى تاريخ المسرح المعاصر للكثير من العروض التى تم تقديمها حتى بويرو باييخو لم يتمكن من تقديم مسرحياتة خلال التسعينيات بالشكل المرضى الذى كان يبتغية أما ماقدمة أنطونيو جالا خلال انتقالة من شكل أدبى اخر الى المسرح فانه يعتبر نهاية لمرحلة محددة لانه يشير الى النجاح الشخصى الذى جاء نتيجة النجاح فى عمليات النشر فى الكتب وهو امر له خصوصيته ولاعلاقة له بفريق العمل المسرحى وربما كان كل هؤلاء الكتاب هم اخر الكلاسيكيين الاسبان
ثانيا: حتى وقت قليل كانت الكوميديا الاجتماعية تعنى المسرح التقليدى وقيمتها لاتتعدى قيمة الممثلين الذين نشأوا خلال البيئة التقليدية الوطنية ولتأكيد هذا لسنا فى حاجة الى العودة الى سنوات الخمسينيات التى ظهر فيها مسرح الهروب الذى برزت فيه اسماء مثل رويث ايريارتى ولوبث روبيو أو بعض الكتاب الملتزمين مثل بويرو باييخو وألفونسو ماسترى أو لاورو أولمو أما اليوم فان الحدود بين نوعيات الكتابة المسرحية اكثر حدة لذلك تبقى بعض الاعمال المسرحية اقرب الى قلب الجمهور من اعمال اخرى مثل الحوار مع الفاليوم لآلونسو سانتوس أو تشبه الالهة تقريبا لخايمى سالوم أو ليلة حب زائل لبالوما بيدريرو هذا حتم عملية تغيير فى مجمل الاشارات المسرحية يجعل الكوميديا البراجوزية ليست كما كان معناها فى السنوات السابقة
ثالثا: ترسخت خلال السنوات الاخيرة أقدام العديد من كتاب الدراما المسرحية كان انتاجهم بدأ فى السنوات السابقة على تقديمها على خشبة المسرح فأصبحت لهم تأثيراتهم الاجتماعية والفنية كمسرح راسخ وأعنى هنا بشكل خاص مؤلفين مثل خوسيه سانشيس و جوزيب ماريا بينيت اى جورنيت الاول يكتب باللغة الاسبانية والثانى يكتب باللغة القطالونية لكن كلاهما لايمكن تصنيفه فى اطار التصنيفات الكلاسيكية المعروفة لان لكل منهما خطه الابداعى الشخصى الخاص به لذلك فان اعمال مثل (اى كارميلا)للاول أو(رغبة) للثانى تكفى لوضعهما فى اعلى مستويات الابداع المسرحى والى جوارهما لابد ان نشير الى اخرين مثل : (الونسو دى سانتوس) و(فرمين كابال) كمبدعين راسخين ايضا اضافة الى عودة خايمى سالوم ودومينغو ميراس واغناثيو اميستوى الى الابداع من جديد
رابعا: عن المؤلفين الشبان يمكن الحديث عن جيلين يجمعهما معا البحث عن جماليات جديدة فى الكتابة المسرحية واعمار هؤلاء تتراوح فى الاربعينيات ولكن لاتزال تبدو عليهم اثار واضحة لكتابات مؤلفين ذكرناهم من قبل اما الذين لاتزال اعمارهم فى الثلاثينيات فانهم لايزالون يعيشون فى ظلال الماضى من الجيل الاول هناك أرنستو كاباييرو) و(ادور ادو غالان) و(اغناثيو ديل مورال) و(ماريا مانويلا رينا) و(لويس اروخو) و (انطونيو اونيتى) من الجيل الثانى نذكر (سيرجى بيلبيل) و(اغناثيو غارثيا ماى )و (لويسا كونسييه)و(خوسيه رامون فرنانديث)و(اتزيار باسكوال)من هؤلاء وأولئك يمكن العثور على كتابة مسرحية ممتازة بل كثير منهم يجيد الاخراج المسرحى ايضا لكنهم لاينتظرون أن تتاح لهم الفرصة لعرض اعمالهم فى المسارح الكبرى والعامة بل يذهبون بأنفسهم الى الجمهور من خلال صالات العرض التى يطلقون عليها اسم الصالات البديلة يفضلون ان يعرفوا بأنفسهم من خلال دوائر صغيرة لانهم يعرفون ان انتظار فرصة تقديم اعمالهم ربما لاتأتى ابدا رغم قلة المادة التاحة فانهم يقدمون ابداعا ثريا ومزيجا كاملا من الاتجاهات المسرحية ويكننا ان نتحدث على الاقل عن عشرة نصوص جيدة يمكن تقديمها على اى مسرح عام منها مثلا مسرحيات اوتو لارنستو كابا ييرو( نظرة الرجل الغامض) لاغناثيو ديل مورال و(ايام بلا أمجاد) لفيدال بولا نيوس و (مشروع فان غوخ) لانطونيو فرنانديث ليرا و( مداعبة) لسيرجى بيلبيل و( مترجم) بلومنبرغ لخوان مايورغا و(دوران) للويسا كونييه و(لاحراق الذاكرة) لخوسيه رامون فرنابديث اضافة الى التأثيرات الواضحة لكتاب معروفين على كتابات هؤلاء المؤلفين هناك تأثيرات اخرى معاصرة تتعلق بالتكنولوجيا الحديثة مثل (الفيديو كليب) أو السينما المعاصرة
خامسا: هذا مع اهمالنا ذكر مؤلفين لايزالون يكتبون اعمالا مستغلقة مثل(نييفا وروميرو استيو ورياثا) أو اولئك الذين يقف خلفهم تاريخ طويل من الابداع فان مسرح التسعينيات ينبع من خلال البحث عن لغة ادبية راقية الامر بالطبع لايتعلق بابداع مشهدى مغامر بل بالبحث عن عرض يثير مشاكل حقيقية لايعتمد فقط الكلمة بل يبحث عن تقديم عرض للفعل المباشر مسرحية اوتو تدور احداثها فى قسم بوليس ونظرة الرجل الغامض تدور على شاطئ ودوران تدور احداثها فى صالة جنائزية وبعد المطر تدور فى شرفة ناطحة سحاب شهدت السنوات الاخيرة ايضا انحدارا فى مستوى العروض التى تقدمها الفرق المسرحية التقليدية المعروفة هذا بعكس الازدهار الذى شهده عمل هذه الفرق خلال فترة الانتقال الى الديمقراطية فرقتان منهما قررتا الاتجاه الى مايشبه مسرح المؤلف مثل فرقة الجوغلار التى يديرها البيرت بواديا وفرقة (لاكوادرا) التى يديرها سافادور تافورا استطاع الاول ان يقدم مؤخرا افضل عمل له خلال السنوات الاخيرة بعرض (الحكاية الغربية للدكتور فلويت ومستر بلا) وهى تعكس شخصية خاصة ومتميزة لهذا المسرح ولاتزال هذه الفرقة تتعامل مع المسرح من منطلق الاهتمام بكل تفصيلات العرض واستطاعت هذه الفرقة ان تحصد نجاحات عديدة خلال بداياتها فى اعوام الثمانينيات تلك السنوات التى استطاعت خلالها تثوير بعض النصوص كما فى مسرحية (فاوست) التى طافت العالم من خلال تقديمها فى عدد كبير من المهرجانات العالمية فى النهاية فان اقتراب نهاية القرن يقودنا فى اسبانيا الى اشكال تعبيرية مشهدية جديدة تقطع صلتها تماما مع الماضى القريب وتتوجه نحو اعادة النص الى مكانه الطبيعى فى قلب العرض المسرحى وتعتبره الاداة التعبيرية الاساسية وهذا يبدو فى اسبانيا متسقا مع توجهات المؤلفين فى الدول الاوروبية الاخرى حيث لاتزال الاشكال الجمالية والتشكيلية المتجددة تتجذر فى العرض المسرحى وهذا تكشف عنه الكتابات النقدية المتقدمة التى تتابع هذا الانتاج….
يوليو 10 2010
النقد الادبى المعاصر فى اسبانيا ……. د . روسا نفارو دوران
النقد الادبى المعاصر فى اسبانيا
بقلم : د . روسا نفارو دوران(*)
تنشر فى اسبانيا الكثير من الكتب فى طبعات صغيرة الحجم الى درجة أن المكتبات لاتجد مكانا لعرضها ولاتخزينها لذلك فان عمرهذه الكتب محدود الزمن ولايصبح امام الكتاب الا القليل من الزمن ليعيش على أرفف تلك المكتبات اذا استطاع أن يدخل فى قائمة الكتب الاكثر مبيعا والا فانه محكوم عليه بالاختفاء مع الاف الكتب التى لايتخطى عمرها الطبعة الاولى تلعب الصدفة احيانا أو الاحاديث بين الاصدقاء وبشكل خاص النقد فى اطالة عمر بعض الكتب الا أن الاعلان يعتبر الطريقة الاكيدة فى انتشار الكتاب لكن الاعلان عادة يتم بالنسبة للكتب التى يكتبها مؤلفون معروفون مسبقا أو الجوائز الادبية التى تعتبر نوعامن الاستثمار ذى العائد المضمون هنايمكن الحديث عن نوعين من النقد: من ناحية هناك النقد المرتبط بالقراءة أو المرتبط بتاريخ الادب والذى يجد مكانه عادة فى المجلات الادبية المتخصصة والتى تتوجه الى جمهور اكاديمى والقليل من هذا النوع من النقد يجد مكانا له فى مطبوعة واسعة الانتشار كالصحف ومن ناحيةاخرى اخرى هناك النقد الذى يقيم العمل الابداعى ويجد طريقه للنشر فى الصحف اليومية مابين هذا النوع وذاك هناك مساحة صغيرة تتمثل فى المجلات الادبية شبه المتخصصة مثل مجلات ماذا تقرأ أو لاتيرال التى تقترب من النشر الواسع الانتشار والتى تقدم عادة عروضا للجديد من الكتب المنشورة الى جانب مقالاتنقد تحليلى عروض الكتب تعتبر افضل طرق تقديم الكتاب الى القارئ وبشكل خاص العروض التى تنشرها ملاحق الصحف اليومية مثل بابيليا التى تصدر مع صحيفة الباييس التى تعبر عن صوت وسط اليسار أو الملحق الثقافى الذى يصدر مع عدد يوم الجمعة لصحيفة (أ، ب، ث) اليمينية والمثير حقا أن هذا الملحق على رغم يمينيته يكتب فيه كتاب معرفون ينتمون الى اتجاهات عديدة ويكتبون عادة عن كتب تصدر عن مختلف دور النشر بالطبع مع استثناء الكتب الصادرة عن دور نشر صغيرة محدودة
لآن مثل هذه الكتب لاتجد لها مكانا فى تلك المساحة لان الكتابة عن الكتب الصادرة حديثا مرتبطة بالاعلان عنها فى تلك الصحف ودور النشر الصغيرة لاتملك المال الكافى لهذا فان قوة دار النشر تلعب دورا فى مدى انتشار كتاب عن اخر بغض النظر عن قيمتة لان عرض الكتاب يدخل فى لعبة المال الناتج عن الاعلان فى تلك الصحيفة وهذا يمكن أن يؤثر على توجه القارئ فى شراء مايرغب فى قراءته لانه يشترى تحت تأثير مايكتبه النقاد فى تلك الصحف لذلك ان نجاح بعض دور النشر يعود الى ارتباطها بمؤسسات نشر تملك صحفا يومية كما هو الحال بالنسبة لدار نشر الفاغوارا مما يجعل الاعلان عن كتبها يظهر بشكل مكثف عملية النشر وبالتالى الشهرة تتركز حول الرواية كنوع ادبى مطلوب وله قراؤه والقليل من كتب النقد النظرى يمكنها أن تحظى باهتمام دور النشر مثل ماتحظى به الرواية اما الكتابة المسرحية فانها مرتبطة بعرضها على خشبة المسرح ولها مكانها فى التبويب الصحفى ونقدها مرتبط بالعرض وله علاقة بعمليات الاخراج المسرحى والموسيقى وغيرها من الادوات التى يستخدمها المسرح فى العرض اما الشعرفانه اكثر انواع الادب هامشية فى عمليات النشر رغم نجاح العديد من الكتب الصغيرة الحجم والرخيصة الثمن التى تجد طريقها الى القارئ لانهاتجد ايضا لها مكانا فى الملحق الادبى الاسبوعى لصحيفة ا،ب،ث الذى يوجد به ناقد خاص بالشعر والنقد يتعامل مع هذه النوعية من الكتب بشكل خاص والاهتمام يزداد اذا كان العمل مؤلفة شاعر معروف فى وسائل الاعلام العامة كما حدث مؤخرا مع كتاب كراسة نيويورك للشاعر خوسيه ييرو حيث بدأ الناقد ميغيل غارثيا بوسادا مقاله فى ملحق البايس يوم 16ايار مايو الماضى بالاشارة الى الكتب المتعددة التى نشرها الشاعر قبل ذلك ليقدمه ككاتب له انتاجة الابداعى اى أن هذا العمل ليس الاول من نوعه للشاعر وفعل هذا أيضا فيكتور غارثيا دى لاكونتشا عند تقديمه للشاعر خوسيه ييرو فقال (نحن هنا امام كتاب من كتب الشعر الكبرى لآن اعمال خوسيه ييرو الكاملة تعتبر انجازا هاما فى مجموع الشعر الغنائى الاسبانى النقد فى الوقت الحالى قد يكون مجمعا لى اهمية هذا الكتاب الجديد للشاعر خوسيه ييرو مما يدفع القارئ الى التفكير فى انه سوف يشترى كتابا يعتبر جزءا من الذاكرة الابداعية لاسبانيا موضوعية النقد مشكوك فيها فى بعض الاحيان مثلا رواية كوميديا خفيفة الاخيرة للكاتب ادواردو ميندوثا تم عرضها بشكل مثير من جانب عدد من النقاد الاذكياء المعروفين وكان النقد الايجابى الى جانب شهرة الكاتب سببا فى انتشار ونجاح هذه الرواية ليس فى اسبانيا فقط بل فى عدد من الدول الاوربية الاخرى مثل فرنسا ولكن علينا أن ننتظر موقف الزمن من هذه الرواية
الذى سوف يكشف لنا حتما عن انها رواية متوسطة القيمة وليست من اعمال الكاتب ذات القيمة الادبية الكبيرة ونعتمد فى ابداء رأينا هذا على نظرة متعمقة للرواية فنكتشف مدى فقر لغتها فالكاتب يكرر استخدام افعال معينة تفتقد الى الجمالية والشخصيات فى الرواية شخصيات باهتة متصلبة تفتقد الى الحركة والمناخ العام غير مترابط مما يجعل هذه الرواية اقرب الى الاعمال الدعائية ويبدو الكاتب واعيا بمناطق الضعف فىروايته ومع ذلك يظل سائرا فىطريقة دون أن يحاول أن يكثفها لينطلق بها فى عالمه الروائى المعروف ترى هل هذا خطأ من جانب الناقد الذى لم يكتشف هذه المناطق أم أنها مصالح مرتبطة بمصالح النشر؟ أم أنه تأثيره شهرة الكاتب على النقاد الذين عرضوا لروايته ؟ قراءة رؤية عدة نقاد لعمل روائى واحد يعتبر من افضل الاعمال الروائية التى اثارت الاهتمام خلال الفترة الاخيرة وهى رواية الظهر الاسود للزمن الروائى المعروف خافيير مارياس يثير لدى القارئ نوعا من النقد تجاه النقاد أنفسهم فنجد الناقد الجاد ريكا ردو سينابرى المعروف عنه معرفته الواسعة باللغة الاسبانية يشير الى مدى صعوبة تصنيف هذا العمل على أنه رواية فيقول: (هذه ليست رواية الا اذا طبقنا عليها معنى موسعا لما تعنيه كلمة رواية لكن هذا العمل يتضمن صفحات تعكس قصا روائيا وحدثا محددا وشخصيات وهذا العمل ليس نوعا من انواع الدراسات على رغم أنه يتضمن مايربطه بهذه النوعية من الكتب لانه يتضمن اشارات ومراجع ويحكم فى النهاية على عمل الكاتب بقولة: (يجب الاعتراف بمدى قدرة المؤلف على كتابة كتاب مثل هذا وان كانت النتيجة جاءت بأقل مما كان يطمح اليه الكاتب التحليل الذى توصل اليه الناقد حول هذا العمل ينتهى به فى النهاية الى الاشارة الى أن النتيجة محيرة ولاتوصل خطابا محددا وفى اخر مقطع من مقاله يلخص الناقد رؤيته لهذه الرواية المنتحلة فيقول: التردد لتعبيرى يمزق قصة مكتوبة جيدا ولكنها تفتقد الى التواصل ولاتهم احدا غير الكاتب والمدافعين عنه فلا زالت ظلال روايته كل الارواح تلقى بنفسها على صفحات عديدة من العمل الذى بين أيدينا وفى 16ايار مايو الماضى كتب الناقد اجناثيو اتشيفاريا مايمكن اعتباره حكما نهائيا على تلك الرواية التى وصفها بأنها حكاية رواية تحدى شخصى وصعلكة روائية وألا عيب أدبية ومراجعات نقدية ونرجسية شخصية ونوع من تصفية الحسابات المريرة وأشار فى مقاله الى ثرفانتيس وستيرن كسابقين على المؤلف فى هذه النوعية من الكتابة ولكنهم متقدمون عنه بمئات السنين الضوئية ويشير الى الكاتب بقولة: (مارياس يعود من جديد الى أفكاره الخاصة المتسلطة على عقله ويحاول خلق موازاة لكتب يشير اليها فى كتاباته منها كتابات سابقة عليه بعضها روايات وبعضها الاخر عبارة عن دراسات وذلك للتأكيد على خطاب مرتبك ويؤكد على خاصية طريقته فى الكتابة بل يتخلى الناقد عن رأيه فى الكاتب بقولة: (ان الكاتب هنا ليس سوى مراة ) وهنا يؤكد الناقد على نرجسية المؤلف وهو امر يمكننا أن نستطلعه من خلال قراءة النقد الذى يعرض لرواية الكاتب لآن الناقد يرى أن: (أنها مراة تبدو فيها الشخصيات شبيحية ومليئة بمساحات من الضوء والظلال غير معبرة بشكل دائم وخلالها يمكن رؤية الوجه الهارب للكاتب ممايجعلنا نؤكد أنه نفسه يتحول الى رواية انهما ناقدان معروفان مجبران على تناول عمل روائى ليست له صلة بالرواية ولكنهما يتناولاه بسبب التزامهما بممارسة النقد الادبى ولآن المؤلف أحد أفضل الاصوات فى المشهد الادبى المعاصر ليس فى اسبانيا فقط بل فى اوروبا كلها بحث الناقد أن فى هذا الكتاب الجديد عن عمل مخنلف كان يمكن أن يفتح لنا المجال لرؤية نوع أدبى جديد لكن يبدو أن الكاتب خدع النقاد وخدع نفسه هناك بالطبع اعمال مهمة ظلت فى الظل لآنها صدرت عن دور النشر صغيرة لاتملك القوة التى تدفع بنقاد معروفين للكتابة عنها سواء بسبب مصالح مالية أو غيرها من المصالح بينما هناك اعمال تعتبر متوسطة القيمة يمكنها أن تصبح واسعة الانتشار لصدورها عن دور نشر كبرى الا أن بعض البصيرة الناقدة والنافذة يمكن أن تكشف من وقت لاخر عن أعمال تستحق التعريف بها……
بواسطة admin • 02-ملف العدد • 0 • الوسوم : العدد الرابع, روسا نفارو دوران