ديسمبر 15 2011
الحاسوب وانتهاء عصر هوليود د. نبيل سليم
الحاسوب وانتهاء عصر هوليود د. نبيل سليم
انتهى زمن النجوم وتنفس منتجو السينما الصعداء بعد ان حل لهم الحاسوب قضية مغالاة النجوم فى أجورهم لكن لم تكن الأجور هى المشكلة الوحيدة بل كان هناك العديد من المشاكل الانتاجية التى تكلف استوديوهات هوليود ملايين الدولارات سنوياً فقط استطاع الحاسوب توفير شخصيات ونجوم أفضل وأرخص عندما نفكر فى المشاهدين الأوائل للسينما ترد إلى الذهن فوراً صورة خاصة حول استجابات الفزع أو الفرح التى كان يعبر عنها هؤلاء المشاهدون فعندما عرض فيلم وصول القطار إلى المحطة الذى قدمه الأخوان لوميير فى فرنسا تراجع العديد منهم إلى الخلف أو صرخوا أو نهضوا وجروا خارجين من الجراند كافية وهى ذلك المكان الذى كان يتم عرض هذا الفيلم فيه وقد استخدمت مثل هذه الاستجابات فى وصف مدى استجابات الجمهور للسينما لكن استجابات الجمهور للسينما الحقيقية ليست هى مجرد الصراخ أو الفزع او الهروب أو الفرح فالمسألة تشتمل على العديد من الاستجابات المعرفية والوجدانية والسلوكية التى حاول العديد من العلماء كل حسب إطاره المعرفي وتوجهاته النظرية أن يفسرها فغن عمليات تقديم الفيلم والتمهيد له من خلال الإعلان عنه وكذلك الموسيقي المصاحبة له وغير ذلك من المؤثرات البصرية والسمعية تعمل على خلق جو خاص من التوقع والترقب وحب الاستطلاع لدى المشاهد ذلك الذى يسعي دائماً لمعرفة ألحداث التالية ونحو الاستمتاع بالمشاهد الحالية أيضاً وكما تكون هناك حاجة غلابة للجدة لإدراك غير المألوف خاصة مع زيادة خصائص الدهشة وكسر التوقعات والإثارة الدائمة للإنفعالات قثم العمل على حلها أو تصريفها أو إحداث التوازن فى التواترات المستثارة ومع إدخال المونتاج وأساليب السرد المركبة تغيرت أساليب الاستجابة للأفلام وتعارضت جماليات سابقة عليها تقوم على أساس التأمل المبتعد أو البعيد Detached Contemplation كما يحدث مثلاً عند التأمل للوحة أو تمثال موجود هناك على الجدران أو فوق قاعدة فى حالة انعزال واكتفاء بذاته لقد اعترفت الأفلام الأولي صراحة بوجود المشاهد واعترف المشاهد بوجودها وتم العمل مع تقدم فن السينما وتقنياتها على الاهتمام الدائم بإثارة خيال المشاهد وكذلك حب استطلاعه وانفعالاته وعلى غكمال هذه الحالات من خلال زيادة جاذبية ألفلام والتلاعب بعناصر الصوت والصورة والقصة وغير ذلك من المكونات. إن عمليات استثارة حب الاستطلاع والرغبة فى الجدة والجديد وكل ما هو جذاب وممتع ومثير للوجدان والخيال تقوم على أساس مفهوم قريب مما أسماه القديس أوجسطين فى أوائل القرن الخامس عشر باسم الفضول أو حب الاستطلاع curisitas وذلك خلال تصنيفه لما أسماه شهود الأعين The Lust Eyes ففى مقابل تلك المتعة البصرية المرتبطة أو التى تتعلق بالجمال فإن الفضول فى رأيه يتحاشي الجمال ويذهب خلف نقيضه تماماً من اجل لذة الاكتشاف والمعرفة فيجتذب الفضول المشاهد نحو المناظر غير المالوفة وغير الجميلة أيضاً إنه قد يتجه هذا المشاهد مثلاً نحو جثة مشوهة أو مبتورة الأطراف فى مقابل ذلك السعي الآخر نحو الجميل والمكتمل ولا يؤدى حب الاستطلاع أو الفضول فقط كما أشار أوجسطين إلى الافتتان أو الإعجاب الشديد بما نري فقط وتدركه الحواس على نحو مباشر بل تصاحبه أيضاً رغبة تؤدى بصاحبها إلى الاهتمام بتلك التحولات والحالات الخاصة المصاحبة للعلم أو السحر فهذا الانجذاب نحو الكريه والمنفر والمثير للخوف والاشمئزاز كان هو ما يقف فى راى أجسطين وراءه هذا الدافع المثير للشك وغير المرغوب لأسباب دينية طبعاً والمسمي حب الاستطلاع العقلي الذى ربطه فرويد واتباعه بعد ذلك بحالات التلصص والفضول الجنسي وربط برلين بينه وبين عمليات التفضيل الجمالي وربط توم جيننجز بينه وبين الجاذبية المتعلقة بالسينما خاصة فى جوانبها غير المثيرة للاسترخاء أو الراحة لقد تطور الانجذاب الجمالي بالنسبة إلى العديد من ألفلام على نحو مناقض تماماً لفكرة التوحد الخاصة بمتعة النظر من خلال التامل للجميل ذلك الجالس أو المقيم او الموجود هناك بعيداً وكل عروض العجائب والسخرية والغرائب فى القرون الماضية كانت تصاحبها معلومات شارحة لهذه الكائنات العجيبة من البشر أو الحيوانات أو النباتات السينما الحديثة واشباع الانفعالات وعلى نفس الشاكلة تعهتم السينما بالعقارب المفترسة والنمل الكبير والفيضانات والزلازل والجرائم وافلام العصابات والقصص البوليسية والخيال العلمي والكائنات الغريبة والحيوانات الضارية وكل ما من شأنه أن يثير حب الاستطلاع والخوف والترقب والتوتر والتوجس أولاً ثم التخفف الراحة والتوازن بعد ذلك وتستعين السينما بعمليات تجسيم الصوت الحديث والموسيقي وكذلك البعد الثالث المرتبط بتجسيم الصورة وغير ذلك من المؤثرات ومن أجل وضع المشاهد هنا فى قلب الأحداث لقد أصبح الفيلم كما سماه كراكوير KRA Couer عملاً فنياً كلياً من المؤثرات عملاً يحاول ان يهاجم كل حاسة من حواسنا باستخدام كل الوسائل الممكنة إن الاشباع المفاجئ للانفعالات والأفكار الذى يتحقق فى السينما الحديثة إنما يكشف عن تفكك أو تشظي خبرة الإنسان الحديث فالحاجة الغلابة للإثارة وكذلك المشهدية الكاملة لكل انواع المثيرات البصرية والسمعية والشمية إلخ هى الشكل الحديث لحب الاستطلاع القديم الذى سعى وراء الغامض والغريب والخفي فى عالم يشعر فيه الإنسان بانه فقد او يفتقد أشياء كثيرة كانت ترتبط بالجماليات القديمة جماليات التأمل والاسترخاء إن قيمة السينما إنما تكمن الآن كما يشير العديد من النقاد والمنظرين لهذا الفن فى عرضها لهذا الافتقاد الجوهري للتماسك الذى يعاني منه الإنسان الأن ويكمن جمال السينما كذلك فى أنها تعرض هذا الفقدان وتعرض معه أيضاً حالة من الاستعادة له ولذاك نلاحظ أن العديد من الأفلام الحديثة التى تعرضها السينما ألمريكية مثلاً تقدم هذه المشاهد الهائلة الخاصة بالبراكين كما فى فيلم البركان أو أحداث العنف الهائلة مثل فيلم CON – AIR الذى ترجم تجارياً باسم هروب الأشرار لكنها تقدم معها لمسة إنسانية بسيطة مرهفة شديدة الرقة والحساسية تتمثل فى قصة حب تكتمل مع نهاية الفيم أو حكاية طفل ينقذ أو أسرة مفككة تستعيد تكاملها وهكذا إذن هذه الحداثة فى التكنيك تصاحبها أيضاً عملية استعادة ضمنية للثقافة التقليدية والفن التقليدي ولعمليات التأمل الجمالي ولحالات الاكتمال التى هى نقيض التفكك الذى يستثير حب الاستطلاع كما إن مظاهر الرعب التى نواجهها على شاشة السينما تفوق ردود الفعال الجسيمة البسيطة التى توجد لدينا خلال خبرة المشاهدة الفعلية لها لكنها تماثل كذلك العديد من مظاهر الرعب التى قد تواجهنا فى شوارع المدن الحديثة حيث السيارات المندفعة والموت الذى يكاد يطال كل إنسان وهذه الخبرة الخاصة بالمشاهدة ذات الطبيعة المزدوجة من حيث أنها تشبه الحياة لكنها ليست الحياة تحول الصور الساكنة إلى إيهام متحرك إيهام تلعب فيه الدهشة والفضول والمعرفة الحقيقية أدواراً مهمة ويستمد من خلال ذلك كله ومعه نوع خاص من المتعة الناتجة عن ذلك التخفف من التوتر الناشئ وكذلك التراوح بين الصدمة وإثارتها نتيجة الإيهام بالخطر والبهجة وحدوثها نتيجة للتعرف على أن الأمر كله مجرد إيهام ممتع وخيال يوشك أن يكون كاملاً وقد وصف لوتون LOWTEN عام 1992 الأسلاوب الجديد بأنه يعطي انطباعاً خاصاً بأن الأفلام التى تقدم الأن أفلام متحررة من الأسلوب أى طبيعية وغن ذلك يتم من خلال الكاميرا أو الصورة والميكروفون الصوت فى المكان المناسب وفى اللحظة المناسبة بحيث يلتقط ما هو جوهري ومناسب بالنسبة لحبكة الفيلم ومن أفضل الزوايا الممكنة و تسمح الكاميرا أو التقنيات السينمائية الخيالية بالتعاطف أو التقمص مع ما يحدث أمامنا على الشاشة ويكون هذا ممكناً من خلال ذلك الشعور الخاص بأننا نرى دون أن نري ونلاحظ دون أن ي قوم أحد بملاحظتنا ويسمح هذا بظهور حدوث درجة عالية من الحرية الخاصة فى الفهم والانفعال فغن ما يفعله المبدعون فى السينما هنا هو أنهم يختارون جدياً تلك الخبرات المكثفة وتلك الفترات أو المراحل غير العادية وغير المألوفة من الانفعال وبشكل نادراً ما نجده فى الحياة ولعل ذلك يتجلي أوضح ما يكون التجلي فى العديد من أفلام الإثارة والعنف والرعب والمغامرات التى يفضلها العديد من الناس عبر العالم فلماذا يفضل هؤلاء الناس مثل هذه النوعيات من الأفلام؟ إن نماذج معالجة المعلومات وهى السمة السائدة الآن فى مجال علم النفس المعرفي عامة وسيكولوجية الفنون خاصة قد اهتمت بدراسة ردود الأفعال والاستجابات التى يصدرها الأفراد عندما يشاهدون أحداثاً مشحونة بالطاقة الانفعالية وأنها حاولت تفسير هذه الاستجابات من خلال مفاهيم جديدة لكنها تقوم فى جوهرها على أساس فكرة التطهر والتقمص أو التعاطف كما طرحها أرسطو أو ليبس فأصحابها يقولون إن هذه العملية عملية معرفية أكثر منها عملية انفعالية وهنا نلاحظ انقساماً كبيراً بين هؤلاء العلماء ما بين التأكيد على الانفعال أو التأكيد على المعرفة فى حين أننا نرى أن هذه القسمة للاستجابات الجمالية قسمة مفتعلة ذلك لأن استجاباتنا للأعمال الجمالية عامة والفنية خاصة استجابة تتراوح دوماً وبدرجات متفاوتة بين ألإدراك والفهم والذاكرة والخيال والتوقع وهى عمليات معرفية وبين الفرح أو الحزن أو الغضب إلخ وهى استجابات انفعالية السينما الحديثة مصدر للمعلومات يتجلى هذا المر على نحو خاص فى تلك الدراسات الحديثة التى اهتمت بتفسير استجابات الناس لأفلام السينما وهى الدراسات التى وصلت الآن إلى نوع من الاتفاق النسبي على أن ظاهرة التقمص هذه ظاهرة متعددة الأبعاد فهى تشتمل على جوانب انفعالية وجوانب معرفية وجوانب دافعية وبدرجات متفاوتة فقد نظر لازاروس LAZARUS إلى عملية التقمص على أنها تتعلق بقدرة المرء على أن يشارك الآخرين انفعالاتهم ووفقاًَ له فإن دور التقمص فيما يتعلق بالاستجابة لأفلام الرعب هو دور متعدد ألأبعاد ويشتمل على عمليات سابقة أى عملية المشاهدة خاصة بالشخص والبيئة وعلى عمليات وسيطة تنشط خلال عملية المشاهدة هذه ثم على عمليات لاحقة لها وتتفاعل كل هذه العمليات معاً كى تكون خبرة التقمص الفعلية فالعوامل الخاصة بشخصية المرء عمره أو نوعه أو ثقافته أو سماته إلخ تتفاعل مع عوامل موقفية (مضمون الفيلم) وتؤدى إلى تقييم خاص على أساس المعرفة والانفعال وينتج عنه فى النهاية محصلة أو ش عور أو حالة معينة كالشعور بالخوف أو التهديد أو الإهانة أو الخطر أو غير ذلك من المشاعر المصاحبة لعملية المشاهدة لهذه الأفلام. وهذه النتيجة الخاصة التى تقوم بتقييم معين لما يحدث أمامنا على الشاشة هى عملية معرفية وسيطة تحدد كل الاستجابات التى تحدث فى أثناء هذه المشاهدة او بعدها والتى قد تشمل أساليب مواجهة مثل الإنكار أو الابتعاد أو التحاشي أو عدم مواصلة المشاهدة أو التهكم والشعور بالاستعلاء على ما يحدث أمامنا والاستنكار له كذلك تلك الاستجابات الانفعالية التى قد تستمل على القلق أو الضحك الممزوج بالخوف أو الشعور بالمتعة وحب الاستطلاع والرغبة فى المواصلة إن تذوق المثيرات المخيفة والمثيرة للرعب والكئيبة على نحو غير سوى أى تفضيلها ليس شيئاً جديداً الوسائط فقط هى التى تغيرت فالمشاهدون لحلبات المصارعة أو لعمليات تنفيذ احكام الإعداد فى الساحات العامة لدى الرومان أو غيرهم لم يكونوا يعتبرون ما يشعرون به من إثارة ومتعة أمراً مرضياً أو غير عادي ولم يكتب أى مفكر روماني بارز أى مقالة يتساءل خلالها عن السبب الذى كان يجعل الناس يستمعون وهم يشاهدون الحيوانات الضارية تفترس أخوتهم من البشر وقد عادت أساطير الوحوش والكائنات المخيفة المنظورة أو غير المنظورة التى سادت التفكير الإنساني فى مراحله البدائية على نحو خاص تتجول الآن وتتجسد على نحو حر وممتع من خلال وسائل تكنولوجية حديثة كالسينما والتليفزيون لقد قالت بعض الدراسات أن الدافع السابق الخاص بالميل نحو مشاهدة أفلام الرعب والعنف يتعلق بتكوين أساليب مواجهة Coping Styles مناسبة تجعل الإنسان يسيطر ولو من خلال التخييل على مظاهر الخوف التى لا يستطيع ان يسيطر عليها فى الواقع ثم غنه كما يقولون يستطيع أن يمتد بأساليب المواجهة التخيلية هذه إلى عالم الواقع فيواجه مخاوفه الخاصة المرتبطة بهذا الواقع ويحاول جاهداً أن يسيطر عليها لكن عمليات المشاهدة لهذه ألفلام لا ترتبط فقط بتكوين أساليب مواجهة للخوف إنها ترتبط كذلك بالحصول على متعة خاصة بها موجودة بداخلها أو متأصلة فيها وهذه المتعة قد ترتبط بعمليات تنشيط الخيال وكذلك إثارة التوقعات ومتابعة الأحداث والوصول إلى نوع معين من الفهم ومن ثم تكون هناك متعة معرفية مرتبطة بهذه الأفلام فأفلام الخيال العلمي أو الأفلام البوليسية قد تزود المرء بعدد كبير من المعلومات وأساليب التفكير أفلام شرلوك هولمز مثلاً كما أن عمليات استبعاد المشاعر العنيفة والانفعالات المخيفة قد تؤدى إلى عكسها الا وهو الشعور بالمتعة والارتياح أيضاً وكلما كلن الشحن الانفعالي أو الاثارة الانفعالية أكبر وأقوى كان الشعور بالمتعة أو الارتياح الذى يعقبها أكبر وأقوى إن كان الفيلم مقنعاً كما أشار فريدجا Fridga سواء أكان من أفلام الإثارة أم لا سينظر إليه الملتقى على أنه يتعلق بأحداث حقيقية تحدث فى عالم خيالي إن الملتقى هنا سيميل إلى استبعاد العناصر غير الخيالية أو غير المقنعة فى الفيلم ويميل إلى الاندماج فى حالة خاصة من التعليق لعدم تصديقه لها Suspending disbelief وكلما كان الفيلم مقنعاً كان قد تم انتاجه جيداً وتم الاهتمام بكل تفصايله ومال الملتقى إلى عدم التفكير فى الجوانب غير الواقعية او الخيالية منه وكان الاستمتاع به أكبر سواء اكان المضمون الذى يحمله الفيلم مخيفاً أم لا أم تسوكرمان M.ZUCKERMAN فقد ربط بين هذا الميل نحو التفضيل لأفلام الرعب وأفلام الإثارة الجنسية كذلك وبين سمة البحث عن التنبيه الحسي او الإثارة الحسية Sensation seeking والتى عرفها على أنها سمة تتجلي فى البحث عن المتنوع والجديد والمركب وعن الاحساسات والخبرات القوية والمكثفة وكذلك الرغبة فى القيام بمخاطرات جسيمة واجتماعية وقانونية ومالية من اجل الوصول إلى مثل هذه الخبرات والاحساسات الرعب والتشويق من سمات التفضيل وتشمل الحياة على عديد من السلوكيات الدالة على وجود مثل هذه السمة ومن ذلك مثلاً تسلق الجبال والغطس تحت الماء والمشاركة فى ألعاب رياضية عنيفة والمضاربة فى البورصة والمقامرة والحفلات الصاخبة ومشاهدة مصارعة الثيران وغير ذلك من سلوكيات البحث عن افثارة الحسية التى تعد عمليات مشاهدة افلام العنف والرعب والإثارة من بينها وهناك امثلة عديدة على هذه السمة فى عديد من مظاهر السلوك الفنية أو غير الفنية ولنضرب مثلاً على ذلك وهو Whotlias Panaeth بمعنى الحقيقة الخفية التى تدور أحداثة حول د. نورمان سبنسر الذى يقوم بدوره الممثل هارسون فورد وزوجته كلير سبنسر التى تقوم بدوررها الممثلة ميشيل فايفر وقد مضى عام على خيانة د . نورمان لزوجته الجميلة كلير ومع ذلك تبدو حياتهما طبيعية فكلير عازفة فى فرقة موسيقية ولها ابنة تدعى كاترين تعتني بها عناية فائقة وذات يوم عندما تركت المنزل لتلتحق بالجامعة شعرت وكأن السجادة تنسحب من تحت قدميها ثم بدات تسمع أصواتاً غامضة وترى شبح امرأة فى المنزل وتحاول اقناع نفسها بأن ما يحدث ليس إلا تخيلات ولكن عندما زادت هذه الأحداث أخبرت زوجها الذى اخبرها بأن هذا مجرد وهم وتخيلات ولأنه عالم فهو لا ؤن بالأشباح فبدأت هى تشك فى قدرتها العقلية إلا أنها تحاول اكتشاف الحقيقة وأن تقنع نفسها بأن هذه الأشياء حقيقية وليست خيالاً وأنها موجودة فعلاً داخل المنزل وتستمر الأحداث فى مشاهد الفيلم من الرعب إلى التشويق. لقد تم تصوير هذا الفيلم فى نيوإنجلاند وتم بناء المنزل الذى تقع فيه الأحداث على ضفاف بحيرة شامبلان وكذلك المنزل المجاور له والمرسي الخشبي الذى يصل بين المنزل والماء كما تم ب ناء منزل مطابق له من الداخل وتم غخراجه فى استوديوهات لوس أنجلوس ويقول المخرج: لقد تخيلت ما يمكن أن يفعله المخرج الراحل هيتشكوك لو كان مازال حياً بيننا ولديه كل تلك الأجهزة العصرية من حواسيب وأجهزة رقمية وجرافيك. ومن الأفلام التى أنتجت أيضاً هذا العام فيلم X-Men أو الرجال إكس وهو من أفلام الخيال العلمي حيث يستعرض العنصرية والاضطهاد فى اطار سياسي كوميدي من خلال المغامرات مع كائنات متفوقة على القدرات البشرية والبيئة السياسية والاجتماعية فى عالم مستقبله غريب وهذا الصراع بين الخير والشر ومحاولة ايجاد وضع وسط مفيد لكل الأطراف وهو مفهوم فلسفي يثير الشقاق بين كل الأطراف فى نفس الوقت وتدور أحداث الفيلم حول مجموعة من الأشخاص كل منهم له قدرة خاصة تميزه منهم سابكلويس جيمس مارسون الذى تصدر عيناه أشعة لها طاقة قوية تستطيع صنع فجوات فى الجبال وجين جراى أو فامك جانسن تتركز قدرته فى التخاطر الذهني أما ستورم هال بري فيمكنه ان يتحكم فى الجو بكل الأشكال وبالرغم من انهم مكروهون من المجتمع لشدة خوف الناس منهم ومعرضون للأخطار من قبل السيناتور روبرت بروس دافيوس وهو سياسي مكلف بمحاربة ألخطار إلا انهم استطاعوا ان يظلوا أحياء فقد تعلموا من الأستاذ شارلز زافيير باتريك سيتورات الذى يمتلك أعلى قوة فى العالم أن يتحكموا فى قواتهم ويوجهونها لصالح الإنسان والخير ويستضيف الأستاذ شارلز اثنين هما ولفرين وهو حاكمان وله قدرات علاجية عالية ومخالب قاتلة ويكسو جسده فراء مثل الحيوانات وروج اناباكين وهى فتاة تستطيع ان تستوعب قوة وذاكرة أى إنسان تلمسه يطلق عليهم الرجال أكس وتبدأ معركتهم مع ماجنتو أيان مكلين وهو أحد أقوياء العالم ومن نفس نوعيتهم إلا انهم يعملون لخير البشرية وهو لا يتواني عن فناء البشر كلهم فى سبيل مصالحه الشخصية وتحقيق ما يريد من اهداف خاصة أيضاً هناك فيلم كيوتي القبيحة Ugly Coyote وهو من أحدث الأفلام الأمريكية التى تنتقد بعنف الواقع الأمريكي بولاية نيويورك حيث العنف والجريمة والصخب الشديد وكيوتي القبيحة فيلم يعرض تفاصيل حياة فتاة متوحشة الطباع فى مدينة اكثر توحشاً فالفتاة فيوليت سانفورد ذات العشرين عاماً التى أصرت على التوجه إلى نيويورك لتحقق حلمها فى كتابة الأغاني كما وعدها البعض فى سبيل ذلك تقبل فيوليت العمل فى إحدى الحانات وهناك تتعرف على فريق غنائي نسائي تحاول أن تنضم إليهن لتؤلف لهن الأغنيات لكنها تجد صعوبة فى ذلك الأمر فهى فى نظرهن مجرد خادمة فى ذلك البار لكن فيوليت تقرر أن تصل إلى هدفها مستخدمة كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة حتى تسقط أخلاقياً وتفقد احترام كل من حولها حتى والدها الذى كان يعقد عليها أملاً كبيراً الفيلم بطولة بيبر بو وماريا وإيزابيلا ميكو وتيبرا بانكس ومن إخراج ديفيد ماكنلي ومن الأفلام العربية التى استطاعت استخدام تقنية الحاسوب وتقديم لغة سينمائية جديدة فيلم المخرج أحمد عاطف عمر 2000 الذى تم عرضه أول مرة فى مهرجان الاسكندرية السينمائي الدولي الأخير فهو فيلم جديد فى جديد مخرجة جديد على السينما العربية الروائية وإن كان سبق له أن اخرج عدداً من الأفلام القصيرة كما أن موضوع الفيلم أيضاً جديد أما لغة السينما والسيناريو فهى اكثر من جديدة والطريف أن مخرج الفيلم هو نفسه مؤلف القصة والسيناريو والحوار إنه عاطف ألفين. التكنولوجيا الجديدة مبهرة ورخيصة كان أحمد عاطف قد نشر فى الصحف بياناً بمناسبة عرض فيلم عمر 2000 لأول مرة فى مهرجان الإسكندرية قال فيه إننى أسعي إلى سينما تهتم بروح الإنسان وعقله أكثر مما تهتم بغرائزه سينما تضحك معه لا تضحك عليه تناقش إحباطاته وتساعده على الخروج منها ولا تمارس الخداع بتصوير الحياة بسيطة والواقع وردياً باستخدام أحدث ما فى العصر من تقنيات علمية لخدمة العمل السينمائي فلم يكن الواقع فى أى مرحلة من مراحل التاريخ وردياً ولكن كما أن هناك دائماً من يكذبون فإن هناك دائماً من يقولون الحقيقة أو يحاولون قولها وأملي أن أكون ومعى فريق فيلم عمر 2000 من هؤلاء وفى مكان آخر من بيان المخرج قال لقد اعتاد الجمهور أن يتناول الوجبات الفاسدة وادمنها وهو فى عمر 2000 يحاول أن يقدم لوجبة طازجة مفيدة مدركاً تماماً أنه من أجل تحقيق ذلك يحتاج إلى أساليب جديدة ورؤى متطورة للتعبير عن عالمنا المعقد فمن غير المعقول أن يستخدم كاتب مفكر لغة تلميذ السنة الأولي الابتدائية للتعبير عن افكاره فالحاجة إلى سينما جديدة فى مصر والوطن العربي ضرورة حتمية لا بد منها من أجل هدف محدد هو الوصول إلى المتلقي وليس الإبحار عنه وعمر هو النجم الشاب خالد النبوي الذى يفاجأ بظهور شعيرات بيضاء فى رأسه وهو على شفا الثلاثين من عمره فيصاب بالذعر ويسمع صوت ضميره يدق له ناقوس الخطر إنك لم تحقق شيئاً نصف حب ونصف نجاح كل شيء لم تعبر نصفه وليس هناك ما يؤكد انك ستنال النصف الآخر وماذا بعد؟ هل ستترك أحلامك وطموحاتك تحبط فى هذا البلد؟ هكذا يأخذ القرار إن الحلم الأمريكي يناديه وعليه أن يلبي يروي الفيلم هذه المقدمة القصيرة لكن كيف قرر أن يعيش عمر الثلاثين يوماً الباقية على السفر لقد انطلق ليرى الحياة بأسلوب آخر ويمنح نفسه فرصة التعبير وبأسلوب تقني مبتكر وسريع الإيقاع جديد الرؤية ساخر الفكر تتوالي الأحداث والشخصيات التى يلتقى بها عمر شخصيات من بيئات وثقافات مختلفة نبتت وسط مجتمعات متباينة أحياناً هم احياء يعيشون فى المقابر واحياناً هن مثقفات درسن بالجامعة الأمريكية وفى أحيان ثالثة ممن يقسطون حياتهم ليعيشوا حتى يبيعوا ملابسهم ويترك هؤلاء رغم الاختلاف النمطي ردود أفعال متباينة ومتوالية على عمر لقد نجح خالد النبوي فى التعبير بقدراته فى الأداء التمثيلي فهو الشخصية المحورية التى تقدم الفعال وتعكس ردود الفعال وتؤثر فى الآخرين وتتأثر بهم حتى يشعر بتأثره الأعظم وهو حبه الأكيد الذى يربطه بأرضه وناسه وبلاده إلى أن يلتقي بخبر رفض سفره إلى أرض الحلم الأمريكي من سفارة الأحلام ليعكس سعادته من الداخل وكأنه يقول: الحمد لله وقد نجح أيضاً فى التعبير عن انطلاقته وعن اختلاف أحاسيسه كلما اقترب من موعد سفره لتحقيق أحلامه فى أرض الأحلام ونجح كذلك فى تقمص شخصيته الجديدة التى انهي بها الفيلم وقد أصبح كهلاً حليق الرأس يعكس صوته المتهدج المضطرب ضعفاً لا يخلو من بقايا تمرد كما لمعت الممثلة منى زكى فى شخصية جديدة تماماً ليس عليها فقط ولكن على السينما المصرية إنها بيبو الفتاة التى داسوها تحت عجلات سياراتهم خطأ ثم دفنوها قبل أن يتأكدوا من موتها تأكيداً لعبثهم وعبث الحياة لكن حياتها تستمر بين القبور بمرح وانطلاق من تحيا حياة وردية وقد جسدت منى الشخصية بأسلوب يمتلئ بالسخرية والبهجة فى نفس الوقت وبساطة وعفوية تؤكد قدراتها ومواهبها فى الأداء التمثيلي وقد ش ارك تصوير سعيد الشيمي المبتكر دائماً وموسيقي هشام نزيه ومونتاج منى ربيع فى صنع تلك اللغة السينمائية الجديدة التى قدم ب ها المخرج أحمد عاطف فيلمه هذا ولا شك أن الشركة المنتجة التى أقدمت على انتاج هذا الفيلم بتقنيات جديدة وبلغة عصرية جديدة وبمخرج جديد وبعيداً عن الأساليب المعروفة لشباك التذاكر تستحق أن نرفع لها القبعة على هذه الجرأة المدروسة الواعية ورغم كل هذا النجاح للممثلين والنجوم إلا أن مشاكل النجوم لم تنته وهى تسبب كثيراً من العوائق أمام إنجاز الأعمال السينمائية والفنية الكبيرة والعملاقة ومن هذه المشاكل مثلاً تأخر النجوم عن الوصول إلى مواقع التصوير وتأجيل العمل عدة أيام بسبب مزاج النجوم والنجمات غير الرايق أحياناً بالاضافة إلى مشاكل النجوم العاطفية والصحية التى تؤثر على العمل بطريقة أو باخرى الحاسوب أنهى هذه المشاكل حيث نجح فى خلق نجوم من صنعه أطلق عليها اسم سايبر CYBERSTARS فهذه الشخصيات نجحت برامج الحاسوب فى تكوينها وتحريكها وتصويرها وانتاج أفلام أقل تكلفة بواسطتها والتخلص من النجوم الآدميين ومشاكلهم واهمها كما تقول مصادر هوليوود تعاطي المخدرات والنجم سايبر لا يتأخر عن عمله أو موعد التصوير ولا يغضب عندما لا يجد نوع المياه المعدنية التى يفضلها ولا يفرض شروطه على إدارة الانتاج ولا يفرض النجم مثلاً على المخرج نجمة معينة تمثل أمامه وقد حذرت استوديوهات هوليوود النجوم بانها قد تتحول إلى تلك التكنولوجيا الجديدة المبهرة والرخيصة التى أنتجت بالفعل فيلماً سينمائياً جيداً يثير الخيال ويمتع العين ويخاطب أحاسيس الجمال وهو فيلم الفانتازيا الأخيرة كما نجح اليابانيون فى انتاج فيلم كامل بهذه الطريقة الجديدة دون الاستعانة بالنجوم البشريين وتسمي هذه الطريقة باسم الصور المخلقة عن طريق الحاسوب Computer Generated Images لقد اوضح أحد العاملين فى هوليود أن التقنية الجديدة لا تهدد نجوم الدرجة الأولى وحدهم بل تمتد إلى نجوم الدرجة الثانية الذين يحاولون تقليد الكبار فى طلباتهم والتى لا تنتهي أبداً وأضاف أن المخرجين قد ي عشقون الطريقة الجديدة ويذكر أن فيلم الفانتازيا الأخيرة قد أنتجته شركة سدني وتكلف خمسة وأربعين مليوناً من الجنيهات الاسترلينية وفى حالة اعتمادهم على النجوم البشر كان من الممكن أن تصل تكلفة الانتاج إلى مائة مليون جنيه استرليني أو تزيد ويذكر أن الأسماء الكبيرة مثل توم كروزن وتوم هانكر وهاريسون فورد يتقاضي الواحد منهم خمسة عشر مليون جنيه استرلينياً على الأقل مقابل قيامه بدور البطولة فى فيلم واحد بينما تصل أجور نجوم الدرجة الثانية إلى عشرة ملايين جنيه استرليني ويقوم برنامج الحاسوب برسم الاطار الخارجي للشخصية ثم تملأ الفراغات ويقال أن أصعب شيء فى شخصيات أو نجوم الحاسوب هو تحريك أو إشعال الانفعالات الإنسانية إلا ان الحاسوب نجح أيضاً فى ذلك بدرجة مذهلة كما ان الصورة القريبة ؤلنجوم الحاسوب باجماع المصورين والمخرجين أكثر من مدهشة ورغم الاستغناء عن تمثيل ءالنجوم البشر إلا أن برنامج الحاسوب ما زال فى حاجة إلى أصواتهم وربما تكتفي هوليوود فى المستقبل المنظور بتسجيل أصوات الممثلين باجور زهيدة حيث لن تحتاج إلى ظهور هم على الإطلاق. المراجع: 1. د. شاكر عبد الحميد – التفضيل الجمالي – سلسلة عالم المعرفة – العدد 267 – الكويت 2. د. نبيل سلي م – السينما والكمبيوتر – دار المعرفة الجامعية – ط1 الاسكندرية – 2000م. 3. Krietler. H & Kritler, s (1972), Psychology of the arts: duraham, N,C: Duuke univ. press, 75 4. Portenus, J.P(1999) Envirosnebn TICS: Aerthetics: ideas: polities and PLannoing London: Routledge. 5. Eysenck. H.J. (1998) Aerthetic prethetic prefesences. And individual differences. In: D. O. Hare (ed) psyc hology and the arts. N. N. the Haruester press. 76 – 101.
ديسمبر 17 2011
الماساة بين الواقع والخيال أسامة غانم
الماساة بين الواقع والخيال
قراءة نصية سوسيولوجية لرواية ظلال علي النافذة
أسامة غانم
ظلال علي النافذة
ليس من الممكن أبداً أن نستبعد قيام قراءات نقدية متعددة- قراءة جدلية- قراءة بنيوية- قراءة رمزية- قراءة شكلية- قراءة وجودية- قراءة سوسيلوجية- إلخ في قراءتنا لورزاية (ظلال علي نافذة) لغائب طعمة فرمان ، والبعض من هذه القراءات ستظهر في أثناء تحليلنا للنص الروائي ، والبعض الآخر نشير إليه مجرد إشارة ، وأحياناً قراءتين في ذات اللحظة ، رغم التزامنا بالمنهج النصي – السوسيولوجي ، فعصرنا هذا يخضع ( للرجعين والثوريين ، عصر الخروج الجذري علي المعتقدات السابقة عن المعني والقراءة والنقد الأدبي ، ولابد للمرء أن يعتنق الثورة ، أو أن يدافع عن التقاليد السائد ضدها)(1) ، وعليه يبقي النص – الروائي مغلقاً لجين مجئ الناقد ليفض أسراره ، وليفضح المعني الذي يتولد من القراءات النقدية المتعددة .
لم يحد فرمان في روايته (ظلال علي النافذة) عن تناوله للمجتمع البغدادي ، كما في روايته السابقة جميعها ، ففي هذه الرواية يتناول فرمان حياة عائلة بغدادية ، وما يجري لها من خلال الواقعة التي تصبح ( ماساة العائلة ) ص40، مع تشخيص ردود الأفعال الإنسانية المختلفة لكل واحد منهم تجاه هذه الواقعة الاجتماعية لكل واحد منهم تجاه هذه الواقعة الاجتماعية التي زلزلت بنية تكوينهم ، ومدي عمق الرد ، وما تتركه غي الذات الإنسانية من ألم وتمزق ، مع تبلور موقف واضح ينشأ من الصراع المتفجر مع بدء الأزمة للكشف عن حدة التناقضات الباطنية المغلقة باللامبالاة ، وحين تعرضها لأول صدمة حقيقة تظهر وتبرز بشكل حاد وعار ، وتطفو علي السطح للعيان تاركة عوائقها وراءها .
تبدأ الرواية بفصل تدميري(2) ، وذلك بهروب زوجة الابن الأوسط من الدار الجديدة التي انتقلوا إليها في حي الوشاش ، وتكون الزوجة – حسيبة قطب الجذب والشد في الرواية ، مع كونها مرآة عاكسة بانورامية لما يعتمل في دواخلهم من انفعالات وأفكار وسلوكيات مختلفة متباينة إزاء الموقف الحاصل ، وسيكون هذا الانعكاس متبادلاً معها بطريقة جدلية متشبعة مفتوحة علي كافة الاتجاهات ، ولكن جميعها تدخل نقطة واحدة .
والغياب هو الوحدة الوظيفية الأولي(3) ، في بداية الرواية حيث ( تغيب فجأة إحدي الشخصيات الأساسية غياباً مفاجئاً وقد يترك هذا الغياب ضرراً(4) بالغاً للآخرين ، وستحلق بها وحدة وظيفية ثانية هي البحث عن الغائب – حسيبة ، وتكون بموازاة الوحدة الوظيفية الأولي – الغياب(5) .
وهذا الغياب كان نتيجة هروب حسيبة من الدار لأسباب كما يعزوها الأب عبد الواحد الحاج حسين إلي :
1- زعل واختفاء عن الأنظار .
2- تمرد وعصيان .
3- أم خفة وتصرف أرعن؟) ص10 .
الفقرة الثانية تقترب كثيراً من التحليل الموضوعي الجدلي ، فالمنهجية الجدلية بكونها (معرفة الواقع ليست ممكنة التطبيق إلا من وجهة النظر الطبقية)(6) فلقد حوصرت حسيبة مع مقاطعة علائقية ضمنية داخل الدار رغم أنها تعيش وسطهم بسبب النظرة المتعالية والشعور الشوفيني تجاهها ، وانها دخيلة علي العائلة لأن زواجها تم بطريقة غير مألوفة ، وهي ريفية تركمانية (أنا من قزرباط) ص106 والبعض يعتبرها لقيطة من (أحشاء المجتمع) ص215 ، فهذه النظرة الطبقية خلقت صراعاً اجتماعياً أيديولوجياً محتدماً منذ دخولها للدار ، ولا يزال الصراع مستمراً حتي حين غادرته بصمت ، بل ازداد ليكون صراعاً ضارياً بين أفراد العائلة الذين كانوا يبدون بنية واحدة متماسكة ظاهرياً فقط ، ولكنهم في داخلها متناقضين ، كصورة ورق اللعب :(إن طرفي التناقض يجتمعان مع بعضهما وينظر أحدهما في وجه الآخر وينعكس أحدهما في الآخر ، ويعرفان ويفهمان بعضهما البعض)(7) ، ولكن حسيبة لم تستطع اختراق وضعها بمغادرة الفسحة التي وضعوها فيها ، ولم تستطع أيضاً التفاعل مع الآخرين لأن الآخرين عاملوها كـ”نكرة” وكـ”طارئة” مفروضة عليهم وكـ”بنية” لا تنسجهم معهم ، لذا لم يفسحوا لها موضعاً لائقاً بينهم ، إلا بحدود متوترة تتغذي علي الوهم والشهوة من جانب الأخ الأكبر ، فكانت المعادلة كالتالي بينهما : هي المشجعة علي التغزل بها ، وهو تجتاحه الرغبة في قضمها ، ولم تبين لنا الرواية مدي عمق العلاقة بينهما ولا إلي أين وصلت !.
إن حسيبة دخلت الدار وغادرتها كـ”جسد” فقط ، أي عن طريق المهبل ، اللذة – الوجود ، فالمهبل في هذه الحالة يقوم بأداة وظيفتين مهمتين ، منح الذكر المتعة الجنسية القصوى ومنحه البدائل من الذكور ، ولكنها أخفقت في إنجاب البدائل ، وماتت كـ”جسد” من وجهة (نظرهم) وأصبح وضعها لا يطاق لذا (قامت بعمل احتجاجي صارخ)(8) علي ظروف معينة موجودة فانسلت هاربة متوارية ولتعاقب (جسدها) بتعهيره .
كانت حسيبة الشخصية الإيجابية الوحيدة في الرواية باتخاذها موقفاً تجاه الأحداث ، فهي لم تتكلم ، لم تصرخ ، لم تعاتب ، بل تمت المخاطبة بلغة قوية مؤثرة هي لغة الصمت ، وكانت تدري ما يدور حولها وتقابل بالمثل فالأوسط تزوجته والأصغر احتقرته والأكبر احترمته ، وهذا يثبت بأن لها تجربة حياتية ولها وعيها ووجهة نظرها في الآخرين ، ورد فعل متحفز مع علاقة بالعالم غير مقطوعة ولا مفصولة ولا محصورة نهائياً و(وحدهم المجانين الذين يجهلون كل شئ عن العالم)(9) ، ورغبتها في البديل الأفضل وفي الحرية من وضعها المأزوم تترك الدار هاربة طلباً للخلاص ، ولكن خلاصها يكون في بيت للعاهرات تنبعث منه صدا الضحكات الفاجرة ورائحة الشهوي ، فقد داست حسيبة علي البلاطة – اللغم الذي فجرها وفجر العائلة تاركة الجميع ينزفون باستثناء شامل فإن (حب الحياة يجاور التعطش لتحطيم الذات، الطهر والعفة يفهمان الاسم والشهوانية )(10) .
الملفت للنظر أن حسيبة هي المهيمنة والمسيطرة علي الحدث بل هي الحدث للرواية ، وهي البؤرة ، وكما قلت هي مركز الشد والجذب ويبقي الصوت الاشاري لها هو المتحدث ، رغم عدم وجود الصوت الحسي لها ، فالصوت الاشاري (السيميولوجي) يكتسب ثمة انسانية قوية ويكون مودجوداً في كل الحوارات للرواية ، ويكون كطابع البريد ملصقاً علي طرف كل ظل من ظلال الرواية . هنا نتسائل بقصدية ، ماذا أراد فرمان من حسيبة كرمز ؟ أو نعيد السؤال بصيغة أخري ، ما هو الرمز الذي تقترن به حسيبة كما أراد فرمان من ذلك ؟ عندما نوزع الشخصيات والمواقف والأحداث علي رقعة لعبة الشطرنج ، تظهر لنا المفارقة الحادة بكون ان حسيبة صُممت أصلاً كرمز ، وهذا ما يقولوا فرمان في إحدي ماقبلاته :
(أنا كنت أرمز بشخصية (حسيبة) لشئ معين )(11).
فما هو هذا الشئ المعين الذي يقصده فرمان ؟.. لنحرك ببطئ بعض قطع الشطرنج لابد أن تتغير الرؤية وتتضح الصورة أكثر من ذي قبل ، مما تسمح لنا هذه الرؤية بأن ندلف إلي المعاني – الرمزية علي اعتبار أنها ليس الرمز صورة ، أنه تعددية المعاني نفسها )(12).
علي هذا النحو تبرز لنا حسيبة وهي تحتوي علي المعاني الرمزية المتعددة منها – وهذا ما أتصوره الشئ المعين – إن ترمز إلي مرحلة تاريخية – سوسيولوجية – سياسية مر بها العراق أوساط الستينات ، وهناك وجهات نظر رمزية عند بعض النقاد ، كالناقد العراقي ياسين النصير الذي يرمز إليها – ربما – علي أنها ثورة 14 تموز : (يعطي غائب الحسيبة رمزية واضحة ، فيرمز لها بقضية عراقية أوسع – ربما كانت ثورة 1958 أو شئ من هذا القبيل )(13) .
ولكنه يذكر فيما بعد بأن حسيبة يمكن التعامل معها علي عدة مستويات رمزية مع النص ، وإن النص – الروائي يمتلك مجالات كثيرة للتعامل معه علي أساس هذا التوجه وقابليه هائلة علي احتواءه علي إشارات تدل علي الرمز ، وهذا يفسح المجال لنشوء معاني رمزية متعددة وهذا يفسح المجال لنشوء معاني رمزية متعددة أو تأويلات لا تحصي لإشارات موضوعية والتعدد في التصور الرمزي يمنح حسيبة والرواية قيمة جمالية عالية شفافة .
ويمكن أن تكون المرحلة التي تلت هزيمة حزيران والتي جاءت لتكشف عن مدي عمق المأساة التي يعيشها الوطن آنذاك الزمن وعن عمق الأخطاء والسلبيات قبل الهزيمة التي كانت تمارس من قبل الأنظمة الرجعية اليمينية في المنطقة الفوضي التي سادت وسيطرة الفكر اللاعقلاني والغيبي علي الساحة الثقافية وتركيز هذا الفكر بين المثقفين والعمل علي نشره وتكريسه من قبلهم بين الجماهير ، ومن الأمثلة علي ذلك أن بعض المثقفين العراقيين كانوا يعتقدون بأنهم (يستشرفون صفاء العالم من خلال ثقب في جورب مومس )(14) .
لقد جعل فرمان لكل شخصية في الرواية تمثل فئة اجتماعية فأفكار وأحلام وتدعيات وتصورات الشخصية تكون أفكار ومنطلقات وأيديولوجية تلك الفئة ، أي أن هذه الشخصية تكون الممثل الرسمي لتلك ( الفئة ) علي المستوي الدلالي .
الأب راعي العائلة كلها ويعمل علي تحسين مستواها الاقتصادي – الاجتماعي دائماً وعلي الحفاظ علي التقاليد والشعائر التي نشأ عليها ، وحين تختفي حسيبة تستفز ذاته للبحث والاستقصاء عنها لوحده ويضع الأسرة مغلقة ، والبحث يتم بمساعدة امرأة اسمها نعيمة كان لها سابقة مع الأب عبد الواحد أيام شبابه ، ولم يرغب بمساعدة أحد غيرها وتعثر عليها عند عطيه العامية ولكن لا تخبر الأب عبد الواحد عن مكان مبيتها انما تخبره عن مكان اشتغالها لاجل الانتقام والتشفى منه لاجل الملامسات التى لم تكتمل فى الخرابة وهذه المراة نعيمة هى من الخارج والاب عبد الواحد من الداخل يربطهما حب قديم حب محنط لم يبقى منه الا لفافات متيبسة هو من اعطاها كلمة رغم انه يعتبر ان الهروب فضيحة للعائلة كلها ص10 وهى من حلت لغز هذا السر فالعائلة كلها لم تفعل شيئا ازاء الهروب ولم يستطيع احد منهم العثور على الهاربة ولكن هذا البحث يتم بواسطة شخص من خارج دائرتهم وتسلم حسيبة على طبق من زجاج ملون وحال ملامسته يتكسر يتفتت ساحقا معه فترة زمنية عاشتها حسيبة عندهم والبيت يتحول الى سجن حقيقى ص105 فالاب ينهار والابن يتيه فى عوالمه البائسة ويبدأ بمقاطعة ومعاقبة نفسه والاخرين من خلال انغماسه بمعاقرة الخمرة التى تصبح طقسا يوميا له مع عدم مواجهة احد واذا تواجه يكون نائحا مستشرفا اللاعودة لزوجته فهربت ولن تعود ص49 وانسحب هذا الوضع على زمنه المتوقف عند نقطة الاختفاء نقطة الذكرى المجمدة ويبقى فاضل يعانى يتالم كالجواد المجروح دون ان يسقط . نحن عرفنا ان رواية خمسة اصوات وهى رواية اصوات خمسة مثقفين بعدها راينا صوتا واحدا فى رواية المخاض ثم يظهر لنا صوتان مثقفان فى رواية ظلال على النافذة وهما مختلفان عن الاصوات السابقة مع تباين وتناقض لان فرمان جعل من كل رواية لها صوتها الخاص بها اى ان كل صوتا فى الرواية له ظروفه التاريخية والسياسية والاجتماعية ومواقفه من هنا يكون الصوت صوتا لشريحة المثقفين فى تلك الفترة فـ خمسة اصوات فترة ما قبل ثورة 14 تموز و ظلال على النافذة فترة بعد الثورة والعراق على مفترق طرق فترة اواسط الستينيات عندئذ قام فرمان برسم شخصيتين مثقفتين تتناسبان وتلك المرحلة الصعبة فكرا وسلوكا فماجد الاخ الاكبر وشامل الاخ الاصغر يتوسطهما فاضل العامل الاجير . ماجد درس الهندسة فى اوربا وعاد خروجه من العراق كان شبه نفى اجبارى لارائه الساسية ولاشتراكه فى المظاهرات وماجد قريب الشبه والملامح ل سعيد فهما لا يعرفان ماذا يريدان او عن ماذا يبحثان وما هو هذا الشئ ؟ ويسافران لكن الازمة تظل ملاصقة لهما وهذا انعكاس للظرف السياسى والثقافى و الاجتماعى فى فترة الخمسينيات والستينيات وتبقى اصواتهم اصوات مزدوجة (15) ما بين الخلاص من الظرف المأساوى لهم وبين ان يسود السلام والطمانينة حياتهم هذا على المستوى العام وبين الانفتاح على المنحنى الشخصى ومغادرة نقاط الضعف على المستوى الخاص وبين العام موضوعى والخاص الذاتى علاقة جدلية تبين لنا ان ما يتسم المثقفون من تذبذب ايديولوجى ومن انجذاب الى فئات اجتماعية اخرى (16) ولكشف اخرافة الفكرية (17) التى يعيشها هؤلاء المثقفون البرجوازيون لتركهم المنهجية الجدلية الحية فى دراسة الظواهر والتطورات فى كل مناحى الحياة . ان ماجد كانت له علاقة جنسية مع خادمة عندما كان يختفى فى دار مخدومها لمدة خمسة اشهر وعندما يرى حسيبة يتذكر فورا زهرة التى تحسسه بالذئب وتكون تداعياته متداخلة متشابكة يحتاج القارئ الى تركيز اضافى لمعرفة عن من يتكلم واحيانا ليس فى الاستطاعة التفريق بين الاثنتين حسيبة وزهرة . ولتوضيح الصورة بشكل اعمق ولبيان التداخل بينهما اقتبس هذا النص : ( من اين انت ؟ ومن عندك فى قزرياط ؟ يعنى العائلة كلها هاجرب ؟ بقيت خالتك وجدتك ؟ طابت لكم بغداد ؟ بغداد تبتلع كل شئ وكانت تنظر الى بعينيين رائعتين عطوفتين كانها تنظر الى عجل ولد لتوه وكنت احس بفوران الدم فى شرايينى وهى ترمقنى رمقاتها القصيرة الساجية واكنت تاتينى بالمجلات التى يشتريها اهل البيت واغلبها مصورة صادرة من ارض الكنانة وتشير زهرة الى بعض الصور المترفة ) ص201 . بعدئذ نكتشف من خلال قراءتنا لفصول ماجد ان علاقته هذه ليست علاقة جنسية فقط بل علاقة حب عارم ينخر فى ذاته الى النهاية وحسيبة تذكره بهذا الحب الضائع وعند بحثه عن وظيفة فى دوائر الدولة وعدم عثوره على وظيفة يحول ماجد حسيبة من قضية للاسرة الى قضية للبلد وثورة ورمز (18) وتبقى زهرة وشمه المحفور فى قلبه رغم سفره وعودته الطويلة وتكون حسيبة بديلة لزهرة فى الطيبة والنقاء والعفوية وليس بديلة فى مكان اخر كما يوهمنا به فرمان ويوحيه الينا وشغفه بزهرة وما تركته من فراغ واحساسه بهذا الفراغ الذى يمزقه يحاول ان تمليه حسيبة ولو بالانوثة النقية فقط لا اكثر ولحساسية تلك الفترة التاريخية جعلت فرمان يعكس ذلك على الرواية وعلى مثقفى الرواية فماجد مفرط الحساسية تجاه الاحداث التى تمر بها العائلة والاحداث التى تمر بها البلد وعطالته وكذلك شامل لدية حساسية مثقف مغايرة تماما لحساسية ماجد ويمثل فترة ما قبل الهزيمة ويمثل واقع مستوعب من قبله مغرور انانى يؤمن بالطريقة الميكافيلية فى الحياة ويسبغ على الحياة جدية مزيفة لا يهمه اى شئ يجرى حوله فقط كل ما يهمه نفسه اما عائلته والاخرون فلا تهمه لا يتعاطف مع احد ولا احد يتعاطف معه برغماتى زمن لا تحلق فيه غير الخفافيش ولاينعم فيه العيش غير المقاولين ص 89 يحول ماساة عائلته الى مسرحية ولكنه لم يستطيع ان يضع لها نهاية وتبقى انطباعاته تتقدم على عقلانيته انطباعية ممسوخة بوعى ممسوخ وعقلانية مدغومة بالاحباط عش كلمة احباط بقدر ما تستطيع وعندئذ ستفهمنى ص 91 هذا ما يقوله لاخيه ماجد فى نهاية الرواية طموحاته بلا حدود تولد فى ذهنه ميتة طموحات غير متواصلة مع الناس مع المجتمع لكنه يصدم بالواقع الذى يعيشه . ومن اجل الكشف لغطاء بطل فرمان المثقف علينا ان ننطلق من المعالم الاجتماعية والثقافية له لان بطل فرمان المنفصل عن التقاليد السوسيولوجية الثقافية وعن المكونات الحقيقة للانسان المثقف المنحدر من روح الشعب المنحدر من صفوفه هو ممثل لجيل زائد وهذا الانسان المثقف يؤمن بفكرة وهذه الفكرة قد استولت عليه ودمرته ذلك لانه لم يتحد ولم يوثق صلاته ولم يؤمن بالتقاليد الثقافية الثورية فكل هذا خلق روحا لا منتمية روحا انهزامية لا تستطيع ان تتعايش مع الواقع وضياع الدلالة الثورية . يتسم سلوك وتصرف اغلب الشخصيات بالخدوع واللامبلاة والانكماش والنكوص ومن ضمنها الشخصيات الثانوية النسائية فالام لا يتعدى دورها الا مضايقة حسيبة وحالما تغادر ينتهى هذا الدور اما الاخت فضيلة فهى خلقت فى هذا البيت للخدمة وتوفير الراحة لافراد العائلة ووقوفها طوال اليوم فى المطبخ فانها كالانسان الالى الروبوت لا احاسيس لا شعور لا عواطف فقط عليها القيام بالاعمال المنزلية هكذا ينظر اليها الاخرون لكن فى الحقيقة هى اخت محبة وطيبة تعمل على ارضاء الجميع وتحزن على مصير العائلة الذى الت اليه . قسم فرمان الرواية الى اربعة اقسام ظلال وكل ظل يتالف من ثلاثة فصول الفصل الاول من كل ظل افرد ل الاب بضمير الغائب والفصل الثانى من كل ظل افراد ل ماجد بضمير المتكلم والفصل الثالث من كل ظل افراد ل شامل بشكل حوار مسرحى وهذا الاسلوب فى الروايات العربية لم يستخدم فمن تقنية روائية بحتة من سرد الضمائر تداعى فلاش باك احلام اليقظة منولوجات اصوات متعددة متداخلة إلخ… ان يلحق فصل كامل فى نهاية كل قسم على شكل حوار مسرحى فهذا شئ جديد لم يسبق ان استخدمه اى روائى عراقى او عربى على ما اظن حوار على شكل مناقشات بين الطلبة وابداء الراى وتفاعل الاراء للوصول الى الاصوب مع تعليقات موضوعية صميمة ويقول فرمان عن سبب استخدامه لهذا الاسلوب ( وكان شامل فى ذهنى يلعب دورا كبيرا وكنت اريده ان يكون شخصية بارزة فى الرواية عند سير الاحداث فى مجرى كتابة الرواية لم اجد شامل يبرز فيها بالصورة الواضحة والقوية المؤثرة التى كنت انا اريد ان اظهر هبها بعد تفكير طويل لجات الى ان اكتب قسمه خصوصا وهو طالب فى معهد افنون الجميلة بهذا الاسلوب ) (20) رغم ان الحوار هو التقنية الوحيدة فى المسرح تقريبا البعض يستخدم ملصقات – الصحف – الافلام – الصور – ولكن بالمقارنة مع رواياته اشعر ان هذا الاسلوب المسرحى لم يات متلائما مع الرواية رغم انه لم يضعفها او اصبح جزءا غير منسجم مع بقية الاجزاء المنسجمة اما فصول ماجد فجاءت قمة فى الروعة عالية التقنية من اساليب مختلفة – تيار الوعى – المنولوج الداخلى تداخل الماضى بالحاضر بالماضى – الحوار الدقيق لذا اتى النص مزدحما بالجمالية داخل بنية الرواية مع رؤيا فنية للناحية التاريخية السياسية . ومن خلال هذه الاساليب الثلاثة تبرز لنا جدلية الاصوات التى تعيش العصر الاجتماعية والسياسية و الايدلوجية ولتكون الرواية بصمة المستقبل لامتلاكها حضورا داخل صراع القوى المتعايشة حاضرا ومستقبلا كان فرمان يمتلك حرية واسعة فى داخل فضاء النص الروائى لانه كان على اطلاع عميق بالمراحل التى يكتب عنها لانه كلما كانت معرفة الكاتب بفترة ما اعمق واكثر تاريخية على نحو اصيل كان اكثر حرية فى التحرك داخل موضوعه ) (21)
الهوامش
(1) وليم رأي المعني الأدبي : من الظاهراتية إلي التفكيكية – ت/ د يوئيل يوسف عزيز ص 9 دار المأمون بغداد 1987 .
(2) ياسين النصير الصيانية والتدمير – ص 51 مجلة الأفلام العدد 8- 7 تمز / آب 1992 .
(3) فلاديمير بروب – مورفولوجية الخرافة ت / د . إبراهيم الخطيب المغرب 1986 .
(4) فاضل ثامر – الصوت الآخر : الجوهر الحواري للخطاب الأدبي ص 115 دار الشؤون الثقافة بغداد 1992 .
(5) يقول فاضل ثامر بأنه يمكن اختزال الواحدات الوظيفية التي أشارت إلي أمكانية اختزال الوظايف الي وظيفيين فقط ص 120 المصدر السابق .
(6) جورج لوكاش – التاريخ والوعي الطبقي ت – الدكتور حنا الشاعر ص 29 دار الآندلس ط 2 بيروت 1982 .
(7) م . باختين قضايا الفن الإبداعي عند ديوستويفسكي ت / الدكتور جميل نصيف مراجعة الدكتورة حياة شرارة ص 260 دار الشؤون الثقافة بغداد 1986 .
(8) د. نجم عبد الله كاظم – الرواية في العراق 1965 – 1980 ص 237 دار الشؤون الثقافة ط 1 بغداد 1986 .
(9) جورج لوكاش التاريخ والوعي الطبقي ص 212 .
(10) م . باختين – قضايا الفن الإبداعي عند دوستويفسكي ص 260 .
(11) د . نجم عبد الله كاظم – الرواية في العراق ص 237 .
(12) رولان بارت نقد وحقيقة ت .د . منذر عياشي ص 82 مركز الإنماء الحضاري بيروت .
(13) ياسين النصير – الصيانية والتدمير ص 53 .
(14) شوكت الربيعي وآخرون بيان إلي المثقفين العراقيين ص 157 مجلة الثقافة الجديدة العدد الأول حزيران 1969 نشر هذا البيان الموقع من قبل 4 مثقفين عراقيين هم شوكت الربيعي رسام وناقد وعبد الرزاق المطبي قاص سليم عبد القادر السامرائي ناقد أدبي محمد حسين المطلبى شاعر ردا علي البيان الشعري الذي اصدره فاضل العزاوي قاص وروائي يقيم منذ سنوات خارج العراق فوزي كريم شاعر غادر العراق )
(15) م . باختين قضايا الفن الإبداعي عند دوستويفسكي ص 238 .
(16) جانفيف مورييو ت رشيد بنحدو ص 111 ( البنيوية التكوينية والنقد الأدبي ) مؤسسة الأبحاث العربية بيروت 1984 .
(17) جورج لوكاش التاريخ والوعي الطبقي ص 27 .
(18) ياسين النصير الصيانية والتدمير ص 52 .
(19) م . باختين قضايا الفن الإبداعي عند دستويفسكي ص 256 .
(20) د. نجم عبد الله كاظم الرواية في العراق ص 236 .
(21)جورج لوكاش الرواية التاريخية ت / د صالح جواد كاظم ص 239 وزارة الثقافة والفنون العراقية دار الطليعة للطباعة والنشر بيروت 1987 .
بواسطة admin • 09-متابعات ثقافية • 0 • الوسوم : أسامة غانم, العدد العاشر